أيار 14
 
ثمة ـ في نظرنا - مسألة لم تحظَ بدرس كاف، تلك التي تنطوي على تبيان طبيعة العلاقة بين السلطة السياسية والسلطة الدينية (المرجعية). ومن المفيد الإشارة الى أن التاريخ لا يمكن أن نعيشه مرة أخرى، ولا نملك سوى أن نتصوره، بمعنى أنه يحدث مرة واحدة، ويكتب عدة مرات، وبالنظر لاتساع اشتغال الإنسان في التعرف إلى ماضيه بالاتساق مع طبيعته الاجتماعية، راح يعتني بدراسة التجربة الإنسانية على الأرض دراسة شاملة، ويعيش دوماً هواجس تشكيل تصوراته عنها.
بعين تفيض بالضوء، وبصيرة نافذة تهجس أن تصل الى خفايا الأمور، تتشكل الرؤية الثاقبة التي تلتقط كل صغيرة وكبيرة، يأخذنا الباحث عدنان الحسيني في رحلة شيقة، بكتابه الموسوم (مائة عام من ذاكرة وطن) الصادر سنة 2022، محاولاً تسليط الأضواء فيها على أبرز المواقف السياسية للبعض من المجتهدين منذ الحرب العالمية الأولى حتى منتصف سنة 1979. يضم الكتاب بين دفتيه (316) صفحة، معتمداً على مصادر بلغت نحو (114)، وقد اشتمل على مقدمة وتمهيد، بالإضافة الى خمسة فصول. وانطوى التمهيد على تقديم ملامح عن أحوال الشيعة أواخر العهد العثماني، فضلاً عن العلاقة بين مكونات الشعب العراقي.
فتوى تحريم التنباك.. الدين أداة لتوجيه الرأي العام
اهتم المؤلف بتسليط الضوء نحو حياة بعض المراجع ممن تعاقبوا على (زعامة) الحوزة الدينية أواخر العهد العثماني من أمثال: الشيخ جعفر الجناجي كاشف الغطاء في مدينة النجف، والميرزا محمد حسن الشيرازي الذي ارتبط اسمه بالحوزة الدينية في سامراء، وهو صاحب فتوى تحريم التنباك() (التبغ) سنة 1891 ذات الأثر الكبير في استحضار العصيان المدني لمواجهة تغلغل النفوذ الأجنبي، التي أفضت الى ثورة التنباك المشهورة في إيران، وأدت الى افشال منح امتياز زراعة وتجارة التبع للشركة البريطانية. وبذلك تجلى بوضوح دور الدين في توجيه الرأي العام الذي انعكس في العراق على تعزيز مكانة المرجعية الدينية وابراز دورها. والشيء نفسه يمكن أن يقال عن الحركة الدستورية في إيران المعروفة بالمشروطة سنة 1905 وتركيا التي عرفت بالمشروطية سنة 1908 حيث أسهمت في دفع أعداد من علماء الدين نحو الاهتمام بالشأن السياسي(). ويرجح في ظني أن المؤلف تقصد الانتقائية في استعراض حوادث بعينها، وكان من الأفضل تقديم نبذة عن كافة المراجع الدينية ممن سبقوا الشيرازي، لاسيما الشيخ محمد حسن النجفي صاحب كتاب (جواهر الكلام)، الذي أوصى قبل موته بتعيين المرجع الأعلى من بعده لأحد تلامذته، وهو الشيخ مرتضى الأنصاري، وكانت سابقة تختلف عما درجت عليه تقاليد المرجعية، علماً أنها لم تتكرر ثانية().
الجهاد ضد الاحتلال البريطاني.. استجابة لفتوى شيخ الإسلام في الاستانة
اشتمل الفصل الاول على مرحلة الاحتلال البريطاني، حتى تأسيس الدولة العراقية في آب 1921، لقد ابتدأت حملة القوات البريطانية باحتلال الفاو بتاريخ  6 تشرين الثاني 1914، وواصلت مسيرها نحو بغداد، وانتهت الى احتلال الموصل بتاريخ 10 تشرين الثاني 1918()، وتعّد هذه الفترة الزمنية حافلة بوتيرة من الأحداث المتسارعة، ولعل أبرزها كان الاستجابة السريعة من قبل كبار المراجع الشيعية لفتوى شيخ الإسلام بالجهاد ضد الاحتلال البريطاني التي جعلت لهذه الدعوة صدى واسعاً بين مختلف مكونات المجتمع العراقي، مما ساعد على تحشيد أعداد كبيرة من المجاهدين. والحقيقة أن حركة الجهاد مثلت درساً بليغ المعاني، أفصح عن دور شيوخ ورؤساء وأفراد العشائر في مؤازرة توجهات المرجعية الدينية. وليس ثمة أكثر دلالة على ذلك الترابط من مشاركة غالبية العشائر في الفرات الأوسط بأحداث ثورة العشرين، التي حرص المؤلف على تقديم لمحة وافية عنها، وعلى رأسها تشكيل وزارة عراقية برئاسة السيد عبد الرحمن النقيب، كإحدى المقدمات التي سبقت تأسيس الدولة، واستتبع ذلك بوقفة توضيحية سارداً نبذة موجزة حول (النقيب) أول رئيس وزراء لحكومة عراقية. 
