أيار 02
                                                                                                     
 ميشال الحايك ودراسات الإسلام
  1. عمّار البصري الردّ اللاهوتي في التراث المسيحي العربي
حقّق ميشال الحايك "كتاب البرهان وكتاب المسائل والأجوبة" لعمّار البصري، صاحب العقيدة النسطورية المسيحية. يمكن تصنيف الكتاب في خانة السجالات المسيحية – الإسلامية، وهو يُعد من المصادر التراثية المهمة في سياق الرد اللاهوتي المسيحي العربي على الإسلام في العقائد المسيحية؛ فـ"كتاب البرهان" جواب على نقائض الإسلام للمسيحية، أما "كتاب المسائل والأجوبة" فمعجمُ للاعتراضات التي يثيرها العقل بوجه الإيمان. النصان من أهم النصوص الجدلية في التراث المسيحي العربي، المزدهرة في ظل المناخ الفكري المنفتح للمعتزلة؛ الفرقة الكلامية الناشئة في بداية القرن الثاني الهجري/ الثامن ميلادي، والتي ظهرت في البصرة نفسها التي ينتسب إليها عمّار البصري، وكان لها معارك كلامية مع المذاهب الأخرى التي تتراوح بين "التشبيه والتعطيل".
 تضمن "كتاب البرهان" قضايا لاهوتية مهمة: "في إثبات وجود الله"، "الدلائل على الدين الحق"، "أسباب قبول النصرانية"، "دفع شبهة التحريف"، "الكلام في التثليث"، "القول في الاتحاد"، "إثبات التجسد" "القول في الصلب"، "القول في المعمودية"، "القول في القربان"، "الكلام على الصلب"، و"الكلام في الأكل والشرف والآخرة". أما "كتاب المسائل والأجوبة" ففيه: "المقالة الأولى: في تثبيت قدم الخالق ووحدانيته وإثبات حدوث العالم، وفيه ثمانٍ وعشرون مسألة"، "الفن [أي الفصل] الثاني: في تثبيت الإنجيل المقدس، وهو أربع عشرة مسألة"، "الفن الثالث: في تثبيت وحدانية الخالق بثلثة [أي ثلاثة] أقانيم، وهو تسع مسائل" و"المقالة الرابعة: في سبب تجسد الكلمة وما يتبعه، "في الاتحاد والموت والبعث، وهو إحدى وخمسون مسألة" (1).
يشير الحايك إلى أن "عمّار البصري (2) اسم مجهول المسمى (3)، ولا يُعرف عنه "إلاّ ما سلم له من هذين الأثرين: "كتاب البرهان" و"كتاب المسائل والأجوبة"، في مخطوطة يتيمة محفوظة في مكتبة المتحف البريطاني تحت رقم (801) من المخطوطات العربية" (4). يوضح الحايك أن الكتابين "هما من جملة الآثار المسيحية التي سلمت من التلف على يد الأقباط. فالناسخ قبطي خطّهما عام 1298 في الجودرية، وهي حي من أحياء القاهرة. وأبو البركات القبطي حفظ لنا، في سلسلته للكتبة النصارى بالعربية، عنوان الكتابين، فعرفنا أن المؤلَّف الأول لا يُدعى "كتاب الأمانة" على ما ورد في المخطوطة البريطانية اعتباطاً، بل "كتاب البرهان على سياقة التدبير الإلهي"، وأن "كتاب المسائل والأجوبة" يُقسم إلى أربعة مقالات من مئة ومسألتين، تتضمن الأولى (28) مسألة، والثانية (14)، والثالثة (9)، والرابعة (51). وأبناء العسال الأقباط أدركوا قيمة "عمّار البصري، فأبو إسحق بن العسال ذكره في "مجموع أصول الدين" مغدقاً عليه نعوت التعظيم؛ والأسعد أبو الفرج ابن العسال ذكره في مقالته عن النفس التي كتبها سنة 1231 (...) ما من أحد أفادنا جديداً عن شخصية عمّار البصري، ولا عن ظروف مكانه وزمانه وحياته وآثاره الأخرى" (5).
يتساءل الحايك عن اسم صاحب المخطوطة "أتراه حقيقياً أم مستعاراً للتضليل لئلا يُعرَف صاحبه؟ ولكن ما الغاية من التخفي؟ يرى أنه لو سلمنا افتراضاً أن عمّاراً اسمه الحقيقي فــ"البصري نسبة إلى البصرة وهي مدينة شهيرة بموقعها على الفرات الساحلي [في العراق] (...) أسسها عتبة بن غزوان على أنقاض (الخريبة) الفارسية، على مقربة من وهنام أردشير التي كان النساطرة يسمونها فرات ميشان، وهي مركز أسقفي مشهور عندهم منذ أوائل القرن الثالث" (6). يشير الحايك إلى أن اسم "البصرة" يرِد عند النساطرة ـ الذين ينتمي إليهم عمّار - "في القوانين التي سنّها البطريرك تيموثاوس الشهير عام 790 حيث يفرض أن يكون أسقف البصرة من يجب أن يُنقَل إليه النعي، إثر وفاة كل بطريرك (...) والبطريرك تيموثاوس (723-780)، من كانت له مع الخلفية [أبو عبد الله محمد] المهدي (775-785) مجالس دينية شهيرة؛ هو الذي أرسل إلى الجماعة المسيحية في البصرة رسائل ضافية ترشدهم في القضايا اللاهوتية، التي يمكن أن تعرض لهم في مناظراتهم الدينية مع المسلمين؛ وفي هذه المسائل بعض ما نجده في مؤلفات عمّار البصري" (7).
