أيار 17
 في اللغة، تشير كلمة نفايات إلى المادة المتبقية عديمة الفائدة وغير المرغوب فيها، لذا يجب ان تنفى. إنّ اغلب الأنشطة البشرية وعلى مدى التاريخ تولد نفايات ويتم التخلص منها لأنها تعتبر عديمة الفائدة. واغلب هذه النفايات تكون في العادة صلبة، ويمكن ان تكون سائلة أو غازية. وانها تنشأ نتيجة نشاط معيشي بلدي أو منزلي أو صناعي أو زراعي أو طبي أو نشاطات خاصة. مع ذلك، فنحن ندرك اليوم انه يمكن إعادة استخدام العديد من هذه النفايات، وبالتالي تصبح موردا للاقتصاد والإنتاج مثل توليد الطاقة، إذا ما تم التعامل معها بشكل صحيح.
بعد ظهور وتطور الصناعة وازدياد الاستهلاك في المجتمعات أصبح التعامل مع النفايات احد أهم المشاكل في عصرنا، لأن طريقة الحياة "الحديثة" تدفع لانتاج كميات هائلة من النفايات والتي تؤثر بشكل ضار على البيئة والصحة العامة، ولكن معظم الناس يريدون الحفاظ على أسلوب حياتهم الاستهلاكي "الحديث"، ولهذا السبب يجب على اجهزة الدولة ضمان حماية البيئة والصحة العامة من خلال اتخاذ اساليب وطرق ادارة جيدة وفعالة للتعامل مع النفايات. وهنا يجب على الدولة والمساهمين في الصناعة والمواطنين والهيئات التشريعية البحث عن وسائل لتقليل الكمية المتزايدة من النفايات التي تتخلص منها المنازل والشركات وإعادة استخدامها أو التخلص منها بأمان وبشكل اقتصادي وفعّال. في هذا المقال سنقدم عرضا للتطورات الحاصلة في التعامل مع هذه المعضلة مع الاشارة الى التجارب المهمة في بعض البلدان. 
   تاريخيا، تم العثور على أول منظومة ادارة للنفايات في آثار قرية الكوم في تدمر في سوريا حاليا، وكانت لتصريف المياه القذرة وبعد ذلك عثر في روما على اثار لادارة المياه القذرة والنفايات والتي امتازت بطابعها الطبقي، اذ كانت هذه الخدمات لا تقدم الا للطبقة الثرية فقط.
بعد الثورة الصناعية جاءت الدعوات لإنشاء سلطة بلدية تتمتع بصلاحيات إزالة النفايات ففي عام 1751 اقترح كوربين موريس في لندن التالي: "نظرًا لأن الحفاظ على صحة الناس له أهمية كبيرة، فان المقترح هو وجوب وضع تنظيف هذه المدينة تحت إدارة عامة موحدة، وأن يتم نقل القذارة بواسطة نهر التايمز وإلى مسافة مناسبة في البلاد"(1)
 وهكذا تطورت اساليب التخلص من النفايات في بريطانيا ولحقتها مدن اوروبية وأمريكية اخرى. وتم انشاء أول محرقة للنفايات عام 1874 في نوتنكهام.
وللأسف لم تتمكن مؤسسات الدولة العراقية منذ نشأتها عام 1921 من وضع نظام ادارة للنفايات حديث وكفوء وفعال ولحد اليوم.
ولكن النفايات تعتبر من مشاكل المدن الاساسية وتنشأ نتيجة التطور المتسارع وزيادة الرفاهية في المجتمعات، ويجب حلها لضمان تواصل التطور والتنمية. وبازدياد عدد سكان العراق وتطور مستوى معيشتهم واستهلاكهم المضطرد يزداد انتاج كمية النفايات البلدية الصلبة بشكل سريع، اذ بلغت كمية النفايات عام 2022 حسب تقارير الامم المتحدة 30 الف طن يوميا(2).
وهنا يمكن ان نستنتج ما يأتي:
1- ان النفايات نتاج لنشاطات البشر ولا توجد في الطبيعة بنفسها،
2- ان بعض هذه النفايات لا يمكن ان يكون لها استعمال لاحق ولن تكون لها فائدة لاحقة ويجب التخلص منها،
3- بعض هذه النفايات يمكن استخدامه ويمكن ان تحوي عناصر يمكن استخدامها لاحقا.
