شباط/فبراير 17
   
 شهدت مصر وأغلب البلدان العربية، منذ أوائل القرن الماضي، حركات وطنية تحررية تسعى إلى التخلص من هيمنة الأجنبي ونيل الاستقلال وبناء دولة يسودها السلام والعدل والأمان. وكانت وراء هذا الطموح النبيل قوى وطنية متنوعة المشارب والاتجاهات قدمت التضحيات الكبرى من أجل حرية الوطن وسعادته. وكانت المرجعيات الفكرية لهذه القوى الوطنية متنوعة ما بين نموذج يستند إلى تراث الماضي، ونموذج آخر يسعى إلى التحديث والاستجابة لمتغيرات ومعطيات العصر، وآخر يسعى إلى التوفيق بين الإثنين. وفي خضم الصراع الجاري على السلطة يمكن التمييز بين تيارين: تيار يستلهم الماضي ويسعى إلى إقامة ما يسميه الدولة الدينية، وتيار آخر يسعى إلى بناء دولة المواطنة، الدولة المدنية التي يمكن أن تحقق قدرا معقولا من متطلبات العدالة الاجتماعية لمواطنيها.
ومنذ ثلاثينات القرن الماضي نشطت في مصر حركة الإخوان المسلمين، وكان سيد قطب 1906 – 1966 وهو عضو سابق في مكتب إرشاد الجماعة قد ألف كتابا بعنوان “العدالة الاجتماعية في الإسلام” وقد توالت مؤلفات كثيرة تعالج موضوع العدالة الاجتماعية، وغدت مطلبا لكثير من القوى السياسية المتنوعة في أيديولوجيتها وطرحته في برامجها كما هو الحال في مصر والعراق وغيرها من البلدان. ونود في قراءتنا لهذا الكتاب أن نتبين الظروف التي دعت لظهوره، ومفهوم قطب للعدالة الاجتماعية، كيف يراها، وما وسائل تحقيقها، مدى قابليتها للتطبيق، ومن له مصلحة بتطبيقها، وغيرها من الأسئلة. 
يقع الكتاب في 216 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن مجموعة من العناوين، عددها تسعة، وبعضها له عناوين فرعية، صدر الكتاب عن دار الشروق بالقاهرة، ط 13 1993. وأدناه عرض لمضمون الكتاب:
في العنوان الأول: الدين والمجتمع بين المسيحية والإسلام: عرض للفضاء الذي يود التحدث فيه أو هو تصوره لواقع الحال، فهو يرى أننا نستورد المبادئ والنظم والقوانين من الخارج، ويقف بالضد من يقول بفكرة أن الدين صلة بين العبد وربه، وأن الدين مخدر لاستغلال الكادحين، ومن وجهة نظره أن هذه نظريات غريبة على الإسلام ومستوردة أيضا. أما المسيحية فإنها نشأت في وقت “تحجرت فيه الديانة اليهودية واستحالت طقوسا جامدة لا حياة فيها ومظاهر خاوية لا روح فيها” ص 8 انصرفت المسيحية إلى التهذيب الروحي والتطهير الوجداني، وتركت المجتمع للدولة تنظمه بقوانينها، ومن هذا المنطلق يفسر الكاتب العزلة بين الدين والدنيا في حياة الأوربيين منذ القدم الى يومنا هذا.
تطورت الصناعة ونشأ عنها قطبان: العمال وأصحاب رؤوس الأموال، الذين انتقلت الهم السلطة الحقيقية من الدولة، وقد انضمت الكنيسة اليهم. ووجدت الطبقات الكادحة أن الكنيسة تتخذ من الدين مخدرا للكادحين، يمنيها العوض عن الدنيا في الآخرة لهذا أعلنت الثورة على الدين وقالت أنه مخدر الملايين، وبهذا التحليل يصل الكاتب الى الاستنتاج الآتي “ومن هنا كان العداء الجاهر الصريح بين الشيوعية والدين” ص 11 ويضيف الكاتب على هذا الاستنتاج هامشا هذا نصه “لا ينبغي أن ننسى -مع ذلك- أن الشيوعية مؤسسة يهودية كالماسونية، وأن أولى ركائز الخطة في تدمير العالم -غير اليهودي- هي سلب الدين منه وإبعاده عن هذا المقوم الأساسي للحياة” بهذا الحكم القاطع يقيم الكاتب الشيوعية، وقد أشار قبلا الى صراع المصالح وتناساها بعد أسطر.
