شباط/فبراير 17
   
 
المقدمة:
إنّ ازدياد عدد سكان الكرة الأرضية ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة وفي احيان كثيرة تناقص هذه الاراضي لأسباب عديدة جعل الانسان يلجأ الى ايجاد حلول وبدائل علمية تحقق وفرة في الانتاج الزراعي لإعادة التوازن وسد النقص في الموارد الغذائية التي يحتاجها في ديمومة حياته على هذا الكوكب. لقد تطورت وسائل زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية مع ازديادة الحاجة للغذاء باستخدام تقنيات التطور العلمي والتي بدأت بتقنيات استصلاح الاراضي ومنع تدهورها واستخدام الاسمدة لسد النقص الحاصل في نسبة العناصر الغذائية نتيجة الاستخدام المستمر للأرض، واخيرا ادخل الانسان تقنية الهندسة الوراثية لغرض زيادة انتاجية المحصول واستنباط محاصيل معدلة وراثيا تعطي انتاجا عاليا وتقاوم الظروف الجوية والبيئية مثل محاصيل مقاومة للجفاف لسد النقص في مياه الري ومحاصيل تتحمل ملوحة التربة المتزايدة بسبب سوء ادارة التربة وبسبب التغيرات المناخية وغيرها من التقنيات التي يحتاجها الانسان لغرض الحفاظ على امنه الغذائي. واخيرا ابتكر الانسان تقنية جديدة لانتاج المحاصيل الزراعية، بعيدا عن الظروف الجوية المناسبة التي تحتاجها تلك النباتات من درجة حرارة واشعة الشمس والرطوبة وغيرها من عوامل الانبات حيث بدأ يستخدم وسائل وتقنيات توفر الظروف البيئية التي يحتاجها المحصول لغرض الانبات والانتاج فكانت تقنية الزراعة المحمية التي هي من التقنيات الحديثة في التكثيف الزراعي لإنتاج المحاصيل الزراعية في غير موعدها واوقات انباتها ونموها من خلال تغطية سطح التربة والنبات لحمايتها من العوامل المناخية غير الملائمة مثل درجة الحرارة والضوء ونسبة غاز ثاني أوكسيد الكاربون والرطوبة النسبية وغيرها. وتطبيق هذه التقنية باستخدام الوسائل العلمية الصحيحة يحقق عائدا اقتصاديا للمنتجين. ويزيد إنتاج المتر المربع الواحد من الزراعة المحمية 3 – 4 مرات عن الزراعة المكشوفة. وتعتبر نباتات الخضر التابعة للعوائل الباذنجانية والقرعية مثل الخيار والطماطة والباذنجان والفلفل من اكثر النباتات التي تزرع في البيوت البلاستيكية. بدأ استخدام هذا النوع من الزراعة في عام 1945 - 1955 في الولايات المتحدة ثم تطورت حتى بلغت مساحة الاراضي المزروعة بالبيوت والانفاق البلاستيكية في العالم حوالي 251 ألف هكتار أي ما يعادل مليون دونم وقد احتلت اليابان الدرجة الاولى على دول العالم في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي بمساحة 370 ألف دونم، وجاءت ايطاليا بالدرجة الثانية بمساحة أكثر من 121 ألف دونم، وتأتي فرنسا بالدرجة الثالثة 103 آلاف دونم ثم تأتي بلغاريا واليونان بالدرجتين الرابعة والخامسة بمساحة 53 و43 ألف دونم على التوالي ثم تأتي الدول الاخرى بعده(1). اما في العراق فقد بدأ استخدام الزراعة المحمية في سبعينات القرن الماضي لكنها فشلت بعد انسحاب الشركات الاجنبية التي كانت تدير تلك المزارع. وبعد ازدياد الطلب على الخضراوات وزيادة الوعي لدى المزارع العراقي عادت الزراعة المحمية الى الواجهة وبدأت بالانتشار والتوسع خاصة بعد المبادرة الزراعية التي اطلقتها الحكومة العراقية لدعم القطاع الزراعي بفتح باب تقديم القروض لتشجيع الفلاحين على انشاء المشاريع الزراعية المختلفة والتي بدأت في عام 2008 وبمبلغ اولي قدره خمسائة مليون دولار. والان تلعب الزراعة المحمية دورا كبيرا في توفير الخضراوات لسد حاجة السوق وتشغيل الايدي العاملة ودعم الايرادات الوطنية لرفد الاقتصاد الوطني الذي يحتاج الى زيادة الانتاج المحلي وتقليل استيراد المحاصيل الخضرية.
