شباط/فبراير 17
   
 
 
 نشرت صحيفة الغارديان البريطانية في الأول من تموز 2013 مقالاً بعنوان “كيف تحكم الخوارزميات العالم؟” لـ ليو هيكمان والذي جاء فيه “تُسلط اكتشافات وكالة الأمن القومي الضوء على الدور الذي تلعبه الخوارزميات المعقدة في غربلة كتل البيانات. ... وبرز في هذا المقال تساؤل مهم “هل يجب أن نكون أكثر حذرا من قوة الخوارزميات؟”.
في مقال لـ رودري مارسدن، في صحيفة الإنديبندت البريطانية، الأحد 08 مارس 2015، تحت عنوان “غزو الخوارزميات: معادلات العصر الحديث التي يمكن أن تحكم حياتنا”، أشار الى تساؤل آخر أكثر عمقا: “هذه المعادلات يمكنها، من خلال معالجة كميات هائلة من البيانات الدقيقة، التنبؤ بسلوكنا - لكن هل هي نحو الأفضل أم للأسوأ؟.
في سلسلة محاضرات قدمتها جامعة كاليفورنيا، قدم المؤرخ يوفال هراري محاضرة بعنوان “تاريخ موجز للغد” في 24 أبريل 2017، أكدت المحاضرة على إن “الكائنات الحية هي خوارزميات”، وهناك اندماج بين علوم الحياة، وعلوم الكمبيوتر، وأن المشاعر البشرية ومشاعر وأحاسيس وعواطف الشمبانزي والفيل والدلفين، كلها مجرد عمليات كيميائية حيوية للحساب، وحساب الاحتمالات من أجل اتخاذ القرارات. مستندا الى إن “العلم على دراية بنوعين فقط من العمليات في الطبيعة. لدينا عمليات حتمية، وعمليات عشوائية”، وبالطبع لدينا مزيج من العشوائية والحتمية، مما يؤدي إلى نتيجة من الاحتمالات.
هذه التساؤلات والطروحات تدفع نحو تفكيك ما يجري الى عناصره الأولية لفهم اثاره الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وما يجري لنا ولمستقبل اجيالنا. فكيف تتم تغذية هذه الخوارزميات، المستخدمة في وسائل التواصل الاجتماعي، بموادها الخام؟ وكيف تعالج البيانات لتتحول الى معلومات؟ كيف يتم الحصول عليها؟ ما حجمها؟ وماهي مواصفات الآلات التي تنفذ هذه الخوارزميات؟ ...الخ.
يهدف هذا المقال، كمحاولة متواضعة، الى جمع بعض ما متوفر من بيانات منشورة حول هذا الموضوع وعرضها ضمن سياقاتها التي تساعدنا في فهم هذا الواقع وتلمس ما هو إيجابي لتبنيه، والتصدي الى الطروحات السيئة.
نظرة تاريخية
منذ تأسيس البريد الالكتروني Hotmail من قبل الطالبين صابر بهاتيا وجاك سميث Sabeer Bhatia و Jack Smith في عام 1996 في كاليفورنيا، والذي كان من أوائل خدمات بريد الويب في العالم. جرى السعي حثيثا لإغراء الناس للتواصل باشتراكات في خدمات بريد الكتروني مجاني. أثناء عملية التسجيل وفر المسجلون معلومات أولية عنهم؛ منها نوع الجنس، تاريخ الميلاد ... الخ. هذا البريد الالكتروني أوجد رابطا وثيقا للاتصال ومتابعة المشتركين، وفتح نافذة جديدة غير معهودة لأغراض الشركات في كل نشاطاتها الحالية والمستقبلية؛ أولها هو تسويق سلعها. هذا ما دفع Microsoft في عام 1997، للاستحواذ على Hotmail مقابل 400 مليون دولار تقريبًا وأعيد إطلاقها باسم MSN Hotmail. لم تتوقف عملية تغيير العلامة التجارية عند هذا الحد، فقد تم تغييرهــا لاحقًا إلى Windows Live Hotmail قبل أن يطلق عليها اسمها الاخير Outlook.com في عام 2013.
في 4 سبتمبر 1998 تأسست Google من قبل الطالبين لاري بيج وسيرجي برين Larry Page وSergey Brin عندما كانا طالبي دكتوراه في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، مستخدمين عدة تطبيقات؛ رابطها الأساس بريد الكتروني يحمل معلومات شخصية عن المستخدمين.
