أيار 18
   
   كتبت عن تجربة رسام الكاريكاتير العراقي خضير الحميري عدة مرات متفرقة؛ ولكنني الان اشعر ان جمْع شتاتِ ما كتبت في نص واحد بات حاجة ملحة لمتابعة النتاجات المستمرة، والتطورات المتلاحقة للرسام الحميري.
 
الطبيعة المزدوجة للكاريكاتير
 كنا، وما زلنا، ننطلق من فرضية أولية بان فن الرسم الكاريكاتيري يشترك مع فنون الصحافة، وخاصة الصورة الفوتوغرافية الصحفية، بـ(ازدواج) الطبيعة ذاته، واجتماع التناقض بوجوب:
 أولا، تحقق الاشتراطات المادية (الشيئية) التي تشكل الوجود الجوهري للرسم، وضمنه: الكاريكاتير والفوتوغرافيا لتتحقق صفة (الفنية)، وثانيا، تحقق الطبيعة التوثيقية بأهدافها النثرية والتسجيلية، وبذلك يكون الرسم الكاريكاتيري مؤسسا على الجمع بين:
أولا، طبيعة العمل الفني، في توفر الاشتراطات الجمالية، وثانيا، طبيعة النص المدون المنشور في وسائل الصحافة بأهدافه الصحافية الإبلاغية.
 
الواقعة (البصر/مادية) للكاريكاتير

    ان رسام الكاريكاتير خضير الحميري، في معرضه (كراسي) الذي أقامه في قاعة (رؤيا)، بان النتائج المتحققة، لهذا الجمع في الرسم الكاريكاتيري ينتج تواشجات نادرة، وتفاعلات بين وقائع تشكل بمجموعها الرسالة الكاريكاتيرية؛ فتتشكل شيئية الرسم الكاريكاتيري، او ماديته، غالبا من:
أولا، مادية الحبر الصيني بخطوطه، ومساحاته الداكنة، وتنتج أيضا عن: ثانيا، مادية اللون، الذي بدأ يخالط الحبر بدرجات متفاوتة، في الآونة الاخيرة، وتتضمن مادية الرسم كذلك: ثالثا، شكل الحروف التي يكتب بها الرسام تعليقاته، وان هذه الوقائع كلها، نعدها وقائع بصرية، وعلاماتية، غنية دلاليا، وذات طابع ثقافي متواطئ عليه في الثقافة الشعبية العراقية، وهو ما اعطى تجربة خضير الحميري فرادة أسلوبية متميزة.
 
كاريكاتيريو ما بعد غازي
    لقد افرزت مرحلة سبعينيات القرن الماضي في تاريخ الرسم الكاريكاتيري العراقي، ما اسميته (جيل ما بعد غازي) في الكاريكاتير العراقي، وهم رسامون مهمون فتحوا ابواب الحداثة في الكاريكاتير العراقي، ومنهم: نزار سليم، مؤيد نعمة، رائد نوري، بسام فرج، عبد الرحيم ياسر، منصور البكري، شهاب الحميري، خضير الحميري، كفاح محمود، ضياء الحجار، وقد كانت تأثيرات التجارب الكاريكاتيرية المصرية تدخل الكاريكاتير العراقي عبر المجلات المصرية التي كانت تصل العراق عن طريق مجلتي (روز اليوسف) و(صباح الخير)؛ فكانت توجهات غالبية جيل ما بعد غازي تقليلية، وقد يكونون متأثرين، في ذلك، بالاتجاهات التقليلية المصرية، التي يسميها خضير الحميري نفسه، (اللبادية)، نسبة الى الرسام المصري محيي الدين اللباد، وكانت هذه النزعة التقليلية قد اثرت على (واقعيي) الكاريكاتير العراقي: بسام فرج وخضير الحميري، وعلى (تجريديي) الكاريكاتير العراقي: مؤيد نعمة ورائد نوري وكفاح محمود، وخلقت جيلا يحاول ان ينتهج خطا وسطا محاولا تطوير اسلوب (غازوي) بطريقة مطورة ومحافظة على التفاصيل الضرورية.
 