الزراعة المحمية في محافظة الانبار:
لقد عرف الفلاح الانباري الزراعة المحمية بأبسط صورها ومارسها في انتاج محاصيل الخضر قبل مواعيدها المعروفة وذلك باستخدام ما يسمى زراعة “الداية المغطاة” حيث تزرع بذور بعض الخضراوات مثل الطماطة والباذنجان والفلفل قبل انتهاء فصل الشتاء في احواض من التربة تغطى بالقش او السماد الحيواني او بأغطية بلاستيكية لحماية التربة والبذور والبادرات (النباتات الصغيرة بعد الانبات مباشرة) من الصقيع واجواء البرد الليلية ثم تنقل النباتات الى مكانها الثابت بعد نموها لعمر يمكنها من النمو بشكل طبيعي، وعادة يكون النبات ذا ورقتين كاملتين وتكون درجات حرارة الجو قد اصبحت ملائمة لإكمال النبات دورة حياته، بعد ذلك استخدمت المظلات الخشبية والبيوت الزجاجية لإنتاج نباتات الزينة وبعض بادرات الخضر، ثم انتقل المزارعون الانباريون لاستخدام ما يسمى “الزراعة المغطاة” وهي شكل بدائي للأنفاق البلاستيكية حيث تزرع بذور النباتات قبل موعدها وقبل توفر الاجواء المناسبة للزراعة تحت غطاء من القش او سعف النخيل او الاغطية البلاستيكية ترفع بواسطة اغصان الاشجار ليلا لتكشف في النهار لغرض تعرضها لأشعة الشمس  انتشر استخدامها في تسعينات القرن الماضي بعد توفر النايلون البلاستيكي في الاسواق المحلية بأسعار مناسبة الى ان وصلت الى استخدام الانفاق البلاستيكية الحديثة والبيوت البلاستيكية المتطورة تكنولوجيا  بمساحات واسعة ذات انتاجية عالية. والبيت البلاستيكي هو عبارة عن أقواس إما حديدية أو من القصب يوضع عليها غطاء من النايلون ويحكم بحيث لا يسمح بدخول الهواء داخل البيت ويتم توفير درجة حرارة مناسبة باستخدام وسائل تكيف مناسبة واغلب هذه البيوت تستخدم الري بالتنقيط وتختلف البيوت البلاستيكية بإبعادها حسب نوع المحصول أو حسب إمكانية صاحب المزرعة. إما الانفاق البلاستيكية فهي عبارة عن مروز (كتف بين صفوف المحاصيل تليه ساقية ينساب منها الماء) تغطى بأقواس من الحديد ويوضع عليها النايلون كغطاء لمنع دخول الهواء.