ويرى المؤلف أن الإسلام هو العبودية لله وحده وإفراده بخصائص الألوهية وفي أولها “الحاكمية”ص 12 ولا عزلة بين الدين والدنيا ولا بين العقيدة والاجتماع كما كان الحال في المسيحية التي صاغتها المجاميع المقدسة.ص 14 وفي الإسلام بحسب رأيه علماء بالدين وليس رجال دين، ولهذا يتوصل الى أنه لا صراع بين علماء الدين والسلطان على مصالح اقتصادية أو معنوية يتنازعانها، فليست هناك سلطة روحية وأخرى زمنية في الإسلام. ولا توجد أسباب لعزل الدنيا عن الدين -كما حصل في أوربا- ولا أسباب كذلك للعداوة بين الإسلام والكفاح لتحقيق العدالة كالعداوة بين المسيحية والشيوعية، “فالإسلام يفرض قواعد العدالة الاجتماعية ويضمن حقوق الفقراء في أموال الأغنياء ويضع للحكم وللمال سياسة عادلة” ص 16 - 17
ثم يتساءل الكاتب عن مدى صلاحية تطبيق النظام الإسلامي الذي كان مطبقا في عصر تاريخي خاص، ويجيب أن الله كان في علمه التطور التاريخي وما يترتب عليه من تطور اجتماعي واقتصادي وفكري عام، ولهذا وضع المبادئ العامة والقواعد الشاملة وترك التطبيقات لتطور الزمان. ص 17-18 وأشار الى جهد الفقهاء في التطبيق والقياس عندما كان المجتمع محكوما بشريعة الإسلام ثم توقف هذا الجهد عندما تخلى المجتمع عن الإسلام منذ أن تغلب الاستعمار الصليبي على دار الإسلام! ولم يسأل المؤلف نفسه: متى وأين كان المجتمع محكوما بالشريعة؟ ومتى تخلى عنها؟ ولأي سبب؟
أما عن طبيعة العدالة الاجتماعية في الإسلام، فإن قطب يعتبر العدالة الاجتماعية فرعا من التصور الإسلامي عن الألوهية والكون والحياة، وللإسلام تصوره الكامل في القرآن والسنة. ص 20 الإسلام يعرض صورة كاملة متناسقة، وهو يتولى تنظيم الحياة الإنسانية، وقد جاء ليوحد القوى والطاقات ويمزج الأشواق والنزعات وينسق بين اتجاهاتها جميعا ويعترف بها وحدة متكاملة في الكون والحياة والإنسان. ص 24 وعن تلك الوحدة الكبرى تصدر تشريعاته وقواعده في سياسة الحكم وسياسة المال.
ويخلص المؤلف الى أن إدراك الشمول في طبيعة النظرة الإسلامية للإلوهية والكون والحياة والإنسان، يؤدي الى إدراك الخطوط الأساسية للعدالة الاجتماعية في الإسلام. ص 26 وعلى خطين كبيرين هما: “الوحدة المطلقة المتبادلة المتناسقة، والتكافل العام بين الأفراد والجماعات يسير الإسلام في تحقيق العدالة الاجتماعية” ص 27 هكذا وبأسلوب إنشائي يفترض الكاتب أو يتخيل صورة مثالية نموذجية للإسلام ويضفي نظرة غير واقعية، ليقرر أن الحياة في نظر الإسلام تراحم وتعاون وتكافل بين المسلمين خصوصا وبين جميع أبناء الإنسان عموما.
ويضع المؤلف ثلاثة أسس للعدالة الاجتماعية:
-1 التحرر الوجداني: تستند العدالة الاجتماعية الى شعور نفسي وعقيدة من الداخل، ويرى أن المسيحية والشيوعية لا تكفل العدالة لغياب التحرر الوجداني من داخل الضمير، وأن الإسلام بدأ تحرير الوجدان البشري من عبادة أحد غير الله فلا عبادة لسواه ولا حاكمية لغيره. وكل فرد صلته مباشرة بالله دون وساطة، وبهذه الصلة لا يتأثر بشعور الخوف على الحياة أو الرزق أو المكانة، لأن الحياة بيد الله وليس لمخلوق قدرة على أن ينقص هذه الحياة ساعة. “ويقرر القرآن أن خوف الفقر إنما هو من إيحاء الشيطان” ص 37 والرزق بيد الله وحده ولن يملك أحد من عباده الضعفاء أن يقطع رزق إنسان، والإسلام يحرص على أن يتحرر الفرد من الخوف على المركز والمكانة. المؤلف لا يرد الفقر الى عوامل اجتماعية، ويغفل عن الظلم والاستغلال وملاحقات الأنظمة اللاديمقراطية التي تؤدي الى قطع الأرزاق وملاحقة وتغييب المعارضين للسلطة.
