أيار 17

   واصلت مجلة الثقافة الجديدة الصدور، تارة علنية، وأخرى لمدد تغطي معظم مسيرتها، في الظروف السرية أو في المنفى. ومع اشتداد حملة النظام الدكتاتوري نهاية سبعينات القرن المنصرم ضد الحزب الشيوعي والقوى الديمقراطية، اضطرت المجلة، مع جمع واسع من الكتاب والأدباء والفنانين والصحفيين، ومن المثقفين الديمقراطيين عموما، الى ان المغادرة الى المنفى حيث استقرت إدارتها في عقد الثمانينات وأوائل التسعينات في دمشق، وكان يتولى رئاسة تحريرها الرفيق الراحل الدكتور غانم حمدون، وقد اضطرته الأوضاع لأن ينتقل إلى بريطانيا في النصف الأول من عقد التسعينات، فيما ظل الرفيق الراحل الشاعر مهدي محمد علي المشرف على باب أدب وفن في المجلة، مقيما في سوريا.

وخلال هذه الفترة، وفي ظل صعوبات المنفي وتشتت المثقفين الديمقراطيين وكتّاب المجلة الذين انتشروا في مختلف بقاع العالم، تركز جهد تأمين استمرار الصدور الدوري المنتظم للمجلة على عاتق الدكتور غانم حمدون، وكان ينهض بالمهمة وبروحية المقاتل وعزيمته، فكانت تتم بجهود استثنائية منه بالدرجة الأساس، ومن الرفيق الراحل مهدي محمد علي، عملية المكاتبة والاستكتاب وجمع المقالات والمساهمات وتدقيقها وتحريرها والمراسلة ومتابعة عملية طباعتها في دمشق.

واعيد تشكيل مجلس تحرير المجلة في أواخر النصف الثاني من عقد التسعينات برئاسة د. غانم حمدون وعضوية د. صادق البلادي (حمدان يوسف)، د. مهدي جابر (سامي خالد)، الشهيد كامل شياع، د. صالح ياسر، عزيز سباهي، رائد فهمي وهادي محمود ومهدي محمد علي. وتتوزع أماكن إقامة أعضاء مجلس التحرير على ثمانية بلدان؛ العراق (كردستان)، سوريا، بريطانيا، ألمانيا، السويد، بلجيكا، فرنسا، وكندا.

وقبل انتشار استخدام البريد الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، ظل العمل متركزا إلى حد كبير في رئيس التحرير وبعض أعضاء مجلس التحرير لصعوبة تناقل المواد وانتظام الاتصالات وعقد اللقاءات، ولكن السعي كان جديا لتأمين المشاركة الفعالة لمجلس التحرير في أعمال المجلة، تخطيطا وتنفيذا. وبسبب هذه المعوقات وكثافة العمل المطلوب من رئيس التحرير ومصاعب عقد اللقاءات والتداول اليسير مع أعضاء مجلس التحرير، كان من الصعب على هيئة تحرير المجلة اعداد الملفات بصورة منتظمة لأعداد المجلة لما تتطلبه من تواصل واستكتاب ومتابعة لكتاب منتشرين في عدة بلدان، لذا كانت تركيبة مواد أعداد المجلة تحددها إلى حد كبير ما يصل المجلة من مقالات ومواد، وتأخذ أفضل المواد طريقها إلى النشر بعد تحريرها. من سلبيات هذه الحالة تضييق دائرة الخيارات في تحديد المواضيع التي تتناولها المقالات وتوافقها مع الأولويات والقضايا من وجهة نظر سياسة المجلة أو مع التناول المعمق للقضايا الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعلمية الأكثر الحاحا. وكان هذا واقع المجلة وظروف عملها عند استلامي مسؤولية رئاسة التحرير عام 2000.

