أيار 17
عبد العزيز ججو، خريج جامعة بغداد عام 1970 كلية التربية ـ قسم علوم الحياة. عمل في التدريس في العراق والجزائر والسويد حتى العام 2020. درس علوم الرياضيات في السويد. ودَرَس باللغة السويدية مادة الاحياء والرياضيات في الإعدادية والفيزياء والكيمياء والتكنيك، في المدارس المتوسطة السويدية.
من المعروف للغالبية أن الطفل يُحب اللعب والذي يسمح له به على الاقل في الطفولة المبكرة في المجتمعات عموماً. ويعتبر ذلك من بديهيات الحياة ودورتها الطبيعية، حيث عادة ما تكون الرعاية للطفل بعد الولادة لمدة تصل لغاية قدرته على المشي والتحرك لوحده وبداية الكلام والتعبير عن حاجاته المتنوعة حتى يتمكن من البدء بالتفكير المجرد نسبياً حسب تدرج النضج الذهني (بياجيه)، والانتقال من مرحلة الأنا. في هذه الحالة ما يزال الطفل يحس بأنه بلا وزن لأنه كان يشعر بأنه يسبح في الكيس الجنيني في رحم الأم بانعدام الوزن، ويمكن أن يحس به عندما يتم رميه للأعلى والتقاطه من قبل الكبار. كذلك يشعر به عندما يرمى في حوض سباحة، لذا يمكن ان يتعلم السباحة مبكراً في الشهر السادس في بعض الحالات لأنه لا يخاف من الماء، ويتذكره. هنا يكون هو مركز الكون كله وإن كل ما يحدث يدور حوله هو بالذات، ثم إلى مرحلة الأنا والآخرين، أي يبدأ بالاحساس بأن هناك آخرين موجودين خارج ذاته وعليه أن يتعامل معهم، حينها تبدأ مرحلة جديدة في اكتشاف العالم الخارجي، ويتجسد ذلك بأنه عند اللعب في المرحلة الاولى لا يسمح لأحد غيره أن يقرر أي شيء من اللعب لأنه لا يحس بهم وبدورهم، بينما في المرحلة الثانية يبدأ بمشاركة الآخرين وقبولهم والتفكير بان هناك ذوات اخرى عليه ان يتعلم التعامل معهم. وهذا كله له علاقة بدرجة نمو الدماغ والخلايا العصبية ودرجة توسع تشابكاتها.
بعض الأخطاء الشائعة عن الطفولة
ـ يقال ان الطفل ينتقل من الألف إلى الباء وهكذا لغاية البلوغ والنضج. بينما الحقيقة هي أن الفرد يجمع كل شيء من الألف إلى ما لا نهاية (الموت)، المقصود هو ليس التراكم الكمي، بل تحديث وتوليف المعلومات التي يكتسبها من التجربة لتتناغم مع بعضها البعض، وان لا تتقاطع بحدّة ويكون فيها نوع من الانسيابية والمنطق. علما ان كل شيء يصل الانسان من خلال حواسه المختلفة تترك اثرها فيه.
ـ الطفل يسمع كلام الذين يحبهم (أولياء الأمر). والحقيقة ان الطفل يكتسب ويطبق السلوك العملي لهم. أي انه يفعل مثلهم ويكتسب سلوكهم وطريقة تعاملهم مع الواقع الخارجي والداخلي لأنه يرى انهم قدوة ناجحة ويحاول في البداية ان يقلدهم في هذا النجاح الاجتماعي، لانه لا يستطيع ان يفرق بين الاشياء بمقياس آخر عدا تلك المسطرة المتوفرة لديه.
ـ الطفل صفحة بيضاء نكتب عليها ما نشاء. الحقيقة إن الطفل لديه خبرة حسية غير قليلة عند الولادة ومتنوعة لذا يجب أن نهتم بهذه الخبرة وكيفية التعامل معها في مراحل نمو الجنين والطفولة المبكرة، وتوفير ظروف إيجابية مهدئة للأم وجو مليء بالسعادة والراحة النفسية والاستماع للموسيقى والاسترخاء والراحة الجسدية، وتنوع الأكل من جهة، والروائح وغيرها لأنها تترك أثرها لدى الطفل الواضح المبكر وفي المرحلة الجنينية. كما أن الأكل الذي تتناوله الأم بشهية والغذاء المتنوع يعطي الطفل احساسا بذلك أيضاً وهذه الخبرة المكتسبة الأولى تنمو منذ الشهر الرابع بوضوح مع نمو مراكز دماغ الجنين والطفل، فهو يبدأ بالسمع بشكل ترددات وإيقاعات وتساعد على نمو الاحساس الموسيقي نسبياً، وفي مراحل متأخرة يحس بدرجة الضوء والاسترخاء أكثر. لذا هناك تعبير لمثل هذا الأمر ألا وهو (طفل مرغوب بقدومه) والمقصود به أن الام الحاضنة تعيش حالة من السعادة والتي تؤدي إلى إفراز هورمون السعادة (الدوپامين) أكثر الأوقات عندما تفكر بطفلها وهذا يؤثر على الطفل بشكل ايجابي أيضاً.