وبرأي المؤلف فإن عبودية القيم الاجتماعية: قيم المال والجاه والحسب والنسب يضعها الإسلام موضعها بردها الى اعتبارات ذاتية كامنة في نفس الفرد أو واضحة في عمله. ص 38 والمؤلف يغفل أنها لاتقتصر على الاعتبار الذاتي بل الموضوعي فالجاه والمنزلة تتأتى من المال والنفوذ الاقتصادي، وهناك ظروف تجعل المعني أقوى من غيره وأكثر تحكما. يقول المؤلف: وإذا كانت النفس مستذلة للذاتها وشهواتها ومطامعها وأهوائها فلا تبلغ التحرر الوجداني الكامل ليحقق لها العدالة الاجتماعية، فالحل في تحرر النفس بأن تضع اللذات والمطامح في كفة، وحب الله ورسوله في كفة أخرى. ص 41 - 42 بهكذا مقترحات أو حلول معتمدة على الشعور يطرحها خيال الكاتب.
-2 المساواة الإنسانية: مبدأ نابع من الضمير، مصون بالتشريع. ص 44 والإسلام يقرر وحدة الجنس البشري في المنشأ والمصير، في الحقوق والواجبات أمام القانون وأمام الله، لا فضل إلا للعمل الصالح ولا كرامة إلا للأتقى. ص 45 لم يذكر المؤلف أن المساواة الاجتماعية قائمة على تكافؤ الفرص، حق العمل، التعليم، الرعاية الصحية، وغيرها من الأمور.
ويرى الكاتب أن الإسلام كفل للمرأة المساواة التامة مع الرجل من حيث الجنس والحقوق الإنسانية، فهما يتساويان في الناحية الدينية والروحية، كذلك في الأهلية للتملك والتصرف الاقتصادي. ص 47 ويبرر إيثار الرجل بضعف نصيب المرأة في الميراث برده الى تحمل الرجل مسؤولية إعالة الأسرة. كما يبرر قوامة الرجل برده الى الاستعداد والمرانة، بينما تنشغل المرأة بتكاليف الأمومة التي تنمي عندها جانب العواطف بقدر ما ينمو عند الرجل التأمل والتفكير، وهذا التعليل نفسه يراه في الشهادة، فإذا نسيت المرأة أو جرفها انفعال ذكّرتها الثانية. ص 48. إن القوامة التي عللها الكاتب تعليلا غير مقنع، سببها اجتماعي يتعلق بمدى مشاركة المرأة في العمل، ومردوده المالي، كذلك موضوع الشهادة.
يقول الكاتب أن الغرب أخرج المرأة من البيت لتعمل لأن الرجل نكل عن إعالتها. ص 50 يغفل الكاتب الثورة الصناعية والحاجة الكبيرة الى الأيدي العاملة، وخروج المرأة للعمل لهذا السبب. ثم يقول: طالبت المرأة بالمساواة في الأجرة لتأكل وتعيش، وليس لأنها ند للرجل وتؤدي نفس العمل. ويرى المؤلف: أن الشيوعية ذات دعوى عريضة في مساواة المرأة بالرجل، ومتى استوى العمل والأجر فقد تحررت المرأة وأصبح لها حق الإباحية كما هو حق للرجل. ص 50 وحسب رأيه: المسألة في عرف الشيوعية لا تعدو الاقتصاد وأن الحقيقة كما يقول هي نكول الرجل عن إعالة المرأة. هكذا يقرن قطب عمل المرأة وتحررها ومطالبتها بحقوقها بالإباحية.
ومع ذلك يؤكد قطب أن الإسلام “قد منح المرأة من الحقوق منذ أربعة عشر قرنا ما لم تمنحه إياها الحضارة الغربية حتى اليوم” ص 51 وهو قد منحها عند الحاجة حق العمل وحق الكسب ولكنه أبقى على حق الرعاية في الأسرة. يشير الى العمل عند الحاجة وليس حقا لها كما اعتبر الرعاية وقفا على المرأة تكريسا لملازمتها البيت.
-3 التكافل الاجتماعي: يقول قطب إن “الإسلام يقرر مبدأ التكافل في كل صوره وأشكاله. فهناك التكافل بين الفرد وذاته، وبين الفرد وأسرته القريبة، وبين الفرد والجماعة، وبين الأمة والأمم والأجيال المتعاقبة أيضا” ص 53 ويهاجم الشيوعية لأنها حسب رأيه حاولت أن تقضي على الأسرة “بحجة أنها تنمي أحاسيس الإثرة الذاتية وحب التملك وتمنع شيوعية الثروة وشيوعية ملكية الدولة للأفراد” وهذا محض ادعاء وافتراء من المؤلف لا أساس له ويناقض الواقع.
ومن مظاهر التكافل العائلي في الإسلام التوارث المادي للثروة. ويغفل أنه موجود أيضا عند غير المسلمين. ويفترض التكافل بين الفرد والجماعة وبين الجماعة والفرد فكل فرد مكلف أن يرعى مصالح الجماعة.