ولا تزال معالجة النفايات في العراق متخلفة جدا عن مستوى تجارب وخبرات دول العالم، فلحد اليوم يتم كب النفايات الصلبة في مكبات مفتوحة وغير نظامية، بدون معالجة بشكل صحيح، مما يؤدي الى نشر السموم ومسببات الامراض، وهذه السموم والجراثيم تنتشر:
  • بانتقالها عبر حبيبات الغبار مع الرياح وعواصف الرمال ودخولها الجهاز التنفسي للبشر والعيون والبشرة.
  • وبواسطة مياه الامطار التي تتسرب حتى الى طبقات التربة العميقة ما سيؤدي الى نقلها الى المياه الجوفية وبذلك يزداد خطر تأثيرها وانتقالها الى جسم الانسان من خلال الجهاز الهضمي.
  • وتساهم الحيوانات البرية والطيور والحشرات في نقلها ايضا، فالكثير من هذه الكائنات تستعمل مكبات النفايات كمصدر لغذائها ومن ثم تنشرها من خلال إفرازاتها وبرازها.
وتؤدي تفاعلات القمامة العضوية الى تكون وانبعاث كميات كبيرة من غاز الميثان الضار بالبيئة وهو احد اهم اسباب ظاهرة الاحتباس الحراري. اضافة للمضار الصحية والبيئية فان الاستمرار على سلوك طريقة المكبات الحالية يؤدي الى تلوث واستغلال مساحات كبيرة من اراضي العراق لاستخدامها فقط لهذا الغرض. وستضيع هذه المساحات ولا يمكن استغلالها للنشاطات البشرية الاخرى كمورد في مشاريع تنموية فلا يجوز التفريط بهذه المساحات في حالة وجود بدائل مناسبة وأكثر فعالية. لذا من الضروري اتخاذ اجراءات فاعلة وكفوءة لحل هذه المشكلة في العراق والتي ستتزايد وتتفاقم مع التطور الاقتصادي المستمر الجاري في البلاد.
ما تقدم من مضار يشير الى الكلف الباهظة التي يسببها اهمال حل المشكلة.
وهنا يجب طرح افكار وبدائل وحلول ذات فاعلية وكفاءة لمعالجة الموضوع. ومن الضروري ان تستند هذه الحلول على استراتيجية مستدامة لتشمل جانبين إجرائيين:
  • حلول سريعة عاجلة في البداية
  • حلول على المدى المتوسط والبعيد.
ولا يجب ان يفهم هذا التقسيم على انه عزل وفصل للحلول السريعة عن الحلول المتوسطة والبعيدة المدى بل يجب ان تكون هذه الحلول مترابطة ومتكاملة وتسند بعضها البعض.
الحلول السريعة العاجلة
المباشرة ببناء منشآت لمعالجة وتحويل هذه النفايات.
فلقد شهدت هذه التكنولوجيات تطورا كبيرا وخاصة في بلدان اوروبا الوسطى (المانيا والنمسا) نتيجة ظروف تلك البلدان ومنها:
  • القوانين البيئية الواضحة
  • تطور هذه البلدان التقني والعلمي
  • الكثافة السكانية العالية
وهنا وفي عملية اختيار التكنولوجيا المناسبة للعراق، من المهم جدا اعتماد اسس واضحة وعلمية في تقييم الجدوى لهذه التكنولوجيات والتركيز على الاولويات والخصوصيات المحلية السائدة في العراق.
مثلا، انتشرت مؤخرا فكرة توليد الطاقة من النفايات. نعم، هذه التكنولوجيا مهمة ونضجت وتستعمل في كثير من البلدان، لكنها لم ولن تحل مشكلة النفايات ولا مشكلة الطاقة لوحدها فقط؛ ففي بلد متقدم في استخدام هذه التكنولوجيا مثل الدنمارك لا تتجاوز الطاقة الكهربائية المولدة من حرق النفايات سوى 5 بالمئة من مجمل الطاقة المنتجة. ولكن في المانيا هناك تشريع يلزم الجميع بمعالجة النفايات حراريا قبل طمرها، وهذا لأسباب سنأتي عليها لاحقا.