على الرغم من الظروف التاريخية الغامضة المحيطة بالبصري، أثبت الحايك "أن الرجل متمرس بعلم اللاهوت، محنك بالمنطق الإغريقي، عارف بأدق دقائق قضايا الدين. وقد يكون في كلامه عن أن الله لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، "وأن الواحد منا ليرفّع نفسه عن ذلك"؛ إشارة إلى أنه من "جماعة المتبتلين" (...) أما مكانه: البصرة. أما الزمان؟ نفترض أن عمّاراً عاش في زمن [الخليفة] المأمون (813-833) الذي اعتنق مذهب الاعتزال "قائلاً بخلق القرآن"؛ أي في القرن التاسع الميلادي، وليس في "الجيل الحادي عشر والثالث عشر كما أدرجه المستشرق الألماني جورج غراف Georg Graf في موسوعته "تاريخ الأدب العربي المسيحي" (8).
"لقد تثبّت -للحايك- إذاً أن عمّاراً البصري عاش في زمن المأمون والمعتصم، وأنه معاصر لأسقفين شهيرين: أبي قرة الملكي (ت بعد 825) وأسقف حرّان، وأبي رائحة اليعقوبي أسقف تكريت، وكلا الأسقفين ناظرا المسلمين في الشؤون الدينية وتركا لنا أولى الآثار المسيحية العربية في هذا المجال. هؤلاء المفكرون الثلاثة الذين يمثلون الفرق المسيحية الكبرى ويعرفون التراث المسيحي بلغة السريان واليونان، أطلقوا -دون شك- بالعربية قضايا الفلسفة واللاهوت الكبرى التي سيعالجها من بعد أهل الحكمة وأهل الكلام في الإسلام، على أساس عقلاني بعد أن طاعت لهم المصطلحات المنطقية المنقولة عن السريانية واليونانية" (9).
يخلص الحايك إلى أن كل "كتب الردّ على النصارى"(10) التي وضعها العلماء والفقهاء المسلمون، أتت بعد عمّار البصري أو عاصرته وكتبوا ردوداً على النصرانية تتراوح مقالاتها بين السخرية اللاذعة والتعمق التدريجي في الجدل المنطقي. "والرد يفترض الاطلاع والاضطلاع. وهكذا فإن تلك المحاورات والنقائض والمجادلات، مع ما فيها من حجج وأدلة، طوعت اللغة العربية للمصطلحات الفلسفية واللاهوتية وفتحت للتراث الديني المحصور بعد على القرآن والحديث، نوافذ جديدة ومعضلات ومسائل ومشاكل، سوف تتضارب حولها الفِرق، ويبني فوقها الفكر الإسلامي كلامه وحكمته وتصوفه"  (11).
يعتبر البصري "أول من كتب بالعربية مجموعة جدلية بهذه الضخامة، وهو إذاً صاحب أثر بعيد في تنمية الفكر الفلسفي – كما يفترض الحايك - وتوعية الوحي الديني على متطلبات العقل" (12). لقد جادل المسلمين في اعتراضاتهم حول العقائد المسيحية لا سيما في مسائل التثليث، وأدخل إلى اللغة العربية مصطلحات وألفاظاً جديدة، متأثراً بالعقل اليوناني ومقولاته في الجدل وقضايا الفلسفة ومعطيات اللاهوت، التي عولجت من قبل باليونانية والسريانية.
يكشف دور عمّار البصري في تاريخ الردّ اللاهوتي المسيحي العربي على الإسلام، عن مسألتين: الأولى: الأهمية التاريخية والعقائدية التي اكتسبتها مثل تلك المجادلات والأدبيات، وما تطور عنها لاحقاً من مصادر مسيحية – إسلامية في هذا الجنس الأدبي؛ والثانية: تمسك العلماء والفقهاء المسلمين بالرؤية القرآنية والإسلامية للمسيح في مجادلاتهم مع "النصارى"، حول التثليث وعقيدة التجسد والصلب والفداء، وهم كانوا يعرفون منذ انطلاق المجادلات في القرن التاسع الميلادي أهم المذاهب المسيحية: النسطورية واليعقوبية والملكانية (الأرثوذكسية).
  1. المسيح في القرآن والمصادر التراثية الإسلامية
من أجل فهم أعمق للإطار العقائدي الموجه من الإسلام إلى المسيحية في القرآن والمصادر التراثية، من المهم الإضاءة على المحيط التاريخي الديني السابق للدعوة المحمدية التي ظهرت في بداية القرن السابع الميلادي في شبه الجزيرة العربية. عرفت المنطقة وجوداً لليهودية والمسيحية (النصرانية) إلى جانب الوثنية الطاغية، قبل فجر الإسلام، واستمرت بعد "نزول الوحي" سنة 610 إلى أن تقلصت في حدود القرن العاشر الميلادي، إثر الهجرات المتتالية لليهود والمسيحيين من المنطقة.
