أيار 02
اللاهوت المسيحي العربي المعاصر ودراسات الإسلام:ميشال الحايك نموذجًا
 
 
يُعد الأب ميشال الحايك (1928 - 2005) من علماء الدين المجددين في اللاهوت المسيحي العربي المعاصر؛ ركزت مؤلفاته ومقالاته ومحاضراته على حقول معرفية عدة؛ فهو لاهوتي وعالِم إسلاميات، وشاعر ومتصوف وأديب. طُبِّعت مسيرته في الكنيسة المارونية وأعماله المبكِّرة حول "الإسلام العربي" ببعدٍ ثائر على التقليد، فهو من اللاهوتيين القلائل الذين بنوا عمارة فكرية متفرعة، لا تقتصر على القضايا المسيحية، تنظيراً وإنتاجاً ومساءلة؛ لا سيما منها أزمات الوجود المسيحي المشرقي، وإنما تتجاوزها نحو الأديان التوحيدية الأخرى وموقعها في المجال الإبراهيمي.
 ترك لويس ماسينيون (Louis Massignon) (1883-1962) )1( تأثيراً ملحوظاً في أطروحات الحايك )2( حول الإسلام؛ فإلى جانب الدور التاريخي الكبير الذي قام به المستشرق الفرنسي، قبل وخلال المجمع الفاتيكاني الثاني (1962-1965)، بدفعه إلى تبني رؤية كاثوليكية منفتحة تجاه المسلمين، أثرت مقارباته حول انتماء الإسلام إلى ملة إبراهيم، في زاوية النظر التي عمل عليها الحايك صاحب "المسيح في الإسلام" في دراساته الإسلامية. يشار في السياق إلى أن الأب يواكيم مبارك (1924-1995) تلميذ ماسينيون، حضر المجمع وشارك في نقاشاته؛ وطور إشكالياته متجاوزاً الاثنين، حيث كان أشد تمسكاً بالأصالة الإبراهيمية للإسلام، خلافاً للأب الحايك الذي اعتبر شرعيته، شرعية مشتقة؛ أي تابعة وزائدة، وقد ربطها لاهوتياً بإسماعيل.
 تتناول هذه الدراسة موقع ميشال الحايك في اللاهوت العربي الديني المسيحي المعاصر، وتدرس الأثر الذي تركه ماسينيون في الدراسات الكاثوليكية حول الإسلام، وتأثيره في أعمال الراهب الماروني، فتقدم وتناقش أبرز الأفكار المطروحة في كتبه الثلاثة الأساسية: "المسيح في الإسلام"(3)، "سر إسماعيل" (Le Mystère d'Ismaël)(4)، و"العرب أو معمودية الدموع" (Les Arabes ou le Baptême des Larmes)(5). تنقسم الدراسة إلى ثلاثة أقسام أساسية: الأول: ميشال الحايك والفكر العربي الديني المسيحي المعاصر؛ الثاني: لويس ماسينيون وتأثيره في الدراسات الكاثوليكية حول الإسلام؛ الثالث: ميشال الحايك ودراسات الإسلام.
 
أولاً: ميشال الحايك والفكر العربي الديني المسيحي المعاصر
  1. المسيرة العلمية والمؤلفات
ولد ميشال الحايك في بجّه (جبيل- لبنان) عام 1928؛ وتلقى علومه العالية من جامعة الآباء اليسوعيين في بيروت، ثم في جامعة باريس (السوربون). انتقل إلى العيش في العاصمة الفرنسية منذ عام 1951، وعاد إلى لبنان في أواخر سنوات حياته. سِيم كاهناً في باريس عام 1954 (في خدمة أبرشية بيروت للموارنة). وحاز في تحصيله الجامعي شهادة الدكتوراه في اللاهوت عن أطروحة "المسيح في القرآن" ومن ثم نال شهادة الدكتوراه في الآداب. في باريس تفرّغ للتعليم الجامعي والكتابة اللاهوتية، فعلّم الحضارة الإسلامية في جامعة باريس الكاثوليكية، وحاضر في الكثير من الجامعات الأوروبية واللبنانية، وفي منتديات ثقافية شتى في الشرق والغرب، وتوفي في بيروت عام 2005(6).
  تنوعت كتابات الحايك، فكتب في الأدب واللاهوت والحوار المسيحي – الإسلامي والصوفية، ويمكن تصنيف أهم هذه الكتابات في الأبواب الآتية (7): الكتابات الشعرية؛ المواعظ الروحية والخواطر اللاهوتية؛ الدراسات العباديّة (الليترجية)؛ الدراسات الصوفيّة؛ الدراسات الإسلامية؛ وتحقيق الكتب التراثية (8). في مجال الدراسات الإسلامية نشر الحايك الكتب الآتية:
  • المسيح إمام المسلمين، 1960.
  • المسيح في الإسلام، منشورات المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1961.
  • Le Christ de L’Islam, éd. Le Seuil, Paris, 1959.
  • Le Mystère d'Ismaël, éd. Mame, Paris, 1964.
  • Les Arabes ou le Baptême des Larmes, éd. Gallimard, 1972.
  • ثمة دراستان أخريان في مجال الدراسات الإسلامية لم يتم نشرهما، كتبهما الحايك بالفرنسية: (d’Abraham à Mahomet; La rupture et la continuité; L’Islam dans une vision chrétienne ) (من إبراهيم إلى محمد: القطيعة والاستمرار؛ الإسلام في الرؤية المسيحية)(8).
  1. الفكر العربي الديني المسيحي المعاصر
 يزخر العالم العربي بكتابات إصلاحية ونقدية في مجال الفكر العربي الديني المسيحي اللاهوتي المعاصر. برز علماء اللاهوت في القرن العشرين في لبنان وأوطان المشرق العربي، وقدموا إسهامات بارزة في مجال دراسات الأديان والحوار المسيحي - الإسلامي، والكثير منهم كانوا على معرفة عميقة بالإسلام، على المستوى الأكاديمي والإنتاج المعرفي التأليفي (10).