ـ الطفل الذي نسميه العنيد هو في حقيقة الامر (بادرة للتوحد الذي يظهر بوضوح أكثر عند سن الثالثة تقريباً). إن نمو الدماغ والتشابكات العصبية لدى الطفل تتحكم بها عدة عوامل لكنها ليست سهلة في تفاصيلها، فبعضها يسبق الآخر في توسيع شبكة اتصالاته اكثر من الاخر مما ينتج عنه عدم توازن (حسب تصورنا الحالي) ويؤدي إلى أن الطفل يعاني مما نسميه التوحد، أي إنه يعيش عالمه بمعايير لا تنسجم مع المجتمع سلوكياً أو معرفياً أو علمياً إلخ. والتوحد درجات مختلفة لكن هذا لا يعني أنه ليس لديه قابلياته الخاصة والتي أحياناً تصل لحد العبقرية في مجال ذهني محدد. ويحتاج إلى دعم من نوع معين لاكتشاف ذلك الجانب لديه وتطويره حسب شروط الطفل لكي يعيش ويساهم في مجتمعه. كان عندي تلميذ في الصف الأول المتوسط لديه حالة توحد تمكن في حينها من الدخول إلى صفحة المدرسة والتحكم بكل دائرة المنطقة الالكترونية وتغييرها جميعاً في عام 2002 لانه توفرت له فرصة تعلم برمجة في حينها وهو في ذلك العمر المبكر.
ـ الطفل الكثير الحركة (بادرة النشاط العالي يظهر بوضوح في السنة الثالثة). هذا نوع آخر من الارباك في الجانب العصبي والحركي للطفل بسبب زيادة غير عادية للنشاط فيكون كثير الحركة ويعاني من صعوبة الجلوس لفترة طويلة أو السكوت وغيرها. وهناك عدة أشكال للتمرين على التجاوز عليها، وآخرها هو تناول نوع خاص من الاقراص التي تقلل من هذا النشاط ويتعلم التحكم به ويستطيع القيام بعمله في المجتمع كالبقية اذا ما توفرت له فرصة تعلم خاصة حسب الحالة.
بعض سمات الطفولة                                                     
الطفل مستعد وراثياً للعب والفوضى وللخيال والأحلام، ليس لديه حدود لأي شيء كالكبار، وبالتالي عليه أن يجرب كل الإمكانات لكي يصل إلى تنمية إحدى المهارات الوراثية التي لديه ويطورها لأنها هي الأسهل بالنسبة له، ولديه الارضية الوراثية التي تساعده على استيعابه، لديه الاستعداد للإيمان بشيء ما. إنه نشط عموماً، لديه قدرة على رؤية الاحتمالات لأنه غير مرتبط بحدود معينة. يحب إنعدام الوزن بالأشكال المتاحة كالقفز والتأرجح.
يقول البروفيسور في جراحة الدماغ (ماتتي بيري ستروم) الفنلندي الأصل، يرث الطفل الذكاء من الأم (لان مُوَرِثات الذكاء توجد فقط على كروموسوم (X) بينما الكروموسوم الذكوري (Y) به القليل جداً من المورثات) كما في الصورة.