تؤكد مصادر المؤرخين "على أقدمية الحضور المسيحي باليمن (...) بدأت أولى عمليات التبشير في القرن الرابع، حيث دخلت المسيحية الآريوسية إلى بلاد اليمن (...) ويعتمد هذا الرأي على الرواية اليونانية المتعلقة بالأسقف الآريوسي تاوفيل Thèophile. وتقول هذه الرواية: إن الإمبراطور قسطنسيون Constance (337-361م) المتشيع للآريوسية أرسل قبل سنة 356م وفداً من الرومان إلى بني حمير، وكان يترأس هذا الوفد تاوفيل، وخلال وجوده بالمنطقة بشر بالدين المسيحي على الرغم من معارضة الطوائف اليهودية" (13). "أما في وسط الجزيرة العربية (نجد واليمامة) فكان للمسيحية حضور فيها قبل الإسلام، وذلك استناداً إلى شهادة أحد أشهر المختصين في التاريخ الكنسي وهو لويس دوشاسن Louis Duchesne. وقد أكد هذا البحث دخول المسيحية إلى نجد في زمن لا يمكن أن يكون قبل القرن السادس (...) ومما يؤكد رأي دوشاسن الأبنية التي بناها النصارى في الفضاء العربي، كدير سعد، بين بلاد غطفان والشام، ودير عمرو، في جبال طيء. لقد تأثرت العديد من القبائل بالمسيحية (...) وكان عديّ سيد طيء من جملة الداخلين فيها ويُذكر أنه كان ركوسياً. وقد ذكر أهل الأخبار أن الركوسية هي بين النصرانية والصابئة"(14). ومن بين القبائل التي دخلت المسيحية قبيلة كندة التي اعتنقت النسطورية وربما بشرت بها.
تشير الأكاديمية والباحثة التونسية سلوى بلحاج صالح إلى ملاحظتين: الأولى: "أن المسيحيين العرب في شبه الجزيرة العربية انقسموا إلى طوائف متعددة في عداء مستمر لبعضها البعض، وهذه الطوائف هي: الآريوسية والنسطورية واليعقوبية واليوليانية والملكانية، وعقائد أخرى تجمع بين الصابئة والنصرانية مثل الركوسيّة. والثانية: أن المسيحية العربية تضعف في درجة تنظيمها، كلما اتجهنا من الأطراف الجنوبية والشرقية، نحو وسط بلاد العرب. ولئن سجلنا حضور إكليروس خاص بالعرب في كل من اليمن وعُمان والبحرين، فإننا نلاحظ غيابه بين مسيحيي نجد واليمامة" (15) (البيئة الجغرافية الأقرب لظهور الإسلام).
يبدو أن الإسلام تأثر تأثراً شديداً بالآريوسية من الناحية العقائدية، وقد أدركها العرب وكانت أقرب إلى تفكيرهم الفطري. ولد آريوس عام 256 م وكان يقول: "إن الله واحد غير مولود وإن لا أحد يشاركه في ذاته" (...) وقد أنكر الجوهر الإلهي في المسيح ونادى بضرورة النظر إليه كإنسان(16). إن الإسلام في موقفه العقائدي والديني من المسيحية يميل "بقوته التوحيدية الهائلة" إلى الخصام مع كل العقائد الدينية التي يرى أنها تصادم "التوحيد الصارم"؛ لذا لم يتقبل الصورة التي قدمتها المسيحية الرسمية المنبثقة عن مجمع نيقية عام 325.
في "المسيح في الإسلام"، يدرس الحايك الرؤية القرآنية والمصدرية التراثية الإسلامية لحياة السيد المسيح والعقيدة المسيحية، بدءاً من "بشارة زكريا بيحيى المعمدان" حتى "نزول المسيح في آخر الزمان". استهل فصول الكتاب بـ"المسيح في القرآن" الذي ورد اسمه في خمس عشرة سورة، في ثلاث وتسعين آية (17). استند على أهم المصادر التي تحدثت عن "عيسى ابن مريم" وتفادى في مقدمة الكتاب أي صدام عقائدي، فتعامل مع أطروحته بوصفه عالِم إسلاميات، وعقب في هوامش الفصول على مسائل دينية عدة تثيرها الاختلافات العقائدية بين المسيحية والإسلام، لا سيما حول طبيعة المسيح والتثليث.
لا يخفى في الكتاب تأثر الحايك بمدرسة ماسينيون ونزعتها الهادئة والمقبلة على الدين الإسلامي الإبراهيمي؛ فالجوهر هو الأعمق وهو القائم على الأصول العقائدية المشتركة بين الديانتين (18)، علماً أنه في تعقيبات عدة لا ينجح في التجرد من مسيحيته. لا يتوانى الحايك عن نقد النزعة المسيحية التقليدية تجاه الإسلام وبالعكس، يقول في هذا السياق: "منذ يوحنا الدمشقي المتوفى في منتصف الجيل الثامن إلى يومنا الحاضر، تتوالى كتابات المسيحيين عن المسيحية والإسلام. فكان في الشرق والغرب خاصة، أمس واليوم، رجال اهتموا بالأمر فاختلفت آثارهم على اختلاف أطوارهم (...) فانقسموا قسمين: واحد يدافع عن الإسلام دفاعاً مغرضاً (...) أما القسم الأكبر فقد سقطوا في النقيض الثاني حين وصفوا الإسلام بأنه بدعة احتوت على الشرور بأسرها، قام بها راهب زنديق؛ ورسموا للنبي صورة مجحفة فأصبح أسطورة تناقلتها في الأجيال الوسطى، ألسنة العامة وكتابات الخاصة. ولم يختلف المسلمون عن المسيحيين في هذا المضمار، فصوروا عن النصارى أشنع صورة، ولم يحجم رجل عرف بتدينه وهدوء أعصابه مثل الغزالي، عن إعلانها [أي المسيحية] شريعة هذيان وسخافة. وما أدراك ما قاله الجاحظ وابن حزم وابن تيمية وغيرهم من سنة وشيعة وحنابلة ومعتزلة وظاهريين" (19).
