أيار 03
مقدمة:
سأبدأ هذه الورقة بالحديث، في البدء، عن التأكيد أنه يصعب، إن لم يكن من غير الممكن، فهم وتفسير الموضوعات المرتبطة بكل ما له صلة بالرقمي دون ربطها بحدثين. يعود الأول إلى التأثير الذي كان للثورة الكوبرنيكية المؤكدة على أن مركزية الكون ليست للأرض إنما للشمس. في حين يخص الحدث الثاني الانتقال من الهندسة الأوقليدية إلى الهندسة اللاأوقليدية سيما مسلمة التوازي(1). يؤكد هذان الحدثان أن كل شيء يطاله التغير بدءا من الفضاء وصولا إلى ممارسات الأفراد. كما يبينان أيضا أهمية التحولات في مجال الفيزياء والهندسة في الظواهر الاجتماعية - الرقمية، وأنه من غير  المنطقي عدم  الرجوع إلى هذين الحدثين. بصيغة أخرى يسبق التغيرات الطبيعية التغيرات الفكرية(2) والمجتمعية.
ستتضح قوة تلك الأحداث في تأكيدها على قابلية الكون للتغير الدائم، خاصة وأن أبرز مثال على ذلك ما قامت به التحولات الرقمية من تغييرات جِذرية في العديد من المكونات المشكلة لفكرة المجتمع الإنساني كالثـقافة. اعتمدت التحولات الرقمية بشكل كبير على التطور الذي عرفته وسائل التواصل والمعلومات. أخذت هذه الأخيرة تغير من ملامح النسق الاجتماعي، "الذي يتألف من عدد من الأفراد الفاعلين والمتفاعلين مع بعضهم في موقف يتضمن على الأقل جانبا فيزيقيا أو بيئيا، وفاعلين مدفوعين بموجب الميل لتحقيق أقصى حد ممكن من الإشباع، والذين تخلل علاقتهم بموقفهم وتعريفهم له رموز مشتركة مبنية ثقافية"(3)، كما غيرت في شكل ممارساتهم، إلى درجة بناء نسق ثقافي جديد يكون بالرقمي وفيه.
يجد الفرد المستخدم، نفسه، للأنترنت بشكل عام، وللمحتوى الرقمي بشكل خاص، أمام كم هائل من الثقافات التي تتمازج في ما بينها، وتصير قابلة للاستهلاك عبر مشاهدتها. ولأن هذه الثقافة الرقمية تكون أساسا في المجال الرقمي، فإن الفرد وجد نفسه أمام خيارين إثنين إما أن ينخرط في هذا النموذج الثقافي الرقمي، قصد فهمه والتمكن منه، أو العكس الوقوف بعيدا عنه.
يستوجب على الدراسات التي تهتم بالثقافة(4) أن تنتبه إلى هذا الانتقال الذي بدأت تعرفه الثقافة في تفاعلها مع التقنية الرقمية، لدرجة أنه صار من الصعوبة بمكان الحديث عن ثقافة محلية في مجال معولم. أمام هذه الصعوبة، نقترح ثلاثة عناصر: المجال الرقمي، الهوية الرقمية، الرأسمال الرقمي، من شأنها أن تمكننا من ضبط هذا الشكل من الثقافة.
أولا: المجال بين الواقعي والرقمي
في بداية الثمانينات من القرن الماضي برز في الأدبيات العلمية مفهوم المجال الرقمي الذي يحيل لشكل جديد من الفضاء أو المجال. غير أن هذا المفهوم ما زال حبيس تعدد المعاني، ولهذا سنحاول قدر الإمكان تتبع مسار المفهوم سعيا لمحاولة المسك بمعناه/ معانيه. يعود الاستعمال الأول للمجال الرقمي إلى الروائي المهتم بكتابات أدب الخيال العلمي، ويليام غيبسون خاصة في عمله الرئيسي " نيورومانسر  : Neuromancer"(5 ). بعد ذلك سيصبح المجال الرقمي مثل قالب يضم العديد من المفاهيم الأخرى من مثل: المجتمع الرقمي، الحياة الرقمية، الثقافة الرقمية، الموجود الرقمي(6).
اعتبر المجال الرقمي بأنه مجال متصل بشكل كلي بالشبكة (الانترنت)؛ إذ لا يمكن الحديث عنه إلا في إن توفر هذا الشرط، شرط الشبكة. إذا كان المجال الفزيقي - الواقعي يمكن الوصول له عبر العديد من الوسائل فإن هذا النموذج من المجال لا يمكن الوصول إليه إلا بواسطة الكمبيوتر المتصل بالإنترنت. إلى جانب هذا، يتميز المجال الرقمي بأنه متعدد الأبعاد، ومصطنع.
إنّ المجال الرقمي هو نتاج التفاعل الحاصل بين المستعملين وأجهزة الكمبيوتر. فالمجال الإلكتروني ليس بالضرورة مجالا متخيلا - إنه حقيقي بدرجة كافية من حيث أنه الفضاء الذي أنشأه أولئك الذين يستخدمون الحواسيب قصد التواصل. يتم في الغالب استعمال المجال الرقمي كعبارة مجازية وبديلة للمجال الجغرافي. بهذا، تشكل الأنترنت الوسيط بين الأفراد ووسائل الاتصال والمعلومات (الهواتف الذكية، الحاسوب...) التي عبرها يتم إنتاج هذا المجال(7). ورغم الاختلافات الواردة حول مفهوم المجال الرقمي إلا أن ما لا يتم الاختلاف حوله أنه نُشِئ في وسائل الاتصال المتقدمة.