انتشرت الزراعة المحمية في المحافظة بشكلها الانتاجي الواسع بعد 2003 بتشجيع من منظمات المجتمع المدني متخصصة بالجانب الزراعي وتشغيل الايدي العاملة في قرى المحافظة حيث قامت هذه المنظمات بتوزيع ونصب بيوت بلاستيكية وتدريب المزارعين وخاصة الشباب منهم في مناطق مختلفة من مدن وقصبات المحافظة ثم توسع استخدام الزراعة المحمية بعد اطلاق المبادرة الزراعية من قبل الحكومة الاتحادية بعد عام 2007 وتقديم القروض الميسرة للفلاحين الراغبين في إقامة مشاريع زراعية بكل انواعها ومنها اقامة البيوت البلاستيكية. وبعد ان عرف الفلاح الانباري جدوى العمل والاستثمار في هذا المجال وزادت خبرته في ادارة الزراعة المحمية، اقدم العديد منهم على اقامة بيوت بلاستيكية استخدمت لإنتاج المحاصيل الصيفية في اوقاتها المعتادة وفي غير اوقات زراعتها. وتشكل الخضر الصيفية مثل الطماطة والخيار والفلفل والقرع والفاصوليا اهم المحاصيل الخضرية التي تزرع في البيوت والانفاق البلاستيكية وهذه الانواع من الخضر يحتاجها الانسان بغذائه اليومي وعلى مدار السنة، ويستهلك منها كميات كبيرة بأشكالها الطازجة او المصنعة، الامر الذي شجع المزارع والفلاح الانباري على زراعة وانتاج هذه المحاصيل باستخدام الزراعة المحمية التي تتميز عن الزراعة الطبيعية بالعوامل الاتية:
 توفير الجو المناسب لانتاج المحاصيل طوال العام وامكانية الانتاج وتسويق المحاصيل في غير مواسم انتاجها المتعارف عليه حيث يكون التسويق باسعار مشجعة وتحقق ارباح مادية عالية.
  1.  توفير في المساحة المزروعة
  2.  انتاج شتلات ومحصول عالي الجودة خال من الاتربة والامراض.
  3.  توفير في الايدي العاملة وفي المياه باستخدام الري بالتنقيط.
  4.  رغم ارتفاع تكلفة انتاج المحاصيل الزراعية في البيوت المحمية عموما والتي تزيد على مثيلتها في الزراعة المكشوفة لكنها تحقق عائدا اقتصاديا مجديا للمستثمرين وذلك لارتفاع كمية الانتاج في الزراعة المحمية عن مثيلتها في الزراعة المكشوفة بنسب مشجعة تصل بمقدار 7 - 10 مرات عن مثيلتها في الزراعة المكشوفة حسب دراسات قامت بها جامعة الانبار، وندرج في ادناه جدولا يوضح الفروقات في الانتاج بين الزراعة المحمية والزراعة المكشوفة في محافظة الانبار لاهم المحاصيل المنتشرة زراعتها في كلا الاسلوبين:
 
ورغم الميزات الايجابية للزراعة المحمية الا اننا نلاحظ محدودية انتشارها وعزوف الكثير من الفلاحين عن ممارستها وقد بقيت محصورة في مجموعة صغيرة منهم حيث تشير الاحصائيات الى ان اجمالي المساحة المزروعة بالبيوت البلاستيكية في المحافظة بلغ (281.5) دونم، واجمالي المساحة المزروعة بالانفاق البلاستيكية كان (2482) دونما لعام 2020 حسب احصائيات وزارة الزراعة وهي مساحة صغيرة لا تشكل اكثر من (0.4 %) من مجموع المساحة المزروعة في المحافظة لنفس السنة والبالغة (664840) دونما حسب نفس المصدر .علما ان المساحة المستخدمة في الزراعة المحمية لعام 2013 كانت (630 دونما) من مجموع المساحة المزروعة فعلا في المحافظة. وان عدد البيوت ومالكيها غير مستقر ومتذبذب من سنة الى اخرى لاسباب سنذكرها لاحقا كما يتبين من الجدول رقم (2).
وقد انتشرت البيوت والأنفاق البلاستيكية في جميع اقضية المحافظة بأعداد مختلفة كما تظهر بالجدول رقم (3). الذي يظهر تباينا كبيرا في عدد البيوت المقامة حسب اقضية وقصبات المحافظة.