يعتبر اللعب الساحة المفتوحة أمام الطفل لاختبار وتنمية قدراته من خلال اللعب غير المبرمج مسبقاً، جسدياً وذهنياً، أي الفوضى حسب وصف الكبار لها، من خلال حركات جسده المتنوعة واستخدام أحاسيسه وحب الاستطلاع الذي يتمتع به لاكتشاف العالم الخارجي من لمس النار وأكل التراب إلخ، لكي يكتشف الممتع والمؤذي منها له. وهكذا يكتسب خبراته الاولية، أما الألعاب التربوية والتعليمية فهي لا تؤدي هذا الدور في تنمية المواهب الطبيعية الموروثة، وغالباً ما نسمع لماذا هذا الطفل ليس كأخيه مع إنه نشأ في نفس البيئة؟ والجواب سهل لأن كل منهم لديه أسس وقابليات موروثة مختلفة، ويجب أن نوفر فرصة لها لكي تنمو وتتطور. لكن هذه الألعاب التعليمية والتربوية تعلّم الطفل القواعد والقوانين والتي يجب احترامها. أما العاب مثل الشطرنج أو المكعبات إلخ فهي قد تفيد البعض فقط والذين لديهم مثل هذه الاسس الوراثية. كما إن الطفل عموماً يحب الحكايات والأكاذيب والخيال.
ما هي القدرات أو المواهب الموروثة التي يمكن أن يطورها ويتفوق بها الطفل؟
يقول البروفيسور (ماتتي بيري ستروم) بأن كل جزء من الدماغ الابتدائي يحتاجه الشخص لاحقاً لذا لا يجب الاسراع في تطويره، ويجب أن يكون هناك توازن بين الفوضى والترتيب لكي يكون جيداً، لكن دون أوامر مباشرة أو من خلال الضغط، بل من خلال اللعب والحكايات واشكال اخرى من الحرية التي تحتاجها كل ذات لكي تتطور.
ففي عالم الحيوان هناك وظائف دماغية لدرجة ما تعتبر بانها نشاطات حرّة، والتي تؤدي نفس الوظيفة في تطور الدماغ، ونجد القردة في القمة في درجة الحرية هذه. واما فيما يخص الانسان فلديه حرية كبيرة تُفتقد عند الحيوانات.
لماذا اللعب مهم للطفل؟ سؤال مهم، والجواب هو أن اللعب تعبير مساوي للخيال والابداع، وقدرة الطفل للتعبير عن خياله، وهي سبيل لإدخال الفوضى إلى نشاط الدماغ المرتب، لأن الطفل يعيش في عالم ثالث حسب (وينيكوت)، ويسطر عدة أهداف لدور اللعب منها:
ـ اللعب هي البيئة والظرف المناسب للتطور، وهو عند الطفل يشبه الابداع لدى البالغين، لا يجب النظر للعب باعتباره قابلا للتطور (أي إنه لا يؤدي إلى نوع معين من الابداع من مستوى أعلى من خلال اللعب الأكثر تعقيداً أو تطوراً)، اللعب يتطور مع وجود الآخرين وليس مع البالغين، اما الألعاب التربوية فهي لا تزيد من الابداع لدى الطفل، بل تعلمه النظام فقط. أما ما يسمى بالألعاب السوداء (الفوضوية) فهي التي تفتح الافاق والانظمة (الدماغ والبيئة). اللعب يزيد من الثقة بالنفس والذات، ولا يجب السيطرة أو التحكم بوتيرة اللعب العفوية، واللعب هو أساس لكل الثقافة في المجتمع. 
هناك تسع قدرات وراثية ذات اتجاهات مختلفة عن بعضها تجعل الطفل يستخدم تلك القدرة بسهولة ويحس بها بشكل أعمق، وبالتالي يشعر الطفل بالسعادة عندما يمارسها أو يتعامل معها وبالتالي ينجح فيها ويبدع بالمعنى العام أفضل من غيره، والتي هي:
  1.  القابلية على تعلم الطبيعة، وحب البيئة بما فيها الحيوانات والنباتات وإمكانية الربط بينها وتكوين صورة عنها. فالاهتمام بالحيوانات يخلق نوعا من الاحساس بالقدرة على التعامل معها والنجاح في ذلك يخلق احساسا بالسعادة. نفس الشيء يقال عن النباتات والتمكن من طبيعتها ودورتها الطبيعية، وغالباً ما يعيش هؤلاء في بيئة قريبة من الطبيعة لأنها توفر لهم هذا الاحساس.
  2.  القابلية الفردية، أي العمل بالاعتماد على نفسه كلياً، ومعرفة نقاط الضعف والقوة لديه ومحاورة نفسه. يكون هؤلاء ناجحون في مجال عملهم دون الاعتماد على الآخرين في عملهم ويحسون بالراحة لعدم إشغال الآخرين لهم في عملهم.