يختلف المجال الواقعي عن المجال الرقمي في ثلاثة أبعاد مركزية. يركز البعد الأول على الممارسات المكانية، وفي المجال الواقعي فالأفراد يؤدون هذه الممارسات في مجال جغرافي ومكاني متميز غالبا ما يكون محليا، أما في المجال الرقمي فإنهم يؤدون هذه الممارسات في الإنترنت وهي مجالي كوني ومعولم لكن بلغة محلية. ثم يأتي البعد الثاني "تمثيلات المجال"، ففي المجال الواقعي ترتبط هذه التمثيلات بالتضاريس الجغرافية وتولي أهمية للمسافات والتضاريس الموجودة في الواقع. أما في المجال الرقمي، فهذه التمثيلات يقوم بها المتخصصون في الحاسوب وفي إنشاء المواقع الالكترونية، وهي خاضعة بالأساس للشبكة. أما البعد الثالث، فله علاقة بالثاني، وهو "مجال التمثلات" مثل الصور، الرموز، الكتابات، ففي المجال الواقعي فإن الأمر موكول إلى كل من الفنانون، الفلاسفة، الكتاب، أي أن هؤلاء هم من ينشؤون هذا المجال... على عكس المجال الرقمي الذي يخلقه المتخصصون في الرسومات والبيانات " Graphics " سعيا لتحقيق وتجسيد متخيل للمجال الرقمي( 8).
يمكن التمييز بين ثلاث مقاربات حول المجال - الفضاء الرقمي. الأولى هي ‘’المقاربة الطوباوية: utopian approache’’. تنطلق هذه المقاربة من اعتبارات لا نظرية وغير تجريبية، وتعتبر أن جل المشاكل، سواء كانت اقتصادية أم سياسية أم بيئية، يمكن حلها بواسطة التقنية. لهذا فلا محيد لنا إن أردنا التقدم، حسب التصور الطوباوي، إلا باعتماد التكنولوجيا.  وتعتبر هذه المقاربة المجال الرقمي حلا للمشاكل والسلطة المفرطة السارية في المجال الواقعي( 9).  يحاول هذا التصور، التنبؤ ومحاولة تقديم صورة لمجتمع مبني على التقنية وخال من أية مشاكل. وتطمح هاته المقاربة في الآن ذاته، إلى التأكيد بأن حل المشاكل الواقعية يبدأ بمعرفة الطريقة التي نجعل بها الحتمية التكنولوجية لصالح الأفراد.
   عكس المقاربة الطوباوية، نجد "البنائية الاجتماعية : social constructivism" وتنطلق من اعتبار أن التكنولوجيا بناء اجتماعي. وبهذا فإنه لا يمكن الحديث عن التقنية بمعزل عن المجتمع، إنها في علاقة جد وثيقة. فالتقنية في التصور البنائي الاجتماعي هي نتاج الاختيارات والمساعي الفردية، أما المجال الرقمي فهو المجال الذي تتلاقى فيه العديد من الثقافات التي ينقلها الأفراد المستخدمون لهذه التقنية. يُرجعُ البنائيون الاجتماعيون المجال الرقمي إلى الخلفية الاجتماعية، إنه نتاج التفاعلات الاجتماعية الموجودة بين الأفراد، وله دور الوسيط الاجتماعي داخل التقنية( 10). أكيد أن التقنية هي نتاج إجتماعي، لكن ما يخفى لدى هذه المقاربة أن التقنية أصبحت هي المتحكمة في هذا الاجتماعي، فعوض أن تكون التقنية في خدمة الحياة اليومية للأفراد، أمست هي التي تحدد المعاني الخاصة بهذا الاجتماعي بمختلق تقاطعاته.
بخصوص المقاربة الأخير، "المقاربة السياسية - الاقتصادية: The political economic position  "، فهي تتفق مع البنائية الاجتماعية في كون التقنية مرتبطة أشد الارتباط بالمجتمع، غير أن هذا الارتباط مرده الإنتاج الرأسمالي وطبيعة العلاقات الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية الخاصة بها( الرأسمالية). لهذا يعتبر هذا الاتجاه المجال الرقمي أنه يصعب فهمه دون ربطه والاستعانة بالعلاقات المشار إليها، ثم إلى طبيعة الديناميات الخاصة بالرأسمالية. بحكم هذا الارتباط الموجود بين التقنية ونمط الإنتاج الرأسمالي، حكمت هذه المقاربة بأن التقنية ليست محايدة؛ إنها في صالح الفئة التي تحكم الاقتصاد والسياسة. لهذا السبب، نجد أن ما يهم هذا الاتجاه/ المقاربة هو استكشاف العلاقة الحاصلة بين كل من المجال الرقمي والرأسمال في ثلاثة أبعاد: الاجتماعي، الاقتصادي، السياسي( 11).
من المؤكد، أن التقنية هي المحرك الرئيسي للصورة الحالية للرأسمالية، وهذا هو مكمن قوة المقاربة الأخيرة، غير أن ما كان يجب أن تركز عليه، في سياق تفسيرها للعلاقة بين الرأسمال والمجال الرقمي، هو كيف استعانت الرأسمالية بالتقنية لكي تصير على ما هي عليه اليوم. وهنا، تصير المعرفة قوة بالصيغة التي أكد عليها بيكون( 12).