 في هذا الموقع ننصح بتحديد الاهداف الآتية في عملية التقييم:
  • النظر الى قيمة واهمية وتعددية استخدام الناتج النهائي بعد عملية معالجة النفايات وماهي التوابع التالية بعد استغلال هذا الناتج... اي ان مشروع معالجة النفايات يجب ان يساهم في استخدام ناتج معاملة النفايات و اضافة فائدة الى الاقتصاد، مثل: الطاقة، الوقود، اسمدة، معادن.. الخ.
  • يجب ان يكون لهذه التكنولوجيا اثر مباشر وفاعل في تخفيف الضغط او الغاء استخدام مدافن طمر القمامة.
  • ان تكون طريقة المعالجة ذات جدوى واستدامة مالية واقتصادية.
  • ان تساهم هذه التكنولوجيا في انتاج طاقة خضراء صديقة للبيئة ومتجددة.
  • ان توفر مناخا انسانيا مقبولا للعمل وان لا تكون مصدرا للتلوث البيئي من خلال انبعاث كميات من الغازات الضارة او المواد السائلة او الصلبة غير المناسبة بيئيا. وهنا يجب ان تخضع للمعايير والمواصفات الاوروبية الحديثة في هذا المجال.
  • ان تشكل بديلا طويل الامد ومستداما للتخلص من النفايات
 
التكنولوجيات المهمة
يمكن تحديد اهم تكنولوجيات المعالجة والتحويل للنفايات المستعملة في الوقت الحاضر بما يأتي:
المعالجة بواسطة التحلل او الهضم اللاهوائي (Anaerobic Digestion) وهي تكنولوجيا مبنية على اساس توفير ظروف لكائنات عضوية دقيقة للقيام بتحليل وهضم النفايات العضوية والقابلة للتحلل وبدون الحاجة الى الاوكسجين. وفي الاغلب يكون الناتج غازاتٍ تستخدم مصدرا للطاقة او موادّ صلبة تستعمل سمادا.  
المعالجة بالتحليل المائي (الحلمهة أو الحلمأة بالإنجليزية: Hydrolysis) وهو التفاعل الذي يتم بين مركب كيميائي والماء فيؤدي إلى انكسار الرابطة الكيميائية في جزيء الماء إلى أيون الهيدروجين (بروتون) وأيون الهيدروكسيل. يستعمل هذا التفاعل لتغيير الروابط الكيميائية في البولميرات. كما إنه تفاعل هام لدى تشكيل المواد السيراميكية. وتستخدم هذه التكنولوجيا بشكل اساسي لمعالجة ترسبات وبقايا معالجة مياه المجاري. كما هناك المعالجة بطرق خاصة تعتمد على المعالجة الميكانيكية الحيوية. 
وهناك المعالجات بواسطة الحرارة والحرق. وهذه تتكون بشكل عام من مرحلتين (مرحلة اولى ومرحلة ثانية نهائية) ويمكن تقسيمها الى:
  • المرحلة الاولى التحضير للحرق ومن ثم الحرق وهي طرق كلاسيكية.
  • المرحلة الاولى التحلل الحراريThermolyse  وهو تفاعل كيمياوي من خلاله يتم تحويل النفايات بواسطة الحرارة وبشكل هادف الى منتجات نافعة وتليه المرحلة الثانية الحرق.
  • المرحلة الاولى التغويز (gasification) وهو عملية تحويل المواد (النفايات) التي تحوي في تركيبها الكربون مثل الكتلة الحيوية إلى أول أكسيد الكربون والهيدروجين وذلك بتفاعل المواد الخام عند درجات حرارة عالية مع كميات من الأكسجين متحكم بها، ينتج عن هذه العملية مزيج غازي يدعى Synthesis gas (الغاز الاصطناعي) وتعتبر عملية التغويز من العمليات الفعالة لاستخراج الطاقة من المواد العضوية.
  • المرحلة الاولى: التحلل الحراري Thermolyse، تتبعها المرحلة الثانية: التغويز.
  • المرحلة الأولى: عملية تغويز، والمرحلة الثانية: تغويز.
 
الحلول على المدى المتوسط والبعيد
وهنا يجب اضافة وتطوير تشريعات وتعليمات والقيام بحملات توعية وترسيخ اساليب ادارة للتعامل مع معالجة النفايات ومن اهمها قضية العزل بين مواد النفايات قبل وصولها لموقع المعالجة. وعلى الاقل على هذا الاساس:
  • المواد الورقية والمواد البلاستيكية والزجاج والمعادن الناتجة من القمامة المنزلية، كلاً على حدة.