تنوع اشتغالات الحميري
   تتنوع اشتغالات خضير الحميري في حقل الكاريكاتير، الى طيف واسع يمتد من: القصص الصحفية الكاريكاتيرية (فيجرستوريـ/ـكاتيري) التي جعلت الكاتب حسن العاني يعد (الكاتب الصحفي) خضير الحميري ينافس (رسام الكاريكاتير) خضير الحميري، وهو نمط يمارسه الحميري، ولم يدخله ضمن كتابه الأخير (رسوم مندسة)، وربما يمكن ان يسعه كتاب قادم، وهي رسوم يصاحبها تعليق يقوم مقام القصة في توضيح مقاصد الرسام، وهو نمط قد يكون في الطرف (الآخر) للرسم (بدون تعليق)، وقد يوضع التعليق أحيانا بيافطة علوية تشكل فعليا عنوانا للرسم وشرحا لقصته، كما يتمثل التنوع في تعدد الياته المادية بالرسم: من خلال التكبير والتصغير حسب أهمية أبطاله في الحدث الكاريكاتيري، الى استخدام التحبير والمساحات المتباينة، الى استخدام الألوان بوعي، او تشكيل اللوحة من عدد متسلسل من الرسوم لتشكل باجتماعها موضوعا وسيناريو و(عملا) واحدا.
 
التعبير عن الروح المحلية
     ما زالت دعاوى التعبير عن الروح المحلية فاعلة في منجز خضير الحميري، وان اختلفت، عما ساد الرسم العراقي منذ بداياته، فقد كان الحميري قادرا على صهر المحركات الشعبية (السرية) للثقافة العراقية بوعي عال، حتى انه لا يمكن تلقي العديد من نتاجاته الكاريكاتيرية من دون هضم دقائق الثقافة الشعبية العراقية، ولا يمكن استيعاب الأعمال المنشورة في كتاب (رسوم مندسة) دون الالتفات الى المرحلة التي أُنجز فيها كلُّ رسم، للربط بين التاريخ المثبت على الرسم وبين ما جرى من أحداث في ذلك التاريخ.  فالحميري يعول كثيرا، على تلقي أعماله استنادا الى الخزين الثقافي في المجتمع العراقي، وخصوصية ذلك الخزين، الذي تلعب فيه: المفارقةُ، والنكتة، والطرائف، الثقلَ المحسوس، مما جعل ظهور الجاحظ، وغيره من كتاب النوادر الفكهة، انبثاقا طبيعيا في الثقافة العراقية، وهو ما يجعل تلقي رسوم الحميري نابع من افق متوقع تبنته الثقافة الشعبية العراقية منذ القِدم، وهو ما يجيد الحميري التلاعب به، وعليه. ان المفارقة العالية في رسوم الحميري تثير بالقارئ متعة البحث عن (نسخة الحميري) من الواقع، واكتشاف اوهام توقعات ذلك القارئ، التي يجيد الحميري كسرها سواء بطريقة مضحكة، او محزنة ومبكية، بسبب التعارض المحزن بين واقع الحياة الذي يقدم الحميري نسخة منه بطريقة مبالغ بها، وبين النسخة اليوتوبية لأفق التوقع المقبول بشريا للحياة في حدها الأدنى.
 