ويوضح المؤلف وسائل العدالة الاجتماعية في الإسلام، فيرى أن الإسلام أقام العدالة على ركنين قويين: “الضمير البشري من داخل النفس والتكليف القانوني في محيط المجتمع” ص 63 فهو لا يضع ضوابط قانونية وإنما رقابة الضمير التي يفترض فيها الإيجابية،  ويغفل واقع الحياة وصراعاته وظلم واستغلال البشر بعضهم لبعض ودوافعه. ويدلل المؤلف على الفكرة بالقول أن الإسلام جعل الضمير البشري حارسا على التشريعات، مثال “الشهادة” باعتبار مردها الضمير الفردي وعليه رقيب هو خشية الله، وهو افتراض من المؤلف الذي يؤكد “على هذا الضمير الذي رباه الإسلام، وعلى التشريع الذي جاءت به شريعته اعتمد في إرساء قواعد العدالة الاجتماعية وبهذه الوسيلة المزدوجة نجح في إنشاء مجتمع إنساني متوازن متناسق” ص 64 واختار الكاتب نموذجا تطبيقيا هو الزكاة والصدقة.
يرى المؤلف أن الإسلام سار في تحقيق العدالة الاجتماعية معتمدا على وسيلتيه الأساسيتين: التشريع والتوجيه في تحقيق العدالة الكبرى في كل حقل من حقول الحياة “ولقد آتى هذا النهج ثمراته في فجر الإسلام، وإنه لقادر على أن يعيدها في الحاضر والمستقبل”. ص 74 الكاتب يرسم صورة مثالية غير متطابقة مع الواقع الذي شهد منذ فجر الإسلام صراعات على المال والسلطة، ولا ينظر إلى الأحوال والظروف المتغيرة، وكأن الزمن ساكن ويمكن استعادته.
ويعالج المؤلف سياسة الحكم في الإسلام، حيث يرفض مقارنة نظام الحكم الإسلامي مع أي نظام آخر قبل الإسلام أو بعده لأن هذا يعبر عن إحساس داخلي بالهزيمة أمام النظم التي صاغها البشر. الإسلام متفرد وقد قدم للإنسانية علاجا كاملا لمشكلاتها جميعا. ص 75 نلاحظ الإطلاقية دون حسبان المتغيرات وتبدل الأحوال، وحكمه بالسلبية المطلقة على النظم غير الإسلامية يجافي الواقع.
ثم يقول: إن القاعدة التي يقوم عليها النظام الإسلامي هو أن الحاكمية لله وحده، فهو الذي يشرع وحده، وسائر الأنظمة تقوم على أساس أن الحاكمية للإنسان فهو الذي يشرع لنفسه. والنظام الإسلامي لا يتشابه أو يتوافق مع أي نظام آخر، فهو نظام مستقل بفكرته وبوسائله. نشأ مستقلا وسار في طريقه مستقلا. إن الكاتب ينكر التطور، والتأثير والتأثر، وهو مافعله الإسلام حيث أبقى على كثير من الأفكار والشعائر التي سبقت ظهوره. ولا يستسيغ قطب من يتحدثون عن “اشتراكية الإسلام” و”ديمقراطية الإسلام” لأن هذا خلط بين نظام من صنع الله وأنظمة من صنع البشر. ثم يقول: يقوم النظام الإسلامي على فكرتين أساسيتين “فكرة وحدة  الإنسانية  في الجنس والطبيعة والنشأة. وفكرة أن الإسلام هو النظام العالمي العام الذي لا يقبل من أحد نظاما غيره لأنه لا يقبل من أحد دينا إلا الإسلام” ص 78 برأي المؤلف أن الله لا يقبل أصحاب الديانات الأخرى عدا الإسلام.
وبرأيه فإن نظرية الحكم في الإسلام تقوم على أساس أن الحاكمية في حياة البشر لله وحده، وفي هذه القاعدة يختلف نظام الحكم الإسلامي عن كل الأنظمة التي وضعها البشر. والخطوط الأساسية لها هي: أ-العدل من الحكام. ب-الطاعة من المحكومين. ج-الشورى بين الحاكم والمحكوم.
وعن رأيه في سياسة المال في الإسلام: يرى قطب أنه في سياسة المال يتحقق معنى العبودية لله وحده، بأن يخضع تداول المال لشرع الله الذي يحقق مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة. وهو يتبع في تحقيق هذه السياسة وسيلتيه الأساسيتين: التشريع والتوجيه، فيبلغ بالتشريع الأهداف العملية لتكوين مجتمع صالح، ويرمي بالتوجيه التسامي على الضرورات والتطلع الى حياة أرفع. ص 87 يفترض الكاتب تداول المال بشرع الله طبقا للأوامر والنواهي في القرآن. إن التشريع بحد ذاته لا يكون مجتمعا صالحا إلا بتطبيقه الذي يقوم به البشر، فهو يفترض فيهم الانصياع والمثالية ويتغاضى عن صراعات الواقع، وهذا النموذج في الخيال وعلى الورق لا في الحياة.