  • منع رمي او خلط المواد المنزلية الخطرة مع النفايات المنزلية، بل عزلها ومعالجتها بشكل منعزل.
والمقصود هنا نفايات مثل: البطاريات ومصابيح الاضاءة وبقايا الادوية والحبوب والمستحضرات الطبية والاصباغ والمواد الكيمياوية المنزلية وعلبها واوعيتها.
  • عزل نفايات عمليات الانشاء والبناء مثل الخشب والحديد والاحجار والخرسانة، كلا على حدة.
  • اعتماد مبادئ الادارة الحديثة في معالجة النفايات القائم على مبدأ الادارة المتكاملة للنفايات أي: 
 
شكل يبين التراتبية الهرمية لادارة النفايات أو ما يسمى التراتبية الأوروبية لإدارة النفايات.
وهنا نلاحظ ان منع انتاج النفايات واعادة الاستخدام لها اولوية عالية(3).
 
ملاحظة على التراتبية الأوروبية لإدارة النفايات
تتضمن التراتبية الأوروبية الحالية لإدارة النفايات نظرة سلبية يجب ان تتسلح بمفهوم الاستدامة، ولنضع لها تسمية "هرمية ادارة النفايات المستدامة" وتستند هذه النظرة أو المفهوم على:
  • الحفاظ على الموارد الطبيعية وحمايتها
  • زيادة كفاءة النشاطات البشرية حسب المبدأ الآتي:

 
  • تحسين جودة ونوعية الإنتاج والمنتوج (الناتج).
ونعني هنا بالنوعية:
  • اطالة عمر استخدام المنتوج.
  • تصميم المنتوج ليخدم عدة وظائف واغراض في نفس الوقت.
  • تحفيز ودفع المنتجين والتجار والباعة لتوفير معلومات واضحة ووافية عن المنتج لتمكين المستهلك من تقييم كاف لما يشتري.
  • دعم وترويج المنتجات التي يمكن تصليحها واعادتها للاستخدام بسهولة وسرعة.
  • تشجيع المنتجات من المواد المعادة التدوير او المعاد استخدامها.
 
طرق ردم أو طمر النفايات
     إن طريقة كب النفايات بشكل مفتوح، كما هو متبع في العراق هي اسلوب ضار وغير صحيح، ويعرّض الناس وبيئتهم لمخاطر جدية كما سبق ذكره، لذا يجب اتباع طرق الطمر الصحي العلمية الصحيحة وكأساس لذلك يجب وضع قانون يعرف اصناف المطامر حسب نوع النفايات ومخاطرها.
في المانيا مثلا يتم تصنيف المطامر بخمسة أصناف وكما يأتي(4):
  • الصنف صفر: وهو مطمر يحتوي على نفايات معدنية خاملة غير نشطة كيميائيا وقليلة الضرر مثل بقايا تربة غير ملوثة أو انقاض بناء غير ملوثة.
  • الصنف واحد: هو مطمر لمواد قليلة الضرر تحتوي على القليل من المواد العضوية مثل النفايات المنزلية ذات الضرر القليل.
  • الصنف الثاني: وهي المطامر التي تحتوي على النفايات المنزلية وكثير من المواد العضوية والتي يستمر تحللها لفترة طويلة من الزمن وينتج عنها غازات بكثرة وتكون نشطة بيولوجيا مما يكون خطرا ذا شأن على البيئة، لذا فتصميمها يجري تحت متطلبات اكثر صرامة.
  • الصنف الثالث: وهي مطامر تحتوي على المواد الخطرة ويكون تصميمها خاصا، وبشروط شديدة الصرامة، وتحتوي على مواد شديدة الضرر مثل النفايات الخاصة.
  • الصنف الرابع: وهذه مطامر تحت سطح الأرض تحتوي على نفايات ضارة من المناجم أو التي يستوجب دفنها داخل كسوة صخرية سميكة وصلبة ومغلقة تحت الأرض مثل نفايات المواد المشعة والمفاعلات النووية.
كما ان هناك تصنيفات مختلفة قليلا تتبع في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان.
في العادة يتم الطمر في حفرة طبيعية او يتم حفرها وعلى أرضية مسطحة بعد ان يتم دراستها وتصميمها من قبل مهندسين مختصين، على ان يراعى في اختيار موقعها ما يأتي بشكل عام:
  • ان تكون بعيدة عن مسارات المياه السطحية والجوفية وان يكون مستوى الحواجز الجيولوجية اعلى بما لا يقل عن متر عن اعلى مستوى للمياه الجوفية.