انشغل علماء اللاهوت العرب المعاصرون بالحوار المسيحي – الإسلامي، "ولقد تشعبت اتجاهاتُهم بتشعب الرؤى والتصورات والمناهج"(11). وفي هذا السياق يصنف أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية مشير باسيل عون المذاهب التي ذهب إليها أهل الحوار المسيحيون العرب في أبواب خمسة: "المذهب الحواري المبني على مجادلة الإسلام وانتقاده وإظهار معايبه ونواقصه وتبيان اقتباساته اليهودية والمسيحية (الأب يوسف درّه الحداد، الأب جورج فاخوري، الأب سمير خليل سمير، الأب يوسف القزي)؛ والمذهب الحواري المستند على اعتبار الإسلام حركة روحية تحمل قبساً من الحق الإلهي، فتختزن بعضاً من القيم الروحية التي يزيعها (ينشرها أو يبشر بها) الإنجيل (الأب عادل تيودور خوري، المطران جورج خضر، المطران كرليس سليم بسترس)؛ والمذهب الحواري الساعي إلى تبرير الإسلام تبريراً لاهوتياً يُفرِد للتنزيل القرآني موقعاً جللاً في تدبير الخلاص الإلهي المتجلي أيضاً في دعوة إبراهيم ودعوة إسماعيل (الأب يواكيم مبارك، الأب ميشال الحايك)؛ والمذهب الحواري الإنساني الذي يُنزل الأديان في منزلة التعبير الثقافي عن قصد المطلق، فيجمع بين المسيحية والإسلام بالاستناد إلى قاعدة التمايز الثقافي في طلب المطلق (الأب بولس الخوري، المطران غريغوار حداد)؛ والمذهب الحواري القومي العروبي الذي ينظر إلى الإسلام نظرتَه إلى حقل ثقافي تنبت فيه جميع الاختبارات الدينية والفلسفية، ومنها الاختبار الموسوي والاختبار العيسوي والاختبار المحمدي، وعلى شيء من التأخر الزمني والخَفَر (الحياء) الاجتماعي، الاختبار العلماني (أنطون سعادة، فرح أنطون، إدمون رباط، كمال يوسف الحاج، قسطنطين زريق، نصري سلهب)" (12).
أدرك اللاهوتيون المعاصرون أنهم يعيشون ضمن "مجتمع عربي تسوده المرجعية الدينية القرآنية وعناصر المرجعية الثقافية العربية. وفي كلتا المرجعيتين أحس هؤلاء المسيحيون أنهم مدعوون إلى تكييف شهادتهم الإيمانية والفكرية تكييفاً يوائم مقتضيات الانتماء إلى مثل هذا المجتمع. فالدين الإسلامي، على ما يستطلعه هو في قرابة حميمة إلى التراث الكتابي في عهديه القديم والجديد، ووصال ببعض التصورات اللاهوتية التي يعتنقها الدين المسيحي؛ ما انفك يرفض حقائق التجسد والثالوث والفداء، وهي الحقائق الجوهرية في الأنْظُومَةُ(13) اللاهوتية المسيحية"(14) .
لم يقتصر الفكر اللاهوتي المسيحي العربي المعاصر على القضايا الدينية و"لاهوت التقريب والتعددية"، وإنما انشغل بالتحولات الكبرى التي طبعت القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، لا سيما ما ارتبط منها بموجبات الحداثة في المجتمعات العربية وتفعيل حركة النهوض الحضاري، في ضوء تحديات مؤلمة وخطرة فرضها ويفرضها الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي. سياسياً، كان للعديد منهم ويتقدمهم الحايك ومبارك(15)، مواقف شجاعة وتاريخية من القضية الفلسطينية، فنظروا إليها من منظور ثقافي ديني قلق على حضارات المنطقة، "فالأحداث السياسية التي عصفت بفلسطين في مطلع القرن العشرين، وفي العقود التي تلته، هي التي أضعفت الثقة اللاهوتية بالرباط الروحي المتين النشط بين اليهودية والمسيحية والإسلام". ويتضح للحايك "أن العدوان الصهيوني أذاب الخصوصية اللاهوتية اليهودية في الدعوة الكتابية إلى التسالم الكوني"(16). ومع أهمية التمييز الذي أكده الحايك بين الديانة اليهودية وبين الأيديولوجيا الصهيونية، فإنه يعلي من المركزية الدينية والرمزية لمدينة القدس لدى الأديان التوحيدية الثلاثة: "فاليهودية كالمسيحية، كالإسلام، كل ديانة على حسب تصوراتها ومفاهيمها، تتلاقى في معطيات عقيدتها وفي مرمى رجواتها القصوى وفي استغاثات الصالحين من بينها، لتُعلن حتمية هذا السلام الشامل المسكوني، حتى إنها لتُعيّن الزمان والمكان لتحقيقه. أما الزمان فهي تتردد في تحديده فترجئه إلى نهايات الدهر (...) أما المكان، فهو الأرض المقدسة، وفي وسطها القدس، أورشليم، مدينة شالم (Shalim)، إله السلام. فيها ينتظر اليهود والمسيحيون والمسلمون مجيء المسيح أو عودته أو نزوله لإحلال السلام، ولكلٍ منهم مسيحه بوجه مختلف تحت الاسم المشترك"(17). نظر الحايك إلى فلسطين في محيطها المتوسطي التعددي فنادى بـ"يوم الفصح، أي يوم العبور إلى الإنسان الجديد القادم، يوم يكون لبنان الكبير وفلسطين الجديدة وإسرائيل الحقيقية. يكون واحداً هذا اللبنان من ثالوث موحد، موحد الذات، مثلث الصفات، حول القدس عاصمة الحقيقة والمحبة فيعلق المسلمون سيوفهم في الشجر كما ورد في الأحاديث، وتصبح الرماح أسكة للحراثة كما يقول النبي في التوراة، ويتكئ جميع المدعوين إلى وليمة الإخاء كما يقول الإنجيل"(18).