التدافع السياسي يفضي الى تحييد دور المرجعية الدينية
تكرست وجهة الفصل الثاني نحو دراسة العهد الملكي (1921-1958)، وسعى فيه المؤلف الى تتبع مواقف علماء الدين من مختلف المذاهب، سيما الشيعة، واختلاف آرائهم المتباينة حول مستقبل الحكم في العراق، التي تجلت خلال الأحداث السياسية، وفي مقدمتها بعض المفاصل التاريخية الهامة مثل انقسام وجهات النظر حول: سياسة المندوب السامي البريطاني، ترشيح فيصل ملكاً للعراق، المعاهدة العراقية-البريطانية، فتاوى منع أبناء الشيعة من دخول المدارس الرسمية وتحريم الانخراط في الوظائف الحكومية، مقاطعة انتخابات المجلس التأسيسي، التي تمخضت عن تسفير علماء الدين الشيعة (الأربعة) وابعادهم الى إيران()، مما أدى في المحصلة الى ابتعاد المرجعية الدينية عن الشأن السياسي مرغمة (بتقديم تعهدات)، وبذلك جسدت فكرة فصل الدين عن السياسة، وبالتالي التخلي عن دورها على مدى سنوات زادت على ثلاثة عقود، إلا ما ندر، حيث تدخلت في (انتفاضات عشائر الفرات الأوسط، وحركة مايس)، وظلت بعيدة بالرغم من توالي الأحداث المفصلية، ومنها: دخول العراق عصبة الأمم، انقلاب بكر صدقي، مقتل الملك غازي، معاهدة بورتسموث، وثبة كانون، الانتفاضات الجماهيرية، العدوان الثلاثي على مصر، وغيرها.
المرجعية الدينية تعود الى الخوض في غمار السياسة
عني الفصل الثالث بتسليط نظرة فاحصة نحو ثورة 14 تموز، متقصياً عن ردة فعل حلف بغداد، وأحداث كركوك، ومحاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم 7 تشرين الأول 1959، وتدهور العلاقة بين الزعيم والشيوعيين، والصراع بين الأحزاب السياسية في الشارع حول مطلب الوحدة الفورية مع مصر أم الاتحاد الفدرالي، ومن ثم وجه النظر نحو المرجع الديني السيد محسن الحكيم، للإحاطة بسيرته، وتقديم نبذة موجزة عن أجواء تصديه للمرجعية، وعلاقته الودية مع البلاط الملكي التي شابها شيئاً من البرود أواخر العهد الملكي، ومن ثم العلاقة بينه وبين الزعيم قاسم، مشيراً الى أن السيد الحكيم بعدما بارك ثورة 14 تموز في البدء، عاد واتخذ منها موقفاً متشدداً وعمل جاهداً على اسقاط تجربتها الوليدة. الأمر الذي أفضى الى أجواء عدم الاستقرار واحتدام المواجهات بين الموالاة للثورة ومعارضتها في سائر أنحاء البلد. ودفعت المرجعية الدينية مؤيديها الى معاداة الثورة، وتعزيز نشاطها السياسي في مواجهة المستجدات من الأحداث عبر سياقات تنظيمية، فقامت بتشكيل أول تجمع يضم عددا من رجال الدين وطلاب الحوزة الدينية أطلقوا عليه (جماعة العلماء)، وبادروا بعد فترة قصيرة الى تأسيس أول حزب سياسي شيعي بمباركة السيد الحكيم، أطلقوا عليه (حزب الدعوة الإسلامية). وبالمقابل، سعى مؤيدو ثورة 14 تموز من المراجع الدينية ورجال الدين، على الجانب الآخر الى تأسيس (جماعة علماء الدين الأحرار)()، حتى بلغ التناحر أشده، ولا يفوتنا التذكير هنا بالإشارة الى ما ورد في أهم كتب المؤرشفين العراقيين حول مادة تنتصر للثورة كتبها أحد القائمين على تأسيس هذه الجماعة وهو الشيخ عبد الكريم الماشطة بعنوان (الشيوعية لا تتصادم مع الإسلام ولا مع القومية)().