  • تكون بعيدة بما يكفي عن التجمعات السكنية والمواقع الاثارية والسياحية والترفيهية.
  • بعيدة عن مناطق النشاطات الزراعية والمحميات البيئية.
  • ان تكون آمنة وبعيدة عن مناطق مخاطر السيول والفيضانات وانجرافات التربة وانهيارات سفوح المنحدرات والهزات والزلازل الأرضية.
وقبل البدء برمي النفايات واستعمال المطمر يتم اكساء أرضية المطمر وجدرانه بطبقات جيولوجية عازلة مانعة لنفاذية السوائل وفوقها شرائح عازلة وغير نفاذية من اللدائن الاصطناعية، كما يتم ضمان تصريف السوائل والغازات، التي ستنتج من التفاعلات البيولوجية والكيمياوية داخل جسم النفايات، بواسطة مبازل وشبكة انابيب صرف خاصة. وتأتي هذه الإجراءات التشييدية لتخدم ضمان منع الضرر على البيئة وللسيطرة على التفاعلات التي تجري داخل جسم النفايات. لذا يتم تشييد نقاط تفتيش تحيط بالمطمر لمراقبة وضمان التشغيل الصحيح للمطمر ولاعطاء التنبيهات في حالة حدوث اي تغييرات في البيئة المحيطة بالمطمر لاتخاذ اللازم ودرء اي ضرر محتمل.
ويتم الطمر على شكل طبقات وعند انتهاء الطمر يتم إغلاق المطمر بكسوة هندسية غير نفاذة للسوائل والغازات.
كما وتوصلت التكنولوجيا اليوم الى استخدام الغازات المنبعثة من تفاعل النفايات داخل المطامر لتوليد الطاقة والاستفادة منها. وكذلك السوائل الناتجة، ولكن هذا موضوع بحد ذاته ولا يتسع المجال هنا لمزيد من التفاصيل.
طرق حرق النفايات
وهذه تقنية للتخلص من النفايات عن طريق حرق المركبات العضوية وغيرها من المواد القابلة للاحتراق. الطريقة التقليدية المتبعة في العادة تتم بدرجة 900 الى 1000 درجة مئوية وبكفاءة لا تتجاوز 90 بالمئة ويمكن ان تكون هناك مخاطر انبعاث النترات والكبريتات والمعادن الثقيلة وهروب الرماد السام، ولم تكن هذه المحارق تحتوي على تقنية فصل المواد للتخلص من المواد الخطرة أو القابلة لإعادة التدوير، ما ادى الى تشكيل مخاطر من تلك المحارق على صحة العاملين فيها وعلى البيئة المحيطة لغياب الأجهزة الملائمة والتنقية الجيدة للغازات المتكونة(5).
اليوم تتضمن عملية حرق النفايات تحويل النفايات إلى رماد يوجه إلى أسفل المدخنة أما الغازات المنطلقة والحرارة تتم الاستفادة منها في توليد الطاقة الكهربائية. وبعد تدوير الغازات المنطلقة لإنتاج الطاقة الكهربائية يتم بثها الى الهواء بعد تنقيتها من المواد الضارة. ويتم تحويل الطاقة الناتجة عن الحرق إلى طاقة كهربائية بعدة طرق تقنية مثل «استخلاص الغاز» (تغويز) أو استخلاص الغاز باستخدام القوس الكهربائي أو بواسطة التحلل الحراري أو عن طريق تقنية الهضم اللاهوائي. كما سبق ذكره اعلاه.
تم بناء العديد من المحارق ومنذ عدة عقود في العديد من الدول، وبينت التجارب أن حرق النفايات يقلص كتلة النفايات الكلية حوالي 70 بالمئة، وقد يزداد هذا الرقم بعد استخلاص المواد القابلة للتدوير ليصبح 80 بالمئة أو 85 بالمئة. علما ان فعالية وكفاءة المحارق تعتمد ايضا على نسبة السوائل في النفايات والتي تختلف بين البلدان(6).
وهذا يعني أن هذه التقنية لا تعوض ولا تحل محل مطامر النفايات تماما ولكنها تقلص من مساحة وحجم مطامر النفايات فقط.