وتعود أسباب هذا الاختلاف الى عوامل عدة اهمها توفر الاراضي الملائمة للزراعة المحمية ونوع التربة الصالحة وتوفر الايدي العاملة وحاجة الاسواق القريبة لمثل هذه الخضر والبيئة الاجتماعية لمدن المحافظة. وقد اختلفت المساحات المستخدمة في الزراعة المحمية من منطقة الى اخرى في المحافظة. اما مساحات البيوت البلاستيكية ومساحة الاراضي المقامة عليها هذه البيوت فكانت كما يلي:
وتتوزع الزراعة المحمية في محافظة الانبار تبعا للجهة المنفذة والداعمة لها حيث يتضح ان الزراعة المحمية المدعومة من قبل القطاع الحكومي هي الاعلى من الزراعة المحمية المقامة بالدعم الذاتي للمزارعين او المستثمرين عن طريق تقديم القروض الزراعية للمزارعين حيث بلغ عدد البيوت البلاستيكية المدعومة من قبل المصرف الزراعي (2336) بيتا، اي بنسبة 86 % وبلغ عدد البيوت البلاستيكية المقامة على النفقة الخاصة للمزارعين (560) بيتا، وهناك بيوت اقيمت بمشاركة اخرين بلغ عددها (18) بيتا.
وقد استخدمت هذه البيوت في زراعة وانتاج محاصيل مختلفة وعلى مدار السنة، يحتاجها المستهلك الانباري والعراقي بكميات تسد حاجة السوق المحلية وتفيض عن حاجة سوق المحافظة في بعض المواسم، واهم الخضر والمحاصيل التي تزرع في البيوت والانفاق البلاستيكية في المحافظة هي الخيار والطماطة والشجر والباذنجان والفلفل والباميا والباقلاء والفاصوليا. والجدول الاتي يوضح انواع الخضر المزروعة باسلوب الزراعة المحمية في محافظة الانبار لعام 2012:
ان هذا التوسع في الزراعة المحمية الذي جاء على خلفية الدعم الحكومي واطلاق المصرف الزراعي قروضا مالية ميسرة استغلها المزارعون في انشاء مشاريع زراعية واسعة منها الزراعة المحمية وقد وفرت لاسواق المحافظة في سنوات (2010 الى 2013) وفرة في كثير من المحاصيل زادت عن حاجة السوق المحلية، مما ادى الى انخفاض اسعار كثير من الخضر ما تسبب في خسائر مادية لاصحاب البيوت والانفاق البلاستيكية، نتيجة لعدم وجود خطط تسويقية معدة سلفا، ما سبب هذا العامل وعوامل اخرى تراجعا في عدد البيوت والانفاق البلاستيكية في السنوات اللاحقة. وندرج ادناه جدولا يوضح عدد البيوت والانفاق المستخدمة في زراعة المحاصيل المختلفة لعام 2020 في المحافظة.
تشير الاحصائيات الواردة في الجدولين اعلاه الى تدهور كبير وتراجع في عدد البيوت والانفاق لاغلب المحاصيل خلال العشر سنوات الأخيرة، ما يستدعي الوقوف على اسبابها ودراستها ووضع الحلول لها خاصة ونحن مقبلون على سنوات عجاف، ستنخفض فيها المنتوجات الزراعية على المستوى العالمي لاسباب سياسية وبيئية ومناخية. ان مساهمة الزراعة في محافظة الانبار لاغلب المحاصيل تشكل نسبة اقل من 10 % من الناتج الاجمالي على مستوى العراق في احسن الاحوال ويعود السبب الى ان اغلب اراضي المحافظة هي عبارة عن صحراء ممتدة على مساحات واسعة تفتقر الى مصادر المياه الكافية للزراعة، وان مناخها غير مناسب لزراعة الكثير من المحاصيل فهو بارد الى تحت درجة الانجماد في اغلب فصول الشتاء وقليل الامطار لسنوات متتالية، وصيفها حار جدا تتجاوز فيه درجة الحرارة 50 مئوية او تزيد، مما يجعل انشاء مزارع على الطرق التقليدية المكشوفة شيئا من المحال، لذا