توضح الاستقطاب الطبقي لما اتسعت دائرة معارضة توجهات ثورة 14 تموز التقدمية، التي ضمت كلا من الإقطاعيين والقوى الرجعية وعناصر الأحزاب السياسية القومية، بتعزيز نشاطها في مختلف المجالات، سيما التحشيد الجماهيري باستغلال المناسبات الدينية، على شاكلة: مولد الإمام الحسن (ع) في مختلف المدن الشيعية، ففي بغداد، "تبنى حزب البعث الاحتفال السنوي بذكرى المولد النبوي الشريف، ووزع تعليماً صارماً بضرورة ظهور البعثيين مظهر الحريص على الدين والقائمين بفروضه"(). وراحت تكبر أفعال المعارضة بموازاة أخطاء مؤيدي الثورة، وبمساندة بعض الدول الإقليمية والدولية، فأتسع الصراع التناحري بين القوى السياسية المختلفة في التوجهات داخل البلد، وتبدى ذلك الصراع بأشكال عنيفة، وتعاظمت الأهوال التي أحاطت بالبلد وثورته الفتية.
فتاوى التكفير واهدار دماء الخصوم السياسيين
يأخذنا المؤلف عدنان الحسيني في كتابه الى جولات ممتعة ومثيرة للاهتمام بين مجريات الحوادث التي تتداخل فيها شجون السياسة مع الدين، يقلب صفحات التاريخ، ينتقل بين فضاءات ذلك الزمن من صفحة الى أخرى، يتقصى، يحلل ويناقش هذا الرأي، ويسأل ذاك، ويسائل نفسه، واضعاً بصمته في آخر المطاف بما يسطره من آراء واستنتاجات على ضوء معلومات غزيرة مسنودة الى مصادرها. ويتوقف في هذا الخضم بعناية متأنية عند قضية حساسة هي (فتوى التكفير) ضد الشيوعيين التي أصدرها السيد محسن الحكيم وآخرون، يتفحص الأجواء قبل صدور الفتاوى، ويرى أن مرجعية الحكيم ذهبت في حربها ضد الشيوعية حدها الأقصى في تلك الفتوى الشهيرة، الآتي نصها: (بسم الله الرحمن الرحيم، لا يجوز الانتماء للحزب الشيوعي، فان ذلك كفر والحاد أو ترويج للكفر والالحاد، اعاذكم الله وجميع المسلمين عن ذلك، وزادكم ايماناً وتسليماً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). وهي مؤرخة بتاريخ 17 شعبان 1379هـ المصادف 12 شباط 1960().
وينقل عن لسان السيد طالب الرفاعي تفاصيل الكيفية التي صدرت بها الفتوى، موضحاً تحول منطوقها بفعل فاعل من (حرمة الانتماء الى الحزب الشيوعي) الى (الشيوعية كفر وإلحاد)، وكيف تحولت من فتوى (خاصة) تنطوي على (تحريم الشيوعية كفكرة)، معني بها موجه السؤال فقط الى فتوى (عامة) على حد قول الرفاعي نفسه، وجرى توزيعها على نطاق واسع، وقد تمترست وراءها القوى السياسية المناوئة للثورة، بحيث "تحول البعثيون الى اتباع مخلصين يحملون بيد صورة الفتوى وبالأخرى صورة المفتي"(). وكتبت على يافطات ملأت كافة الأمكنة من الشوارع والأسواق، وخطت على الجدران، حتى جدران الأزقة الضيقة، استغلت على نحو من البشاعة في تأجيج التناقضات والصراعات الداخلية. وينظر اليها الكاتب عادل رؤوف بقوله: "بغض النظر عن الأسباب التاريخية التي أدت الى المواجهة مع الشيوعيين، إلا أن الملفت هو ما يرتبط بتوقيت الفتاوي التي صدرت ضد الشيوعيين، فهذا التوقيت لم يكن توقيتاً عفوياً، الأمر الذي يشير الى اختراق هذه المؤسسة في بعض قراراتها وخطواتها التي قد تكون لها أثار في إذكاء حدة التناقضات الداخلية"().