الفكرة الواضحة والبعد الثقافي:
 ينطوي هذا العمل على فكرتين، واحدة واضحة يتلقاها المتلقي البسيط او العابر، وفكرة غائرة تحتاج إلى درجة من التأهيل الثقافي، حيث يحيل الكتاب الظاهر في الصورة (قصة الفساد ج1)، واجزاؤه الموضوعة على الطاولة الى كتاب ديورانت (قصة الحضارة) بأجزائه العديدة كإشارة الى ان الفساد مديد تماما كقصة الحضارة الإنسانية.
(أبطال) أيقــونيـــون! بلا بطولات.. وتاريخ بلا حوادث!!
    يتخذ ابطال رسوم خضير الحميري تركيبتهم كأيقونة شكلية تتم صياغتها بعناية فائقة، فنماذجه التي يقدمها المرة تلو الأخرى انطوت على انزياحات شكلية اتخذت ثباتا ملفتا، ومؤثرا، فلقد نوهت في موضوع سابق الى العلامة التي اتخذها سياسيو العراق في تجربة الحميري كانت تتمثل بإكسسوارات متميزة تتألف من: نظارة (جعب استكان) او نظارة سوداء تخفي العيون. وانف معقوف مرتفع، لا يقصه السيف، كأنف السياسي.. وسبابة نافرة، كسبابة صدام حسين، وعلي عبد الله صالح، واعجاز كبيرة وصفها الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني بانها هي التي تملا الكرسي وتفيض فيتمسك بها الكرسي بقوة، وهي ترمز الى التنعم بأموال العراق، تلك الاعجاز التي كان والدي العامل الأمي يعدها علامة سيميائية للطبقات المتنفذة بالمجتمع العراقي ايام الخمـسينيات؛ وكأن الطريق الى طبقة البرجوازيين لا يمر الا منها!، وان كل هذه السمات الشكلية تؤثث الفكرة، عند الحميري، وتهيء المتلقي للنظر الى الشخصية المحورية، التي تمثل صوت الشعب، التي تقع عليها أوزار الأفعال السيئة للسياسيين العراقيين، وهي شخصية العراقي (حنظلة)، الرجل المسحوق، الذي كانت اهم خصائصه الشكلية: الظهر المحدودب، والعرق المتصبب، والوجه (المجعوص)، واهم الانزياحات المخالفة لقواعد التشريح المتعارف عليه: شكل اليد المحنية عكس اتجاه المفصل، وكل هذه التوكيدات الشكلية يتلمسها المتلقي بسلاسة ودون ان يفكر بتفاصيلها، ان كانت تطابق القوانين التشريحية ام لا.
حنظلة الحميري!
غالبا ما يقوم الحميري بدس صورته، مثل (حنظلة) ناجي العلي، كنموذج للعراقي المسحوق الذي أفنى عمره ماشيا على قدميه، حاملا أوراقه، ومجرجرا نفسه خارج الورقة، التي تعني الوطن.
 
(رسوم مندسة).. تجربة مفارقة في الكاريكاتير العراقي
    ان ما نشره خضير الحميري، في كتابه (رسوم مندسة)، تجربة مفارقة في الرسم الكاريكاتيري العراقي، فقد قسم الحميري كتابه الى (فصول) عنونها بمقتبس نصي ربما تكون له علاقة مع رسوم كل فصل، وعلى المتلقي ان يستثمر فطنته وثقافته لإيجاد هذا الترابط، الذي سيكون شخصيا بالتأكيد، وهو كتاب لا يمكن الحديث عنه بل رؤيته بصريا، سوى انه يعرض تجربة الحميري من عام 2004 الى 2021.
ان اهم ما يميز تجربة الحميري قدرته في الوصول بالفكرة والشكل الى اشد درجات البساطة، مع القدرة على ان يشكل العمل دبوسا واخزا (يسميه رولان بارت الوخزاو البنكتوم (punctum))، وهو الذي يدفع المتلقي لاتخاذ موقف من قضية ما..
والبنكتوم (الواخز) هنا هي المفارقة التي نعدها العنصر الأهم الواجب توفره في الاعمال الأدبية، وهو يتنوع من البساطة، الى الطرافة، الى البعد الثقافي الذي يحتاج متلقيا مثقفا ومتعلما:
 
قوة الخط وقوة الفكرة.. وبساطتهما
    تتوفر رسوم الحميري على اهم خصائص الخط القوي، فخطوطه القوية التي انتهت اليها تجربته هي ذاتها ما كان اكده الشاعر الرسام وليم بليك بان اهم عناصر الخط: "القوة والبساطة".. الحميري يمتلك هذين العنصرين بدراية وتمكن.
 