انشغل اللاهوت المسيحي العربي المعاصر بقضايا الحرية وارتباطها بالعيش المشترك بين المكونات الدينية والإثنية، وموقعها في التطور التاريخي السياسي والتجديد الديني، "فجميع العلماء المسيحيين العرب (من علمانيين ولاهوتيين) تأملوا في هذه القضية، وانبرى منهم الأب الحايك يربط مصير المسيحية العربية بمصير الحرية في الشرق العربي"(19). إن ما شهدته العقود الأخيرة من تصاعد محموم للأصوليات الإسلامية أضر بالإسلام والمسيحية معاً، ولعل المصير التاريخي الذي أقامه الحايك بين مصير المسيحية ومصير الحرية في العالم العربي، يكتسب أهمية مزدوجة، فالواقع الراهن يبرهن أولاً على عمق التمزقات الوجودية التي أصابت المسيحيين نتيجة الاستبدادين السياسي والديني والفشل المزمن في بناء دولة المواطنة، ما دفع بعضهم إلى الانغلاق الديني والنزوع نحو التشدد؛ ويكشف، ثانياً، عن التراجع الكبير للحريات وتضخم التدين والنزعة الأصولية الإسلامية على حساب "إسلام الأنوار" .
نقصد بــ"الاسلام الساكن أو النائم"، إسلام التصوف المفتوح على كل الأديان، والذي لا بد من توسيع العمل عليه وإبراز أدبياته وأعلامه للحد من التشدد الفقهي والأصولي. يلاحظ في السنوات الأخيرة صدور كتب عدة في لغات مختلفة تراهن على التصوف الإسلامي للحد من المد الراديكالي. إن "الإسلام الصلب" اليوم يعاني من تشققات بنيوية، وهو يصادم نفسه ويصادم العالم، بسبب الضربات الموجعة للحداثة، وتأتي ردّة الفعل لا سيما من قبل الإسلام الفقهي والأصولي، بمزيد من التشدد والنكوص. لا بد للإسلام من معانقة الحداثة حتى ينجح في الاختبار التاريخي، وعلى الرغم من التحديات النصية التراثية القابضة على العقل الإسلامي، لكن التأويل والمناهج الحديثة في العلوم الاجتماعية، كفيلة بإزاحة عبء الانغلاق اللاهوتي، ولا مفر من هذا الاستحقاق. لقد مرت المسيحية بتجارب مماثلة واستطاعت الانعتاق من كوابح النص والانسداد التاريخي، وقامت بقفزات كبيرة، ولا شك أن حرية العقل، أكسبتها معركة "لاهوت الإنسان".
سلك الحايك "مسلك الوجودية الناقدة، فهو من أبرز اللاهوتين المسيحيين العرب الذين وُفقوا في جعل اللاهوتيات تصاحب الوجوديات في معترك التاريخ العربي المعاصر (...) وبفضل انتمائه إلى "الفكر اللاهوتي الأنطاكي" الغارق في معاينة ترابية الوضع البشري، ولشدة ما اِغتَرَقَ (استوعب وأخذ) من ينابيع الفكر الأوروبي العاشق لكرامة الشخص الإنساني، آثر ثالوث الحرية والكرامة والإخاء قاعدة لبناء الجوهر الإنساني في تضاعيف الاختبار التاريخي في الشرق العربي"(20).
يرى مشير عون أن الحايك "وشأنه في ذلك شأن أغلب علماء الدين المسيحيّين المعاصرين في لبنان وأوطان الشرق العربيّ، لم يبنِ منهجًا لاهوتيًّا مكتمل العدّة، منسجم الاتّساق، متماسك الأطراف. وهو لم يعالج قضايا المنهجيّة اللاهوتيّة التي ينبغي لكلّ مفكّر أن يستوضح هويّتها وبُنيتها، قبل أن يُقدِم على صوغ مضامين تصوّراته. أضف إلى ذلك أنّه لم يحدّد انتماءَه الفكريّ اللاهوتيّ، بل آثر الإفصاح الحرّ عن اقتناعاته الدينيّة بما رآه ملائمًا لطبيعة الوضعيّة التاريخيّة التي يكابدها أهلُ المسيحيّة في لبنان وفي سائر أوطان الشرق العربيّ".(21) ومع أنّ كثيرًا من الأدلّة والقرائن والعلامات تبرّر لعون وضع فكره اللاهوتيّ في دائرة الانتماء إلى اللاهوت الأنطاكيّ الواقعيّ، وقد لُقِّح بتلوّعات الوجوديّة الناقدة، "فإنّه [أي الحايك] لم يصرّح تصريحًا قاطع الدلالة بأحقّيّة مثل هذا الانتماء. ذلك أنّ اللاهوتيّين المسيحيّين العرب المعاصرين لم يتدبّروا المسائل المعرفيّة التأصيليّة التي تتّصل بحقول الإبستمولوجيا اللاهوتيّة (البحث في أصول العلم اللاهوتيّ بما هو معرفة تاريخيّة). ومن جرّاء هذا الإعراض، لم يتناول الحايك مساعي التأصيل المعرفيّ في الفكر العربيّ على وجه العموم، وفي شقَّيه الفلسفيّ والدينيّ على وجه الخصوص. ولم يناقش تصوّرات النهضويّين العرب المسيحيّين والمسلمين والعَلمانيّين في زمن الصحوة الأولى (أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين) وفي زمن الإعداد للصحوة الثانية (ابتداءً من منتصف القرن العشرين). وهو، في ذلك، ظلّ أمينًا لغلبة الهمّ الوجوديّ على الوعي العربيّ المسيحيّ المعاصر"(22).
ثانيًا: لويس ماسينيون وتأثيره في الدراسات الكاثوليكية حول الإسلام
  1. من التفسير التقليدي إلى نمو رؤية أقل حدة
 دشن لويس ماسينيون المنهجية النقدية تجاه الدراسات الكاثوليكية حول الإسلام، بعدما وُصِمَ بالبدعة أو الانشقاق المسيحي أو اليهودي، فقد رأى صاحب "الصلوات الثلاث لإبراهيم، أب كلّ المؤمنين" أن الدين الإسلامي يقف على الأرضية نفسها التي تقف عليها المسيحية واليهودية، مستنداً إلى المنهج الاستقرائي/ الاستنباطي الذي غيّر الدراسات حول الدين الإسلامي تغييراً كاملاً، فأعطاها بعداً موضوعياً لم تكن تتمتع به من قبل.