أعطت البنائية الاجتماعية أهمية للمجال الرقمي، وركزت في أنه هو الضامن لفهمنا للثقافة في المجتمع الذي تسود فيه التقنية وتهيكله، لكنها لم تركز على دور العولمة الرأسمالية في اعتبار التقنية بمثابة بنية تحية تقاس بها درجة قوة الدول/ الثقافات. أما المقاربة الأخيرة، المقاربة السياسية - الاقتصادية، فإنها نسيت أهمية العمليات الاجتماعية ودورها في بناء واكتشاف التقنية. لكن وعلى العموم، فإن جميع المقاربات تتشارك في اعتبار المجال عامة، والرقمي خاصة، أساسيا لجل أنماط التفكير، ويوفر نظاما أساسيا لتنظيم كل عنصر من عناصر الفكر. لهذا، وفي الأخير، فمن غير المنطقي أن توجد الأشياء، بمختلف أشكالها، أو تحدث دون عنصري الزمان والمكان. بهذا يصير المجال الرقمي؛ ذاك المجال الذي يبنى اجتماعيا ويتم تطويره في الشبكة وبفضل الإمكانات التي توفرها، كما يتم فيه الانتقال بالممارسات الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، الثقافية، من المستوى المحلي إلى المستوى الكوني، وبه تغيب الهوية الواقعية ويتم تعويضها بالهوية الرقمية أو هويات مزدوجة.
ثانيا: طبيعة الهوية القائمة في الثقافة الرقمية
الهوية، من المفاهيم الأكثر تداولا في القرن العشرين كما في الفترة الراهنة، وقد زادت أهمية هذا التساؤل خاصة بعد أن صار متداولا في مجالات معرفية متنوعة. ففي علم النفس مثلا، وخاصة أعمال فرويد، والإرث الفرويدي بشكل عام، نجد أن الهوية من منظوره؛ إنما هي نتاج الصراع القائم بين الهوية من أجل الذات والهوية من أجل الآخر. سيحظى مفهوم الهوية ببالغ الاهتمام خاصة مع إريك اريكسون*، إذ نجده من الباحثين الذين لعبوا دورا مركزيا في مفهمة الهوية وتبيان مسارات تشكلها (13). يوردُ مفهوم الهوية في الآونة الأخيرة في جملة من الخطابات، الاعلامي، النفسي، القانوني، السياسي ... لكنه استعمال يكتنفه الغموض، ولربما هذا الغموض يمكن إرجاعه للتداخل بين المعنيين العامي والعلمي في تحديده هذا المفهوم( 14).
تأخذ الهوية الفردية والجماعية، في الغالب، العناصر المكونة والمشكلة لها من خلفيتين، تخص الأولى ما هو جوهري في الفرد، وهي خصائص طبيعية لا تتغير، وتلازم صاحبها إلى الموت. في حين تقع الثانية في ما هو بنائي، وتتعلق أساسا بالبنية الاجتماعية التي ينتمي اليها الفرد، ثم بسياق التفاعلات اليومية التي عبرها يتم ترسيخ تلك التوقعات المشكلة عن الأفراد، والتي يحاولون استبطانها بشكل يتفاوت باختلاف الأفراد( 15)  ثم السياق. لكن، هاتان المقاربتان الموجهتان لمفهمة الهوية، أصبحتا في أزمة، نتاجها التطورات التي عرفتها الرأسمالية في صيغتها الجديدة المعتمدة على وسائل الاتصال والمعلومات. هذه الوسائل اعتبرت هي البنية الأساسية للمجتمعات الحالية(16)، الأمر الذي أنتج ما يسميه مانويل كاستلز "الرأسمالية المعلوماتية :  "Informational capitalism.
لم يكن من الممكن أن نعرف الآخرين، ونحن أيضا، دون أسمائهم( 17)، جنسهم، سنهم ... ثم بدون أن نحدد لغتهم، والتي عبرها تتم عملية التفاعل، وعبر تلك العناصر وأخرى يتميز الأفراد في ما بينهم. إنها - العناصر التعريفية - هي ما يعطي فرادة خاصة للأشخاص (الهوية)، وتقوم بتقييدهم في هذه العناصر، وكأنه نوع من الإكراه الاجتماعي والثقافي الذي لا بد للأفراد منه؛ كي يكونوا فاعلين في المجالات الاجتماعية التي يعيشون فيها(18 ). لكن مع/ في المجتمع السائد في مرحلة الرأسمالية المعلوماتية، أصبح في إمكان الأشخاص المستعملين لوسائل الاتصال والمعلومات إما الاحتفاظ بهويتهم الواقعية أو خلق شكل جديد للهوية.