وفي الاجتماعات واللقاءات الأولى لمجلس التحرير، تم رسم خطوط العمل واتجاهاته على صعيد آليات العمل الداخلية للمجلة، وذلك بتأمين استمرار الإصدار الدوري للمجلة، أي كل شهرين، تعزيز مجلس التحرير بضم أعضاء جدد من الشخصيات الثقافية البارزة والمؤثرة في الوسط الثقافي العراقي والعربي، وتعزيز وزيادة المشاركة الفاعلة لأعضائه، وذلك بالمساهمة في كتابة المواد وتحريرها وفي توسيع علاقة المجلة بالأوساط الثقافية والأدبية عراقيا وعربيا واجتذابهم للكتابة والتعاون مع المجلة والعمل على تنظيم ندوات حوارية وسيمينارات تخصصية تستقطب مشاركين من خلفيات ومدارس فكرية وفلسفية متنوعة. كما تم الاتفاق على وضع تصميم جديد لشكل المجلة من حيث الحجم وتصميم الغلاف الخارجي والخط المستخدم، وقد تحقق ذلك فعلا واعتمد تصميم جديد ما يزال معتمدا حتى وقتنا الراهن. وقد تم ضم أعضاء جدد الى مجلس التحرير خلال السنوات اللاحقة، فأصبح الشاعر الراحل سعدي يوسف عضوا عام 2001 ومن ثم زهير الجزائري وبعد التغيير عام 2003 توسع المجلس ليضم الرفيق الراحل الفريد سمعان والباحث د. حيدر سعيد.

وفي ما يتعلق بسياسة النشر ووجهتها ومواضيعها واولوياتها ارتباطا بأوضاع العراق والظروف المحيطة بها والمؤثرة فيها، وعلى نحو خاص بالقضايا الأساسية السياسية والفكرية والاجتماعية -الاقتصادية التي تواجه حينذاك نضال القوى الوطنية والديمقراطية، والقوى المعارضة للنظام الدكتاتوري بصورة أعم ومشروعها السياسي.

وفي السنوات الأولى للألفية الثانية، أخذ يتصاعد الحديث في الأوساط الدولية عن تغيير النظام الدكتاتوري في العراق عبر تدخل عسكري خارجي، وانعكس بصورة ملموسة في الدعم الذي حصلت عليه المعارضة العراقية المؤتلفة في المؤتمر الوطني الموحد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، وتوقيع الرئيس الأميركي بيل كلنتون على قانون تحرير العراق عام 2002 الذي ينص على دعم الولايات المتحدة للحركات الديمقراطية داخل العراق ويمنح تفويضا للحكومة باستخدام القوة العسكرية ضد الحكومة العراقية.

وخلال السنوات 2000 - 2004، ركزت المجلة على تخصيص ملفات متخصصة في محاور ومواضيع تقدم معالجات نظرية فكرية وسياسية تتسم بأعلى قدر ممكن من العمق والشمولية. وتم اختيار محاور الملفات في ضوء القضايا الفكرية والثقافية والسياسية التي أثارتها الأوضاع السائدة حينها، ومنها الجدل بشأن العوامل الخارجية والداخلية في عملية إسقاط الدكتاتورية وإقامة نظام بديل ديمقراطي، والتعرف بشكل دقيق إلى آثار الحروب والعقوبات الدولية على المجتمع العراقي والاقتصاد الوطني، والتحولات والتغيرات البنيوية في المجتمع العراقي على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأسباب وآثار انهيار الاتحاد السوفييتي وتداعياته الفكرية والسياسية على الأحزاب والحركات والقوى المناهضة للرأسمالية. وكذلك تنامي سياسات الهوية والأحزاب والحركات الدينية والطائفية والصراع بين مشروعها ومشروع الدولة المدنية الديمقراطية.    

خلال السنوات 2000 - 2004 ، صدر أكثر من أربعة وعشرين (24) عددا ضمّت ما لا يقل عن أحد عشر (11) ملفا. ونورد عناوين ومحاور بعض الملفات التي تدلل على سياسة المجلة واختياراتها من جانب، وكونها ما تزال تحتفظ بأهميتها في ظروفنا الراهنة: فقد حمل العدد 292 الصادر أوائل عام 2000 "الاشتراكية بعد عشر سنوات من انهيار الجدار". وهو موضوع مثار جدل ونقاش دائم، لا بالنسبة للماركسيين والشيوعيين وحسب، بل لجميع التقدميين، أفراداً وحركات وأحزابا، والمتطلعين إلى الخلاص من جميع أشكال الاستغلال واللامساواة والتمييز الملازمة للرأسمالية. وهو محور نظري عام لا يخص العراق فقط.