  3. القابلية الجسدية، والتي تتميز باستخدام اليد والجسم كله للقيام بأعمال عدة يستوعبها الشخص بالتطبيق العملي كالرياضة والأعمال الحرفية، وبعد القيام بالعمل الجسدي يشعر الفرد بالاسترخاء والراحة النفسية رغم صعوبة الجهد الذي يبذله غالباً، ويكافئ بهورمون السعادة من الدماغ.
  4.  القابلية الصورية، وهي قدرة الشخص على تذكر الصور والمشاهد بالتفاصيل والتي تمر عبر البصر. مثل هؤلاء يصلحون لمجالات عدة تعتمد على التذكر الصوري للأشياء التي تمر عليهم ويتم خزنها في الذاكرة لفترة طويلة، فمثلاً يتذكر الشخص أحياناً الكلمة والصفحة وربما السطر حتى، كما يمكن تذكر الأحداث الأكثر تعقيداً لأنها تخزن في الذاكرة الدائمية وليس فقط الذاكرة المؤقتة.
  5.  القابلية الموسيقية التي تتميز بحس عال للموسيقى والايقاع والغناء وتأليف الموسيقى، وهي إحساس وذاكرة خاصة يتمتع بها البعض ولذلك يستطيع أن يطورها إلى عمل فني مؤثر على مسامع الآخرين.
  6.  القابلية الاجتماعية المتمثلة بحب العمل مع الناس ضمن مجموعة والمساهمة في قيادة العمل والاصغاء للآخرين، هؤلاء هم الذين يصلحون أن يكونوا قياديين في أماكن العمل المختلفة وإدارتها بنجاح وتطوير العلاقات بينهم بشكل إيجابي أو سلبي، حسب عوامل أخرى، فيجب أن تكون لديهم هذه القدرة الوراثية لكي ينجحوا فيها.
  7. القدرات اللغوية التي تظهر في الرغبة بالقراءة والكتابة والخطابة والسرد.. إلخ، قدرة الفرد على التعبير عن المشاعر بطريقة مؤثرة على القارئ بالتعبير عن مشاعر وأحاسيس تؤثر من خلال اللغة المستخدمة وإعطاء صور ذهنية مشوقة تجذب اليها القارئ او المستمع.
  8. القابلية المنطقية والرياضية وهي التفكير المجرد والتحليلي. التفكير المجرد الرياضي المبني على منطق منظم يعتبر قدرة موروثة يمكنها ان تتطور كغيرها ويصبح الشخص ذا قدرة على التحليل للأحداث في مجال معين أو أكثر.
  9.  القابلية الفلسفية والوجودية وهي الرغبة في التفكير بكل ما يتعلق بالحياة والموت وما حولهما من الاسئلة التي تشغل الفلاسفة وعلماء الفلك وغيرهم. وهو قدرة يكون الفرد فيها لديه نظرة مختلفة لما حوله ويحاول أن يجيب على أسئلة معقدة وصعبة المنال مثل الوجود وما بعد الموت.. الخ، ويكون لديه أجوبة معينة لبعض منها على الاقل.
 
بعض الآراء حول تعلم الطفل
(ليف فيگوتسكي) (1896 ـ 1934) باحث تربوي ونفسي وفيلسوف روسي، يقول أن التعلم هو حصيلة ضرورة إجتماعية لبقاء الطفل وليست إختيارا، مؤكداً على الجانب الاجتماعي باعتباره الحاضنة للفرد وبالتالي يحتاج إلى أن يتعلم قواعد المجتمع ولغته لكي يتمكن من التعبير عن أفكاره والعيش في المجتمع. صدر له كتاب عام 1924 بعنوان الافكار واللغة ولم ينشر الا عام 1965 باللغة الروسية، وتمت ترجمته الى اللغة الانكليزية عام 1971 .
(جان بياجيه) (1896 ـ 1980) سويسري، باحث في البيولوجيا والتربية وعلم النفس والفلسفة يتحدث عن مراحل التطور السِلَمية والنمو العصبي والنفسي كأساس للقدرة على التعلم لدى الطفل، والذي ما زال يسود العالم إلى اليوم. يوضح فيها نمو القدرة الذهنية كاساس للقدرة على التعلم وهناك إختبارات لتحديد تلك المراحل. وقد تطور علم النفس واصبح يوجه بعض النقد لتلك الاختبارات لتحسينها وجعلها اكثر فائدة. من مؤلفاته كتاب بعنوان مفهوم الطفل عن العالم عام 1951.