القوانين الحديثة في بعض الدول مثل المانيا تطلب معالجة جميع انواع النفايات حراريا قبل طمرها، وهذا له فوائد كثيرة فحرق النفايات له فوائد واضحة في مجال التخلص من النفايات الخطرة مثل التخلص من النفايات الطبية والكيمائية، حيث أن الحرارة تقوم بتدمير التأثير الخطير للسموم أو الجراثيم. ومن الأمثلة على ذلك النفايات الناتجة عن مصانع المواد الكيميائية الحاوية على مواد شديدة السمية، والتي لا يمكن رميها في مياه الصرف الصحي(7) (8).
حصل حرق النفايات على شعبية خاصة في بلدان مثل اليابان التي تشح فيها مساحات الأرض، وتكون موردا نادرا، وكذلك في الدنمارك والسويد وهما بلدان بحاجة للطاقة، ولا يمتلكان مصادرها فاتجها للاستفادة من الطاقة المتولدة من حرق النفايات، كما ويقومان باستخدام الحرارة الناتجة لتزويد التدفئة المركزية في المدن. لكن حتى اليوم لم تتجاوز نسبة الطاقة الكهربائية المولدة من النفايات 5 بالمئة في السويد. للاسف لا يتسع المجال هنا للتوسع اكثر في مجال حرق النفايات وتقنياتها.
خلاصة واستنتاجات وملاحظات
  • النفايات ظاهرة مرافقة لتطور المجتمع البشري وتبرز بشكل خاص في المدن وستتفاقم هذه الظاهرة في العراق مع تقدم الزمن ونمو السكان والاستهلاك.
  • من الضروري في العراق اتخاذ إجراءات ادارية وقانونية وهندسية مناسبة وعاجلة لحل مشكلة النفايات.
  • هناك هرمية تراتبية لادارة النفايات ويجب مراعاة مبادئ الاستدامة في ادارتها.
  • في اسفل وآخر هذه التراتبية يقع اسلوب طمر النفايات.
  • يجب مراعاة الشروط التي تضمن الحفاظ على البيئة والصحة في مطامر النفايات وفي جمعها.
  • اعتماد طرق حرق القمامة بشكل صحيح وصديق للبيئة واستغلال امكانية توليد الطاقة من النفايات ولكن عدم المبالغة في دورها.
  • اعتماد طرق وتكنولوجيات لاعادة تدوير النفايات، مثلا في مجالات هندسة الانشاءات والتشييد.
  • ملاحظة: تقتصر هذه الدراسة على النفايات المنزلية والبلدية الصلبة ولم تتطرق بتفصيل الى ما تحدثه عمليات استخراج النفط ونشاطات الصناعات الاستخراجية الاخرى من تلوث ومن نفايات، والتي قد تصنف ضمن النفايات الخطرة لاحتوائها على معادن ثقيلة ومواد سمية، وهذه تحتاج لمعالجة خاصة ولم يتسع المجال لذلك.

 

المراجع

 1- Wilson, D.G., A brief history of solid-waste management. Int. J. Environ. Stud., 9 (2) pp. 123–129, 1976. www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/00207237608737618.
Accessed on: 9 Jun. 2020.
3- Department of Environment Food and Rural Affairs. UK. Government, Guidance on applying the Waste Hierarchy, June 2011.
4- Bauprofessor.de Lexikon, https://www.bauprofessor.de/deponieklasse/, accessed on: 25 May 2023.
5- G. Tchobanoglous, F. Kreith, Handbook of Solid Waste Management, McGraw-Hill, 2002.
6- Sunil Kumar, Municipal Solid Waste
Management in Developing Countries, CRC Press; Taylor & Francis Group, 2016.
7- Jürgen Fluck: Kreislaufwirtschafts - Abfall- und Bodenschutzrecht, KrW-/AbfG, AbfVerbrG, EG-AbfVerbrVO, BBodSchG, Kommentar, Vorschriftensammlung, Stand: 67. Akt. C.F.Müller Verlag, Heidelberg, 2006.
8- V. Lersner / Wendenburg / Versteyl (Hrsg.), Recht der Abfallbeseitigung - Das Abfallwirtschaftsrecht des Bundes, der Länder und der Europäischen Union, Kommentar, , Erich Schmidt Verlag Berlin, 2007.