(رسوم مندسة) ترزم العراق في البومات 
     تؤكد سوزان سونتاغ في كتابها حول الفوتوغراف، بان الصور الفوتوغرافية، وهي ترزم العالم تلوح بانها تغري بالرزم، فهي تحبس في البومات، او تنشر في الصحف والمجلات، او يصنفها الناشرون في كتب، و"لعقود عديدة، كانت الكتب الطريقة الناجحة الأكثر في ترتيب (وعادة في تصغير) الصور الفوتوغرافية، لتضمن لها طول العمر ان لم يكن الخلود (ص11)، فلا تفقد الصورة الفوتوغرافية، كما هو الرسم الكاريكاتيري ميزاتها الجوهرية حين يعاد انتاجها في كتاب، بسبب انتفائها الى قضية النسخة الاصلية التي يشترطها وجود اللوحة، انه امر شديد الاهمية اذن ان تجمع نتاجات الرسام في كتاب يعصمها من الضياع، اولا، وييسر على الكتّاب والباحثين ان يجدوا كمّا كافيا من النتاج مجتمعا في مكان واحد، وهو ما فعله خضير الحميري.
منذ صفحة الغلاف الأولى لكتاب (رسوم مندسة)، لا يكتفي الحميري بدس صوره ضمن الكتاب الالبوم، ولا يكتفي بدس انفه (الضخم) في كل شان، حاله في ذلك حال المثقف الباندي، نسبة الى جوليان باندا في كتابه الشهير (خيانة الاكليروس)، الذي يعد المثقفَ مسؤولا عن ابداء موقف بكل المشكلات الحياتية، بل لا يكتفي خضير الحميري بذلك، بل يدس نفسه في صورة الغلاف، وعلى القارئ؛ لأجل الحصول على جائزة وهمية منا، اكتشاف صورة الرسام في غلاف كتاب (رسوم مندسة)، في اقل من ثلاث ثوان.
 
معرض (كراسي).. حرب الكراسي وحرب طروادة!
 لا تتطلب عملية التلقي في حالة الكاريكاتير، برأينا، درجة من الانتظار المستسلم كتلك التي تشترط لتلقي الاشكال الخبيئة الكامنة في الغيوم، او السطوح الرثة، فتلقي الكاريكاتير لا يستلزم ذلك الا بشكل طفيف، حيث يستلزم تلقي خفايا ومستويات العمل الكاريكاتيري واكتشاف دلالاته السرية، يستلزم بحثا يماثل البحث عن اشكال الحيوانات والكائنات في الحيطان العتيقة، وفي الغيوم، وهي لعبة تتيح التمثل السلبي لحفريات الواقعة الفنية كآلية اولية فقط تهيئ عملية التلقي باتجاه تفعيل الطاقة التعبيرية لخفايا، ولحفريات (متعرجات) (frottage) سطح النص البصري دلاليا، وباتجاه عمقه الثقافي المسكوت عنه، على حد سواء، ونقصد بحفريات الرسم الكاريكاتيري: الصور، والعلامات البصرية، والمتواطئات الثقافية التي تشكل الدلالات الاعمق فيه، وهي كلها تحكمها نسختان من الواقع: اولا، نسخة الواقع العراقي المعيش كما يعيشه خضير الحميري، وثانيا، نسخة يوتوبية من الواقع وفق اشتراطاته التي تحققت للبشر في العالم المتحضر، وثالثا العمل الكاريكاتيري للحميري الذي يخفي قدرا ويظهر قدرا، وما بين الاظهار والاخفاء يؤسس للمفارقة (البنكتوم) الواخز الذي يكون مضحكا ومبكيا معا.
 
أنسنة الأشياء
    لقد كنت، حيثما اريد الكتابة عن أنسنه الاشياء، يخطر ببالي، بشكل آلي، النحات ايف تانكي والنحات هنري مور، وكيف شاكلا بين اشكال الحصى واشكال البشر، فصارت اشكال الحصى كائنات تشعر وتفرح وتتألم، وايضا يخطر ببالي الرسام السوري يوسف عبدلكي، الذي تحولت بقايا الاسماك والحيوانات والاشياء عنده الى كائنات حية، تعقد صلات مع المتلقين، وايضا كيف تحول البشر الى كائنات بسحنة (بطاطية)، من دون تشديد الطاءات، في لوحة (آكلو البطاطا) لـ(فان كوخ)، بعد معرض (كراسي)، للحميري سأستخدم رسوم الحميري، في معرضه هذا، أنموذجا لأنسنه الاشياء، فلم تعد الكراسي ما كانت عليه سابقا، تكوينا يفيد جلوس البشر، ومصممة لتستوعب اعجازهم بمقاساتها (الطبقية) المختلفة، لقد صارت الكراسي، (بعد) الحميري، أمرا اخر مختلفا، كائنات بدأت: تختلف، وتتخاصم، وتصدر عنها مواقف شتى..
 