حصلت تغيرات جوهرية في بداية القرن العشرين في علم الإسلاميات الكاثوليكي، متصلة بالابتعاد عن التفسير التقليدي للعقيدة الإسلامية، الذي يقوم على أساس الانطلاق من مواقع التفوق الطائفي والأفضلية الأخلاقية والدينية (23)؛ هذه الخطوة الحاسمة قام بها ماسينيون وتركت أثراً معرفياً وأكاديمياً في دارسيه وتلامذته يتقدمهم الأب الحايك والأب مبارك. درس المستشرق الفرنسي الحسين بن منصور الحلاج (المقتول 309هــــ/ 922م)، الذي أصبحت شخصيته ومذهبه الموضوع الأحب في كتاباته، وفي عام 1922 ظهر عمله المؤلف من مجلدين «مأساة الحسين بن منصور الحلاج: شهيد الإسلام الزاهد»(24) الذي صنف في جامعة السوربون الفرنسية أطروحة دكتوراه(25).
خلافاً للنهج العدائي المسبق من طرف أغلبية علماء الإسلاميات الغربيين(26)، فإن ماسينيون بنى موقفه تجاه الإسلام انطلاقاً من فكرة الاتصال، والارتباط الديني بين المسيحيين والمسلمين. رأى في هذا الارتباط بالذات آفاقاً واقعية عريضة أمام الفهم المتبادل بين أتباع هاتين الديانتين الكونيتين. وباختصار –كما يلفت الباحث الروسي أليسكي جورافسكي- نستطيع القول: إن ماسينيون كان ذا فضل ريادي في البحث عن التقريب بين مصالح الأوروبيين والمسلمين في مجال الاتصال والحوار الديني(27). (...) إن الإسلام بالنسبة له يشكل وحدة عقائدية مستقلة، تتمتع بمباركة الرب، لأنها ترجع من حيث منابعها إلى «الصلاة الثانية لإبراهيم –أبي التوحيد- في بئر السبع عن ولده البكر إسماعيل وشعبه، العرب»، وطبقاً لقصص التوراة والقرآن فإن العرب تحدروا من نسل إسماعيل، ابن إبراهيم وهاجر، جارية سارة، وبهذا الصدد كتب ماسينيون قائلاً: إن «تاريخ الجنس العربي يبدأ من دموع هاجر، الدموع الأولى، في الكتاب المقدس»(28).
في أساس أطروحة ماسينيون، يكمن التصور الإسلامي للأديان السماوية الثلاثة: اليهودية، المسيحية والإسلام؛ والديانة الأخيرة تعود منابعها إلى إسماعيل ابن إبراهيم الخليل، وتشكل الوريث الشرعي لذلك الابن المنبوذ في البرية، «كحمار وحشي» (سفر التكوين 16: 5-14) الذي رُفض واستُثني من العهد الذي أُقيم مع إسحق ابن سارة؛ وبذلك العهد الرباني القديم لم يكن بمقدور إسماعيل الاشتراك في العهد الجديد، وبناءً عليه فإن اليهود والمسيحيين، دوناً عن المسلمين، ينتمون إلى الذرية المختارة، ولكن في الوقت نفسه يعد الإسلام رسالة إيجابية أيضاً، نظراً لكون المسلمين يتبعون ملة إبراهيم وولده إسماعيل المبارك، أما ديانتهم التي ظهرت بعد موسى وعيسى عبر النبي محمد، فهي إنذار إلهي بالحساب العسير، الذي سيشمل الخلق كله، وهي الاستجابة الإلهية السرية لدعاء إبراهيم ورغبته حول إسماعيل وأمة العرب، إذ أجابه الرب قائلاً: «وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ» (سفر التكوين، 17-20). وبحسب رأي ماسينيون، فإن الإسلام جاء بمنزلة ضمير لليهودية والمسيحية، وإن ظهوره في العالم، إن هو إلاّ «إنذار إلهي»، يذكر اليهود ويحذرهم من عاقبة عدم اعترافهم بالمسيح على الرغم من أنه ولِّد وعاش بينهم. كما أنه يحذر المسيحيين من التواني في واجبهم «بتنوير المخلوقات كلها، وقيامهم بذلك الدور كشعب مختار»(29). انطلاقاً من تلك المحطات والمرتكزات الفكرية الأولية، رأى ماسينيون "أنه بإمكان المسيحيين، بل من واجبهم، الاعتراف بالمصداقية النسبية، للقرآن، والاعتراف الجزئي بنبوة محمد. وذلك على الرغم من أن محمداً، أقصى بدعوته الجوهر الإلهي بحيث لا يبلغه الإنسان مطلقاً، ورفض، من حيث النتيجة، الفكرة الصوفية حول اتحاد الإنسانية بالإله، وهي الفكرة التي ظهرت في إطار الإسلام نفسه، بعد مضي ثلاثمئة سنة من الهجرة النبوية على يد الحلاج وبعض الزهاد من متصوفة الإسلام"(30).
يقدم ماسينيون – كما يوضح جورافسكي– «الحلاج بوصفه أحد الدعاة المعبرين بدقة عن العقيدة التوحيدية، والذين يتجاوزون أهواء وتحزبات الفرق والنحل المتعارضة والمتصارعة في الإسلام، وهو كصوفي سني لم يسلك طريق البغض وتوجيه تهم «التكفير» للنزعات والمذاهب العقائدية الأخرى في الإسلام، وذلك محاولة مخلصة من جانبه للتقريب بين تلك المذاهب والفرق».(31) وبرأي ماسينيون فإن الحلاج، (الملتزم بالعقيدة الصحيحة للإسلام) كان أقرب شخص مسلم إلى فكرة المسيحية حول وحدة اللاهوت والناسوت؛ وهي الفكرة ذاتها التي عبر عنها الحلاج في قولته الشهيرة: «أنا الحق»، وفي الاصطلاح الصوفي «الحق» اسم من أسماء الله تعالى، بينما الحقيقة هي «التوحيد». يستند تصور ماسينيون للدين الإسلامي بالدرجة الأولى، ومن حيث الجوهر إلى النقطتين المركزيتين الآتيتين:
أولاً: انتماء الإسلام للملة الإبراهيمية أو للشجرة الإبراهيمية؛
ثانياً: النهج الذي سلكه الحلاج في تفسيره وممارسته للإشكالية اللاهوتية للإسلام (32).