وفي العام نفسه، ضم العدد 295 أعمالا للندوة التخصصية النوعية التي نظمتها المجلة على مدى يومين في هولندا موضوعها "الإسلام السياسي والدولة". وقد حاضر فيها الكاتب المصري التنويري البارز الراحل د. نصر حامد أبو زيد، كما ناقشت الندوة الأوراق والبحوث التي قدمها الشهيد كامل شياع، وعادل عبد المهدي رئيس تحرير مجلة (المنتقى) ذات الوجهة الإسلامية، والرفيق هادي محمود، عضو مجلس تحرير المجلة وباحثون آخرون. 

وعكست هذه الندوة انفتاح المجلة على المثقفين في البلدان العربية وكذلك على مثقفين من تيارات فكرية أخرى، كما أن موضوع الندوة ما يزال يحتفظ بحيويته، بل زادت أهميته بعد التغيير عام 2003.

وقد أولت المجلة خلال السنوات 2000 - 2002 ، وهي فترة  تزايدت فيها احتمالات حدوث تغيير في العراق، بقضايا الديمقراطية ومعوقات اقامتها وبنائها وبمسائل التحول الديمقراطي، وخصصت للموضوع محورا في العدد 294 الصادر في حزيران 2000، وتضمن الملف استطلاعا لآراء بعض ممثلي المعارضة آنذاك من الحزب الشيوعي وقوى ديمقراطية ومن الأحزاب الإسلامية والكردستانية، لتصوراتهم عن خصائص البديل الديمقراطي للنظام الدكتاتوري، مع مقالات عن مستلزمات وشروط وإشكاليات الانتقال الديمقراطي وآفاقه في العراق.

وفي خريف عام 2001، نشرت المجلة في العدد 303 ملفا ضم أعمال ندوتها الفكرية الثانية التي أقامها المجلس تحت عنوان "آفاق ومعوقات الديمقراطية في العراق"، شارك فيها خمس عشرة شخصية سياسية وثقافية واكاديمية، منهم الرفيق الراحل عبد الرزاق الصافي والرفيق الدكتور مهدي جابر (سامي خالد)، والشخصية السياسية الإسلامية حينذاك ضياء الشكرجي، والعميد الركن آنذاك نجيب الصالحي والكاتب والسياسي الراحل علي كريم سعيد، وكتّاب وباحثون وأدباء؛ منهم زهير الجزائري وياسين النصير وصادق البلادي وعصام الخفاجي وهشام داود.

وإلى جانب الاهتمام بالقضايا المتعلقة بالدولة والنظام السياسي في العراق وآفاق تغييره والملامح المنشودة والمحتملة للبديل، انصب جهد المجلة على نشر البحوث والمقالات والملفات عن واقع المجتمع العراقي وما شهده من تحولات عميقة بسبب الدكتاتورية والحروب والتقلبات السياسية الحادة والمسيرة الشاقة للحركة الوطنية والديمقراطية والتوقف بعمق عند بعض محطاتها وأحداثها التاريخية، وعند دور الحزب الشيوعي فيها.

وفي هذا السياق، خصصت ملفا مهما للباحث في علم الاجتماع الأميركي الجنسية، الفلسطيني الأصل، حنا بطاطو، مؤلف كتاب "الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية في العراق" تحت عنوان "حنا بطاطو ومنهجه". واحتوى الملف على مواد ومساهمات فكرية وثقافية غنية لفالح عبد الجبار وزهير الجزائري وماهر الشريف، وثلاث أوراق بحثية مهمة لحنا بطاطو عن العراق "عودة إلى الطبقات الاجتماعية القديمة"، "شيعة العراق" و"التحليل الطبقي والمجتمع العراقي"، وهي مواد تستحق إعادة النشر من قبل المجلة.

