نيسان/أبريل 28
 
الهجرة ظاهرة عالمية، تقف وراءها أسباب عديدة حسب الزمان والمكان، فتارة الوضع الاقتصادي، وتارة أخرى الحروب أو الظروف السياسية والتمييز الطائفي وقد تكون لأسباب أخرى كأن تكون اجتماعية أو ثقافية. والهجرة العراقية إلى الخارج بدأت منذ القرن التاسع عشر بفعل الحكم العثماني الجائر والحروب الطائفية والظروف الاقتصادية، واستمرت عوامل الطرد إلى بلدان أخرى لتوفر عوامل جذب فيها، فكانت تلك البلدان في  أمريكا اللاتينية وخصوصا البرازيل والأرجنتين، ومن ثم أوربا وأمريكا الشمالية في بداية القرن العشرين، لوجود ظروف وفرص حياة أفضل فيها لما لهذه البلدان من عوامل جذب توفر ظروفا اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وأمنية أفضل.
إن هذا العدد الكبير نسبيا من المهاجرين والذي يزداد باستمرار بفعل استمرار الظروف التي تؤدي إلى الهجرة، وبينهم مهاجرون جدد، معظمهم من الشباب والأطفال، ما زالوا لم ينصهروا في المجتمع بشكل كبير بسبب هجرتهم الحديثة العهد.
 
المهاجرون وسياسة الاندماج:
ان سياسة الاندماج هي نوع من التفاعل الاجتماعي المطلوب لكلا الطرفين، الدولة المستقبلة للمهاجرين والمهاجرين أنفسهم، وعرفت منظمة الهجرة الدولية (IOM)، الاندماج بأنه (يتعلق بعملية ذات اتجاهين للتكيف المتبادل بين المهاجرين والمجتمعات المستقبلة)، أي ان الاندماج يعني الابتعاد عن الانعزالية، والقيام بسلوكيات إيجابية ويساهم في الحياة العامة الاجتماعية والسياسية والثقافية في البلد الذي أختاره للعيش فيه(1). فالمواطن المهاجر في دول الاتحاد الأوربي والذي حصل على تصريح الإقامة أو حصل على الجنسية، يتمتع بالمساواة مع مواطني المجتمع أو البلد الجديد في الحقوق والواجبات، وتتعلق عملية الاندماج بالمستوى الثقافي للفرد والأسرة في عملية اندماج المغتربين، ويبرز اتجاه يؤكد على ضرورة محافظة المغتربين على خصوصيتهم الثقافية، لكن لهذا الاتجاه مخاطره، فقد يؤدي إلى الانطواء وعدم التفاعل مع المجتمع، كون الثقافة هي آلية من آليات التكيف مع المحيط البشري وتسهل عملية التنظيم الوظيفي للمجتمع، والتفاعل الثقافي مهم جدا للعيش في المجتمع الجديد، فيكون من الصعب على المغترب أن يتفاعل مع قيم مجتمع بلد الإقامة الجديد بدون التفاعل والمرونة في التعامل الثقافي ودون التعصب لثقافته، مما يسهل تكيفه مع الحياة الجديدة بشكل أسهل ودون أن يفقد خصوصيته الثقافية، كما أن قدرة المغترب على الاندماج في المجتمع الجديد الذي أختاره هو بنفسه، تجعله يشعر بالارتياح النفسي. ففي دول الجذب، تلتقي عدة حضارات وثقافات في مكان واحد وتندمج وتتشكل علاقات مواطنة جديدة، وتتكون عبر السنين هويات ثقافية جديدة حتى لأبناء البلد الأصليين، هويات تتخطى الثقافات والحدود، فنراها دولا تحوي تنوعا ثقافيا وعرقيا حيث تسود المساواة بين الجميع بالحقوق والواجبات، وتشكلت ثقافات إنسانية جديدة مبنية على أسس مدنية وحضارية جديدة، تنبع من المواطنة حيث يحترم الجميع بعضهم البعض ولا يتم التفريق بين شخص وآخر، خصوصا في هذه البلدان التي اختارها المهاجرون للعيش، لتكون مبادئ الديمقراطية والحرية والمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء قد أخذت أبعادها الحقيقية وترسخت في قيم وحياة هذه المجتمعات، على الرغم من وجود ميل لدى المغتربين للاحتفاظ ببعض عاداتهم وتقاليدهم التي تربوا عليها، لكن الحالة تختلف مع جيل الشباب والمثقفين من جيل الكبار فنجدهم يندمجون بشكل أفضل من غيرهم، ان تشبث بعض المغتربين بقيم وعادات بلدهم الأصلي ربما يرتبط بتأكيد واحترام الذات والخصوصية التي نشأوا عليها وليس من السهل مغادرتها.