آمن ماسينيون بالحوار المسيحي -الإسلامي(33) وعمل عليه. تتضح ملامح الموقف العملي عنده في هذا الحقل ضمن التصور التالي: إنه من بين المسيحيين والمسلمين يوجد إمكان حقيقي للتفاهم الديني المتبادل "في العبادة المشتركة للإله الواحد" ولهذا يمكن للكنيسة، بل يجب عليها أن تعترف بالإسلام ومكانته الاعتبارية المستقلة كديانة توحيدية. وضمن هذا الفهم تقدم بمبادرات كثيرة لتغيير موقف الكنيسة الكاثوليكية - الرومانية (الفاتيكان) من الإسلام (34).
توجد في الدراسات الكاثوليكية المعاصرة حول الإسلام اتجاهات عديدة ليس المقصود بذلك المدارس العلمية، وإنما التفسيرات اللاهوتية لنشوء الإسلام وعقيدته ورسالته. فالاتجاه الأكثر انفتاحاً وقبولاً يمثله ماسينيون وأتباعه (الآباء: يواكيم مبارك(35)، ميشال الحايك وغيرهما) ويطلق عليه الأب جورج قنواتي (1905-1994)(36) "اتجاه الحد الأعلى"(37) ويعترف أنصاره بصوره أو بأخرى بالطابع الإلهي للقرآن، وانطلاقاً من هذه النقطة بالذات يناقشون الرفض للعقائد (اليقينيات) المسيحية الأساسية، مثل: الثالوث أو الأقانيم الثلاثة، والتجسد الإلهي، وينظرون إلى هذا الموقف القرآني الرافض على أنه موقف نسبي وغير مطلق، ويرون فيه نوعاً من ردّ الفعل السلبي من طرف الإسلام على فكرة الثالوث، والانشقاقات والخلافات الطائفية– المذهبية في المسيحية ذاتها. أما الاتجاه المضاد في الدراسات الكاثوليكية المعاصرة حول الإسلام، فيتمثل بالتيار المنغلق ويطلق على أتباعه "أصحاب الحد الأدنى" في الانفتاح على الإسلام أو كما يسميهم مبارك بــ "التقليديين"(38).
  1. ماسينيون والمجمع الفاتيكاني الثاني... الانقلاب الكوبرنيكي الناقص
لعب ماسينيون دوراً كبيراً في تغيير الرؤية الكنيسة الكاثوليكية في المجمع الفاتيكاني الثاني تجاه المسلمين؛ الذين أدرجوا في "التدبير الخلاصي" (Économie de Salut). أثرت مواقفه العلمية وأنشطته الاجتماعية والسياسية، ومراسلاته واتصالاته الواسعة مع الهيئات الكاثوليكية العليا، وعلاقاته ومعرفته الشخصية ببعض الرهبان والمطارنة والبطاركة الكاثوليك، في النقاشات التي دارت في المجمع حول الإسلام، لا سيما إعلان "علاقة الكنيسة مع الديانات غير المسيحية" (Nostra Aetate). يتحدث روبنسون(39) وكروكس (Robinson et Krokus) عن "دائرة ماسينيون" (Cercle Massignon) و"المجمع" التي تضم: الأب جورج قنواتي، البطريرك مكسيموس الرابع الصائغ، المونسنيور ديسكوفي (Mgr Descuffi)، رئيس أساقفة سميرنا (Smyrna) في تركيا، الكاردينال فرانز كونيغ (Cardinal Franz König)، والكاردينال جيوفاني باتيستا مونتيني (Giovanni Battista Montini) [البابا بولس السادس (1963-1978)](40).
يصف الأب روبير كاسبار (Robert Caspar) (ت 2007) التغيير في الطريقة التي نظرت بها الكنيسة إلى المسلمين بـ "الانقلاب الكوبرنيكي"، ووفقًا له، فإن الفقرة (3) من البيان "في عصرنا" (Nostra Aetate) تقدم رؤية للإسلام قريبة جداً من رؤية ماسينيون. إن ذكر خضوع المسلمين لإرادة الله، والإشارة إلى شخصية إبراهيم، والعبادة المريمية في الإسلام، وانتظار القيامة، كلها موضوعات عزيزة على ماسينيون. يلاحظ كاسبار، "أنه عند قراءة النسخة العربية من النص، حرص المؤلفون على اختيار الأسماء الإلهية الواردة في كل من الكتاب المقدس والقرآن: الواحد، الحي، القيوم، الرحمن، القدير. تمّ اختيار هذه الأسماء لأن محتواها، ولا سيما صوغها باللغة العربية، له تأثير عميق في المستمع المسلم"(41)؛ إن وجود تعابير قرآنية عدة، مثل: "كَلَّم الناس"، أو "أحكام الله"، والإشارة إلى الصلاة والصوم في شهر رمضان، تشهد على الاحترام العميق للإسلام والرغبة في إبراز بعض العناصر المشتركة بين الديانتين. تعكس هذه الخطوط بشكل لافت وجهات نظر ماسينيون حول الإسلام وإصراره على تغيير الرؤية الكنسية التقليدية. ووفقاً لأستاذ اللاهوت في جامعة سكرانتون كريستين س. كروكس ( Christian S. Krokus)، فإن الموقف الذي تبناه بيان "علاقة الكنيسة مع الديانات غير المسيحية" تجاه المسلمين قريب من موقف ماسينيون(42)؛ وهو موقف يصفه بأنه فريد في تاريخ الدراسات الكاثوليكية حول الإسلام(43).