كما خصصت عدة دراسات وملفات لمحطات وأحداث أساسية في سيرة الدولة العراقية الحديثة، مؤثرة في صناعة أحداث فارقة في تاريخ العراق الحديث، سياسيا وفكريا وثقافيا فاحتوى العدد 299 على دراسة عن موقف الحزب الشيوعي العراقي من حركة رشيد عالي الكيلاني، واحتفي العدد 302 بمئوية الرفيق فهد، وضم العدد 293 ملفا عن الرفيق الراحل عامر عبد الله والعدد 304 ملفا عن الفقيد الدكتور صفاء الحافظ بمناسبة مرور 22 سنة على اختطافه. ونشرت المجلة في العدد 306 لمناسبة الذكرى الأربعين لثورة تموز حواراً مهما وشائقاً مع الرفيقة الراحلة الدكتورة نزيهة الدليمي، تحدثت فيه عن أحداث ثورة تموز في أيامها الأولى وعن تجربتها في العمل مع الزعيم عبد الكريم قاسم كوزيرة، وعن انطباعاتها عن شخصيته ومواقفه وتعامل الحزب الشيوعي معه، والموقف من تسلم الحزب للسلطة، وخلال السنوات موضع البحث، نشر باب أدب وفن عدة ملفات غنية لأعلام الشعر والادب والثقافة في العراق، في مقدمتهم شاعر العراق والعرب الكبير محمد مهدي الجواهري في العدد المزدوج 300-301 الصادر في آب 2001، وملفا آخر في العدد 306 للشاعر البصري الذي رحل في ظروف يلفها الغموض، محمود البريكان، كما نشرت المجلة في العدد رقم 312 أعمال الندوة التي اقامتها المجلة احتفاء بمئوية رواد الثقافة التقدمية والفكر الماركسي في العراق حسين الرحال ومحمود أحمد السيد، كما ضم العدد 313 مقابلة خاصة مع احد رواد  الحركة الشيوعية في العراق سالم عبيد النعمان.

ومع تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق واشتداد وطأتها بفعل التأثير التراكمي للحصار الاقتصادي المفروض على العراق والدمار الذي خلفته الحروب وسياسات النظام الدكتاتوري الاستبدادية، ازدادت التساؤلات المشروعة عن آفاق الاقتصاد العراقي وعن مدى استطاعته الخروج من هذه الأزمات الخانقة والسبيل إلى ذلك والشروط الواجب توفرها لاستنهاض الاقتصاد الوطني. وقد حفلت أعداد المجلة بالدراسات والملفات والمقالات المتخصصة حول مختلف جوانب الاقتصاد العراقي، وبشكل خاص عن القطاع النفطي وعن طابعه الريعي.  ونشر العدد 309 ملفا خاصا عن النفط تحت عنوان "ماذا يرسم لنفط العراق؟"، كما خصّ المجلة الاقتصادي الراحل، الدكتور عباس النصراوي بعدة مقالات عن الاقتصاد العراقي، من أهمها "العقوبات الاقتصادية الدولية وعواقبها على العراق" في العدد 296، و"دفاعا عن قطاع الدولة" الذي نشر في العدد 313 الصادر في أيلول 2004، والذي كتبه ردا على نوايا بول بريمر، ممثل سلطة الاحتلال بخصخصة المشاريع الحكومية وممتلكات الدولة الإنتاجية. كما نشرت المجلة في العدد 303 مقالا للدكتور عصام الخفاجي يتناول موضوعة الدولة الريعية وإمكانية الانتقال منها نحو الدولة الديمقراطية، والتي لم تكن تحظى بالاهتمام الكافي والمعرفة المعمقة من قبل الباحثين والسياسيين العراقيين في تلك الفترة.

بعد التغيير، توفرت إمكانيات أفضل لبحث واقع المجتمع العراقي وذلك لاتساع دائرة صلاتها بالباحثين والاكاديميين والمهنيين. وحرصت المجلة على تسليط الضوء علميا على ابرز التحولات والتغيرات في بنية المجتمع العراقي ومظاهر التشظي فيه. ووفق هذه الرؤية والمنهج نظمت المجلة أواسط عام 2004 طاولة مستديرة عن ظاهرة التهميش الاجتماعي، أبعادها ودلالاتها، نشرت أعمالها في العدد 314 الصادر أواخر عام 2004.

 أود أخيرا أن اشير إلى بعض جوانب العمل الداخلي للمجلة ودور الشهيد كامل شياع المتعدد الجوانب في عمل المجلة.