يعرف جون بول بنت ( Jean-Paul Pinte ) الهوية الرقمية بأنها مجموع الآثار التي ينتجها ويتركها مستخدمو الانترنت داخل مواقع التواصل الاجتماعي( 19). هذه الآثار تتكون من عناصر مختلفة مخالفة تماما لتلك التي تشكل الهوية الواقعية. وتأتي هذه الخاصية من كون أن هذه المواقع تعطي هامشا كبيرا للمستخدم في خلق حسابات شخصية وفق عناصر يقتنع بها هو، ويعتبرها هي الممثلة لهويته، ولعل أبرز مثال على ذلك، أن يكون شخص في الواقع من حيث السن، أقل من 16 سنة، فتجده يغير اسمه في المجال الرقمي (مواقع التواصل الاجتماعي)، ثم يغير من سنه البيولوجي، واللغة التي يتواصل عبرها، بل يمكن أن يغير من مكان انتمائه، رغم تواجده الفعلي فيه. تصير بهذا مكونات الهوية الرقمية عبارة عن رموز تشير إلى خصوصية ما، ولكنها تشير أيضا إلى أحد أهم الخصائص المميزة لهذا النموذج من الهوية والمتمثل في أنها أدائية: performatives( 20). وتظهر لنا الهوية الرقمية للمستخدمين، كآثار، في التعليقات التي يقومون بها كتعبير عن تفاعلهم التقني مع محتوى رقمي ما.
يمكن أن تمر عملية بناء الهوية الرقمية من ثلاثة مستويات؛ ففي المستوى الأول المرتبط بالوصول إلى المحتوى الرقمي، والذي يشترط في المستخدم أن يكون ذا صفات اجتماعية وديموغرافية خاصة تجعل له القدرة على الانتقال للمستوى الثاني المتجلي في مهارات استعمال الوسائل والمحتوى الرقميين، ودونها لا يمكن أن نتحدث عن الهوية الرقمية. إن هذه المهارات من شأنها أن تؤدي بالفرد المستخدم الى أن يخلق أثراَ في المجال الرقمي. أما المستوى الأخير فيرتبط بالاستفادة من المحتوى الرقمي والذي يكون له أثر على الهوية الرقمية للأفراد.
يميز مانويل كاستلز بين ثلاثة أنواع من الهويات المرتبطة بالمجتمع الرقمي أو الشبكي، ويسمي الأولى بالهويات ذات الشرعية أو المشروعة، هذه الشرعية هي نتاج المؤسسات المهيمنة فهي التي أعطتها هذه الصفة ونجدها في المجال الرقمي تحاول إعادة نشر القيم والمعايير السائدة في المؤسسات التي منحت لها تلك الشرعية. ويأتي في المرتبة الثانية صنف الهويات المقاومة"Resistance identity "، هذه الأخيرة تأخذ شكلين فإما أنها تقوم بمقاومة أي تهديد يمكن أن يكون لها وقع على المؤسسات الخاصة بالمجتمع خاصة منها التقليدية، أو أنها تكون مقاومة للتهميش الذي تعيشه في المجال الواقعي، لذا يكون المجال الرقمي مجال المقاومة بامتياز. في الأخير نجد صنف الهوية كمشروع " Project identity ". يستند هذا النموذج إلى معطيات ثقافية إذ يحاول عبرها الفاعلون الاجتماعيون تغيير مكانتهم وهويتهم سعيا في النهاية إلى التأثير في البنية الاجتماعية المقيدة للهويات(21 ).
أجد أن التعريف الذي وضعه أولفير إتزشايد Olivier Ertzscheid هو الأكثر قدرة على التطبيق والتحقق، ويقصد بالهوية الرقمية "مجموعة من الآثار (كتابات ، محتوى صوتي أو فيديو، رسائل على المنتديات، معلومات الاتصال، أعمال الشراء أو الاستشارة ، إلخ) التي نتركها وراءنا، بوعي أو بغير وعي، على مدار تنقلنا على الشبكة والتبادلات التجارية أو العلائقية في إطار المواقع المخصصة"( 22) . سينطلق فاني جورج من هذا التحديد وسيبني إطارا إجرائيا للهوية الرقمية، ميز فيه بين ثلاثة مكونات رقمية. أولا يشترط لكي يخلق الفرد هوية رقمية له التوفر على البريد الإلكتروني لأنه هو الشرط الأول والأخير في عملية الولوج إلى المحتوى الرقمي. المكون الأول يسميه جورج "الهوية التصريحية أو المصرح بها" وتكون معتمدة بشكل مطلق على المؤشرات التي يدخلها المستخدم أثناء إنشاء الحساب/ الهوية (الاسم، السن، الجنس، المستوى التعليمي، الحالة العائلية ...). ثم يأتي المكون الثاني "هوية التمثيل" وترتبط بمختلف الأنشطة التي يقوم بها المستخدمون في الوسائط الرقمية، من مثل أن المستخدم أصبح صديقا لمستخدم آخر. أما المكون الأخير فهو "الهوية المحسوبة" في هذا المكون يتم حساب عدد الأشخاص الموجودين في لائحة الأصدقاء، ثم عدد المجموعات التي ينتمي إليها المستعمل( 23)، يعتمد هذا المكون الأخير على متغيرات كمية محضة، لأنها هي القادرة على حساب هذه الهوية.
رغم الصعوبة التي ما زالت تكتنف مفهوم الهوية الرقمية، والتي منها تعدد المعاني التي تعطى لها، فإن أبرز مدخل يمكن الاستفادة منه قصد مفهمة الهوية الرقمية هو الاستفادة من باقي العلوم الأخرى التي تدرس الظواهر الرقمية. يلعب الحاسوب، الخوارزميات، دورا رئيسيا في عملية تكوين الهوية الرقمية، ولعل الموضح لذلك أنه يفرض طبيعة المعطيات التي لها أولوية على الأخرى. هذا الأمر ـ تحكم الحاسوب والمعلوميات في طبيعة المعطيات المشكلة للهوية الرقمية ـ يوضح بشكل جلي أن أهم ما يميز الهوية/ الهويات الرقمية أنها توجد في وسط يتسم بتدفق لا نظير له للمعلومات والتغييرات( 24). هذا الأمر يفرض على هوية المستخدمين أن تتماشى وطبيعة هذه التغيرات، ويؤدي كل ذلك إلى أن تتكون هذه الهوية من معطيات دينامية وليست ثابتة كما كان يتصور من ذي قبل، وهذا سيمكن الأفراد من أن تكون لهم مكانة جديدة بحكم طبيعة الرأسمال الذي سيتملكونه عبر مشاركتهم الرقمية. 
