أيار 18
 
     تستعيد القصة القصيرة نمط الكتابة المكثفة، وتُعطي للقاص زاوية نظر يمارس من خلالها الافصاح عن رؤياه عبر تلك الكثافة، وعبر لعبته في توظيف الزمن والمكان والشخصية في نسق سردي، يتكاثف فيه جهده في التأليف، وفي ترسيم حدود كتابته داخل بنية محدودة، أو في سياقٍ يتعقب من خلاله القاص العالم الذي يستعيده عبر القصة، وعبر ما تقترحه عينه السردية من وظائف تقوم على تقانات الحوار، أو اللقطة، او التوتر، أو التشكيل، وهي عناصر مهمة في البناء القصصي..
بعض القصص تتمحور حول مركزية "الأنا الساردة" وبما يجعل التصريف القصصي حافلا بما يغوي به "تيار الوعي" من انثيالات يتواشج فيها الاعتراف بالتذكّر، والحلم بالتصوير، وبما يجعل لعبة القص تقوم على تعيين حركة لسردنة تلك الأنا، تتضاعف أو تتكثف مع طبيعة المجرى السردي، على مستوى صناعة المشهد، أو على مستوى تغذية الوحدات السردية في القصة بشعرية التفاصيل. وثمة بعضٌ آخر من القصص ينزع الى التركيز على الواقع، وتكثيف الرؤية وذلك بكشف ما يمور في عوالمه، او ما يتشكّل عبره من أحداث، أو ما ينطوي عليه من ايقاعات او طاقات اشارية، تتفجّر عبر ما ترصده عين القاص، أو ما تقترحه من مشاهد، هي الأقرب للقطات المشهد السينمائي، أو السيناريو، حيث يتجاور فيها ايقاع الحركة مع ايقاع التعبير عنها، وبما يستجيب الى وجهة نظر القاص، إمعانا في التعبير عن حساسيته، وعن مستوى تمثيله لزاوية نظره.
في القصص التي نشرتها مجلة "الثقافة الجديدة" في العدد الماضي نجد خصوصية السرد الأنثوي هو النسق المؤطِر لها، عبر اختيار خمس قاصات من العراق ومصر والجزائر، توزعت قصصهن بين تقانات التجريب للذات الساردة، كما في قصة "تعاسات من ورق" للقاصة إيمان المحمداوي، وبين قصة المشهد/ اللقطات كما في قصة "زمن الشرفة" للقاصة الجزائرية شميسة غربي، وبين البحث عن الغائب كما في قصة "ايلا" للقاصة تماضر كريم، وبين الاعتراف كما في قصة "اوراق امرأة" للقاصة حسينة بنيان، وبين ثيمة التشظي الداخلي كما في قصة "الوجه الثاني" للقاصة المصرية منال الأخرس.
هذا التنوّع الذي توزعته القصص، كشف عن مستويات مختلفة، في المعالجة السردية، وفي تشكيل ملامح القص، إلّا أن ثيمة التمرد على الواقع، والكشف عن المخفي، بدت هي الأكثر تمثيلا للمجرى القصصي، وفي التعبير القلق الوجودي الذي تعيشه الذات الساردة، فبقدر ما يبدو انحيازها للواقع مخاتلا، إلّا أنها انطوت على معالجات احتشدت فيها  دوال فلسفية ونفسية، كمحتوى رمزي للتعبير عن سيميائية مراقبة تحولات ذلك الواقع، وعبر ما يتبدّى منه في حيوات الشخصيات، من اضطراب أو تمرد أو فضول، أو عبر ما تعيشه من هواجس الفقد التي تعيشها هذه الشخصية  أو تلك، والتي توظَف عين الكاميرا لاداء فعل المراقبة، وتعرية ما يدور في العالم المخفي، أو عبر ما يتجلى في الصراع الذي تعيشه خفاياه الذات، وهي تواجه الفقد والحزن، والالتباس في التعاطي مع مفهوم الثورة والتغيير، أو عبر ما تستغوره شخصيات تتقاطع زوايا نظرها، فتعيش معها اضطرابات التعبير عن ذاتها، وعما يعتورها من قلق وخوف واحساس بالضآلة..