منهجياً، اعتمد الحايك في مصادره على القرآن وكتب الحديث وما وضعه المؤرخون والمفسرون والصوفيون من كتابات. شدد على ضرورة التحرر من الرؤية الشعبية التاريخية الهرطوقية التي نظر فيها بعض المسيحيين إلى الإسلام. إن "هذه النصوص شاء جامعها أن يضعها في متناول المسيحيين ليعلموا أن الإسلام غير ما تنشره الجرائد في مواسم معينة تعليلاً لقارئيها بين الديانتين اتفاقاً ووحدة تامة. ولست أدري هل خطر ببال أحدهم أن عند علماء المسلمين مثل هذه الآثار المدهشة في بعض الأحيان. لقد آن الأوان أن يعرفوا -على الأقل- أن الإسلام لم يخطر له يوماً ببال، حتى في أقسى ساعاته على المسيحية، أن يجدف على قدسية المسيح، روح الله وكلمته، وأن يقذف مريم بمثل ما قذفها به بعض اليهود في تاريخهم (...) ولا بد من الإشارة إلى حقيقة تيقنتُ إليها في تجوالي بين الصفحات الضخام التي كتبها المؤلفون المسلمون، في الكلام أو التفسير أو التاريخ أو التصوف؛ ألا وهي أن الإسلام لم يطرح يوماً واحداً على نفسه، مشكلة العقيدة المسيحية الصرف. لقد جازها قبل أن تَعرّض لها، وحلّها قبل أن تُشكِّل عليه. فبقيت آية القرآن على شرطها فلم يعط عنها جواباً علمياً {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [سورة الزخرف، الآية 81] إذ إن هناك توالداً عقليًا هو غير التناسل، فالكلمة هي وليدة الفكر الأزلي؛ كذا المسيح ابن الله"(20).
إنّ تأثر الحايك بأفكار ماسينيون يبدو أكثر وضوحاً في الرؤية الصوفية الإسلامية للسيد المسيح؛ فحين يعرض لموقف محيي الدين بن عربي (1165 - 1240)، يصفه بأنه "صاحب النزعة الغنوصية": "إن سر معجزات عيسى يعود إلى معرفته بعلم الحروف، وعلى الأخص بعلم كلمة (كُنْ) الإلهية الخلاّقة التي أوجدت كل شيء وأوجدت عيسى نفسه، وعيسى هو كلمة الله دون سواه"(21). لقد افتتح ماسينيون في مقالاته: "سلمان باك والبدايات الروحانية للإسلام الفارسي" (1934)، "أصول ومعاني الغنوصية في الإسلام" (1937) و"الشعائر الغنوصية في الإسلام الشيعي" (1938)، البحث العملي حول "الغنوص الإسلامي"، وذلك بعد أن قيَّم النص الفارسي "أم الكتاب" المتداول في منطقة بامير هندوكوش Hindu Kush Pamir بعد اكتشافه في الثلاثينيات من القرن المنصرم، وقد أشار إلى القيمة الرمزية للحروف الأبجدية، وتقسيم تاريخ العالم إلى دورات تطابق الحلول الجديدة"(22)؛ ويعد ماسينيون بالإضافة إلى المستشرق الفرنسي هنري كوربان Henry Corbin (1903-1978) من أوائل المستشرقين القائلين بالنزعة الغنوصية عند بعض أعلام التصوف الإسلامي مثل الحلاج وابن عربي.
  1. الأخوة الإسماعيلية.. الإسلام على هامش التاريخ الكتابي
حين طرح ماسينيون سؤاله الأساسي المتصل بعلاقة الإسلام بالوحي التوراتي: "هل إله الإسلام هو إله اليهود والمسيحيين؟" وأجاب عنه، لم يكن بعد ثمة إجابة من لاهوتيي المجمع الفاتيكاني الثاني. ينقسم السؤال بدوره إلى سؤال فرعي، يشكل أصل الخلافات: هل يشير الإسلام إلى إبراهيم أم إسماعيل؟ هل الإسلام "إبراهيمية أصيلة"(23)، كما يحّاج مبارك في أطروحته "إبراهيم في القرآن" Abraham dans le Coran (24) أم هو "إسماعيلية" كما يقول الحايك في كتابيه "سر إسماعيل" و"العرب أو معمودية الدموع"، مستقراً بذلك عند خط الاستشراق الكلاسيكي الذي رسمه سنوك هرخرونيه Snouck Hurgronje وأرند جان فِنْسِنْك (Arent Jan Wensinck)، وقد جرى تلخيصها في مقال "إبراهيم" ضمن "موسوعة الإسلام" Encyclopédie de l’Islam) )؛ حيث ميَّز بين تصوريْن قرآنيين لإبراهيم في مكة والمدينة. ودون الدخول في جدلٍ، لا يسع المرء إلا أن يلاحظ أنه بالنسبة للمسلمين، فالنسب التاريخي للعرب مع إبراهيم انطلاقاً من إسماعيل ليس موضع شك(25).