بدأت الهجرة إلى أوربا في القرن الماضي، فهناك مهاجرون ضمن موجات الهجرة التي عرفتها أوربا بعد الحرب العالمية الثانية، وتتوفر فرصة للمهاجرين للمحافظة على عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم الدينية، بسبب ترسخ قيّم الديمقراطية والقيّم الإنسانية في هذه الدول، وترسيخ عادات احترام الآخر، ما يساهم في المحافظة على الهوية الثقافية.
كما توجد أعداد كبيرة نسبيا من المهاجرين العرب في استراليا، وحسب الموسوعة العالمية(2)، فقد وصل أول المهاجرين العرب إلى أستراليا عام 1861م، وبعد ذلك توالت الهجرات العربية إلى أستراليا، أما في نيوزيلندا والتي يبلغ تعداد سكانها ما يقارب من 4.3 مليون نسمة، منهم حوالي 78٪ من المجموعات العرقية الأوروبية، وقليل من المهاجرين من قارة آسيا، فعهد الجالية العربية فيها قريب.
 
أوضاع المهاجرين:
اختلفت الأوضاع بالنسبة للمهاجرين في كل أنحاء العالم، وليست هناك أوضاع متشابهة أو ثابتة، ولكن هناك مؤشرات يمكن التوقف عندها منها: ميل المهاجرين إلى تنظيم أنفسهم في جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني أو أي مؤسسات أخرى، من أجل تأطير وبلورة وجودهم وخصوصيتهم في كيانات مميزة، كما تشكلت العديد من الجمعيات الخيرية والتربوية، خاصة بهم. ويلاحظ ازدياد التفاعل والمشاركة أو المساهمة في العمل السياسي، وصعود البعض منهم في بعض الدول إلى المراكز العليا لصنع القرار كوصولهم إلى السلطات التشريعية، البرلمان أو وصولهم إلى مراكز المؤسسات التنفيذية، ومنهم من تبوأ مناصب أكاديمية وعلمية عليا لها ثقلها الدولي، ناهيك عن بروز أعداد كبيرة منهم في مجالات إبداعية مهمة كالأدب والفن التشكيلي والمسرح وغيرها من المجالات الإبداعية الأخرى.
ويزداد الاعتراف بالمهاجرين كونهم مجموعة لها ثقلها وخصوصيتها الاجتماعية في بعض بلدان المهجر، فقد (أضحت قضية الهجرة والمهاجرين أو المهجرين العرب في أوربا، موضوعة على أجندة العلاقات العربية الأوربية بجانبيها الوطني والجماعي)(3). ومن جانب آخر باتت الدول الأوربية المستقبلة تقليديا للمهاجرين تحذر من تدفقهم الواسع، وتحاول ان تغير في السياسات الاتحادية الخاصة بالهجرة والمهاجرين(4).
ومع ازدياد تطور وسائل الاتصال وتبادل المعلومات والخبرات، فقد تقلصت المسافات بين المهاجرين وبلدهم الأصلي على جميع الصعد، ما ساعد على تواصلهم وتفاعلهم مع قضاياه، وقد ساهمت الجالية العراقية في السويد في التصدي أو الوقوف عمليا مع القضايا الملتهبة لبلدهم ولم يفرطوا بانتمائهم وهويتهم، ومنهم من ساهم ويساهم بالدعم المتعدد الجوانب.
معلومات عن السويد(5): السويد من الدول الإسكندنافية التي تقع في أقصى شمال أوربا، تبلغ مساحتها 450 ألف كيلو متر مربع، وتعد رابع أكبر دولة أوربية وتبلغ المسافة ما بين أقصى شمالها وأقصى جنوبها 1600 كم، يتميز فصل الشتاء فيها بالبرودة الشديدة وتصل إلى درجات متدنية جدا تحت درجة الصفر المئوي، تتساقط الثلوج والأمطار خلاله، وتقل ساعات النهار مما يقلص ساعات الضوء، عكس صيفها الذي يكون نهاره طويلا وتمتد ساعات شروق الشمس إلى ساعات طويلة، تكسو أراضي السويد الغابات وتكثر فيها البحيرات الطبيعية والموارد المائية المختلفة.