(البرت اينشتاين) (1879 ـ 1955) عالم الفيزياء يعتبر أن الخيال وتنميته أهم من المادة العلمية للطفل ومصدر مهم للابداع، أي انه يؤكد على ضرورة إعطاء الطفل فرصة تجربة بلا حدود مسبقة لكي يكتشف العالم من حوله بطريقته.
(فرانس مارتون) (1939) بروفيسور في كلية التربية في جامعة يوتبوري (السويد) حالياً، يؤكد على أن التعلم يكون أفضل إذا توفرت فرصة لتجربة أنماط عديدة من أساليب التعلم لكي يستطيع كل طفل أن يجد الأسهل والأفضل له لكي يتطور، أي إنه يجب أن يكون لديه الحرية الكاملة في استعمال خياله وقدراته الداخلية.
هل هناك فرق بين الألعاب التقليدية والإلكترونية الحديثة في تطوير قابليات الطفل؟
الألعاب، بغض النظر عن نوعها كما سبق وأن تطرقنا إليها، تؤدي دورها لكن دار الحديث كثيراً في بداية القرن عن هل العنف في سلوك الطفل وخاصة في مراحله المتأخرة حتى السنة العاشرة له علاقة بتلك الألعاب، وقام عدد من الأخصائيين بدراسة سريعة وجاءت بالنتائج الآتية:
 
الإيجابيات
ـ أن الطفل يحس بفقدان الوزن فيها وهو الاحساس منذ فترة الكيس الجنيني والذي يريده ويشعر بانه خارج قانون الجاذبية، ويمكنه القفز على الواقع اليومي (الموت والعودة من جديد)، والهروب من الواقع أو خلق واقع مفقود من خياله.
ـ إنه يحفز حاسة البصر واللمس ويتدرب على سرعة رد الفعل العصبي من خلالها.
ـ ينمي المنطق والتوقع لما قد يجري والتخطيط له ويتعلم التنبؤ وتقدير النجاح والفشل ويتعلم من أخطائه ويتجنبها في المرة القادمة في اللعب ويصقل براعته.
ـ إن الألعاب الجماعية تخلق دور الاحساس بالعدالة (احترام قوانين اللعبة من قبل الجميع)، لأن الجميع تشملهم نفس قوانين اللعب وبنفس الدرجة، حتى في مجال شراء وقت اضافي مثلاً أو ما يسمى بالغش، فالكل يعرفها لكنه يختار الأفضل له فيها.
ـ يحتاج الطفل الى التخلص من الواقع الحقيقي بان يعيش حالة من العالم الافتراضي وبشروطه هو.
أما السلبيات فهي:
ـ الادمان على اللعب كظاهرة عصبية يأخذ الكثير من وقت الطفل ويتطلب التركيز، وقد يكون لديه استعدادا للادمان بسهولة على هورمون الدوپامين ويقع في مطب ويحتاج إلى مساعدة المجتمع لتجاوزه.
ـ غالباً ما يكون الطفل، في هذا النوع من الألعاب جالساً لفترات طويلة في حين يحتاج إلى الحركة لبقية نشاط الجسم مما يؤثر على صحته لدرجة معينة إذا لم يتم تعويض ذلك، لتقوية عظامه وتنشيط الدورة الدموية التي يحتاجها للنمو وقد يتأخر عن الأكل الصحي أيضاً.
ـ إن المطالبة بهورمون السعادة (الدوبامين) قد يخلق حاجة أكثر من الطبيعي، لأنه عند النجاح باللعبة كل مرة يحصل على الهورمون والاحساس بالسعادة، وهذا غير متوفر في الحياة العامة مما يجعله يحس بان الواقع غير جيد لدرجة كافية.
ـ إن التنافس الاجتماعي قد ينمو باتجاه سلبي، ويحس الطفل بالغيرة والحقد على المنافس وما يتبع ذلك من عواقب اجتماعية ونفسية.
ـ قد يترسخ العنف الذي يكون في اللعب كسلوك مقبول تدريجياً لدى البعض، وينعكس على علاقاته في الواقع، ويصبح الافتراضي مساويا للواقع ويقوم الطفل باستخدام اليد أو أداة للعنف حينما يريد أن يعبر عن مشاعره دون تفكير بالعواقب.