تلاحظ فلورنس أوليفري (Florence ollivry) أنه في "حين بات واضحاً أنه كان لدى ماسينيون كثير من التلاميذ، إلا أنه يجب أن نتذكر أن عمله أثار انتقادات شديدة من معاصريه. فغالباً، ما كان عمله يجري  من طريق الحدس والتقريب (التصالح) الخاطف، فبعض من تأكيداته بشأن الإسلام أثارت حساسية اللاهوتيين المسيحيين في زمنه. وهكذا في "هجرة إسماعيل" (L’Hégire d’Ismaël) (1935)، يعترف بالرسول محمد بإخلاص مثير للإعجاب لا يمكن إنكاره". ويصف القرآن بأنه معجزة فكرية قاطعة ودائمة، جرى تلقيها من خلال الإلهام المباشر للعقل "الذي يمكن اعتباره نسخة عربية مقتطعة من الكتاب المقدس. سيشكل هذا النص "القاعدة الكتابية للانقسام الإبراهيمي"، أي "أولاد هاجر المستبعدون: الهاجريون". سيكون القرآن بالنسبة للكتاب المقدس مثل إسماعيل بالنسبة لإسحاق. ويبدو أن ماسينيون يضع الوحي القرآني في المستوى نفسه للوحي التوراتي، بل إنه يشير ضمناً إلى تكاملهما. بالنسبة له، فإن الإسلام "ليس بأي حال من الأحوال" جمعاً وهمياً من أفراد مهرطقين، يستندون (يرجعون) اعتباطاً إلى الكتاب المقدس (...)". إنه جماعة حقيقية، لا يمكن محاكمتها على أنها كافرة، ولا بحسب قانون الخشية (Loi de Crainte)، أو قانون النعمة (Loi de Grâce). بكتابته هذه السطور، أحدث ماسينيون بلبلة في تصورات معاصريه حول الوحيِ القرآني، وعلى الرغم من الإعجاب بتبحره وسعة اطلاعه، فإن قلة اتبعته حتى النهاية، ومن الواضح أن موقف هذا الرائد بقي محصوراً ضمن أقلية داخل الكنيسة"(44).
برزت في الكنيسة المارونية أصوات تنقد رؤية المجمع الفاتيكاني الثاني تجاه الإسلام بسبب "التردد اللاهوتي" والعقائدي في ضمه إلى "الأرومة الإبراهيمية"؛ و"يعتقد الأب يواكيم مبارك أن المجمع الفاتيكاني الثاني، في النصين المخصصين للدين الإسلامي، لا يصرح بانتماء الإسلام إلى الإرث الديني الإبراهيمي، ولا يدخله في تدبير كتابي أو موازٍ لتدبير كتابي، بل يعزز موطن القرابة الكتابية بين اليهودية والمسيحية ويضع الإسلام في مجموعة الأديان الأخرى (...) ويرى أن المجمع يميز الإسلام عن الأديان الأخرى فيُبرز عقيدته التوحيدية ويعوّل عليها أساساً لقرابة الإسلام العضوية من اليهودية والإسلام (...)" (45). ويرى مبارك أنه على الرغم من أن "وثيقة الدستور العقائدي في الكنيسة" توحي بأن المجمع يفرد للإسلام منزلة خاصة، إذ يضعه في مرتبة المسيحية واليهودية من حيث انتماؤه إلى المذهب التوحيدي، ولكنه لا يفصح إفصاحاً كاملاً عن ارتباط الإسلام بالإرث الإبراهيمي. ولذلك يبقى الدين الإسلامي في نصوص المجمع في منزلة الوسط، بين الاعتراف بمذهبه التوحيدي والتردد في الإقرار بقرابته العضوية من إبراهيم، مما يجعل النظر في طبيعة الوساطة الخلاصية التي يحملها الإسلام من المسائل اللاهوتية شديدة التعقيد"(46).
على عكس مبارك، لم يكن الحايك حاضراً في المجمع، لقد أخذ من مصادر فكر ماسينيون، واقترح قراءة للإسلام تتجاوز نصوص الفاتيكان الثاني. ومثل مبارك، لم يقترب من السؤال انطلاقاً من المسلمين، بل من الإسلام، الذي أدرجه في تاريخ الخلاص عبر شخصية إسماعيل. وإذا كان مبارك قد فهم الإسلام بشكل رئيس من شخصية إبراهيم، فإن الحايك فعل ذلك من "شخصية إسماعيل الذي ربطه بجوهر الإسلام ودعوته ومصيره بين الشعوب والحضارات والأديان"(47). ويخلص الحايك في تحليله –الذي يوحي بتقدمه على وثائق المجمع - إلى أن " النبي (محمداً)، الذي رفضه اليهود والمسيحيون، كان له علاقة خاصة جداً بالتاريخ المقدس. أعاد كتابته ليس من نسل إسحاق، بل من إسماعيل(48) الذي اعتبره جده، جد العرب، من نسل إبراهيم، بينما رفضه أبناء إسحاق. "سمحت لنا أدلة عدة –كما يلفت الحايك - بالقول: إنه خلال خلافاته مع يهود المدينة المنورة أدرك محمد علاقته الأبوية بإبراهيم من خلال إسماعيل. اكتشف اليتيم أباه عندما اكتشف علاقات هذه المعادلة الثلاثية: إبراهيم - إسماعيل - العرب. هذا ما مكّن الإسلام من ترسيخ نفسه كدين منفصل، له خصوصيته في تاريخ الخلاص. وهكذا استطاع محمد أن يعلن نفسه نبي العرب، وهو الآن جزء من تاريخ الخلاص، ليس من قبل إسحاق، ولكن إسماعيل الذي لا يستطيع الله أن يتركه. على العكس، فقد اعتنى به، وبقيت النعمة التي نالها"(49).
د. ريتا فرج، باحثة ومحاضرة لبنانية في علم الاجتماع ودراسات المرأة
الهوامش
(1) Christian Krokus, The Theology of Louis Massignon: Islam, Christ, and the Church, the Catholic University of America Press, Washington, 2017.
(2) شر الحايك مقالة بالفرنسية عن ماسينيون في مجلة المشرق عنوانها (Louis Massignon face à L’Islam) " لويس ماسينيون في مواجهة الإسلام". انظر:
Michel Hayek, « Louis Massignon face à L’Islam », Al-Machriq, juillet – octobre 1969, pp. 543-558.
قبل هذه المقالة ترجم الحايك من الفرنسية إلى العربية مقالة ماسينيون (L’homme parfait en Islam et son originalité eschatologique ) ونشرها في مجلة المشرق تحت عنوان "الإنسان الكامل وميزته النشورية في الإسلام"، السنة الثانية والخمسون، مارس (آذار)- أبريل (نيسان)، 1958، ص129-155. لقراءة النص بالفرنسية انظر: Louis Massignon, « L’homme parfait en Islam et son originalité eschatologique », Eranos Jahrbuch, XV, Zurich, 1948, pp. 287-314, et O.M., I, pp. 107-125.
وفي عام 1998 نشر عنه مقالة أخرى بالفرنسية (Louis Massignon ou le secret de la compassion) "لويس ماسينيون أو سر الرحمة"، انظر:
Louis Massignon ou le secret de la compassion, France Catholique – Ecclesia, n 1931, (16 décembre 1998).  