في المقدمة العامة لعمله "سر إسماعيل" ينطلق الحايك من تقديم الحجة اللاهوتية التي يسعى الإسلام من خلالها إلى تبرير دعوته وتفرده. في الواقع، نبي الإسلام "باعتباره من نسل إبراهيم، فهو أيضاً يطالب بنصيبه من الميراث الأبوي. وعلى الرغم من إدراكه لاستبعاده من القسمة (الحصة)، فمع ذلك هو الوريث المباشر، يطالب بحقه الشرعي الذي لا يمكن أن يلغيه التقادم [التاريخي]. وللسيطرة بشكل أفضل على الصراع اليهودي - المسيحي حول موضوع العهد الإبراهيمي، تموضع [محمد] قانونياً ولاهوتياً قبل اليهود والمسيحيين، وهو الذي أتى بعد موسى ويسوع (...) سيبحث عن إبراهيم غير المتمايز؛ ما قبل الكتاب المقدس، والذي لم يكن بعد يهودياً أو مسيحياً، ولكنه لم يكن مشركاً أيضاً، إنما "إبراهيم حنيفاً" un Abraham hanîf (26).
في تحليله لرؤية الحايك يخلص مشير باسيل عون إلى أنه "إذا كان الإسلام مرتبطاً بإبراهيم، فليس ذلك فقط لأنه سلف الإيمان الذي يُنظر إليه على أنه تخلٍّ عن الثقة بالله، ولكن أيضاً وقبل كل شيء لأنه والد إسماعيل والعرب. في يقين محمد الذي لا يتزعزع، فإن إبراهيم هو "أبو الإسلام، الذي بنى الكعبة". بهذه الطريقة، يتم التحقق من العلاقة الوثيقة التي أقامها الإسلام بين إبراهيم وإسماعيل ومحمد. هذا الأخير، يعيد فقط الوعد القديم لإسماعيل. نظرًا لأن تقلبات التاريخ البشري ولدت خدراً مذهلاً للوعي الديني اليهودي والمسيحي، فمن الضروري إحياء النقاء الأصلي للحدث التأسيسي، وإنقاذ الأحفاد الذين وعدهم إسماعيل. بعبارات أوضح، ينظر محمد إلى المجتمع الإسلامي الناشئ على أنه الوصي على الوعود الأصلية التي أعطيت لإسماعيل من خلال إبراهيم" (27):
" الإسلام، ظاهرة دينية واجتماعية من أصل عربي، يحدّث إسماعيل الذي يستمر عرقه ويرثه. يقف متيقظًا، سيفًا في يده، على عتبة الكتاب المقدس، وهو يجمد التاريخ المقدس في هذه اللحظة القديمة، ويرفض موقتاً الدخول وراء "المختارين"، دون ضمانات كافية: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 111)" (28).
يشدد الحايك على الطابع المنفصل للإسلام دون أن يدرجه في صلب "الأرومة الإبراهيمية" -كما يتضح في أعمال مبارك- فيقول: "أثار اكتشاف قرابة إسماعيل في سيكولوجية الرسول عملية تحرير وتنظيم عقائدي، سمحت للإسلام باكتشاف مساره النهائي ومكانته، كدين منفصل وأصلي وغير قابل للاختزال" (29). من بين الأنبياء العظماء للبشرية، يمتلك إسماعيل بالفعل دعوة فريدة. إن من واجبه تعويض النواقص التي يعاني منها الكتاب المقدس. وبما أن طبيعة الإنسان تتجه نحو الله، والخطة الإلهية مفتوحة للبشرية جمعاء، فلا يمكن استبعاد أي إنسان من تحقيق طبيعته. أولئك الذين يدركون عالمية هذه الدعوة البشرية، سيجدون في إسماعيل شخصية الإصلاحي أو حتى المدافع الذي يعيد للمهمشين في التاريخ كرامتهم، ككائنات مدعوة للمشاركة في الوعود الإلهية بالسعادة (30): "يصبح إسماعيل ضمير كل أولئك الذين لم يتلقوا رسالة كتابية ولكنهم، من خلال التمسك بإيمانهم، يلتصقون بجزء من الكتاب المقدس ليخلصوا أنفسهم من خلاله" (31).
يلفت باسيل إلى أن الحايك يسعى "سعياً صادقاً في استجلاء موقع الإسلام من التدبير الإلهي، فيرى أن إسماعيل، ومن قبله إبراهيم، يقومان في مقام الصدارة من الفكر الديني الإسلامي، وأن صدارتهما تربط الإسلام باليهودية وبالمسيحية وترقَى به إلى ما هو أبعد من كلّ دين، إلى الحالة الفطريّة الأصليّة التي انعقد عليها كيانُ الإنسان منذ بدء الخليقة. وإذا كان الكثيرون من علماء المسيحيّة المتبحّرين في الإسلام تأمّلوا مليًّا في صورة إبراهيم القرآنيّة، ومنهم - على سبيل المثال - لويس ماسّينيون ويواكيم مبارك، فإن الأب ميشال الحايك انفرد في معاينة صورة إسماعيل وربطها بجوهر الإسلام ودعوته ومصيره بين الأمم والحضارات والأديان. ولقد بثّ تصوره في جلّ مؤلّفاته، ولا سيّما في التحفة اللاهوتية التي صاغها باللغة الفرنسية، "سرّ إسماعيل" (32). في هذا البحث اللاهوتيّ المبتكر يتجلّى إسماعيل في صورة الابن الجسدي لإبراهيم والعبد الخادم والطفل المُبعَد من الوراثة(33). ومن إسماعيل تنبثق الذرّية العربية التي منها ينشأ الإسلام دينًا لجميع المظلومين والمقهورين والمُبعَدين. فالعرب هم أيضا بنو إبراهيم بفضل إسماعيل (34). وحين يتأمل المؤمن اليهودي والمؤمن المسيحي في البركة التي نالها إسماعيل من بعد أن أقصاه إبراهيم مرغمًا عن أهل البيت، تحنّ أضلاعهما وتترأّف مشاعرُهما بجميع الذين خرجوا من ضلع إسماعيل يحملون مواعيد البركة الإلهيّة. فالإسلام، بفضل إسماعيل، يغدو دعوةً شاملةً إلى تجاوز كل أنواع التمييز والاصطفاء والإقصاء. من أُقصي في أصل دعوته عاد لا يُقصي أحدًا في أفضال بركته. ولذلك يضطلع الإسلام بدعوة إنسانيّة رفيعة المقام حين يجذب إليه جميع الذين حُرِموا من المواعيد في منطق البشر، ولكنّهم لم يُحرَموا البركة والخلاص لِما اختبروه في عمق وجدانهم من صفاء في الإيمان وثقة في الاستسلام وشدّة في المثابرة (35). ومن ثم، فالإسلام ينقلب إدانةً لإسرائيل التي نشأت على الإقصاء، ويأتي إلى المسيحيّة تذكيرا لها بقيَمها الإنجيليّة السامية"(36).