 
السرد وشخصية الورق:
   تُحيل قصة "تعاسات من ورق" للقاصة إيمان المحمداوي الى أطروحة رولان بارت حول سردية "الشخصية الورقية" التي تصنع وعيا مفارقا بالسرد، أو التي يجعلها السارد  أداة للتمثيل السردي، وعلى نحوٍ ارادتْ به القاصة أن تصطنع صراعا داخل بنية سردية، اقترحت لها شخصيات متخيلة، تؤدي وظائف الكشف والنقد، عبر تقانة المؤلف/ السارد،  إذ تنطوي هذه الوظائف على فعاليات سيميائية، وعلى مقاربات يكون فيها السرد أكثر صدقا في التعبير عن الواقع، لاسيما في سياق التحكّم في مسار الشخصيات، فتُسبغ عليهم صفات، تكون معهم" أفضل حالا من السهر قرب أغنية متألمة أو قرب هاتف لا يرن أو قرب شاشة تلمع كقنديل خافت لا ينقل لنا سوى دمعة محترقة"
شخصيتا "ايمان" و"احلام" تتحركان في سياق سردي، يجعلهما تحت ضغط ظروف السرد، فتنمو معهما ثيمة الصراع، ويتأثران بها، بوصفهما كائنات تمثيلية، غارقة في بنية سرد قصدية، تكشف عن الحُجب، وعن لحظات الحب والفقد، وبما يجعلها أكثر حضورا في السياق السردي، على مستوى خرقه، أو على مستوى اعادة توجيهه، ليساعدا على تنامي عناصر السرد الأخرى، والتي تتداخل مع ما يصنعه الايقاع السردي من احالات وتخيّلات، فالشخصية الأولى تتحكم بالحدث، وتقترح توجيه الشخصية الثانية، عبر حكاية رواية داخلية "امرأة في عيون نزقة" لتبدو هذه "التقانة الميتاقص" فاعلة في الحراك السردي، على مستوى انضاج فعل التحبيك السردي، أو على مستوى السيطرة على وظائف الشخصيات، فتفعهما الى اداء وظائف مجاورة، بمنحها دوراً جديداً في كتابة اليوميات، وفي الافصاح عن شغفها السري بتمثيل ممارسة لحظات انوثتها مع حبيبها خالد.
كتابة احلام لليوميات، تخرج من كونها لعبة سردية، الى مايشبه تمثيلها الواقع، فعيش أنوثتها المرتبكة، عبر ترددها  بالبوح عن اسرارها التي ارادتها "نوال" أن تكون جزءا من الوظيفة السردية، لذا جعلتها القاصة تفشل في التدوين، وفي كتابة قصة جديدة، تتمثل وجودها داخل لعبة الورق، لأن ما حدث جعلها تعيش مفارقة الكتابة، لذا تحولت معها الى بؤرة رمزية للتعبير عن الذات، وعن ما تعيشه من خواءٍ وعجز،   اصطدمت بالواقعية الشهوانية لخالد الذي يربط عجزه عن الحب بخيانتها مع امرأة أخرى، والتي تتحول الى "وظيفة معادية" لتبرير دفعها نحو الانخراط بشروط لعبة السرد التي تقترحها "ايمان" التي ترقب مايجري لصديقتها المتخيلة، وهي تعيش تداعيات الخيانة والمرض والمشفى الاحساس بالتعاسة والدونية، والتي تُنهيها الشخصية الأولى بالقول إن ما جرى هي احداث متخيلة وأن ابطالها كانوا من ورق..
اجادت القاصة تصميم حبكتها عبر ضبطها لإيقاع شخصياتها، ولإيحاءاتها في التعبير عن ما تحمله من دلالات مكثفة في مشهد القص، بوصفه مشهدا يُفيد من مكونات بصرية/ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن مكونات رمزية تتمثل أزمة المرأة العاشقة، والمرأة الكاتبة، بمواجهة أزمات الخيانة والاغتراب الداخلي وسطوة المؤلف الخارجي الذي قد يكون المجتمع أو الآخر أو الطقوس الضاغطة..