أنسنة الكراسي
 لقد كتب الحميري عن الكراسي:
"الكرسي من أشهر قطع الأثاث وأكثرها ألفة واستخداما في حياتنا، فهو موجود في المقهى والرصيف والمطعم والمطبخ والصالة والمدرسة والدائرة والعيادة والوزارة و قاعة الاستقبال وقاعة المغادرة وقاعة البرلمان، وقاعة الامتحان ،وقاعة الانتظار، غير أنه أُختصرَ( وربما شُوهَ) رمزيا على نطاق واسع بدلالة السلطة والهيمنة والنفوذ!.
وقد كان الكرسي حاضرا في مخيال الفنان التشكيلي لأسباب جمالية و فلسفية عديدة، ويُعد كرسي (فان كوخ) الأشهر بين الكراسي المرسومة، كما يُعد الكرسي ذو الرجل المكسورة أمام مبنى الأمم المتحدة في جنيف (لدانيال بيرست) الأشهر بين الكراسي المنحوتة، ودخل الكرسي في أعمال العديد من الفنانين الآخرين كبطل رئيسي للعمل الفني أو بصفة كومبارس، كما كان حاضرا في الأعمال الأدبية أيضا (قصصا وأشعارا ومسرحيات) بدلالته الرمزية أو الاجتماعية أو السياسية، ممدوحا مرة ومهجوا عشرات المرات.
وقد تطور الكرسي تاريخيا من حجارة كبيرة طاب لأحد أجدادنا الأقدمين الجلوس عليها بعد أن شعر بألم في ركبتيه، الى (مسطبة) من الطين أو الحجر صنعها وطورها لاحقا الى (دكة) ثم (تخت) فكرسي بأربع قوائم بلا ذراعين ولا مسند، وبعد فترة نبتت له ذرعان واتكأ على مسند عريض، ثم آلت الأمور أخيرا الى كرسي يهتز ويُدَلِك ويدور ويمشي و.. يطير أحيانا!!".
 
تحولات نمط (التعليق)
     رسوم الحميري الكاريكاتيرية، تحولات نمط (التعليق) الذي يرافق رسومه، فقد تجاوز هذا الرسام الانماط التقليدية: التعليق العادي الذي يكتب اسفل الرسم الكاريكاتيري، او اسلوب التعليق بالفقاعة او الفقاعتين للحوار بين شخصيتين، او اكثر، والتي تؤشر الى شخصية المتحدث بما يشبه السهم الذي يشير اليه، او اختفاء التعليق ليتحول وجوده الى عبارة (بدون تعليق)، الا ان التعليق عنده قد تحول الى (نص) له سمات إخبارية، او حكائية سردية، او معلوماتية، ولكن بأسلوب فكه كاريكاتيري وان كان في الغالب سوداويا حزينا..
وقد كتب الحكيري عن :"الكرسي من أشهر قطع الأثاث وأكثرها إلفة واستخداما في حياتنا، غير أنه أُختصرَ( وربما شُوهَ) رمزيا على نطاق واسع بدلالة السلطة والهيمنة والنفوذ!.
وقد كان الكرسي حاضرا في مخيال الفنان التشكيلي لأسباب جمالية و فلسفية عديدة، ويُعد كرسي (فان كوخ) الأشهر بين الكراسي المرسومة، كما يُعد الكرسي ذو الرجل المكسورة أمام مبنى الأمم المتحدة في جنيف ( لدانيال بيرست) الأشهر بين الكراسي المنحوتة، ودخل الكرسي في أعمال العديد من الفنانين الآخرين كبطل رئيسي للعمل الفني أو بصفة كومبارس، كما كان حاضرا في الأعمال الأدبية أيضا (قصصا وأشعارا ومسرحيات) بدلالته الرمزية أو الاجتماعية أو السياسية، ممدوحا مرة ومهجوا عشرات المرات.
وقد تطور الكرسي تاريخيا من حجارة كبيرة طاب لأحد أجدادنا الأقدمين الجلوس عليها بعد أن شعر بألم في ركبتيه، الى (مسطبة) من الطين أو الحجر صنعها وطورها لاحقا الى (دكة) ثم (تخت) فكرسي بأربع قوائم بلا ذراعين ولا مسند، وبعد فترة نبتت له ذرعان واتكأ على مسند عريض، ثم آلت الأمور أخيرا الى كرسي يهتز ويُدَلِك ويدور ويمشي و.. يطير أحيانا!!".
ان مقتضيات المصلحة العامة تقتضي بأنه كلما (راكمَ) السيد المسؤول من:
 