وضع الحايك تقاطعات عدة بين اليهودية والمسيحية والإسلام في كتابه "العرب أو معمودية الدموع"، فقارن بين إسماعيل والسيد المسيح (37). "هذا التقارب –كما تقترح مريم أبو ديوان- يمكن إقامته بين هاجر ومريم. هاجر أمة إبراهيم تنذر بمريم "أمة الإنجيل": "أمة الرب" [قَالَتْ مَرْيَمُ: [هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ]. مثل مريم، قدوم إسماعيل أُبلغ لهاجر على طريق شور، حين تألمت وهربت؛ مثل امرأة نهاية العالم، صورة أخرى لمريم؛ مثلها رفعت [هاجر] صوتها وبكت حين شعر ابنها بالعطش، بعدما نفد الماء الموجود في السقاء. من خلال هروبها في الصحراء، تنبئ بانعزال أول المضطهدين في الكنسية، يقول ماسينيون: إن دموعها الأولى التي جمعت في الكتاب المقدس والتي ذرفتها في شمال الجزيرة العربية [وفقاً للتقليد الإسلامي] تنذر بالجلجلة [المسيحية] (38).
يتحرّى الحايك ـ كما يخلص عون - "عن مأساة الترحال الإسماعيلي في صحراء النفي. ومن مجموعة التأملات التي أنشأها في هذا الاختبار المرير، يستنتج أن الإسلام وُلِد من دموع هاجر وبكاء إسماعيل في برية الإقصاء. فليس هو دين الاستعلاء والاستكبار، بل دين التواضع والانسحاق. وحين يعظ [الحايك] بالعربية في وسط بيروت لا يتورع عن البوح في مكنونات تفكره اللاهوتي: "تاريخ العرب أبناء هاجر وإسماعيل هو سيرة هجرة وغربة وبكاء. وإذا كان الأمر على هذا النحو، فإن الإسلام يقترب اقتراباً عظيماً من المسيحية، لأن إسماعيل النائح صورةٌ للمسيح المعذب"(39).
إنّ الحايك، في محاولته إيجاد مكان للإسلام في المسيحية، اعتبر إسماعيل أباً للإسلام، ولم يدرج الدين الإسلامي في التاريخ التوراتي لإبراهيم، بل رأى فيه "ديناً عالمياً" Universal Religion))، أو ديناً بدائياً Primitive Religion، على علاقة بشكل أساسي بالعهود العالمية مع آدم ونوح. وضع مبارك ـ خلافاً للحايك - الإسلام في العهد الإبراهيمي، فهو يشكل جزءاً منه، ناظراً إلى المسلمين بوصفهم شعب الله، الذي يؤمن بإله إبراهيم، والمرتبط بشعب الكتاب المقدس(40). يتبنى الأب فادي ضو -إلى حد ما- أفكار الحايك ومبارك، ويميل لصالح أطروحة الأخير، مع الحفاظ على الطبيعة الوحيانية للقرآن والرسالة النبوية لمحمد. ومع ذلك، وليس خلافاً مع المؤلفين السابقين، يوضح "أن المسيحي لا يمكن أن يبرر مكانة الإسلام في تاريخ الخلاص إلا في ضوء سر يسوع المسيح، المخلص العالمي، وإتمام الوحي الإلهي للإنسانية" (41).
إن الإسلام بالنسبة للأب الحايك كإسماعيل في صحراء نفي، ما عبرها بعد إلى أرض الميعاد المسيحانية. وعلى الرغم من قوله بالمرجعية الإبراهيمية للدين الإسلامي، فقد رأى أن شرعيته، شرعية مشتقة، أي تابعة وزائدة، وقد ربطه لاهوتياً بإسماعيل أكثر من ارتباطه بإبراهيم "فالإسلام يستقر بهذا المعنى على حافة التاريخ الكتابي ولا يدخل في التاريخ المقدس، فهو يمثل الدين الكوني والأصلي للتوحيد ويرتبط بآدم ونوح وليس إبراهيم" (42).
 
الخاتمة
تمكَّن ميشال الحايك في دراساته حول الإسلام من تجسير العلاقات المسيحية _الإسلامية في مجالها الإبراهيمي، واضعاً أبناء إسماعيل في صلب "التدبير الخلاصي". وعلى الرغم من أن أطروحاته، بوصفه لاهوتياً وعالِم إسلاميات في آن، أتاحت له قراءة مصادر الديانتين، ظل مخلصاً -إلى حد ما- لـــ"مرجعيته الدينية"، وإن انتفض عليها؛ فقد بقيت شرعية الإسلام ـ عنده- شرعية منفصلة، على خلاف مبارك الذي أسس للأصالة الإبراهيمية الإسلامية، وطابعها التوحيدي.