القصة وسردية البحث عن الغائب:
    في قصة "إيلا" للقاصة تماضر كريم تتحول ثيمة البحث عن الغائب الى موضوعة البحث عن الذات، عبر شفرة  المكان المخفي، وعبر الإنشداد الى اسراره العالقة في الذاكرة كسيمياء غائرة، تتجلى عبر رائحة الأمكنة البغدادية التي تستعيدها القاصة تمثلا لاستعادة الهوية الغائبة، والإحساس بالوجود الناقص خارجها.
يتمثل صاحب التكتك شخصية "المساعد" في البحث عن الغائب، بوصفه توظيفا سرديا لبرنامج "فلاديمير بروب" فيؤدي وظيفة الناقل، أي البطل الظل، الذي ينخرط في عمل اسنادية داخل سردية البحث، وذلك بمرافقة السيدة المهاجرة "إيلا" وهي تبحث عن منزل أبيها القديم في احدى محلات بغداد الشعبية، بعد أن تم تهجير عائلتها.
التنقّل في محلات بغداد بواسطة التكتك، هي لعبة سردية لها إشارتها السيميائية، في مقاربة المنظور المكاني بوصفه تاريخا، فتتحول تلك الرحلة الى لعبة في الحفر داخل سردية المكان، وعبر الكشف عن خفايا المسكوت عنه في ذلك التاريخ العالق بذاكرة العنف والهجرات والطرد الهوياتي، وبما يجعل البحث عن المكان/ البيت البغدادي هو البحث السيميائي عن الذاكرة والوجود، وعن ما يضمره من حيوات اخفتها الأنساق المهيمنة، في التاريخ وفي المثيولوجيا.
العلاقة بين صاحب التكتك والسيدة المهاجرة تتحول من علاقة منفعة الى علاقة اشباع رمزي، ينتقل بها من النفي الى الاثبات، تجمعت فيها ملفوظات سردية غارقة بهواجس الرغبة بالكشف والتواصل والمعرفة، والتي جعلتها القاصة أكثر انفعالا عن طريق اختيار الأنثى للقيام بوظيفة الرحلة، وتحويل العلاقة من المكان الغائب الى علاقة تتقصى الاشباع والاكتمال، فتؤدي الملفوظات السردية وظائف تعريفية للامكنة، وللشخصيات الغائبة، وبقدر ما أن القاصة لم تعمد الى البحث في عالم "إيلا" الشخصي، إلّا أن تمثيلها الوظيفي جعلها تؤدي دورا استعاديا، تقوم سرديته على اساس كسر ايقاع المفارقة الزمنية، وعلى اساس استنفار الذاكرة لتصنع زمنا نفسيا ظل هو المهيمن على تفاصيل القص، بدءا شغف العثور على المكان المخفي، والتجوال الاركيولوجي في عوالمه واسراره، وانتهاء بالعودة الى الفندق، وبقدر ما بدت هذه الرحلة محدودة، لكنها تحولت في السياق السردي الى رحلة قصٍّ عوليسي، غايته الكشف عن الغائب، واستعادة مايمكن أن تصنعه الرؤية السردية وهي تتجاوز مظاهر الحكي الى مظاهر المشاهدة..
 
سردية الاعتراف.. شغف الحلم:
      في قصة "أوراق امرأة" للقاصة حسينة بنيان تتحول ثيمة الاعتراف الى بؤرة مركزية، تتحقق من خلالها القاصة معادلا سردي الايقاع حياتها المضطرب، والمشغول بوعي الجسد وشغفه، وبتحريضه على التمرد، إذ تجد في تتبع ايقاعه مغامرة تقوم على رصد يوميات امرأة تعيش عالم العزل، وعالم الحرب، وعالم علاقتها مع الأب والأخ، ومع القرينة التي تشاطرها لعبة "السرد" عبر ضمير المخاطب.