يستوجب ايجاد بدائل زراعية وطرق ري حديثة تكون حلا لمشكلة شحة المياه في المناطق الصحراوية وفي عموم المحافظة بسبب التغيرات المناخية المقبلة. ان الزراعة المحمية التي تستخدم الري بالتنقيط والانبات خارج الظروف المناخية ومتطلبات الانبات المعروفة حيث تتحكم بدرجة الحرارة هي الاسلوب الامثل لتوسيع الزراعة في محافظة الانبار لما تمتلكه من اراض وترب زراعية خصبة تكون مناسبة لهذا النوع من الزراعة. لهذه الاسباب وغيرها يجعلنا مجبرين على الذهاب الى توسيع الزراعة المحمية في المحافظة وتكثيف الدراسات العلمية للوقوف على اسباب عدم انتشار هذا النوع من الزراعة ووضع الحلول اللازمة لها. ورغم قيام الكثير من الباحثين من جامعة الانبار وخاصة كلية الزراعة بدراسة واقع الزراعة المحمية في المحافظة وتحديد بعض معوقاتها وتراجعها وعدم انتشارها بالشكل الذي يمكن الاعتماد عليها في توفير السلة الزراعية للسوق المحلية، الا ان هذه الدراسات ما زالت محدودة واغلبها بحوث تجرى لاغراض الشهادة والترقية العلمية دون قيام الجهات ذات العلاقة في المحافظة بالاستفادة من هذه البحوث وتحويلها الى واقع يقدم حلولا لمشكلات زراعية تواجه الفلاح الانباري المتروك وحده في ميدان التجربة والفشل دون إسناد ودعم علمي وتقديم المشورات والحلول. 
ان اسباب محدودية انتشار الزراعة المحمية وتراجعها في المحافظة والتذبذب الحاصل في عدد البيوت البلاستيكية ومالكيها يعود الى جملة اسباب منها:
  • الخراب والدمار الذي تعرضت له مدن المحافظة بعد احتلال العصابات الارهابية الذي ادى الى ترك اغلب المزارعين لمزارعهم التي هي الاخرى تعرضت للتدمير والخراب والسرقة وعدم توفر الامكانية المالية لأغلب الفلاحين في اعادة ما كانوا يملكون من بيوت وانفاق بلاستيكية، واغلب هؤلاء ما زالوا مديونين للمصرف الزراعي عن السلف التي سحبت من اجل اقامة هذه البيوت البلاستيكية، وما زال مصير التعويضات التي وعدوا بها من قبل الحكومة مجهول المصير، ما يجعل الاغلبية من الفلاحين غير مستعدين للتقديم على قروض زراعية جديدة، تمكنهم من اعادة نشاطهم باستخدام الزراعة المحمية.
  • ارتفاع اسعار البيوت البلاستيكية وارتفاع التكاليف في الزراعة المحمية مقارنة بالزراعة المكشوفة، وهذا يمنع الكثير من المزارعين من الإقدام على خوض هذه التجربة وعدم توفر مستلزمات الزراعة المحمية مثل الاغطية البلاستيكية واجهزة التدفئة والتبريد واجهزة الري الحديثة وان توفرت فتكون بنوعيات رديئة واسعار مرتفعة.
  • قلة توفير انواع الطاقة التي تحتاجها الزراعة المحمية وارتفاع اسعارها مثل النفط الابيض والكهرباء التي يحتاجها الفلاح لأغراض التدفئة والتبريد لهذه البيوت.
  • قلة البذور والمبيدات التي تستخدم في الزراعة المحمية وارتفاع اسعارها تجاريا وعدم توفر الاسمدة والمبيدات الخاصة بالزراعة المحمية.
  • طبيعة المجتمع الريفي المحافظ الذي لا يتقبل التجارب الجديدة الا بعد فترة من الزمن قد تطول لجيل كامل. فقد تعود الفلاح الانباري ان ينتج في حقله معتمدا على المستلزمات المحلية التي تنتجها مزرعته من بذور واسمدة، وبجهوده الذاتية لهذا فهو لا يكترث كثيرا لكساد المحصول وعدم تسويقه لاي سبب كان.