ينتقل المؤلف الى عنوان فرعي: الملكية الفردية، ثم عنوان جانبي آخر هو: حق الملكية الفردية، يقرر الإسلام حق الملكية الفردية للمال باعتباره قاعدة الحياة الإسلامية وقاعدة الاقتصاد الإسلامي. ص 88 ثم يشرح طبيعة الملكية الفردية، فإلى جانب إقرار حق الملكية الفردية يقرر الإسلام بجواره مبادئ أخرى، وأول هذه المبادئ: أن الفرد أشبه شيء بالوكيل عن الجماعة فحيازته للمال هي وظيفة لأن المال حق للجماعة، والملكية الفردية تنشأ من بذل الفرد جهدا خاصا لحيازة شيء معين من هذه الملكية العامة. ص 90-91 يواصل المؤلف افتراضاته وطرحه المثالي غير المستند الى الواقع. ويطرح مبدأ آخر هو كراهية الإسلام لأن يحبس المال في أيدي فئة خاصة من الناس يتداولونه ولا يجده الآخرون. وللتدليل على صحة هذا المبدأ، يستشهد بحكايات من التراث، وكأن المسألة عاطفية، الكره لا الحب. ثم يستعرض وسائل التملك الفردي، وهي عديدة، منها: الغزو وتنشأ عنه ملكية السلب وملكية الغنيمة، وإحياء الموات من الأرض التي لا مالك لها، وإقطاع السلطان بعض الأرض التي لا مالك لها، والكاتب مازال يعيش في الماضي، فهذا الإحياء حصل زمن الفتوحات عندما هرب أصحاب الأرض أو قتلوا، ولا زال يحلم بالغزو والفتوحات، في القرن العشرين.
ثم يتحدث عن حكمة نظام الإرث، فيقول بلغة عاطفية: إن الإسلام يكره تكدس الثروات، وكأن المسألة حب أو كراهية وليست مبدأ. ونظام الإرث أداة لتفتيت الثروات المتضخمة على توالي الأجيال، والكاتب يعترف أن هناك ثروات متضخمة دائمة. ثم يقول: لكل فرد الحرية في تنمية أمواله ولكن ليس له أن يغش ولم يوضح المؤلف هل يتم بمواعظ أم بقانون ملزم، أو يحتكر أو يعطي أمواله بالربا أو أنه يظلم في أجور العمال فذلك كله حرام.
وبعد أن يسرد الكاتب ضوابط إنفاق المال، يتناول فريضة الزكاة “الزكاة حق المال، وهي عبادة من ناحية، وواجب اجتماعي من ناحية أخرى” ص 114 ثم يقول: يكره الإسلام الفقر والحاجة للناس، وكأن المسالة عاطفية وليس واقعا يجب معالجته، ويضيف: ويكره الإسلام الفوارق بحيث جماعة في مستوى الترف وأخرى في الشظف ويتجاوزه الى الجوع والعري، كما يكره الإسلام أن يكون المال دولة بين الأغنياء. ويخلص قطب الى القواعد الأساسية للنظام الاقتصادي الإسلامي:
-1 قيام النظام على أساس استخلاف الإنسان في الأرض ليتصرف بشريعة الله.
-2 الاستخلاف عام. الأفراد يحصلون على حق الملكية مقابل عمل.
-3 الملكية الفردية قاعدة النظام مقيدة بشروط تتحقق بها مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة.
-4 التكافل مع الاحتفاظ بقاعدة الملكية الفردية هو قاعدة الحياة في “الأمة المسلمة”.