اتجه الحايك إلى إدراج الإسلام في "اللاهوت الطبيعي"(43)  Théologie Naturelle"" من أصل إبراهيمي"، واتضح ذلك في كتابيه الأساسيين "سر إسماعيل" و"العرب أو معمودية الدموع"؛ مستبعداً الطابع الإلهي للوحي القرآني أو المحمدي؛ هذا الاتجاه أتى انعكاساً للخطاب الديني الرسمي الكنسي حيال محمد، فنصوص المجمع الفاتيكاني الثاني، صمتت عن إشكالية المكانة النبوية في تاريخ الوحي؛ ويبدو لنا أن المسيحية الرسمية لم تدرك بعد "القوة التوحيدية الهائلة" للإسلام، فنظرت إليه من زاوية فرعية.
وفي تحليل على صلة بمسارات التفكير حول ثلاثية: إبراهيم، إسماعيل، محمد، يمكن الاستنتاج أن إسماعيل، هو الغائب الأكبر في التاريخ الكتابي وتقاليده، فلا يحضر إلاّ بصورة الأب/ البطريرك إبراهيم، ويبدو موقعه ضبابياً في مجال التوحيد الإبراهيمي، إذ جعله الطرد والإقصاء وآلام الانفصال، قصياً مثل أمه هاجر، الأمة/ الأميرة، الأم الكبرى في الإسلام العربي.
من المفيد البناء على "اتجاه الحد الأعلى" في دراسات الإسلام، المنضوي فيه ماسينيون والحايك ومبارك، لاستكمال "الانقلاب الكوبرنيكي" الناقص في المسيحية الرسمية. طبعاً، ثمة قفزات هائلة قام بها علماء اللاهوت المعاصرون في آرائهم حول "التعددية الخلاصية"، فطور بعضهم مواقف الكنيسة تجاه غير المسيحيين، كما نصّت عليها وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني. نستحضر هنا خلاصة الفيلسوف واللاهوتي البريطاني جون هيك John Hich (1922-2012) الذي قال: "إن أديان العالم كلها تتصل بالحق المطلق، لكن بطرق عدة. فقد أنتجت الظروف التاريخية والثقافية المختلفة وسائل خلاص مختلفة ومفاهيم مختلفة عن الحق؛ أي الله" (44)؛ هذا يعني أن الخلاص يشمل جميع الناس.
 
 
* هناك جزء أول نشر في (الثقافة الجديدة)، العدد 442/كانون الثاني 2024 ... لذا اقتضى التنويه -المحر
 د. ريتا فرج : باحثة ومحاضرة لبنانية في علم الاجتماع ودراسات المرأة.
 
 
الهوامش :   
(1) البصري، عمّار، كتاب البرهان وكتاب المسائل والأجوبة، حققه وقدم له: ميشال الحايك، سلسلة جديدة، الشرق المسيحي، دار المشرق، بيروت، الطبعة الأولى، 1986. إلى جانب تقديم الكتاب في العربية كتب الحايك تقديماً مطولاً بالفرنسية يشرح فيه الإطار التاريخي لحياة عمّار البصري ومضمون المخطوطة.
(2) للمزيد من التفاصيل حول حياة عمّار البصري ومحيطه التاريخي راجع:
Mikhail, Wageeh, ‘Ammār al-Baṣrī’s Kitāb al-Burhān: A Topical and Theological Analysis of Arabic Christian Theology in the Ninth Century, a thesis presented to the University of Birmingham in fulfillment of the requirement for the degree of doctor of philosophy, Department of Theology and Religion, 2013, (445 pages).
(3) البصري، مصدر سابق، ص7.
(4) المصدر نفسه، ص7.
(5) المصدر نفسه، ص8.
(6) المصدر نفسه، ص8.
(7) المصدر نفسه، ص9.
(8) راجع:
Graf, Georg, Geschichte der christlichen arabischen Literatur, Città del Vaticano : Biblioteca apostolica vaticana, 1944-1953.
(9) البصري، مصدر سابق، ص11.
(10) إن وَسْم هذا الجنس الأدبي بــ"الردّ على النصارى" يعود إلى المؤلّفات الأولى في ذلك: الرد على النصارى لعلي بن ربَّن الطبري، والرد على النصارى للقاسم بن إبراهيم الرسّي، والرد على النصارى للجاحظ، والرد على النصارى للكندي الفيلسوف. انظر: السيد، رضوان، "التفكُّر الإسلامي في المسيحية: الجدال والحوار والفهم المختلف في العصور الوسطى"، موقع حكمة، 21 ديسمبر (كانون الأول) 2012، على الرابط الآتي:
(11) البصري، ص12.
(12) المصدر نفسه، ص12.
(13) العايب بالحاج صالح، سلوى، المسيحية العربية وتطوراتها من نشأتها إلى القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الثانية، 1998، ص67-68.
(14) المرجع نفسه، ص81-82.
(15) المرجع نفسه، ص88.
(16) الربيعي، فاضل، المسيح العربي، النصرانية في الجزيرة العربية والصراع البيزنطي –الفارسي، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2009، ص32 وما بعدها.
(17) الحايك، ميشال، المسيح في الإسلام، دار النهار، بيروت، ط 4، 2009، ص29.