 
مفاهيم التربية والتعليم
إنّ مفهوم التربية الاجتماعية يمكن إختصاره بالتزام الفرد بالاعراف والتقاليد والسلوكيات الإجتماعية السائدة في المجتمع والتي تفرض عليه بأشكال عدة منذ الطفولة لكي يتقيد بها إلى الحد الأقصى الممكن لأنه بذلك سيكون من السهل عليه أن يعيش في أمان إجتماعي ويكون مقبولا من الوسط الذي يعيش فيه. إن من يخرج على هذه القاعدة غالباً هم في مرحلة متأخرة نسبياً من الطفولة وبداية المراهقة (8 ـ 12 سنة) وما بعدها عندما يعيش الفرد نوعا من التقييد لما هو متعود عليه كطفل ولتجاربه الخاصة التي تتقاطع مع المعروف منها لأسباب من بينها: زيادة الوعي المعرفي، ومن تلك الظروف التي تساعد في إبراز هذه الحرية الاجتماعية هي الانتقال إلى بيئة اخرى غير تلك التي قد تعود عليها، والتي قد تكون دراسية أو مهنية وبعيداً عن البيئة التي نشأ فيها الطفل، والابتعاد عن الناس الذين يعرفونه عن قرب ويشكلون عليه عبئا إجتماعيا بهذا القدر أو ذاك. بينما الطفل ليس لديه حدود ويعيش في عالمه بالحرية الكاملة إلى أن يبدأ تطوره الذهني والانتقال من مرحلة الأنا (الذات) إلى مرحلة الـ (نحن)، أي تجاوز مرحلة أنا وأنت (البيئة القريبة) حسب (جين بياجيه)، حينها يبدأ يحس بالقيود الاجتماعية، ويقارن نفسه مع الطفل الذي ما زال في المراحل الأدنى من التطور. يقول (غرامشي) (أن البرجوازية تملك السُلطة على التربية) أي إنها تُشكل هذا الجزء بما يخدمها. وبمعنى آخر إنها تُهيئ الفرد وتُربيه على تلك القيم التي تضمن به إنها ستلتزم بها وان تكون جزءا من المجتمع الكبير.
أما التعليم فهو القسم الآخر من الخبرات التي فيها نوع من الاختيار في مجتمعاتنا والتي نسميها (النامية) إن صح التعبير، لأن النمو في كل المجتمعات يجب أن يكون مستمراً. أما في بلداننا فإننا متأخرون عن الركب وإن كنا مستهلكين لكل ما ينتج في تلك الدول التي سبقتنا في تطورها الاجتماعي والاقتصادي والمسافة تزداد اتساعاً مع الاسف. التعليم كمفهوم هو أكثر حرية في اختياره لأنه يتعلق بالفرد ودوره المعنوي والاقتصادي في المجتمع أكثر مما هو في موضوع التربية، وهذا يعتمد على درجة تطور المجتمع عموماً. ففي الدول التي بها درجة تطور عالية للغالبية مثل الدول الاسكندنافية وليس للنخب كما في أمريكا، فإن التعلم للدرجة الدنيا أصبح من متطلبات الحياة الاقتصادية التي لا بد منها لكي يمكن للفرد العيش وإيجاد فرصة عمل والمساهمة في المجتمع. وبالتالي تقوم هذه الدول بتوفير كل المستلزمات لكي يصل الانسان إلى ذلك الحد حتى إذا كان لديه نقص في جانب معين لكي يصل إلى الحد الأدنى المطلوب من التعلم، وليس فقط القراءة والكتابة والحساب، ففاقد البصر أو السمع أو الحركة.. الخ جميعاً تتوفر لهم هذه الفرصة: أحد العاملين في البلدية بدون أيدي ويعمل بالادارة بنجاح ويكتب بالقلم بفمه هو مثال على ذلك، لأنه لا يمكن للانسان اليوم أن يقوم باستخدام الآلة الحديثة دون معلومات معينة لضمان نجاح العمل والانتاج وسلامة العاملين.
 
المصادر:
 
1 - Jean Piaget, 1951, The child´s conception of tha world, A 20th-century classic of child psychology.
2 - Lev Vygotsky, 1986, Thought and Language, The MIT press London, England.
3 - Ference Marton, Shirley Booth, 1986, Learning and Awareness, Lawrence Erlbaum Associates, Publishers, New Jersey.
4 - Matti Bergström, 2008, Fantasi och kreativitet, föreläsning på handels högskola Gothenburg/Sweden.
5 - اوراق غرامشي
*********