"اوراق امرأة" هي عتبة عنوان تستكنه السري والأنوي في يوميات تحولاتها، مثلما هي شواغل لهواجسها العميقة، ولما تجاذبها من رغبات وصراعات، بدأت من بحثها عن ذاتها، وشغفها بتقليد الاولاد، وعلاقتها المراهِقة مع إبن الجيران، ولم تنته عند انفتاح وعيها على قراءات قصص الف ليلة وليلة والمنفلوطي، وما اصطنعه من قصص داخلية، كانت هي النظير لهويتها التي بدت أكثر دافعا لتشكيل حساسيتها بالعالم وبالأفكار الجديدة، وبصورة الرجل الآخر الذي بدا أكثر تمثيلا لخيبتها، ولوعيها الشقي الذي ربطه الأخ بتفسيرات مثيولوجية.
ثيمة التحوّل، ليست زمنية بالمعنى الكرنولوجي، بل باتت أكثر قربا ن صدمة الوعي، ومن سيمائية وجودها أمام عالم فقد كثيرا من ايقاعه الرتيب، ليصعد ايقاعها النفسي، المسكون بتساؤلات مفتوحة، وبهواجس البحث عن المكوث في البيت، أو في الحب، او عند عالم الرجل الذي اخذته لعنة الحرب، الى حيث الخراب والثكل والوجع، والعنف الطائفي، والى حيث الانتظار الذي يظل شغفا بالحلم وتوقا للبحث عن اشباعات رمزية، قد تأتي "بعد رحيل السنين"
هذه القصة هي الاقرب لفكرة التكثيف، ولتحويل "الأوراق" الى مشهد استرجاع لايحكمه مونتاج محدد، بل استيهامات نفسية، تتواتر مع رغبتها بالبحث  عن دوال رمزية، تتوزع بين الحب والنهر ورحلة القارب، وهي احالات نفسية وسيميائية تظل حمولاتها رهينة بالبحث الاشباعي التعويضي عن الوجود بوصفه وعيا بالزمن، أو زمنا شخصيا لما هو مدوّن في اوراق امرأة.
 
الوجه الثاني والقص الضدي:
      في قصة "الوجه الثاني" للقاصة المصرية منال الأخرس تتحوّل واقعة تذكّر يوميات الثورة المصرية الى حافز سردي يكشف عن التباسات ماجرى، عبر تقانة استرجاع تلك اليوميات، إذ تتمثّل البنية الحوارية في مجال تمثيلي لمواقف خلافية، حول مفهوم الثورة، وحول تأويلاتها، والتي جعلت من الوجه الثاني بدلالته السيميائية موجّها سرديا للكشف عن ما يمكن أن يحجبه "الوجه الأول"
اعطت هذه القصة للديالوج بين الشخصيات بُعدا اعطى للسرد نكهة تعبيرية، تمثله الايقاع الضدي، الذي يقوم على الخرق، وعلى تتبع الحمولات الرمزية التي تُثيرها عنونة القصة، التي بدت وكأنها عتبة نصية مُستفِزة تقوم على سردنة ما يقترحه الوجه الثاني من مفارقات، يتعرّى فيها الوجه الأول، بوصفه وجه الثورة، وتمثيلا لتحولاتها الاجتماعية، وللهواجس التي كانت تتلبّسها شخصية "نجاة" وهي تتحدث عن "المفارقة العجيبة" وعن مظاهر السرقة والخطف والفقد التي حدثت "اعقاب الثورة" ورؤيتها لمفهوم الثورة الحقيقية، والارادة الصادقة في التغيير، وفي القضاء الفساد والظلم والألم والمرارة.