(18) المرجع نفسه، ص9.
(19) المرجع نفسه، ص10.
(20) المرجع نفسه، ص13.
(21) المرجع نفسه، ص94.
(22) هالم، هاينس، الغنوصية في الإسلام، ترجمة، رائد الباش، مراجعة سالمة صالح، منشورات الجمل، بيروت، الطبعة الثانية، 2010، ص7 وما بعدها.
(23) للمزيد حول أطروحة مبارك حول الأصالة الإبراهيمية للإسلام انظر: 
فرج، ريتا، "يواكيم مبارك: الإسلام إبراهيمية أصيلة... رؤية مسيحية"، في: المسيحية والإسلام: العلاقات، المعرفة، الأخوة، (مجموعة باحثين)، مركز المسبار للدراسات والبحوث، دبي، الكتاب التاسع والأربعون بعد المئة، أيار (مايو)  2019. فرج، ريتا،  "الأب يواكيم مبارك: الحوار الإسلامي _المسيحي في المجال الإبراهيمي"، في: المصادر التاريخية لمسيحيي الشرق الأوسط، أوراق مؤتمر المركز الثقافي الفرنسيسكاني للدراسات القبطية، 15-17 تشرين الثاني (نوفمبر) ، 2018، مركز المسبار للدراسات والبحوث، دبي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2020.
(24) Moubarak, Youakim, Abraham dans le Coran, Vrin, Paris, 1958. 
(25) Rocalve, Pierre, Louis Massignon et L’islam, Presses de l’Ifpo, : Études arabes, médiévales et modernes, Damas, 2014, ebook, sur : https://books.openedition.org/ifpo/4675?lang=en
(26) Hayek, Michel, Le Mystère d'Ismaël , , éd. Mame, Paris, p. 24.
جاء في القرآن {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (سورة آل عمران، الآية 67).
(27) Aoun, Mouchir Bassil, Le Christ arabe. Pour une théologie chrétienne arabe de la convivialité, Paris, Cerf, 2013, p 206. 
(28) Hayek, Michel, Le Mystère d'Ismaël, , op.cit., p. 35. 
(29) Ibid, p 202.
(30) Aoun, Mouchir Bassil, Le Christ arabe, P 214. 
(31) Le Mystère d'Ismaël ,op.cit. , P 205.
(32) باسيل، مشير عون، من بواكير الفكر العربي الديني المسيحي المعاصر، الأب ميشال الحايك مثالاً فذاً في الوجودية اللاهوتية الناقدة"، ورقة غير منشورة، ألقيت في مؤتمر جامعة الروح القدس- الكسليك عن الفكر المسيحي، عام 2016.
(33)Hayek, Michel, Le Mystère d’Ismaël, op.cit. p. 222.
(34) Ibid, p 217. 
(35) Ibid, p 205.
(36) Ibid, p 250. 
(37) Hayek, Michel, Les Arabes ou le Baptême des Larmes, éd. Gallimard, 1972, p. 209. 
(38) Abou Diwan, Mariam, « Pourquoi "un seul Homme" ? Réponse par "L'Impensé" de Monseigneur Michel Hayek (1928-2005) », Faculté Pontificale de Théologie de l'Université Saint-Esprit de Kaslik (Liban), 2009, p 73.
نحيل على:
Chartouni, Charles, “Michel Hayek : Les Méandres d’un prophète », in : Christianisme Oriental : Kerygme et Histoire, Geuthner, 2007, pp. 10-27.
انظر:
Hayek, Michel, Les Arabes ou le Baptême des Larmes, p. 21.
(39) باسيل، مشير عون، من بواكير الفكر العربي الديني المسيحي المعاصر، مرجع سابق. انظر نقلاً عن عون: الحايك، ميشال، أرض الميعاد، منشورات المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1970، ص35-38. 
(40) Avakian , Sylvie, The turn to the Other: Reflections on contemporary Middle Eastern theological contributions to Christian–Muslim dialogue, Theology Today 2015, Vol. 72(1), p. 78. 
(41) Ibid p, 79. 
(42) Daou, Fadi, Tabbara, Nayla, L’Hospitalité Divine, L’Autre dans le dialogue des théologies chrétienne et musulmane, Lit Verlag, 2013.
 
(43) اللاهوت الطبيعي عبارة عن جملة من المعارف اللاهوتيّة التي يمكن أن يهتدي إليها العقل البشري بيسر ودون حاجة إلى الوحي الإلهي وإن كان اكتمالها رهين هذا الوحي. يعرّف جميل صليبا علم اللاهوت الطبيعي بقوله: "يسمّى علم اللاهوت الطبيعي بالإلهيّات، أو علم الربوبيّة أو الفلسفة الإلهيّة. وموضوعه، عند (ليبنيز)، البحث في العناية الإلهيّة، والحرّيّة الإنسانيّة، وأسباب وجود الشرّ. وأهمّ هذه الموضوعات إثبات وجود الله وحكمته بما يشاهد في العالم من النظام والترتيب". انظر: صليبا، جميل، المعجم الفلسفي. دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1982. انظر أيضاً: اللاهوت الطبيعي، مفاهيم، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، 3 ديسمبر (كانون الأول) 2015، على الرابط الآتي:
(44) مجموعة باحثين، الخلاص المسيحي، اتجاهات أربعة في عالم تعدّدي، ترجمة، ديما معلم، دار المعارف الحكيمة، بيروت، الطبعة الأولى، 2015، ص 33-34.