"مقتضيات المصلحة العامة"
و"خدمةً للصالح العام"
و" بناءً على متطلبات المصلحة العامة"
    كلما أصبحت مصلحته الخاصة في متناول اليد!!..
فساد هذه الفئة السياسية ! وإذا فَسُدت  فان التخلص من بيضة واحدة منها لايجعلها صالحة .. ولذلك .. وحرصا على سلامة عائلتك الكريمة ننصحك بالتخلص منها كاملة.. مع (الكارتونة)!"..
 
دكتوراه فخرية..
     وصف الأكاديمي والإعلامي د. كاظم المقدادي في إحدى مقالاته الساخرة ظاهرة منح شهادات الدكتوراه الفخرية بأنها (منهج لإقصاء العقل الفعال.. بإحالة العلم والعلماء الى دكان البقال).. واتهم (فخرية) ومن لف لفها من شهادات المراسلة والمجاملة بأنها السبب في (استبعاد الجامعات العراقية عن المنافسة الدولية لتصنيف الجامعات الرصينة والموصوفة بالجهد والعلم والكمال).
وتضع الجامعات المرموقة شروطا لا يجوز الاخلال بها عند منح الدكتوراه الفخرية، فهي تخصص لشخصيات بذلت جهدا محمودا في مجال من المجالات يوازي (أو يتفوق) في مكانته جهد البحث العلمي وكتابة الرسالة وخوض غمار المناقشة، ولا تُمنح لمن تمنح لهم الا بعد سلسلة من إجراءات التقييم والمراجعة والتمحيص، ولا تعد شهادة تعويضية لمن فاتهم قطار الدكتوراه الفعلية، كما لا يحق للحاصل عليها استخدامها للحصول على عمل ولا استثمارها لتزيين اسمه بحرف (الدال) بأي حال من الأحوال.
فهي تمنح للشخصيات العامة ويفضل عدم منحها للشخصيات التي تلعب أدوارا سياسية أو شخصيات في مراكز السلطة منعا للتملق والابتزاز وفق الاتجاه البريطاني، كما تمنح للشخصيات العامة المؤثرة والشخصيات التي تقدم الدعم المالي السخي للجامعة لتحفيزها على الدعم المالي الأسخى وفق الاتجاه الأمريكي.. وتذكر الويكيبيديا إن الدكتوراه الفخرية منحت لأول مرة في العصور الوسطى الى رجل دين.. وهو أسقف سالزبوري!
ويبذل بعض طالبي الجاه جهدا (فاخرا) في طلب القرب من (فخرية) وكسب ود مانحيها تمهيدا للاقتران بها واقتيادها الى كليشة السي في.. بعد التقاط السيلفي!
(من رسوم خضير الحميري وكتاباته المنشورة في مجلة الشبكة)
 
تـرقيع
     ابتدع العراقيون، ايام الحصار السوداء اساليب في (الترقيع) لا تخطر عل بال، ومنها كنموذج ترقيع تايرات (اطارات) السيارات القديمة التي كانوا يخرجونها من باطن الانهار، حيث كانت ومازالت تلقى!، ويخيطونها لدرجة انهم لا يتخلون عن اي تاير الا بعد ان (يخلع) اي تتهتك انسجته المعدنية الرابطة..
ويبدو ان النظام العراقي الحالي قد أبدع كثيرا في (تركيع)، اي ترتيق مؤسسات الدولة واحدة واحدة ليسلمها لأعضائه ممن لم يستكمل غالبيتهم حتى جزءا يسيرا من مؤهلاتهم المهنية..
 رسام الكاريكاتير المبدع خضير الحميري يرسم محاولة (ركع) لمفوضية الانتخابات والتي يبدو انها بدأت (تخلع) الان..
*فنان وناقد تشكيلي عراقي يقيم حالياً في باريس