(3) نُشر الكتاب بالعربية للمرة الأولى عام 1960 عن دار المشرق في بيروت، وحمل عنوان "المسيح إمام المسلمين"، وفي عام 1961 نشرته المطبعة الكاثوليكية في بيروت تحت عنوان "المسيح في الإسلام"، وقامت "دار النهار" بطباعته طبعات عدة، نعتمد في الدراسة على الطبعة الرابعة الصادرة عام 2009. يشار إلى أن الكتاب صدر بالفرنسية عام 1959 في باريس عن دار (Seuil) بعنوان مختلف ( Le Christ de L’Islam) "مسيح الإسلام". انظر:
Michel Hayek, Le Christ de L’Islam, éd. Le Seuil, Paris, 1959, (286 pages).
(4) نشر الكتاب بالفرنسية عام 1964 ولم يترجم للعربية، انظر:
Michel Hayek, Le Mystère d'Ismaël, éd. Mame, Paris, 1964, (300 pages).
(5) صدر الكتاب بالفرنسية ولم يترجم إلى العربية، انظر:
Michel Hayek, Les Arabes ou le Baptême des Larmes, éd. Gallimard, 1972, (260 pages).
(6) مشير عون: "من بواكير الفكر العربي الديني المسيحي المعاصر، الأب ميشال الحايك مثالاً فذاً في الوجودية اللاهوتية الناقدة"، ورقة غير منشورة، ألقيت في مؤتمر جامعة الروح القدس- الكسليك عن الفكر المسيحي، عام 2016، ومن المقرر أن تُنشر في كتاب.
(7) المرجع نفسه.
(8) الكتابان هما: المطران يوسف الدبس: الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل، دار لحد خاطر، بيروت، 1982. عمّار البصري: كتاب البرهان وكتاب المسائل والأجوبة، دار المشرق، بيروت، 1986
(9) نشر ميشال الحايك مقالات أخرى بالفرنسية في مجال الدراسات الإسلامية والحوار المسيحي - الإسلامي، نذكر من بينها:
« Recherches islamo – chrétiennes, 1ere série : la christologie, publications Cercle Saint Jean – Baptiste, paris, 1972.
« Une interprétation chrétienne de l’Islam », Bulletin du cercle Saint Jean – Baptiste, Nº8, 1960, p. 397-410.
« L’Islam témoin de l’absence », Axes, (Juin- Juillet 1971), p. 48-53.
كتب الحايك مقالات في موضوعات أخرى؛ من أجل ببليوغرافيا وافية حول كتبه ومقالاته في اللغتين العربية والفرنسية، بالإضافة إلى ما كُتب عنه انظر: الحايك، ميشال، المارونية عقدة أم قضية؟ مركز فينيكس للدراسات اللبنانية، جامعة الروح القدس – الكسليك، 2012، ص152 وما بعدها. نشير إلى أن الحايك نشر دراسة تاريخية مفصلة عن الراهبة حنة عجيمي (الراهبة هندية) المارونية الحلبية (1730 -1789) وهي من الشخصيات الدينية النسائية المؤثرة والاستثنائية في تاريخ الرهبانية المارونية. للمزيد راجع أرشيف مجلة المشرق بدءاً من العدد (59) لسنة 1965.
(10) من هؤلاء اللاهوتيين العرب المعاصرين الذين يندرج إنتاجهم اللاهوتي في سياق القرن العشرين المطران جورج خضر، والمطران كيرلس سليم بسترس، والمطران ناوفيطوس إدلبي، والمطران غريغوار حدّاد، والمطران أنطوان حميد موراني، والأب يواكيم مبارك، والأب ميشال الحايك، والأب سمير خليل سمير، والأب سلوم سركيس، والمطران يوسف ريّا، والأب فريد جبر، والأب إتيان صقر، والأب سليم عبو، والأب عادل تيودور خوري، والأب متى المسكين، والأب إغناطيوس ديك، والأب جوزيف حجّار (...) والبطريرك مكسيموس الرابع الصائغ، والبابا شنودة الثالث، والبطريرك إغناطيوس الرابع هزيم، والمطران عبده خليفة. انظر: مشير عون: الفكر العربي الديني المسيحي، مقتضيات النهوض والتجديد والمعاصرة، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2005، ص47.
(11) المرجع نفسه.
(12) المرجع نفسه، ص49.
(13) مجموعة الأفكار التي تدور حول موضوع معين.
(14) المرجع نفسه، ص50.
(15) للمزيد حول مواقف مبارك من القضية الفلسطينية راجع: يواكيم مبارك: القدس: القضية، تعريب، مهاة فرح الخوري، مجلس كنائس الشرق الأوسط، بيروت، الطبعة الأولى، 1996. وكذلك: حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي_ المسيحي، مختارات، تقديم: جورج قرم، تعريب: سلام دياب، دار الفارابي، بيروت، الطبعة الأولى، 2014.
(16) مشير عون: "من بواكير الفكر العربي الديني المسيحي المعاصر، الأب ميشال الحايك مثالاً فذاً في الوجودية اللاهوتية الناقدة"، مرجع سابق.
(17) ميشال الحايك: "في اتجاه المنارة البيضاء"، جريدة النهار اللبنانية، 20 يوليو (تموز) 1982. نقلاً عن: مشير عون: "من بواكير الفكر العربي الديني المسيحي المعاصر"، مرجع سابق.
(18) ميشال الحايك: "التمزق المسيحي"، مجلة المسيرة، 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، على الرابط الآتي:
(19) مشير عون: من بواكير الفكر العربي الديني المسيحي المعاصر، مرجع سابق. للاطلاع على موقف الحايك من قضية التجديد الديني انظر كتابه: الحايك، ميشال، رسالة إلى بني جيلنا، منشورات المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1969.
(20) مشير عون: "من بواكير الفكر العربي الديني المسيحي المعاصر"، مرجع سابق.
(21) المرجع نفسه.
(22) المرجع نفسه.
(23) أليسكي جورافسكي: الإسلام والمسيحية، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، العدد (215) نوفمبر (تشرين الثاني) 1996، ص101.