  • عدم استقرار اسعار الخضر بين المواسم بسبب عدم وجود تخطيط علمي في مديرية زراعة الانبار وفروعها حيث نجد اقبالا على زراعة محصول معين في موسم، وارتفاع اسعاره في السوق لينخفض السعر في موسم اخر بسبب زيادة المعروض، ما يؤدي الى خسائر مالية ويجعل الفلاح متخوفا من الخوض بتجربة الزراعة المحمية التي تتطلب استثمارا ماليا غير قليل لتجنب الخسائر المالية الكبيرة وعدم قدرته على استعادة ما صرف من اموال.
  • فتح الاستيراد للخضر مما يقلل من الطلب على المنتوجات المحلية وهبوط اسعارها وعدم امكانية اعادة رأس المال المصروف.
  • قلة الخبرة في ممارسة الزراعة المحمية واحتمالية عدم الوصول الى انتاجية عالية تضمن الربح المتوقع حيث تشير بعض الدراسات التي اعدت من قبل دوائر الارشاد الزراعي وجامعة الانبار الى ان نسبة الحاصلين على شهادات جامعية من العاملين في الزراعة المحمية لا تزيد على 2.7 % وهي ذات النسبة من خريجي المعاهد الفنية، و14.87 من حملة الشهادة الاعدادية. 18.92 % حاصلون على شهادة المتوسطة و32.43 % ابتدائية وما تبقى ونسبتهم 28.38 % ممن يقرأ ويكتب، وهذا مؤشر خطير لما هو معروف ان الزراعة المحمية تتطلب معرفة باستخدام التكنولوجيا الحديثة من ري واسمدة واختيار البذور وغيرها من الامور التي تتطلب معرفة علمية نوعا ما(5).
إن هذه الاسباب وغيرها تجعل الكثير من المزارعين يبتعد عن استخدام الزراعة المحمية التي لو شاء لها وتوسعت بشكل كبير لاستطاعت سد حاجة السوق المحلية للمحافظة والسوق العراقية وهنا تقع مسؤولية كبيرة على عاتق الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية والدوائر المعنية في المحافظة في دعم الفلاحين الذين يمارسون هذا النوع من الزراعة وتشجيع بقية المزارعين على استخدام الزراعة المحمية عبر حزمة من الاجراءات واهمها:
* منع استيراد المحاصيل الزراعية التي تنتشر زراعتها في المحافظة والعراق.
* تقديم القروض الميسرة من قبل الدولة والدخول كشريك ضامن مع المزارعين ليطمئنوا على نجاح تجربتهم.
* انشاء بيوت بلاستيكية تدار من قبل الدوائر الزراعية باشراف المختصين في كل دائرة زراعية في مدن المحافظة، تكون نموذجية وتستقطب الفلاحين والمزارعين للاطلاع عليها وتلمس الفروقات بين الزراعة المكشوفة التي تمارس من قبل الفلاح وهذه الزراعة الحديثة التي تدر انتاجا وفيرا يزيد ثلاثة او اربعة اضعاف انتاج الطريقة التقليدية وانشاء البيوت والانفاق البلاستيكية من قبل الدوائر الزراعية في اراضي الفلاحين المترددين في الاقدام على اعتماد الزراعة المحمية كوسيلة للتدريب ولاقناع الفلاح بالجدوى الاقتصادية للزراعة المحمية. وكذلك تشجيع الباحثين وطلاب الدراسات الاولية والعليا على اجراء بحوثهم في مزارع الفلاحين كل حسب منطقة سكناه لتدريب الفلاحين وتقديم حلول للمشاكل التي تواجههم. وان يكون هناك تنسيق بين مديريات الزراعة في الاقضية والنواحي وبين الكليات ذات العلاقة ومراكز البحث العلمي في جامعة الانبار والفلوجة لاعداد بحوث تعالج المشاكل الفعلية التي تواجه الفلاح، وليس كما هو الان في اختيار موضوع البحث اختيارا يعتمد على امور كثيرة منها تخصص الاستاذ المشرف وتوفر المصادر وغيرها.