-5 “إن العدالة الاجتماعية تتحقق عن طريق هذا النظام بأفضل مما تتحقق في أي نظام من صنع البشر فيه الخطأ والصواب” ص 124 - 125
ويسرد قطب شيئا من الواقع التاريخي في الإسلام :  و”روح الإسلام” تعبير يطلقه الكاتب كشعور كامن وراء التشريعات والتوجيهات. ولتلك الروح أثر في واقع الإسلام التاريخي، فاستحال الإسلام وقائع عملية ونماذج إنسانية. يعرض نماذج من الواقع التاريخي للإسلام في العدالة الاجتماعية. “ المساواة المطلقة بين بني الإنسان كانت رسالة الإسلام، والتحرر الوجداني المطلق من جميع القيم وجميع الاعتبارات التي تخدش هذه المساواة”، ص 137 لم يوضح كيف تكون المساواة مطلقة وكيف يتم التحرر من القيم والاعتبارات. ثم يوضح الكاتب نظرية الإسلام في المساواة والتحرر، فيستشهد بأحداث التاريخ، وهو يرسم صورة زاهية عن الإسلام في واقعه التاريخي في جميع العصور. ص 149 وفي رأيه “كان الإسلام قمة في العدل الاجتماعي الإنساني الشامل لم تبلغها بعد الحضارة الأوربية ولن تبلغها أبدا”، ص 150
يقول المؤلف إن سياسة المال تبعا لسياسة الحكم، ففي حياة محمد وصاحبيه وخلافة علي، النظرة السائدة هي النظرة الإسلامية: وهي أن المال العام مال الجماعة ولا حق للحاكم بنفسه أو بقرابته أن يأخذ منه شيئا إلا بحقه. انحرف التصور في عهد عثمان، وفي العهد الأموي انهارت الحدود والقيود، وأصبح الحاكم مطلق اليد في المنع والمنح. ص 168 عثمان “أنشأ الفوارق المالية والاجتماعية الضخمة في الجماعة الإسلامية، كما أنشأ طبقة تأتيها أرزاقها من كل مكان دون كد أو تعب” ص 174 “وبقدر ما تكدست الثروات وتضخمت في جانب، كان الفقر والبؤس في الجانب الآخر حتما” ص 175 وفي أيام بني أمية ثم في أيام بني العباس من بعدهم كان بيت المال مباحا للملوك كأنه ملك لهم خاص. ص 177 وهنا نتساءل أين هي قمة العدل الاجتماعي الذي يتفاخر به المؤلف، لا شك أن سرد الواقع التاريخي بملابساته يكسر الصورة الزاهية التي رسمها خيال المؤلف.
وعن حاضر الإسلام ومستقبله : يقول قطب: “نحن ندعو الى استئناف حياة إسلامية، في مجتمع إسلامي تحكمه العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي، كما تحكمه الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي. ونحن نعلم أن الحياة الإسلامية-على هذا النحو- قد توقفت منذ فترة طويلة في جميع أنحاء الأرض، وأن “وجود” الإسلام ذاته من ثم قد توقف كذلك” ص 182 ويصرح أن الجهر بهذه الحقيقة يولد صدمة وخيبة أمل للكثيرين ممن لايزالون يحبون أن يكونوا مسلمين، والجهر بهذه الحقيقة ضرورة من ضرورات الدعوة الى الإسلام ومحاولة استئناف حياة إسلامية، ويؤكد “ لا إسلام ولا إيمان بغير الإقرار بالحاكمية لله وحده” ص 183.
ثم يقول: “وجود” الدين قد توقف “ منذ أن تخلت آخر مجموعة مسلمة في الأرض عن تحكيم شريعة الله في أمرها كله، فتخلت بذلك عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية” ص 184 لم يوضح المؤلف متى وأين وكيف تخلت المجموعة عن الشريعة وما الأسباب، ومن المقصود بآخر مجموعة مسلمة، إنه يكفر المجتمع لتخليه عن الحاكمية. ويؤمن قطب إيمانا مطلقا “بحتمية استئناف الحياة الإسلامية في العالم الإسلامي، وباستعداد الإسلام لأن يكون نظاما عالميا لا محليا في المستقبل” ص 191 واستئناف الحياة الإسلامية برأي المؤلف يتم بركنين: الحاكمية، ووضع تشريعات وقوانين ونظم مستمدة من الشريعة الإسلامية. والعدالة الاجتماعية جزء من الحياة الإسلامية لاتتحقق إلا بتحقق تلك الحياة. ص 196
ويدعو المؤلف الى عدم اتخاذ الفكرة الغربية وسيلة لإحياء الفكرة الإسلامية، كما يدعو الى التخلص من طريقة التفكير الغربية واتخاذ طريقة تفكير إسلامية، المؤلف ينكر التأثير والتأثر ويعادي قيم الحداثة. كذلك يدعو الى رجوع النشاط الفني والفكري والعلمي الى التصور الإسلامي والى مصدره الرباني. وفي رأيه هناك نوعان من الثقافة: الثقافة الإسلامية على قاعدة التصور الإسلامي، والثقافة الجاهلية القائمة على قاعدة إقامة الفكر البشري إلها لا يرجع الى الله في ميزانه. ص 202 ومثل هذا التقسيم للثقافة لا تزكيه الحياة ويرفضه الواقع. ويطرح الكاتب تصوره عن الأدب والتاريخ، كيف يدرس دراسة مأمونة لتنشئة المسلم وتنقية ضميره من شوائب الجاهلية التي تغمر وجه الأرض جميعا.