(24) انظر:
Louis Massignon: La passion d'al-Hosayn-ibn-Mansour al-Hallaj: martyr mystique de l'Islam, Geuthner, Paris, 1922.
(25) أليسكي جورافسكي: الإسلام والمسيحية، ص104.
(26) ثمة العديد من الخطوات والمؤشرات والمواقف في الأوساط الغربية كانت لها رؤية ودية من الإسلام، ولكنها خجولة، فبدءاً من القرن الثاني عشر، ستشهد هذه الأوساط ما أسماه المستشرق الفرنسي ماكسيم رودنسون (Maxime Rodinson) (1915-2004) بــ «نمو رؤية أقل حدة»، بسبب تضاعف العلاقات بين أوروبا والشعوب الإسلامية في المجالات السياسية والثقافية والتجارية، أفضى بالمسيحية، على الرغم من التنافس الديني والصراعات المسلحة التي كانت تعيشها، إلى أن تغير تدريجياً الزاوية التي تنظر من خلالها إلى غير المسيحيين. وبرز في هذا القرن اقتراح الفيلسوف الإنجليزي والراهب الفرنسيسكاني روجر باكون (Roger Bacon) (1220-1292) بجرأة حول ضرورة أخذ الإسهام الروحي للإسلام بعين الاعتبار عند دراسة نظرة اللاهوت المسيحي إلى السر الإلهي من الوحي. انظر: لولون ميشال: الكنيسة الكاثوليكية والإسلام، ترجمة: فاطمة الجامعي الحبابي، عادل بن محمد عزيز الحبابي، المعهد الملكي للدراسات الدينية، الأردن، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2001، ص29.
(27) أليسكي جورافسكي: الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، ص104.
(28) المرجع نفسه، ص107.
(29) المرجع نفسه، صص107-108.
(30) المرجع نفسه، ص108.
(31) لمرجع نفسه، ص 109،
(32) المرجع نفسه، صص109-110.
(33) أسس ماسينيون والأب جورج قنواتي "جماعة الإخاء الديني" عام 1941 في القاهرة، وهي حركة حوارية تدعو للتقريب بين الأديان.
(34) أليسكي جورافسكي: الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، صص110-111.
(35) Youakim Moubarak, Guy Harpigny, «  L’Islam dans la réflexion théologique du christianisme contemporain », Cancilium, N 116, Paris, 1976.
(36) عالِم لاهوت وراهب دومينيكاني مصري.
(37) أليسكي جورافسكي، الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، ص111.
(38) المرجع نفسه، ص112.
(39) نيل روبنسون محاضر أول في الدراسات الإسلامية في جامعة ليدز (University of Leeds) – المملكة المتحدة.
(40) Florence Ollivry : « 50 ans après Vatican II, La contribution de Louis Massignon au renouvellement du regard porté par l’Église sur l’islam », 2014, Théologiques, Vivre dans la diversité ,22 (1), pp.189–217.
(41) Ibid, p .190.
(42) رأى ماسينيون في الإسلام أحد تفرعات التقليد التوراتية. ومن المفيد التنويه إلى ملاحظة أشار إليها جورافسكي، ففي مسودة القسم السادس عشر من الدستور العقائدي "في الكنيسة" قيل عن المسلمين: "أبناء إسماعيل، الذين يعترفون بأبيهم ويؤمنون بالله وهم ليسوا غرباء عن الوحي الذي ينزل على الآباء. وقد امتنع المجمع عن الإشارة القاطعة والصريحة إلى أتباع المسلمين "ملة إبراهيم" واستعاض عنها بعبارة وصفية تتحدث عن المسلمين "الذين يعتقدون أنهم يتبعون ملة إبراهيم...". أما نص "التصريح" النهائي فكان أكثر تحديداً. حيث يشير إلى ارتباط المسلمين بالتقليد الإبراهيمي، ولكن ليس من الناحية التاريخية، وإنما من حيث التبعية الإيمانية لإبراهيم، الأمر الذي يجعل إيمانه التوحيدي، أنموذجاً يحتذى ويستند إليه بطيبة خاطر الإيمان الإسلامي". انظر: أليسكي جورافسكي: الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، ص124.
(43) Ollivry, Florence; op.cit., pp. 190-191.
(44) Ibid, p. 196.
انظر:
Louis Massignon, Les trois prières d’Abraham, Paris, Cerf, 1997.
(45) مشير عون: الأسس اللاهوتية في بناء حوار المسيحية والإسلام، معهد الدراسات الإسلامية -المسيحية، سلسلة دراسات ووثائق رقم (6)، دار المشرق، بيروت، الطبعة الأولى، 2003، ص 115.
(46) المرجع نفسه، ص115-116.
(47) Antoine Fleyfle : « Critiques maronites de Vatican II ? Les travaux de Hayek et de Moubarac sur l’islam », in Actes du colloque international Vatican II et les Eglises orientales; du 7 au 10 mai 2014, 2016, pp. 233-242.
لقراءة المقال كاملاً على شبكة الإنترنت راجع صفحة الباحث أنطوان فليفل على الرابط الآتي:
(48) يمكن النظر إلى إسماعيل الابن البكر لإبراهيم –بطريرك التوحيد- ضمن تاريخ المهمشين المطرودين من التقليد التوراتي، وعلى الرغم من التحليل اللاهوتي الذي تقدم به بعض اللاهوتيين، لوضعه في قلب التدبير الخلاصي هو وذريته، لكن لا يمكن إسقاط ومحو "محنة الطرد" من الأب مع أمه هاجر، التي تصمت أو بالأحرى تتواطأ المصادر التقليدية اليهودية والمسيحية عليها، فتبني صورتها في سياق ديني طبقي وإثني. لفت سبينوزا إلى أن هاجر، كانت لديها هبة النبوة؛ والنبوة عنده لا تشترط العلم والعقل، فكلما زاد الخيال قل الاستعداد لمعرفة الأشياء بالذهن والعقل". راجع: ريتا فرج: "الإسلام انطلاقاً من هاجر… "الأم الكبرى" المنبوذة"، موقع الأوان، 11 ديسمبر (كانون الأول) 2017، على الرابط الآتي:
(49) Antoine Fleyfle: « Critiques maronites de Vatican II ? Les travaux de Hayek et de Moubarac sur l’islam », cit.