ظلت مرجعية السيد الحكيم الدينية تسير في الاتجاه المعادي للثورة، حيث اتخذت موقفاً مناوئاً من القرارات الثورية التي نظرت أولاً الى مصالح أغلبية الشعب، وأسهمت في احداث تغييرات جذرية في طبيعة المجتمع العراقي، وأبرزها: أولاً: إلغاء قانون دعاوي العشائر الذي أصدرته قوات الاحتلال البريطاني سنة 1916. وجاءت هذه الخطوة المهمة بحسب المرسوم الجمهوري رقم (56) في 27 تموز 1958، والهدف منه تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين(). ثانياً: قانون الاصلاح الزراعي رقم (30) الذي شرع في 30 ايلول 1958()، الذي نشد القضاء على الإقطاع وازالة نفوذهم ورفع مستوى الفلاحين بما يؤمن معيشة كريمة لهم، الى جانب رفع الانتاج الزراعي. ثالثاً: قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959()، وكان خطوة متقدمة على صعيد تنظيم العلاقات الأسرية، والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وتوحيد العمل القضائي في العراق. وغير ذلك الكثير من الانجازات، ولا بد من الأخذ بنظر الاعتبار عامل آخر، يتمثل في العلاقة المتدهورة بين الحكومة العراقية وإيران التي كان لها تأثير على موقف المرجعية()، بحكم كون البرقية التي أرسلها شاه إيران للسيد الحكيم معزياً بوفاة المرجع الديني السيد حسين البروجردي (1875-1961)، لها أكبر الأثر في تعزيز مكانته واختياره لتولي الزعامة المطلقة للحوزة الدينية، كما ذكر شاه ايران ذلك في لقائه مع الدكتور عبد الرزاق محيي الدين (وزير الوحدة خلال الحكم العارفي)(). ومادام الشيء بالشيء يذكر، دعونا نتأمل ما أفاد به هذا الوزير القومي، حين قال: "للسيد الحكيم الدور الكبير في إسقاط حكومة عبد الكريم قاسم ومجيئ البعث للسلطة، فقد كان هناك تنسيق عالي المستوى بين السيد وبين القياديين في البعث فاتك الصافي ومحسن الشيخ راضي، وما تلا ذلك من إعدامات لآلاف العراقيين بحجة انتمائهم للحزب الشيوعي بفتوى الشيخ الخالصي وتأييد السيد الحكيم"(). ويرى باقر إبراهيم، وهو أحد قادة الحزب الشيوعي آنذاك: "كان من نتائج الفتوى تقسيم المجتمع لا توحيده، وترجيح كفة قوى الردة. لهذا فأن وسطاً مهماً من الشخصيات الدينية، قد نأت بنفسها عن تأييدها"(). ولا يخفى أن المواقف المتباينة في التوجهات بين مولاة الثورة ومعاداتها، كانت تستبطن الصراع على زعامة المرجعية العامة في النجف بين اثنين من كبار المراجع الدينية، هما كل من: السيد محسن الحكيم والسيد حسين الحمامي()، الذي تبنى موقفاً رافضاً لاصدار فتوى ضد الشيوعية().
انقلاب 8 شباط الدموي.. ثمرة مُرّة لفتاوى التكفير
ينطوي الفصل الرابع، على توجيه إضاءة نحو العهد العارفي، مشيراً في البدء الى أن الانقلاب الدموي 8 شباط 1963، واجه مقاومة في مناطق متفرقة من مدينة بغداد، وبعض المدن العراقية الأخرى، لكن المواجهات حسمت خلال يومين لصالح الانقلابيين. وانعكست فتوى التكفير في بيان رقم (13) سنة 1963 الصادر عن الحرس القومي، وكان ذلك ايذاناً ببداية فترة كارثية سوداء، حيث شنت منذ اللحظات الأولى حملات الاعتقال والتصفية الجسدية، وطالت الاعدامات نخبة من قيادات ثورة 14 تموز، في مقدمتهم الزعيم عبد الكريم قاسم، فضلاً عن أعداد كبيرة من الشيوعيين والأبرياء.
واصل المؤلف مباحثه ملقياً إضاءات وافية على دور مرجعية كل من الشيخ محمد مهدي الخالصي في الكاظمية والسيد محسن الحكيم في النجف خلال تلك الفترة، مبيناً في البدء موقف الشيخ الخالصي الذي تبدى جلياً في مساندة الحرس القومي، وهي قوات شعبية مساندة للانقلاب الدموي، وأنه كان على علم بالانقلاب، وشارك في كل الأعمال والانتهاكات التي ارتكبت بحق المعارضين المدنيين بتهمة الشيوعية، وحظيت مدرسة الخالصي الدينية في الكاظمية سنة 1965 بزيارة الرئيس عبد السلام عارف، وتبرعه بمبلغ مالي لدعمها.
يولي المؤلف عناية فائقة بتمحيص الوقائع في تلك المرحلة الزمنية، فمر على حركة حسن سريع بتاريخ 3 تموز 1963، وهو شيوعي برتبة نائب عريف في الجيش العراقي، وجاءت ردة فعل قادة انقلاب 8 شباط الدموي بعد فشلها تحمل غرابة التفنن في تهيئة مجزرة بشرية رهيبة، يعدها المؤلف واحدة من المعطيات التي شرعت لها فتاوى التكفير، عرفت بـ(قطار الموت)، وهو مشهد تراجيدي اقترب الموت فيه الى رجال من خيرة أبناء البلد، من الضباط والكوادر المدنية، بلغ عددهم نحو (550) سجينا سياسيا، مصفدة أياديهم بالقيود، حيث جرى نقلهم في الصيف الملتهب يوم 4 تموز 1963، بعربات قطار شحن البضائع، الى مدينة السماوة، لإيصالهم من هناك الى سجن نقرة السلمان الصحراوي، وكانوا جميعاً مهددين بالموت اختناقاً، لولا مغالبة سائق القطار الراحل (عبد عباس المفرجي) مع الريح في اسطورة بطولية نادرة.