ثالثا: الرأسمال الرقمي كبعد جديد للرأسمال
صارت المدة الزمنية التي يقضيها الفرد وهو في اتصال مع شبكة الانترنت، من مؤشرات قياس درجة التفاوتات الرقمية. هذه الظاهرة، التفاوتات الرقمية، تؤدي إلى تشكل فئتين اجتماعيتين؛ الأولـى تتميز بأن لها الكفاءة الكاملة للوصول إلى شبكة الانترنت واستعمالها ثم الاستفادة من غالبية الخدمات التي توفرها. أما الفئة الثانية، فالذي يميزها عن الأولى؛ أنها لا تتوافر على الشروط الضرورية للوصول إلى شبكة الانترنت واستعمالها والاستفادة منها ومن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
إذن، هاتان الفئتان تختلفان من حيث المكانة الاجتماعية التي يستوجبها الفضاء الرقمي. أقصد من هذا الأمر، أن هذا الوسط أصبح يفرض شكلا جديدا للرأسمال؛ وهو الذي عبره، وبه فقط، يمكن للفرد أن تكون له مكانة في هذا الوسط. تسمي بعض الأدبيات هذا النموذج من الرأسمال بالرأسمال الرقمي، هذا من جهة. من جهة أخرى، فهذا الرأسمال، يعد بمثابة الوسيلة التي عبرها، ومن خلالها، يمكن فهم وتفسير الدرجات المتفاوتة في مشاركة الأفراد( 25) في الوسط الرقمي على وجه الخصوص، وفي المجتمع الرقمي على وجه العموم.
استعمل الرأسمال، في البداية، قصد الإشارة إلى "أعداد الماشية (التي يتوفر عليها الأفراد أو الجماعة)"(26)، غير أن هذا المعنى الذي يشير له الرأسمال سيتغير مع الوقت، إذ كان يعنى به، لدى اليونان، الثروة الخاصة بالأشخاص، الأسر، الجماعات، ولكنه سيتخذ معنى مخالفا بعد ذلك، وهو المعنى المالي - النقدي للرأسمال دون غيره، وهو ما نجده في الاقتصاد (27). غير أن هذا التحديد المعطى للرأسمال، سيكون عكس التحديد الذي سيعطى له في الحقول المعرفية الأخرى من مثل علم الاجتماع، كما أن التحولات التي سيعرفها المجتمع الانساني، اكتشاف المطبعة والتطورات التي عرفها مجال التكنولوجيا، ستفرض ضرورة أن يكون للرأسمال تحديد جديد يتوافق وطبيعة السياق الذي يستعمل فيه.
قبل الاشارة إلى ماهية الرأسمال الرقمي، أجد أنه من الضرورة الإشارة إلى كون مفهوم الرأسمال خاصة في بعده الاجتماعي*، مهما في التحليل السوسيولوجي. وأبرر هذه الضرورة بأن تحديد حدود مفهوم ما، وليكن هو الرأسمال الرقمي، لا بد من ضبط المفهوم في ماهيته لأن عبره تتحقق الغاية. استعمل مفهوم الرأسمال الاجتماعي في فترات مختلفة، الأمر الذي جعل منه مفهوما خاليا من بعد الزمن(28 ). لهذا نجده أكثر استعمالا في الاقتصاد، علم السياسة ثم علم الاجتماع. أشرت إلى هذه التخصصات دون غيرها، لسبب واحد، يتعلق بأن المساهمات الرئيسية حول الرأسمال الاجتماعي، كانت اعتمادا على هذه التخصصات.
تتجلى الأهمية الأخرى، للرأسمال، لا سيما الاجتماعي، من خلال كونه انتقل من صيغة مفهوم مرورا بصيغة نظرية ليكون في صورة براديغم( 29)، وكإطار للتحليل( 30) يتجاوز حدود التخصص الواحد ليتواجد في غالبية التخصصات، أو على الأقل، بعضها. هنا، وعبر هذه الأهمية، يغدو الرأسمال صورا/ أبعادا متعددة حسب اهتمام كل تخصص. برغم هاته الاختلافات، فلا خلاف في كون الرأسمال، سواء الاجتماعي أم الثقافي، يشترط وجود العلاقات الاجتماعية، إذ عبرها يتمكن فرد ما من التمايز عن الآخر عبر مختلف الرساميل التي في حوزته. صحيح أن الرأسمال الثقافي والاجتماعي نتاج العلاقات، تتضح أكثر هذه الفكرة في كون أن هذه العلاقات هي التي تمكن الأفراد، الجماعات، من امتلاك شبكة اجتماعية، وتترجم على شكل أفعال اجتماعية( 31)، وتعزز قيمة الثقة بين الأفراد كمكون في التفاعلات بين الأفراد والمجموعات الاجتماعية( 32).