    سعيت شخصيا من موقعي في رئاسة التحرير إلى توسيع مجلس التحرير والارتقاء بدوره ومشاركته في مختلف مجالات عمل المجلة، وبشكل خاص في رسم السياسة التحريرية للمجلة وتحديد المواضيع والقضايا التي على المجلة التركيز عليها وتقديم معالجات عميقة ورصينة علميا لها وذات مضامين ديمقراطية وتقدمية. وقد توفرت إمكانيات أفضل للارتقاء بمستوى التشاور وعقد اللقاءات وتداول المواد التي تصل إلى المجلة نتيجة التطور في التكنولوجيا. فقد بات ممكنا أن يطلع أعضاء مجلس التحرير على جميع المقالات وابداء الراي في صلاحيتها للنشر، كما تعززت مشاركة جميع أعضاء المجلس في مناقشة أوضاع المجلة وسبل تطويرها شكلا ومضمونا وتوسيع دائرة صلاتها.

وقد وضع المجلس معايير نوعية وكمية لقبول نشر المقالات والبحوث، ومعظمها لا يزال ساريا كحجم المادة والرصانة العلمية لمضمونها وسلامة لغتها وأسلوبها وكونها غير منشورة في مكان آخر.

أما الشهيد كامل شياع، فقد كان له مشاركة متزايدة في التحرير والإدارة والتواصل مع كتاب المجلة بالتعاون الوثيق مع الدكتور غانم حمدون ومعي. وكان تحرير المقالات والمواد التي تصل المجلة يقع بدرجة أساسية على الدكتور غانم وعليه كما كان للدكتور صادق البلادي مساهمة غير قليلة في ذلك. وهو عمل يتطلب جهدا كبيرا من حيث الوقت والتركيز والتمكن المعرفي واللغوي. وكان للدكتور غانم وكامل مهارة ومقدرة مدهشة في الاختصار غير المخل بالمعنى عند تحرير المواد مما يضفي رشاقة وجمالا أسلوبيا يقابل برحابة صدر في الغالب من قبل الكتّاب، واحيانا بشيء من التبرم. وكان أسلوب الشهيد كامل في مقالاته يميل إلى التكثيف والتعبير البليغ والدقيق عن الفكرة باقل الكلمات واختيار اجمل المفردات من خزينه الأدبي والثقافي. وكثيرا ما كان يتولى صياغة المقالات الافتتاحية بأسلوبه الجميل بعد التداول لتحديد مضامينها، كما كان نشيطا في رفد المجلة بالمقالات. وقد تنوعت مواضيع مقالاته، فبعضها يتناول الشأن السياسي وأخرى ذات طابع فكري ونظري والبعض الآخر في النقد الأدبي والترجمة.

وقد فجعت شخصيا عندما اتصل بي صديق يستفسر عن مدى صحة خبر اغتيال كامل، فلم اصدق الخبر لأنه كان قد اتصل بي قبل نحو ساعتين من شارع المتنبي مستمتعا بجولته وبالكتب التي اقتناها. فسارعت للاتصال به فاذا بصوت غريب يجيبني وعندما سألت عن كامل، رد ّ عليَ مباشرة وبصورة آلية "كامل مات". 

 خلال هذه السنوات لم نوفق في إصدار المجلة كل شهرين، لأسباب موضوعية مرتبطة بظروف تلك الفترة، ولكن لأسباب ذاتية حيث كنا نسمح بالتأخير حتى تكتمل مواد الملف، فقد صدرت خلال هذه السنوات بمعدل أربعة إلى خمسة أعداد سنويا.

وبالأمس، كما اليوم نواجه مشكلة التوزيع ما يحد من انتشارها، إذ يتطلب ذلك إيجاد طرق ووسائل مبتكرة لتوسيع دائرة انتشارها، وهذا ما يجري العمل عليه حالياً خصوصاً على صعيد النشر الالكتروني. وحبذا لو عملت المجلة مجددا على عقد الندوات الفكرية بصورة منتظمة، وهي وسيلة جاذبة لمزيد من المشاركات وتقديم معالجات معمقة للمحاور التي يتم اختيارها وتغني المجلة بالملفات المتخصصة التي توفرها الأوراق البحثية في هذه الندوات.