ويعود المؤلف الى إلقاء نظرة سريعة نحو مرجعية السيد محسن الحكيم، وهو يتقصد بمراميه الاستبيان ثانية عن حقيقة فتاوى تكفير الشيوعيين من خلال عنوان فرعي (التكفير يتجدد)، والخلاصة أنه نقل عن عدة مصادر، ما أفاد به الضابط عبد الغني الراوي، أحد قادة انقلاب 8 شباط 1963 الذي ترأس المحكمة الشكلية في دار الاذاعة، والمسؤول عن تنفيذ أحكام الاعدام بحق قادة ثورة 14 تموز يوم 9 شباط، أنه استحصل على فتاوى جديدة من: السيد محسن الحكيم والشيخ محمد مهدي الخالصي، والسيد نجم الدين الواعظ مفتي العراق، كانت تجيز القتل، تطبيقاً للشريعة الإسلامية بحق الآلاف من الشيوعيين ممن وقعوا في قبضة السلطات الأمنية، وعلى وجه التحديد في سجن نقرة السلمان، ولم يجرِ تنفيذ تلك الأحكام الكارثية آنذاك بفضل طه جابر العلواني إمام جامع حسينية الباجه جي بمحلة أبو أقلام في الكرادة الشرقية، الذي أسدى نصيحة الى عبد الغني الراوي، وأشار عليه أن لا يذهب لتنفيذها().
وأود هنا الإشارة الى كون الاستاذ عدنان الحسيني مؤلف الكتاب لم يصرف النظر عن وجهة نظر السيد طالب الرفاعي المغايرة عما هو شائع، حيث ينفرد بها عن بقية المصادر في تكذيب عبد الغني الراوي، بل وضعها على طاولة النقاش، يتفحص الآراء التي تناقضها وتختلف معها، مبيناً كافة وجهات النظر، مرجحاً المعلومة التي أدلى بها الراوي حول حصوله على تلك الفتاوى من المراجع.
يعرج المؤلف في سياق مشواره البحثي هذا، بالاعتماد على بعض المصادر، حيث تنقل ما يفيد أن السيد محسن الحكيم بعث وفداً ضم الشيخ علي الصغير ونجل الحكيم السيد مهدي الى بغداد يطالب فيه بوقف القتل والعنف ضد الشيوعيين وإلغاء قانون الأحوال الشخصية. واستمرار المجازر دفع المرجع السيد الحكيم عندما زار بغداد وهو في طريقه الى سامراء الى التعبير عن انزعاجه حول ذلك أمام رشيد مصلح الحاكم العسكري العام. ويرد المؤلف على هذه المعلومة بأن هذا التحرك كان متأخراً الى أبعد مدى، حيث أزاح عبد السلام عارف حزب البعث عن السلطة بعد عشرة أيام من عودة السيد الحكيم من تلك السفرة الى النجف، إذ استغرق البعث ما ارتكبه من مجازر أمداً بلغ تسعة أشهر، ولكن المؤلف راح مستدركاً في تعليقه، قائلاً: أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً، والمفارقة المثيرة استمرار مسلسل القتل بحق الشيوعيين، عبر تنفيذ أحكام اعدام سياسية صادرة في عهد البعث. 
ثمة تفصيلات أخرى في الحياة السياسية جاءت ضمن مباحث هذا الفصل، يمكن للقارئ متابعتها، مثل طائفية عبد السلام عارف، رفض السيد الحكيم اصدار فتوى تدين الجرائم التي ارتكبها الحرس القومي، واقاويل محاولة إسقاط نظام الحكم بعد نكسة حزيران 1967، فشل رجال الدين في تأسيس جمعية العتبات المقدسة، كذلك الاتهام الفاضح بالنفاق الذي وجهه (محسن الشيخ راضي) أحد القادة البعثيين آنذاك في مذكراته، وطال بعض رجال الدين، ممن كانوا في خصومة مع الشيوعيين واندفعوا للانتقام منهم، بل والأزيد من ذلك، حدد مرجع ديني بعينه كان يتلقى تموينا أجنبيا من مشروع النقطة الرابعة الأمريكي().
عند ذلك المفصل التاريخي، وبعد استيلاء عبد السلام عارف على السلطة وطرد البعثيين ساءت العلاقة أكثر بين الحكومة ومرجعية النجف، بسبب الميل الطائفي لعارف، ومحاولات المرجعية فرض إرادتها على السلطة الجديدة لذلك مرت العلاقة بين الشد والجذب، وتخللتها مواجهات. ولعل أبرزها تلك التي غفل عن ذكرها المؤلف للأسف، وهي الموقف من قرارات التأميم للشركات الخاصة التي صدرت منتصف سنة 1964، واستهدفت الرأسمال الشيعي حصراً بحسب فهم المرجعية الشيعية().