رغم ما يوفره الرأسمال الاجتماعي وكذا الثقافي، من امتيازات للأفراد ثم الجماعات، وارتباطه بمصفوفة المعايير القائمة في مجال اجتماعي محدد، هذه الأخيرة تجعل مستوى الثقة مرتفعا وبالتالي متبادلا، إلا أن هذه العناصر التي يمكن أن تكون أيضا مفاهيم، تبقى حبيسة المجال الواقعي. لهذا سنعمل على استكشاف معنى الرأسمال الرقمي، بحكم ارتباطه بالمجال التفاعلي الشبكي، أو الرقمي.
برز مفهوم الرأسمال الـرقمي في سياق دراسة التفاوتات الرقمية أو ما كان يسمى بالفجوة الرقمية؛ حيث اعتبر الأفراد والجماعات والأسر الذين يعيشون هذه الوضعية - وضعية تفاوت رقمي - بأنهم يفتقدون نوعا خاصا من الرأسمال الذي عبره يمكن أن ينتقلوا من وضعية تفاوت رقمي إلى وضعية اندماج رقمي.
يتميز الرأسمال الرقمي بكونه مختلف العناصر والموارد التي تعمل على "تشكيل وإرشاد تفاعل المستخدم مع التقنيات الرقمية(...) كما يشمل أيضا، الشروط المسبقة للمشاركة الرقمية الفعالة الضرورية لكي يطور المستعمل ذاته في مجتمع رقمي"(33 ). عبر هذه الموارد، يمكن للأفراد التمايز في ما بينهم، وذلك في وصولهم إلى الوسائل والمحتوى الرقميين، ثم في المهارات التي يشترطها استعمال تلك الوسائل وفي الاستفادة من المحتوى الرقمي، ثم في نهاية الأمر المشاركة في المجال الاجتماعي الرقمي. بغياب هذه الموارد والمهارات تنتج التفاوتات الرقمية. في ذات السياق، لا بد من الاشارة إلى الخاصية العابرة للتخصصات التي يتميز بها هذا المفهوم –الرأسمال - عن غيره من المفاهيم؛ إذ نجده يستعمل في أكثر من تخصص (الاقتصاد، علم الاجتماعي، الأنثربولوجيا)، لكننا سنركز فقط على الاشارة إلى المساهمة السوسيولوجية للمفهوم دون الاشارة إلى أي تصور آخر.
يتعلق كل صنف من الأصناف التي يأخذها الرأسمال: اجتماعي، ثقافي، اقتصادي، بمجال محدد في الحياة الاجتماعية. ويمكن أن تفيد هذه النماذج في دراسة المشاركة التي يقوم بها الأفراد في المحتوى الرقمي، ثم فهم وتفسير طريقة تفاعلهم واستخدامهم للأدوات الرقمية. نجد أن الرأسمال الرقمي يتضمن في تكوينه كل أنواع الرأسمال السابقة. يتحقق الرأسمال الاجتماعي عبر خلق علاقات اجتماعية جديدة أو الاستمرار في تلك الموجودة في المجال الواقعي ونقلها إلى الوسط الرقمي. كما نجد أن الرأسمال الثقافي يأخذ صيغة استهلاك محتوى رقمي خاص، يتطلب لغة، ومهارات( 34) دون أخرى. أما الرأسمال الاقتصادي فيمكن حصره، والاستشهاد عليه بالقدرة المادية للمستعملين للأداوت الرقمية، وتتجلى أكثر في نوعية الأدوات الرقمية المستعملة، إضافة إلى درجة الشبكة التي يتم الاتصال بها. لهذا اعْتُبِرَ الرأسمال الرقمي مفهوماً شاملا للأنواع الأخرى للرأسمال(35).
على عكس سورا بارك، يستعمل ريسنيك بول صياغة "الرأسمال الاجتماعي الرقمي" عوض "الرأسمال الرقمي" للإشارة إلى تلك الموارد التي يتم إنتاجها عبر العلاقات الاجتماعية، ويتم الحفاظ عليها عبر ما توفره تقنيات المعلومات والاتصالات من إمكانات جديدة( 36). ولعل ما يوضح هذا المعنى، نسبة عدد الأفراد الذين يتخذون وضعية صداقة في حساب داخل مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أن هذا العدد من الأصدقاء، يمكن أن نجد أنهم لم يسبق لنا أن عرفناهم في الواقع، ويأتي هذا الأمر كنتيجة من باقي النتائج الأخرى للحداثة التي جعلت عملية التواصل والاتصال "أرخص وأسرع وأيسر حالا"( 37)، مقارنة بما قبلها من مراحل ونماذج التواصل.
بما أن سياق اقتراح مفهوم الرأسمال الرقمي كان الغاية منه تفسير السبب الذي يتحكم ويجعل بعضاً من الأشخاص يبدون أكثر مهارة في استخدام التقنيات من غيرهم، فهناك، الآن، محاولة/ محاولات تهدف إلى قياس الرأسمال الرقمي، الأمر الذي جعله سببا وجب أجرأته عن طريق تحديد أبعاده، مكوناته، ومؤشراته الواقعية. ويؤدي امتلاك الرأسمال الرقمي إلى خلق درجات متفاوتة من المشاركة الرقمية، حاصل جمع درجة الوصول إلى شبكة الانترنت ودرجة المهارات التي توجد لدى الفرد( 38). تأتي محاولات قياس الرأسمال الرقمي من خلال الانتقادات الموجهة إلى التعريف الذي وضعته سورا بارك، بحكم أنها هي التي قامت بوضع المفهمة الأولى لهذا المفهوم، لأنها لم تقدم صيغة إجرائية للمفهوم، الأبعاد، المكونات، المؤشرات، التي ستمكننا من التحقق منه. وهي آخر ما يناقش الآن بخصوص مفهوم الرأسمال الرقمي( 39).