* توفير العدد والمستلزمات التي تتطلبها الزراعة المحمية من اغطية البلاستك وهياكل البيوت وانظمة الري بالتنقيط او الري بالرش والبذور المحسنة والاسمدة والمبيدات التي يحتاجها الفلاح باسعار مدعومة وبقروض مؤجلة تدفع لحين تسويق المحصول.
* اقامة الجمعيات الفلاحية التي تتولى تدريب الفلاحين وتساعدهم في عمليات التدريب والاستزراع والتسويق.
* ضرورة تفعيل التخطيط الزراعي في مديرية زراعة المحافظة لمعرفة حاجة السوق من محصول معين وتحديد المساحات التي ستزرع من هذا المحصول في الموسم القادم وعدم ترك اختيار نوع المحصول والمساحات التي ستزرع للفلاح وحده دون تنسيق مع بقية الفلاحين في مختلف المدن، كي نتجنب الوقوع في فائض الانتاج لمحصول وشحة في محصول اخر، وتبعات هذا الارباك في احتمالية تعرض الفلاحين لخسارة مالية وحدوث شحة في محصول يجبر الدولة على فتح باب الاستيراد.
* تشجيع الاستثمار في الصناعة التحويلية لغرض سحب المحاصيل الفائضة عن حاجة السوق وادخالها كمواد اولية في الصناعة لتجنب هبوط اسعارها وتجنيب الفلاح خسائر مالية، مثل معامل صناعة معجون الطماطة ومعامل صناعة المخللات وصناعة المربى وغيرها من الصناعات التي تحمي المزارع من التخوف من عدم قدرته على تسويق محصوله وكذلك تشغيل الايدي العاملة.
* اننا في محافظة الانبار والعراق وربما المنطقة كلها معرضون الى شحة حقيقية في الغذاء قد لا تكفي مردودات تصدير النفط من توفير جزء يسير من حاجة المواطن، وعليه يتطلب وقفة جادة من كل الاطراف ـ حكومة محلية ودوائر زراعية وفلاحين ومستثمرين ـ من اجل وضع الخطط والبرامج العلمية التي تمكننا من انتاج محاصيل زراعية تكفي لسد حاجة البلد وتصدير الفائض الى الخارج، وهذا ليس مستحيلا ولا امنيات غير قابلة التحقيق، اذا ما توفرت شروط النجاح من تخطيط علمي ودعم مالي.
        الهوامش:
  • قصي قاسم الكليدار “قياس الجدوى الاقتصادية للزراعة المحمية للخضر في الانفاق البلاستيكية ومقارنتها مع الزراعة الموسمية لنفس الخضر”، مجلة القادسية للعلوم الادارية والاقتصادية ،المجلد 14، العدد 2، 2012.
  • معاذ محي العبدلي، محاضرة مطبوعة حول هندسة الحدائق والخضر في جامعة الانبار.
  • قسم الاحصاء والقوى العاملة في وزارة الزراعة العراقية.        http://zeraa.gov.iq/index.php?name=Pages&op=page&pid=241  
  • خالد اكبر عبدالله الحمداني، “التوزيع الجغرافي للزراعة المحمية في محافظة الانبار”، مجلة جامعة الانبار للعلوم الانسانية العدد 1، ايلول 2015.
  • اديب عبدالجبار الحديثي، “دراسة معرفة مزارعي البيوت البلاستيكية باساسيات الزراعة المحمية في قضاء هيت”، بحوث المؤتمر العلمي الرابع، مجلة الانبار للعلوم الزراعية، المجلد 12 عدد خاص.
        https://www.iasj.net/iasj/download/011d99964c4bb904