اتفقت أغلب المصادر على أن العلاقة بين عبد الرحمن عارف والمرجعية كانت جيدة وأنه كان متساهلاً، ولم تحدث اصطدامات مع السيد محسن الحكيم، بل أظهر شكره وتحياته لعبد الرحمن عارف لرعايته رجال الدين واهتمامه بشؤون المسلمين. إلا أن ذلك كله لا يمنع من القول بوجود بعض الخلافات، منها مثلاً: حول حرب الجيش العراقي ضد الأكراد العراقيين(). ولهذا خلص المؤلف في ختام هذا الفصل الى أن العلاقة قد تحسنت بين حكومة عبد الرحمن محمد عارف ومرجعية الحكيم، مشيراً الى وصف السيد مهدي الحكيم بكونها من أفضل الفترات التي مر بها العراق بعد ثورة 14 تموز 1958. مما ساعد على بناء جسور الثقة بين الحكومة والسلطة الدينية، نافياً ما تردد في بعض المصادر من ادعاء تلفيقي حول الحراك الإسلامي الذي أعقب نكسة حزيران 1967 للإطاحة بنظام الحكم.
عودة البعث للسلطة وتجليات زيف تحالفه مع المرجعية الدينية
تناول الفصل الخامس والأخير من هذا الكتاب الفترة من (1968-1979)، (عودة البعث) ابتدأت (الجمهورية الرابعة) بانقلاب 17 تموز 1968 الذي نفذ من قبل تحالف بين حزب البعث مع جناح من القيادات العسكرية في نظام عارف، تمكن البعث من اقصاء هذا الجناح عن السلطة في 30 تموز، ويشير المؤلف الى أن السيد مهدي نجل المرجع الحكيم، قد ذكر: كان لدينا علم حقيقي بأن البعثيين سوف يأتون للحكم(). والمعروف أن البعثيين قبل استيلائهم على السلطة أرسلوا من يمثلهم الى السيد محسن الحكيم، كما جرى في اتصال مماثل قبل انقلاب 8 شباط 1963. وفي هذا الصدد، أجد أن من المهم ذكر كون السيد مهدي نجل المرجع على علاقة وطيدة بالبعثيين، وعلى العموم بقوى الاتجاه القومي قاطبة، وهناك تنسيق على وجه الخصوص مع القيادات البعثية، وقد شهدت الأشهر الأولى من عمر البعث زيارة كل من البكر وعماش الى المرجع الحكيم في النجف، وكانت مساعيهم تتجه للحصول على دعم المرجع لمنع ايران من دعم الحركة الكردية، لكن السيد الحكيم رفض اصدار مثل تلك الفتوى لاعتبارات دينية.
بدأت العلاقة بين حكومة البعث والمرجعية تأخذ شكلاً جديداً، بعدما ظهر الوجه الحقيقي للبعث ساعياً الى فرض الهيمنة على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فتعددت المواجهات بينهما، وقد حاولت المرجعية توظيف المناسبات الدينية في شجبها، ذلك ما جرى في الاجتماع الجماهيري المنعقد بتاريخ 13 أيار 1969 في الصحن الحيدري، وتضمن خطاب السيد مهدي الحكيم نيابة عن والده، تبيان مآخذ المرجعية على الحكومة. والشيء نفسه حصل من المرجع السيد الحكيم نفسه، لما توجّه الى بغداد بتاريخ 30 أيار 1969، أثناء لقاءاته بالمسؤولين الحكوميين. والمفارقة اللافتة جاءت بعد مضي أسبوع على تلك الزيارة، حين بث تلفزيون بغداد اتهاماً للسيد مهدي الحكيم بالتجسس لصالح المخابرات الأمريكية الذي كان خارج العراق حينها، وقد جاء ضمن اعترافات أدلى بها مدحت الحاج سري، أمين العاصمة، من دون أن يغفل المؤلف عن التشكيك بصدقية تلك الاعترافات، والتنويه الى أنها جاءت تحت التهديد بانتهاك العرض، وهذه الوسيلة مورست سابقاً، إذ يمتد صداها الى أيام انقلاب 8 شباط 1963، وقد فتحت المجال أمام المؤلف -لا أظنّ أن أحداً سيختلف معه- على سرد أساليب الأجهزة الأمنية المعروفة في التعذيب لانتزاع الاعترافات، كما تناولتها المصادر العديدة من قبل النظام البعثي الاستبدادي. ومن ثم ذهب الى المرور مرة أخرى على أحد أساليب الحكم البعثي في مواجهة خصومه بـ(سلاح الفتاوى الدينية)، حيث جرى في تلك الآونة تسويق فتوى السيد محمد الحسني البغدادي ضد السيد مهدي وآخرين التي جاء فيها (هؤلاء جواسيس تقطع أيدهم وأرجلهم من خلاف...).