ويختتم قطب كتابه بالعنوان التاسع: في مفترق الطرق، فيرى أن الصراع الحقيقي هو بين الإسلام والكتلتين الشرقية والغربية (خمسينات القرن الماضي) وليس فيما بين الكتلتين، حيث لا يوجد اختلاف برأيه في طبيعة التفكير الأمريكي والروسي، فكلتاهما لا تتنازعان على مبدأ أو فكرة إنما تتنازعان النفوذ في العالم. التفكير الروسي والأمريكي يقوم على تحكيم الفكرة المادية في الحياة، أما الإسلام فهو الذي يتضمن برأيه التصور الكلي الشامل المتناسق عن الوجود والحياة.
يرى أن المسيحية لا تحسب قوة إيجابية في مواجهة الأفكار المادية الجديدة فقد انتهت إلى أن تكون ديانة فردية انعزالية سلبية. ثم يقول: “وجود” الإسلام قد توقف ولهذا يدعو الى إعادة إنشاء الإسلام من جديد، ورده الى الوجود بعد أن توقف فترة. هذا طريق أول يختاره المؤلف، أما الطريق الثاني فهو الظن أن الإسلام قائم، وأن هؤلاء الذين يدعون الإسلام ويتسمون بأسماء المسلمين هم فعلا “مسلمون” وأن الأوضاع “العلمانية” السائدة في الأرض هي “أوضاع” إسلامية. وهكذا يتوصل الكاتب الى تكفير المجتمع لتوقف الإسلام وغيابه ودعوته الى إنشائه مجددا.
ونلاحظ أن العنوان التاسع وما قبله من العناوين السابقة عدا الثاني والثالث والرابع لا تتعلق بموضوع العدالة الاجتماعية مباشرة، وتبدو أشبه بمقالات متعددة يعالج كل منها شأنا مختلفا عن الآخر. وقد شغل موضوع العدالة الاجتماعية حيزا كبيرا في أكثر من مجال معرفي: الفلسفة، الاقتصاد، السياسة، الأديان والفكر عموما. والأديان ترى في نفسها أنها دعوة للعدالة والمساواة والحق. سيد قطب تناول موضوع العدالة الاجتماعية في الإسلام، وطرحه يمثل فكر جماعة الإخوان المسلمين، فهو عضو قيادي بها.
يحق للمرء أن يتساءل هل يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية بقوانين أزلية ثابتة صالحة لكل واقع ولكل عصر كما يراها أصحابها؟ وهل يمكن أن  تتحقق العدالة دون إجراءات محددة أو اتخاذ تدابير معينة أو سن قوانين مناسبة لمعالجة هذا الوضع أو ذاك، والاكتفاء بالنصوص الدينية باعتبارها قوانين نافذة، يستجيب لها البشر طوعا ما داموا مؤمنين بذلك الدين، علما أن الأحاديث بمضامينها المتنوعة وأقوال الفقهاء والمفسرين ليست مقدسة، وإنما تواضع بعض الناس فيما بينهم على إضفاء القداسة عليها، إن التصور الذي يرسمه قطب لمجتمع العدالة الاجتماعية هو تصور مثالي خيالي، إنه عالم زاه مرسوم بخيال المؤلف، رغم أنه يعترف (ص 182) أن الحياة الإسلامية قد توقفت منذ فترة طويلة بل “وجود” الإسلام قد توقف كذلك، وهو يدعو الى إعادة إنشاء الإسلام من جديد (ص 216)
إن ما يقدمه المؤلف هو فرض غير قابل للحياة لأنه يهمل الواقع وحركته، مؤكدا مبدأ الحاكمية، وتصوره عن العدالة يفترض تطبيقه الدقيق حسب النصوص، متناسيا أن من يقوم بتطبيق النصوص هم البشر، بفهمهم المعين له وبنوازعهم وأهوائهم المختلفة وبأسلوب التطبيق. وكل تصوراته عن العدالة، طبيعتها، أسسها، وسائل تنفيذها، تستند الى آيات عديدة متفرقة في القرآن، والى أحاديث نبوية وأحداث تاريخية، اعتبرها قاعدة أو مقياسا أو قانونا، وبعض المضامين للأحداث عابر لم يتكرر حدوثه ومع ذلك اعتبرها قاعدة ومقياسا. وهو عندما يستشهد بالنصوص يتجاوز النصح والإرشاد فيها أحيانا الى اعتبارها مسلمات أو قوانين تحكم حياة المسلمين أبد الدهر، وأن العيب في المسلمين لأنهم لم يلتزموا بمضامين النصوص.