كانت السويد خلال القرن التاسع عشر عبارة عن مجتمع زراعي فقير، يتميز بالفوارق الطبقية الكبيرة، وهاجرت خلاله أعداد كبيرة إلى أمريكا الشمالية، فقد هاجر خلال الفترة ما بين 1820-1930 ما يقارب 1.3 مليون من السويديين، أي ما يعادل ثلث سكان البلاد آنذاك، إلى أمريكا الشمالية ومعظمهم إلى الولايات المتحدة، وفي نهاية القرن التاسع عشر بدأ تأسيس الأحزاب السياسية بسبب النزاعات الموجودة وأيضا لتنامي التعليم والتثقيف في صفوف المجتمع، ونجح نضال الجماهير في ترسيخ أطر الديمقراطية في البلد خلال العقدين الأولين من القرن العشرين، وحصلت النساء على حق التصويت العام سنة 1921م، وتساوت مع الرجل في الحقوق السياسية، لكن الفروق الأخرى استمرت.
يعيش حوالي 85٪ من السكان في المدن، أكبر المدن هي ستوكهولم، غوتنبرغ ومالمو، في إحصاء عام 2007، قُدر نسبة المولودين خارج البلاد بـ 13.4 % من إجمالي عدد السكان، أي تحولت السويد من دولة طاردة للسكان بعد الحرب العالمية الأولى إلى دولة جاذبة للسكان بعد الحرب العالمية الثانية.
الهجرة الى السويد ليست جديدة، فقد هاجر إليها على امتداد القرون المختلفة شعوب متعددة مثل المان هانزا، الفالونيون، الاسكتلنديون، وأعداد أخرى من شعوب مختلفة، أما الهجرة في العصر الحديث فقد بدأت مع نشوب الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب وبسبب الطلب المتزايد على الأيدي العاملة تمت تلبية ذلك من خلال هجرة أبناء الدول الإسكندنافية وخصوصا من فنلندا وكذلك من بعض الدول الأوربية الأخرى، وخلال العقود الأخيرة بدأت الهجرة من خارج دول الشمال وكانت تتألف بصورة أساسية من اللاجئين وأقارب المهاجرين، وفي العقد الأخير قدم معظم المهاجرين من العراق وسوريا وبولندا وتايلاند والصومال والصين.
وعهد الهجرة العراقية إلى السويد ليس قديما، بل إنه بدأ في العقود الأخيرة، فلم تكن السويد هدفا للهجرة سابقا، ولذلك عدة أسباب موضوعية، منها:
  1. بعد السويد الجغرافي، كونها تقع في أقصى شمال أوربا مما يصعب الوصول إليها. ويفصلها عن أوربا بحر البلطيق.
  2. طقس السويد القاسي شتاء، وكثرة تساقط الثلوج فيها، مما يصعب على المهاجر العربي القادم من الأماكن الدافئة على التكيف مع البيئة السويدية أو العيش فيها.
  3. صعوبة اللغة السويدية، فهي قريبة من عدة لغات، كالإنكليزية والألمانية والفرنسية، مما يصعب دراستها والتفاهم بها، كما أنها ليست من اللغات المنتشرة عالميا، فالعراقيون يفضلون دولا تتكلم الإنكليزية كونهم لن يحتاجوا لفترة طويلة لإتقان لغة البلد، ومن ثم البدء بالعمل أو التعليم أو الاندماج مع المجتمع.
  4. انغلاق المجتمع السويدي نوعا ما، فهو من المجتمعات التي تعد صعبة الاختلاط، وليس ذلك نابعا من طبيعة عنصرية أبداً، بل أن المجتمع هنا لا يميل إلى الاختلاط حتى بين أبناء البلد أنفسهم، لذا فالعراقيون لا يميلون لمثل هكذا مجتمعات، كونهم سيشعرون بالغربة بشكل أعمق.
لكن يلاحظ في العقود الأخيرة، تفضيل البعض من العراقيين الهجرة إلى الدول الإسكندنافية وخصوصا السويد لعدة أسباب:
  • هذه البلدان تعد من البلدان التي وصلت إلى مرحلة مثالية من الرفاه والتطور الاجتماعي، وتتوفر فيها الضمانات المعيشية، وتضمن السكن والعيش الطبيعي، والضمان الاجتماعي والصحي للأسر، حتى لمن هم بدون عمل، مما يشجع العديد من الذين لديهم أطفال على الهجرة إلى هناك، حتى وأن لم يتوفر العمل.
  • كذلك تنعدم تقريبا الروح العنصرية بين أفراد المجتمع السويدي، ولا توجد هناك تفرقة أو رفض للأجانب، والقوانين صارمة ضد التمييز أو التعصب بكل أنواعه، قياسا بدول أخرى.