          وإزاء هذه التطورات يصبح من الضروري أن نوضح أصداء التهمة الموجهة الى نجل الحكيم بالعمالة للأجنبي على كل من المرجع الأعلى والشيوعيين، فقد احتجب السيد محسن الحكيم الناس وتوقف عن الصلاة في الصحن الحيدري، بينما نكأت هذه التهمة جراحات الشيوعيين العراقيين، وحفزتهم على استحضار صور المئات من الشهداء بعد انقلاب 8 شباط، وليس مستغرباً استعادة أجواء (فتوى التكفير) المقترنة بتعاون السيد مهدي وميله الى كفة من نصبوا أعواد المشانق وأقاموا المجازر في كافة أنحاء العراق، ومثولها فوق طاولة اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المنعقد في كانون الأول 1969، والحزب آنذاك لا يزال يمارس العمل السري، فتضمن تقرير ذلك الاجتماع ما يشير الى أن السيد مهدي أحد أقطاب الرجعية، وأحد المحرضين البارزين على اقامة المذابح ضد الشيوعيين والديمقراطيين(). ويرى المؤلف بصرف النظر عن قناعة الشيوعيين بكون التهمة ملفقة تماماً، إلا أنها كانت فرصة مناسبة للرد المتأخر على توجهات المرجعية في تلك الحقبة.
          يمضي المؤلف في تفحص حوادث مطلع سنوات السبعينيات بدقة، فيتوقف ملياً عند محاولة عبد الغني الراوي الانقلابية (كانون الثاني 1970)، والتي تمتد خيوط التخطيط لها الى إيران، حيث مكان الاجتماعات كان البيت المخصص للسيد مهدي الحكيم في طهران، والأمر الذي لاشك فيه وجود علم مسبق عند المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم الذي خطفته يد المنون بعد أشهر معدودة في بغداد بتاريخ 1 أيار 1970، وينقل –دون ذكر المصدر- ما شاع في أوساط الحوزة الدينية في النجف حول ندم السيد الحكيم أواخر حياته على اصدار فتواه بتكفير الشيوعية والشيوعيين، وهكذا فقدت عائلة السيد الحكيم الزعامة الدينية بعد أن كان المرتجى أن ينال آية الله السيد يوسف الحكيم خلافة والده، وذلك بسبب وجود من هو أعلم منه، وعلينا أن لا ننسى القول بأن السيد مهدي الحكيم قد اغتيل سنة 1988 في السودان من قبل المخابرات العراقية.
          سعى المؤلف الى تقديم عرض تاريخي يتتبع فيه أحداث عقد السبعينيات على نحو من التوضيح، فأطال وقفته عند ما جرى من تفصيلات، والشيء المثير للدهشة أنه أغفل النظر نحو تداخلات المرجعية الدينية والتحولات الحاصلة في زعامتها، وفي مقدمتها السيد أبو القاسم الخوئي (1899-1992) الذي برز دوره بقوة عقب رحيل السيد الحكيم، فاصبح هو المرجع الأعلى. ولكنه حرص على الاهتمام بتسليط الضوء على حركات الإسلام السياسي (حزب الدعوة الإسلامية). وبدأ في هذا المشوار بالقرارات الثورية (التقدمية) التي اتخذتها حكومة حزب البعث منذ سنة 1968، في محاولة للتبرؤ من أثام الماضي، تجلت في اطلاق سراح السجناء السياسيين، واعادة المفصولين للوظائف وتحويل العسكريين منهم الى وظائف مدنية، والاعتراف بألمانيا الشرقية، ومعاهدة الصداقة العراقية السوفيتية 1972، وتفاهمات حول العمل الوطني المشترك التي أفضت الى بيان 11 آذار 1970، ومن ثم اتفاق الجبهة الوطنية 1973، وقوانين مستوحاة من تجربة البلدان الاشتراكية تخص التعاونيات الزراعية وتعديلات على قانون الاصلاح الزراعي والتجارة الداخلية والخارجية والقطاع العام (الاشتراكي) متوجة بقرار تأميم أعمال شركة نفظ العراق في 1 حزيران 1972، وبموازاة تلك الانجازات تقصى أيضاً عن التوجهات البعثية لتعزيز سلطة الحزب الواحد والتفرد بالحكم في جميع مفاصل الدولة، متناولاً سياقات التبعيث التي طالت التعليم وبقية المرافق الهامة، وتشكيل منظمات مهنية لكافة قطاعات المجتمع العراقي يسيطر عليها حزب البعث، وعسكرة المجتمع. وتناول خلال هذا الاستعراض، فشل محاولة ناظم كزار بتاريخ 30 حزيران 1973 في التخلص من الصف الأول من القيادة البعثية، واغتيالات طالت كوادر متقدمة في الحزب الشيوعي من أمثال: محمد الخضري وستار خضير، فشل المحاولة المخابراتية في اغتيال الملا مصطفى البارزاني بتاريخ 29 أيلول 1971 عبر تفخيخ الزي الديني للوفد الاسلامي المؤلف من مجموعة من علماء الدين، والذي ذهب بغية تكريس العلائق الودية مع كردستان، واعدامات ناشطين شيعة على أثر صدامات مع أجهزة السلطة في منطقة (خان النص) خلال زيارة الأربعين في شباط 1977، كل تلك الممارسات الاستبدادية، وغيرها التي حولت حزب البعث من حزب عراقي الى حزب مناطقي ثم عائلي. وفي نهاية المطاف يهيمن شخص واحد على السلطة بصورة فردية، ويتحكم بمقدرات البلد وفق اهوائه، سيما نزعة إلغاء الآخر المختلف، حيث اتجهت الاجهزة الأمنية وجلاوزة النظام بالحديد والنار الى تحييد الناس عن العمل السياسي معززة بتشريعات قانونية (قانون رقم 200)، وشن حملات اعتقالات وتصفيات جسدية لأعضاء كافة الأحزاب السياسية في العراق.