ولا شك أن ظهور مثل هذا الكتاب في تلك الفترة من تاريخ مصر يمثل استجابة للوقع المصري حينذاك، حيث كانت البلاد تعاني من الاحتلال الإنجليزي، ويطمح الشعب إلى التحرر والسيادة والعيش الكريم، والصراع محتدم بين عموم الشعب والطبقة الحاكمة الفاسدة. واستنادا إلى حوار الإعلامي، إبراهيم عيسى مع حلمي النمنم، وهو وزير ثقافة مصري سابق، وله مؤلفات عن سيد قطب، في برنامج “مختلف عليه” بث في حلقتين بتاريخ 21 و 28 آب 2018 من قناة الحرة، قال النمنم أن سيد قطب أرسل رسالة من أمريكا إلى الحكومة المصرية يقول فيها أنه ألف كتاب “العدالة الاجتماعية” ليحمي الشعب من الماركسية والشيوعية بالإسلام.
كما قال أن الكتاب وحتى الطبعة الرابعة كان يتضمن جزأين، الأول في قضية العدالة الاجتماعية، والثاني الإسلام في اللحظة الحاضرة. في الطبعات اللاحقة حذف الإخوان المسلمون الفقرات التي يعتبر فيها قطب أن الخلافة الإسلامية أخطأت الطريق حين ذهبت إلى الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين سبقوا الإمام علي بن أبي طالب، وأن الإسلام توقف عن الوجود منذ لحظة تولي عثمان بن عفان الخلافة.
كذلك نلاحظ تأثر سيد قطب بأفكار المودودي، التي انتزعها من سياقها التاريخي بحكم وجود المودودي بين السيخ والهندوس، الذين رآهم كفارا، فنقل قطب الفكرة واعتبر أن التفكير ليس إسلاميا، والفقه ليس إسلاميا، والتاريخ ليس إسلاميا، وأن الناس ليسوا مسلمين وليس هذا هو الإسلام. ويحق لنا أن نتساءل عن أي إسلام يتحدث أو يريد أن يقيم العدالة الاجتماعية على أساسه، وقد كفر الجميع، وكفر الصحابة.
إن العدالة الاجتماعية مفهوم نسبي تنادي به قوى رأسمالية وليبرالية وديمقراطية متنوعة، ويختلف طرحه باختلاف الحزب أو الطبقة الاجتماعية الحاكمة في البلد المعني. الأحزاب الديمقراطية هي الأكبر تمثيلا لمفهوم أو نظام العدالة الاجتماعية. وعلى سبيل المثال فإن الحزب الشيوعي المصري طرح في : مشروع البرنامج العام للحزب الشيوعي المصري ديسمبر 2011 مجموعة من المطالب منها مثلا: الحفاظ على مجانية التعليم في كافة المراحل وتطوير المناهج التعليمية، وتنفيذ قانون للضمان الصحي الشامل يكفل العلاج المناسب لكافة المواطنين بالمجان، وتحسين وسائل النقل العام، وسن التشريعات لإعطاء المرأة حقوقها الثابتة دستوريا، وضرورة وقف خصخصة الشركات، وغيرها من المطالب العديدة الموزعة على أكثر من عنوان.
كذلك فإن الحزب الشيوعي العراقي في مؤتمره العاشر ديسمبر 2016 حمل شعار: التغيير.. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية، وقد ورد فيه أن الخيار الاشتراكي يقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية. وفي مؤتمره الحادي عشر نوفمبر 2021 المنعقد تحت شعار: التغيير الشامل: دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية، أقر فيه وثيقة بعنوان: “قدما.. نحو التغيير الشامل”، تناول فيها قضية السعي لتحقيق قدر من من العدالة الاجتماعية، وطرح متطلبات تحقيقها بمطالب ملموسة مثلا: مكافحة البطالة، وتحسين الخدمات العامة، وبناء منظومة صحية متكاملة، وإصلاح المنظومة التربوية، ومعالجة أزمة السكن. (الوثيقة متاحة في موقع الحزب)
وبالمقارنة فإن معالجة سيد قطب تخلو من مطالب ملموسة ومحددة، وتعتمد ضمير الإنسان ونقائه في تنفيذ ما يراه مطلوبا لمجتمع تسوده العدالة الاجتماعية بلغة الوعظ والنصح والإرشاد. كما أن رؤية قطب لمفهوم العدالة الاجتماعية لم تجد من يتبنى أفكارها حتى من الأحزاب التي تدعي أنها تمثل الإسلام أو تحكم باسمه في أكثر من بلد، وعلى مدى سبعة عقود من ظهور الكتاب.
في هذا الكتاب بعض من أفكار قطب، التي استندت اليها قوى الإسلام السياسي وهي الحاكمية وتكفير المجتمع، وبعد هذا الكتاب، وفي فترة سجنه تعمقت طروحاته فألف كتبا أخرى تدعم توجهه، مثلا: “معالم في الطريق”، “المستقبل لهذا الدين”، كما واصل إكمال تفسيره للقرآن “في ظلال القرآن”، وللتنويه فإنه كان يرسل كتاباته من السجن، وكانت تطبع وتوزع في حياته وعلى نطاق واسع