لا يخفى أن الرأسمال يأخذ صيغتين/ نوعين، يتمثل الأول في الرأسمال الذي يكون خارج الشبكة والانترنت (الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي). في حين يتعلق الثاني بالرأسمال المتصل بالشبكة والانترنت وهو الرأسمال الرقمي الذي يترجم في الاستعمالات والمهارات المختلفة للانترنت والنتائج المستفادة منها. ونجد أن هناك تفاعلا بين كلا النوعين من الرأسمال، إذ تكون نتيجة هذا التفاعل في طبيعة ونوعية الأفعال والأنشطة التي تكون في المجالين السوسيو - تقني(40).
ينتج، إذن، عن امتلاك الرأسمال الرقمي، تراتب اجتماعي، الذي مرده التفاعل القائم بين مجموع الرأسمال الواقعي والرأسمال الرقمي. هذا التفاعل يأخذ صيغة القدرة على الاستفادة من المحتوى الرقمي، ثم التفاعل معه، دون أن ننسى القدرة على التأثير فيه عبر المشاركة الرقمية التي تتيح ذلك، كل هذا هو من بين أهم الامتيازات التي تتوفر في الثقافة الرقمية، على اعتبار أن هذا النمط من الثقافة لا يكون قابلا لاستهلاكه من قِبَلِ الجميع، بل فئة خاصة. لهذا يمكن أن يكون الرأسمال الرقمي مدخلا لدراسة بعض الظواهر الرقمية المنشأ، لا سيما التفاوتات الرقمية التي ارتبط بها الرأسمال الرقمي في بداية مفهمته.
خاتمة:
يصعب تحديد الثقافة الرقمية لمن هي، غير أنه يمكن القول بأنها ترتبط أيما ارتباط بالمجتمع الشبكي. هذا الأخير المتسم ببعده العالمي، يجعل من نسق الثقافة الرقمية أمام سيل من التغيرات التي توصف بأنها لا نهائية. هذا الأمر يمكننا من الإشارة إلى أهمية، بل وضرورة مزيد من الأبحاث حول الثقافة الرقمية، سعيا لتوضيح الحدود الفاصلة بين الواقعي والرقمي. هذا الرهان، قد لا يكون ممكنا، في نظرنا، إلا إذا تم الاستناد على تحليل الشبكات الاجتماعية التي تتماشى وطبيعة المجال المدروس.
في الأخير، ما يبدو واضحا بخصوص الثقافة الرقمية أنها أنتجت ذلك المجال الذي لا يُنسى فيه أي شيء، ولكن كل شيء دائم التغيّر فيه. لم تكتف بهذا فقط، بل إنها جعلت من فكرة الجسد دائم الغياب فيها، الأمر الذي أثر في شكل الهوية التي لا بد منها كي تكون هناك مشاركة في تشكيل المحتوى الرقمي والتأثير فيه، لا فقط استهلاكه. لا تكون المشاركة ممكنة إلا إن كان للفرد، أولا، هويته الرقمية، ثم، ثانيا، رأسمال يتوافق وخصوصية هذا المجال.
 
الهوامش
(1) تفيد هذه النظرية أنه من نقطة خارج المستقيم يمكن رسم مستقيم واحد فقط، من حيث أن اللاإقليدية تؤكد على العكس. للمزيد الاستفادة حول الموضوع يراجع الفصل السابع المعنون "الهندسة اللاإقليدية " من كتاب:
Thorsten Botz-Bornstein, The Philosophy of Lines: From Art Nouveau to Cyberspace (Basingstoke: Palgrave Macmillan, 2022). P. 126
(2) الجابري، محمد عابد. مدخل إلى فلسفة العلوم: العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي. (مركز دراسات الوحدة العربية: بيروت، 2002)، ص 74 - 87.
(3) رث والاس، ألسون وولف. النظرية المعاصرة في علم الاجتماع: تمدد آفاق النظرية الكلاسيكية. ترجمة محمد عبد الكريم الحوراني. (عمان: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، 2010)، ص 66.
(4) Daniel Miller and Heather A. Horst, “The Digital and the Human: A Prospectus for Digital Anthropology,” Digital Anthropology, 2020, pp. 3-35,
(5) Gibson, W. Neuromancer. New York: Ace Books. 1984.
(6) Lance Strate (1999) The varieties of cyberspace: Problems in definition and delimitation,  Western Journal of Communication, 63:3, 382-412, DOI: 10.1080/10570319909374648
(7) A. Kellerman, Geographic Interpretations of the Internet, (Springer Cham, 2016). PP 21-33.