تدخل سردية المفارقة عبر شخصية "الرجل النادر" الذي يعيش فوبيا الجنون، والخشية من الطبيب النفسي، وإحساسه بأنه مظلوم ومُهدَد، ومحاصر برزقه، حتى بدت هذه العلامات وكأنه تتحدث عن ضحية للسلطة، أو ربما هي اصطناع لشخصية مضطربة، يعيش هواجس الظلم مع ابنه، وكلاهما شخصيات مرسومة بنوع من السرد المجازي الذي يزاوج مابين الواقعية والغرائبية، ويكشف عن التمثيل السردي للتحولات الغائرة في خفايا عوالم "الوجه الثاني"، عبر توظيف ثيمة الاعتراف، أو عبر تمثيل انوجادها في بنيات مكانية، لها حمولتها الرمزية، بدءا من "ميدان التحرير" و التصوير امام دبابة خلف دار الفضاء العالي، وصولا الى عيادة الطب النفسي التي تدخل في السياق السردي بوصفها خرقا للمكان المألوف، واستحضارا للمكان الاعترافي الذي يمكن يكشف عن المخفي والسري في الوقائع المضطربة، والحيوات المضطربة، وعند الشخصيات التي تعاني من اعراض وهلاوس بحثها عن الحب والاشباع العاطفي والرمزي..
 
الزمن الواقعي.. الزمن السردي:
     في قصة "زمن الشرفة" للقاصة الجزائرية شميسة غربي يكتسب زمن القصّ بُعدا دلاليا مُفارِقا وذلك  بتحوله الى "زمن نفسي" ينطوي على حمولات متعددة، تخصّ العين المراقبة من الأعلى، وتخصّ المكان/ الشرفة، مثلما تخصّ "ندى الصباح" التي تتحرّك في زمن ارضي، له احالاته الى الشارع الذي يمور بالفقراء والمتسولين والمدمنين، وكلُّهم يبحثون عن اشباعاتهم الرمزية والواقعية.
البحث عن الاشباه يتحول الى عنصر محرك للأحداث، إذ يدفع توظيف العين الرائية لرصد فنطازيا الشارع، والى توظيف الجسد العاطل وشحذه بالحياة/ الحركة، وهذه المعطيات تُدخل الزمن في علاقة سيميائية مع الأشخاص عبر توصيفهم، ف" ايمن" هو ضحية لشيء ما، يعيش عطالة عبر العين المُراقِبة، و"ندى الصباح" الافريقية السوداء ضحية للفقر واللجوء، تعيش حياتها في الشارع بوصفه مكانا صيانيا، و"العمة" هي اشباع حيوي يحضر في ملفوظات لعبة السرد بوصفه تعويضا عن الغياب والمرض.
تزمين لعبة السرد عبر حشرها في فضاء الشرفة، يجعلها محكومة بسردية ذهنية تقوم على تحويل حدث محدود/ الرؤية عبر الشرفة، الى واقعة سردية، أو الى بؤرة سردية تتمثل عبرها المادة الحكائية واحالاتها النفسية التي تجعل من "السرد البصري" شهادة على وجود علاقة ايهامية مابين الشارع/ المجال السفلي، وبين الشرفة/ المجال العلوي، وكذلك علاقة ما بين عطالة جسد "ايمن" وبين الحركة الصاخبة لـ"ندى الصباح".
هذه العلاقات تنطوي على كثير من الانفعال، فهي ليست تمثيلا للقطات سريعة، أو ايهامات نفسية، بقدر ما هي استنفارات، تبدأ من فضول المشاهدة، الى ايقاظ الجسد وإتصال العمة، وشغب الرجل المدمن في الشارع، وصولا الى لحظته الحسية التي تسكنه بشغفها وهو " يقف على قدميه، يتصبب عرقه، يحمّر وجهه، تنتفخ اوداجه، يتسمّر في وقفته، يراها من بعيد، والوعاء بين يديها، تمشي بخطواتها الواثقة، تمنى لو ترفع رأسها قليلا لتراه، ليلوح بإحدى يديه نحوها"
حرارة هذا السرد، تكشف عن طابعها الاشباعي، والاستفزازي، والتي تجعل من الجسد، أكثر تمردا على زمن الشرفة الراكد، للتماهي مع زمن الشارع الصاخب، إذ تتحول اليد الملوحة في الفراغ الى شفرة نداء للتعبير عن شغف التواصل.