ويتحتم علينا التذكير هنا، بأن الفرصة قد فاتت على المؤلف بتبيان الأجواء الحوزوية الحافلة بالمواقف السياسية بعد مجيء السيد الخميني الى العراق، والذي تواجد للمدة من 5 تشرين الأول 1965، حتى مغادرته الى باريس في 6 كانون الأول 1978، وهي فترة حافلة باتخاذه عديدا من المواقف تجاه الأحداث والتطورات الداخلية والخارجية في الحياة السياسية. وأجدني ملزماً بعيداً عن المحاباة بالإشادة فيما بذله المؤلف من جهد لإظهار كتابه بما يليق، وكان واضحاً في موقفه النقدي، مستقلاً في فكره السياسي، ولهذا ظل محايداً وموضوعياً، وتبقى دعوتي مفتوحة إلى قراءة الكتاب، لإشراك المتلقي بما نلته من فائدة، وما أحسسته من متعة.
 
الهوامش:
() علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ج3، مطبعة الشعب، بغداد، 1972، ص95.
() المصدر نفسه، ص 116.
() المصدر نفسه، ص86 .
() أحمد الناجي، من أوراق البريطاني للعراق 1914 - 1918، دار الصادق، الحلة، 2005، ص15، 78.
() وجاء ذلك بسبب مقاطعة الانتخابات منتصف سنة 1923، واشترطت الحكومة مقابل عودتهم تقديم تعهد بعدم التدخل في السياسة، وعادوا الى العراق بتاريخ 22 نيسان 1924. ينظر: عبد الرزاق الحسني، تاریخ الوزارات العراقیة، مج1، ج1، منشورات مطبعة دار الكتب، بيروت، 1978، ص169.
() أحمد الناجي، الشيخ عبد الكريم الماشطة، أحد رواد التنوير في العراق، ط2، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 2019، ص68.
() كوركيس عواد، معجم المؤلفين العراقيين، مج2، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1969، ص313؛ حميد المطبعي، موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين، ج2، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1996، ص149.
() حسن العلوي، العراق دولة المنظمة السرية، ط1، منشورات روح الأمين، إيران، 1426هـ، ص22.
() محمد سعيد الطريحي، الشيعة والشيوعية مساجلات في الدين والماركسية، مج1، لاهاي، 2011، ص101.
() العلوي، ص22.
() عادل رؤوف، عراق بلا قيادة، ط8، دمشق، المركز العراقي للإعلام والدراسات، 2004، ص139.
() مجموعة من المؤلفين، تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 1958 - 1968، ج1، ط1، بيت الحكمة، بغداد، 2000، ص128 - 129.
() طه ناجي، ثورة العراق المجيدة 14 تموز 1958 والرهان على العسكر، دار الفرات للطباعة، بابل، 2009 ص104 - 105.
() مجموعة من المؤلفين، تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري، ج3، ط2، بيت الحكمة، بغداد، 2005، ص395.
() المصدر نفسه، ص400.
() عبد الرزاق محيي الدين، الأعمال الكاملة ج4، ط1، جمع وتحقيق: أوس محيي الدين ومحمد علي محيي الدين، دار الفرات للثقافة والإعلام، الحلة، 2019، ص376.
() المصدر نفسه، ص377.
() باقر إبراهيم، مذكرات باقر إبراهيم، ط1، بيروت، دار الطليعة للطباعة والنشر، 2002، ص92 - 93.
() رشيد الخيون، أمالي السيد طالب الرفاعي، ط1، دار مدارك للنشر، بيروت، 2012، ص127.
() الطريحي، ص112.
() رشيد الخيون، "فتاوى قتل لآلاف السجناء تموز 1963"، جريدة الزمان اللندنية، بتاريخ 4 تموز 2021؛ كذلك: رشيد الخيون، "قصة تعطيل فتاوى كادت تهدر دماء آلاف الخُصَماء السياسيين"، جريدة الشرق الأوسط اللندنية، العدد 9613، بتاريخ 24 آذار 2005.
() محسن الشيخ راضي، كنت بعثياً، ج1، تحرير وتقديم: طارق مجيد تقي العقيلي، دار الكتب العلمية، بغداد، 2021، ص220.
() عبد الرزاق محيي الدين، ص377.
() المصدر نفسه، ص378.
() رشيد الخيون، أمالي السيد طالب الرفاعي، ص323.
() رشيد الخيون، مائة عام من الإسلام السياسي بالعراق (الشيعة)، ج1، مركز المسبار، دبي، 2011، ص109 - 110.