(8) Ibid, pp 21-33
(9) Martin Dodge, Rob Kitchin, and Andrew Mould, Mapping Cyberspace ( London: Routledge, 2003). p 25
(10) Ibid. p 25
(11) bid. p 26
(12) Azamfirei, Leonard MD, “Knowledge is Power.” Journal of critical care medicine (Universitatea de Medicina si Farmacie din Targu-Mures) vol. 2,2 65-66. 9 May. 2016, doi:10.1515/jccm-2016-0014
* في سنة 1950 عمل اريك اريكسون، على إصدار العمل الذي ضم فيه مقاربته لمفهوم الهوية، " الطفولة والمجتمع : Enfance et Société"، وهو عمل يتجاوز فيه اريكسون الارث الفرويدي في التحليل النفسي، مركزا هو بالأساس، أي إريكسون، على دور التفاعلات القائمة على المستوى الاجتماعي في عملية وسيرورة بناء الشخصية.
(13) Robinson Baudry et Jean-philippe Juchsn, « Définir L’identité », Hypothèse,  n. 10 (2007/1) . pp. 155-167.
(14) Luc Baugnet, L’identité Sociale, (paris : Dunode, 1998), p , 7.
(15) Sayer, Andrew. “Essentialism, Social Constructionism, and Beyond.” The Sociological Review 45, no. 3 (August 1997): 453–87. https://doi.org/10.1111/1467-954X.00073.
(16) ستيفن سيدمان، ص 461.
(17) Manuel Castells, p. 6.
(18) Pinte, Jean-Paul. « Introduction », Les Cahiers du numérique, vol. 7, no. 1, 2011, pp. 11-14.
(19) Ibid., p. 12
(20) Georges, F. (2011). L'identité numérique sous emprise culturelle: De l'expression de soi à sa standardisation. Les Cahiers du numérique, 7, 31-48. https://doi.org/
(21) Manuel, C, The Power of Identity (Malden, MA: Blackwell, 1997), p 8.
(22) Olivier Ertzscheid, Qu'est-ce que l'identité numérique ? Enjeux, outils, méthodologies, Marseille, Open Edition Press, coll. « Encyclopédie numérique », 201. P 13.
(23) Georges, Fanny. « L'identité numérique sous emprise culturelle. De l'expression de soi à sa standardisation », Les Cahiers du numérique, vol. 7, no. 1, 2011, pp. 31-48.
(24) Coutant, Alexandre, et Thomas Stenger. « Production et gestion d'attributs identitaires », Les Cahiers du numérique, vol. 7, no. 1, 2011, pp. 61-74.
(25) Park, Sora. Digital Capital . (London : Palgrave Macmillan, 2017). P 35
(26) Hodgson, Geoffrey M.. “What is capital? Economists and sociologists have changed its meaning: should it be changed back?” Cambridge Journal of Economics 38 (2014): pp.1063-1086.
(27) Ibid., pp.1063-1086.
*  بعد البحث عن الأدبيات التي تخص مفهوم الرأسمال الاجتماعي، نجد أنه تم حصر الدراسات التي قامت بمفهمة الرأسمال الاجتماعي في ثلاث مساهمات رئيسية. تعود الأولى بيير بوريو " الرأسمال الاجتماعي: ملاحظات مؤقتة" (1980) وهناك من يترجمها بملاحظات تمهيدية. ويليه جيمس كولمان في دراسته الشهيرة، 1988، حول " دور الرأسمال الاجتماعي في بناء الرأسمال البشري". ثم روبرت بوتنام في مقاله المنشور سنة 1995 " البولينج وحدها: الرأسمال الاجتماعي المتراجع لأمريكا " .
(28) Brucker, G. A. (2001). Patterns of social capital: stability and change in historical perspective (Vol. 6). Cambridge University Press. PP 1-7
(29) Robison, Lindon J., and Jan L. Flora. “The Social Capital Paradigm: Bridging across Disciplines.” American Journal of Agricultural Economics 85, no. 5 (2003), pp.1187–93. http://www.jstor.org/stable/1244893.
(30) Sibony, D. (2016). Capital social : les dimensions d’un concept pertinent. Sciences & Actions Sociales, 3, pp.127-146. https://doi.org/10.3917/sas.003.0127
(31) Burt, Ronald. (2000). The Network Structure of Social Capital. Research in organizational behavior. 22. 345-423.p 344
(32) Coleman, James S. 1988. “Social Capital in the Creation of Human Capital.” The American Journal of Sociology 94:S95.
(33) Sora. P,  p. 72
(34) Van Dijk, J. The evolution of the digital divide. The digital divide turns to inequality of skills and usage. In J. Bus, M. Crompton, M. Hildebrandt, & G. Metakides (Eds.), Digital enlightenment yearbook 2012, Delft (NL), pp. 57–75. IOS Press, doi:10.3233/978-1-61499-057-4-57.
(35) Sora. p, p. 71
(36) Resnick, P. Impersonal sociotechnical capital, ICTs, and collective action among strangers. In W. H. Dutton, B. Kahin, & R. O’Callaghan (Eds.), Transforming enterprise: The economic and social implications of information technology. Cambridge, MA: MIT Press, 2004. p. 399
(37) كيت أورتون- جونسون، نيك بريور، علم الاجتماع الرقمي: منظورات نقدية،  ترجمة هاني خميس أحمد عبده. سلسلة عالم المعرفة 484. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2021، ص 62.
(38) Sora, park , p. 20.
(39) Ragnedda. M, Maria Laura Ruiu, and Felice Addeo. “Measuring Digital Capital: An Empirical Investigation.” New Media & Society 22, no. 5 (May 2020): 793–816. https://doi.org/10.1177/1461444819869604.
(4) Sora, p,p 26