  • تتوفر الفرص الكبيرة والمتاحة للجميع الدراسة والتعليم والإبداع وممارسة الهوايات الثقافية وغيرها، مما يشجع المبدعين والمثقفين ومن يرغب بالدراسة الهجرة إليها.
  • السويد والدول الإسكندنافية بشكل عام من البلدان التي يتوفر فيها الأمان والاستقرار، فهي من البلدان المحايدة وتنبذ الحروب، ولها سياسة واضحة، وتدافع عن قضايا شعوب العالم الثالث، ومنها القضايا العربية العادلة، وقد تغير ذلك في الفترة الأخيرة خصوصا بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وطلب السويد الانضمام إلى حلف الناتو.
  • يمكن إضافة عوامل أخرى مثل التسهيلات في منح الإقامة ومن ثم الجنسية إلى فترة قريبة، لكن الآن ازدادت التعقيدات بالنسبة لجميع المهاجرين.
أعداد العراقيين في السويد:
واجهتنا مشكلة تحديد أعداد العراقيين بدقة، فدائرة الإحصاء المركزي تعطي أرقاماً عن المهاجرين من حملة الجنسيات الأجنبية، وإحصائية لمن ولدوا خارج السويد وإحصائيات لمن ولدوا داخل السويد من والدين أو أحدهما أجنبي، كذلك لدائرة الهجرة أرقام مختلفة، وما زالت أعداد أخرى لم تسجل في السجلات المركزية كونهم من الذين رفضت طلبات إقامتهم أو لجوئهم، فيبقون مختفين عن أعين السلطات، وهنالك من ينتظر لم الشمل مع عوائلهم، لذا فأعدادهم تتصاعد باستمرار.
علما ان العديد منهم وصلوا إلى السويد بعد أن مزقوا جوازات سفرهم أو وصلوا بوثائق مزورة اضطروا لأتلافها قبل وصولهم السويد، وكذلك الحال بالنسبة لمن ولد في مكان مغاير لبلده، فالسويد لا يمكن أن تحدد رسميا أصولهم كون القوانين صارمة بهذا الخصوص، حيث يعد جواز السفر الرسمي هو الوسيلة الأساسية لاعتماد بلدانهم وحتى من يحملون جنسية مزدوجة أو ولدوا في بلد وهم من آباء بلد آخر، فالقانون ينص: (بالنسبة إلى دولة الجنسية، قد يحمل المسافر جنسية مزدوجة لكن لا يتم تسجيل إلا الجنسية الخاصة بجواز السفر الذي يقدمه المسافر) .لم تكن أعداد العراقيين  في السويد كبيرة لكنها ازدادت خلال العقود الأخيرة، حيث شهدت نزوح أعداد كبيرة من العراق خلال الحروب والأزمات وجاءوا كلاجئين وأصبحوا أكثرية قياسا بالمهاجرين العرب، وقسم منهم وصل إلى السويد ضمن حصة السويد المقررة من طلبات اللجوء الخاصة بمكاتب الأمم المتحدة، فالعراقيون اليوم يمثلون أكثر من 2% من المجتمع السويدي وهي نسبة كبيرة، فهم الآن أكثر من 200000 عراقي(6)، ولهم العديد من الجمعيات والنوادي وأماكن للعبادة لمختلف الأديان والطوائف، وتقوم بنشاطات عديدة، منها الاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها، وهنالك العديد من الأطباء والأساتذة الجامعيين والمهندسين والخبراء ناهيك عن المبدعين في المجالات العديدة في الفن التشكيلي والمسرحي وفي الأدب بشكل عام وغيره.
وتشير إحدى الدراسات إلى افتقار (الدراسات إلى استطلاع أسباب تفضيل البعض في السنوات الأخيرة الهجرة إلى ألمانيا والدول الإسكندنافية)(7).
يعيش العراقيون في السويد في ظروف معيشية جيدة ، فكل شيء متاح للأطفال، وهنالك مغريات لزيادة الإنجاب، فجميع المقيمين مشمولون بالدعم والضمان الاجتماعي، وتدعم الدولة بشكل كبير المهاجرين ليصبحوا مساهمين في إدارة البلد، حيث يحق لمن حصل على الإقامة الدائمية وحتى قبل أن يتجنس أن يشترك في التصويت بانتخابات البلدية، ومن تجنس يحق له التصويت للانتخابات البرلمانية، والتجنيس يكون بعد حوالي خمس سنوات من الوصول إلى السويد، وهو سهل الحصول عليه إذا لم يرتكب الشخص مخالفات يعاقب عليها القانون، ويحق للمتجنس أن يعمل في السياسة. وينتمي البعض للأحزاب ووصل بعضهم إلى البرلمان السويدي، منهم مراد آرتن عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السويدي (وهو من أصل عراقي) من حزب اليسار السويدي، وعبير السهلاني من العراق (عن حزب الوسط) التي فازت في انتخابات 2010م، والآن هي عضو في البرلمان الأوربي، وآخرين.
وعلى الرغم من أنّ السويد لا تضع عراقيل أمام الراغبين في العمل السياسي من الأجانب المقيمين إلاّ أنّ نسبة الأجانب الموجودين داخل المؤسسات السويدية قليلة للغاية، وقد يعود السبب إلى عدم اكتراث الأجانب بالهمّ السياسي السويدي.
يعاني البعض من صعوبة الحصول على العمل، وتزداد نسبة البطالة بينهم مما يعرقل اندماجهم في المجتمع السويدي، وحتى حملة الشهادات العليا يصعب توفر فرص العمل الملائمة لهم مما يضطرهم للعمل أو الدراسة للحصول على فرص عمل بعيدة عن اختصاصهم ورغبتهم.
ويقف حاجز اللغة عائقا لبعضهم كون اللغة السويدية ليست متداولة عالميا، كما أن الاندماج مع المجتمع ليس سهلا، ويرى خبراء الاندماج السويديون ان رهانهم على أبناء المهاجرين الذين يعيشون منذ طفولتهم مع السويديين ويتعلمون اللغة بشكل جيد.
هذا لا يعني أن الكبار جميعا لم يندمجوا مع المجتمع، فمنهم من ذاب في المجتمع الجديد، وآخرون ما زالوا متعلقين بكل القيم والعادات والتقاليد التي يحملونها على الرغم من الصعوبات لاستمرار هذا النهج، فالإنسان هنا مجبر أن يحترم ويطيع القوانين السويدية ويعاقب إذا ما تجاهلها، وهناك من يحاول الاندماج والانفتاح والمزج بين الحضارتين متجنبا السلبيات في المجتمع الجديد قدر الإمكان ويبتعد عن سلبيات الماضي، وهذه المسألة ليست بهذه السهولة، فهناك صراع داخلي يواجهه المرء.
 ويفضل معظم الآباء مشاهدة البرامج العربية في الفضائيات العربية مما يزيد من تباعدهم عن اللغة السويدية وعدم إتقانها، فهم لا يشاهدون البرامج السويدية ولا يتابعون النشاطات السياسية والثقافية السويدية، ويكون معظم احتكاكهم الاجتماعي مع أبناء بلدهم، وفي أماكن السكن تتجمع الجاليات في مدن وأحياء معينة، مما يباعدها عن المجتمع أكثر، فيقل الاحتكاك والاندماج.
كذلك تقوم السويد كدولة بمساعدة الأجانب وتوفر لأولادهم فرصا لتعلم لغتهم الأم أي اللغة العربية وحتى الكردية، حيث تتوفر في كل المدارس من المرحلة الأولى إلى المرحلة التاسعة دروس تخصص للّغة الأم.
 لقد أسس العراقيون النوادي والجمعيات العربية، وتقوم هذه المؤسسات بنشاطات مختلفة اجتماعية ثقافية وغيرها، وهي عامل مهم في حياة العراقيين كونها تمثل مجالا جيدا لتواصلهم وتفاعلهم مع بلدهم العراق وعاملا للحفاظ على الخصوصية الثقافية وتوطيد اللحمة الوطنية، ويعمل في إدارتها العديد من المتطوعين، وهدفهم السعي لخلق أجواء من الترفيه والفرح والبهجة والتواصل مع بعضهم البعض.
 
 
محمد الكحط باحث وأكاديمي عراقي، مدرس في الاكاديمية العربية في الدنمارك. أصدر كتاباً بعنوان (عادات التلقي لدى المهاجرين العرب للقنوات الفضائية/ المهاجرون العرب في السويد أنموذجاً – دراسة ميدانية) ط 1 / 2016 – مطبعة شفيق / بغداد.
 
 
 
الهوامش :
-  منظمة العمل العربية، التقرير العربي الأول 2006، ص297.
2- http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%B1%D8%A8#cite_note-7(تاريخ الدخول 18 مارس 2010م).
3- مسعد، نيفين، وآخرون. 2005م، عرب المهجر، (معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة).  ص 102.
4- المصدر السابق ص18.
5- Anika Agebjörn, trans. Nael Touqan, STATENS INVANDRARVERK, FIRST PUP. 1990, P6-P10.
7- مسعد، نيفين، وآخرون. 2005م، عرب المهجر، (معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة).   ص113.