يمتلك هذان الشخصان معًا حوالي 14 ٪ من أسهم Google المدرجة في البورصة، ويسيطرون على 56 ٪ من قوة تصويت المساهمين من خلال الأسهم ذات التصويت الفائق. إن ذلك يعكس “ديمقراطية” اتخاذ القرارات لمؤسسة مثل Google التي تمتلك أضخم بيانات في العالم حول مجريات حياتنا اليومية.
أما Facebook  فقد تم تأسيسها في عام 2004 على يد أربعة طلاب من جامعة هارفارد. أصبحت Facebook أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم، مع ما يقرب من ثلاثة مليارات مستخدم في عام 2021، ونحو نصف هذا العدد يستخدمون Facebook يوميًا (تصور المقدار الهائل من المعلومات التي تحتفظ بها هذه الشركة عن مشتركيها).
إن الوصول إلى Facebook مجاني، وتكسب الشركة معظم أموالها من الإعلانات على الموقع. يمكن للمستخدمين الإشارة إلى تقييمهم للمحتوى، من الاعجاب الى الغضب، باستخدام واحد من سبعة ازرار مخصصة لذلك. هذا التقييم هو المصدر الرئيسي لجمع البيانات الضخمة عن المستخدمين والتي تخزنها خوادم المنصات لــ Facebook وهي الزيت والوقود لتشغيل ماكينتها الضخمة. أما الخدمات الأخرى التي تعد جزءًا من  Meta Platforms، الاسم الجديد للشركة، والتي تشكل المصادر الأخرى لجمع المعلومات عن المشتركين هي  Instagram وهي شبكة اجتماعية لمشاركة الصور والفيديو، الــ Messenger تطبيق لمراسلات فورية، وWhatsApp خدمة الرسائل النصية والصور باستخدام تقنية تعرف بـ VoIP.
Facebook لديها تاريخ معقد منذ نشأتها. بدأت في جامعة هارفارد في 2003 باسم Facemash، وهي خدمة عبر الإنترنت للعلاقات بين الطلاب والحكم على تقاربهم من بعضهم البعض. نظرًا لأن المطور الأساسي، للخدمة، انتهك سياسة خصوصية الجامعة في الحصول على معلومات، فقد تم إغلاقها بعد يومين. على الرغم من وجودها الذي يشبه الذبابة، فقد توافد عليها 450 شخصًا. دفع هذا النجاح إلى تسجيل اسم موقع انترنت بعنوان  http://www.thefacebook.com في يناير 2004. ثم أنشأ شبكة تواصل اجتماعية جديدة تحت هذا العنوان.
تم إطلاق الشبكة الاجتماعية TheFacebook.com في فبراير 2004. وشارك طلاب جامعة هارفارد في الخدمة بنشر صور لأنفسهم ومعلومات شخصية عن حياتهم، مثل جداول فصولهم الدراسية والنوادي التي ينتمون إليها. زادت شعبيتها، وسرعان ما سُمح لطلاب من مدارس مرموقة أخرى، مثل جامعتي ييل وستانفورد، بالانضمام. بحلول يونيو 2004، كان أكثر من 250000 طالب من 34 مدرسة قد اشتركوا، في نفس العام بدأت الشركات الكبرى مثل شركة بطاقات الائتمان MasterCard في الدفع مقابل ظهورها على الموقع.
بحلول نهاية عام 2004، حصلت TheFacebook على مليون مستخدم نشط. ومع ذلك، لا تزال الشركة تتخلف عن الشبكة الاجتماعية عبر الإنترنت الرائدة في ذلك الوقت التي تحمل اسم Myspace، والتي كانت تضم خمسة ملايين عضو.
عام 2005 كان محوريا للشركة؛ اختصر الاسم الى Facebook وقدمت فكرة “وضع علامات” على الأشخاص في الصور التي يتم نشرها على الموقع (وضح استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي للمشتركين). سمح   Facebook للمستخدمين بتحميل عدد غير محدود من الصور. في عام 2005 سُمح لطلاب المدارس الثانوية وطلاب جامعات خارج الولايات المتحدة بالانضمام إلى الخدمة. بحلول نهاية العام، كان هناك ستة ملايين مستخدم نشط شهريًا.
في عام 2006، فتح Facebook عضويته لتتجاوز الطلاب لأي شخص يزيد عمره عن 13 عاما. تمكن المعلنون من إنشاء علاقات عملاء جديدة وفعالة. على سبيل المثال، في ذلك العام، جذبت شركة Procter & Gamble  المصنعة للمنتجات المنزلية، 14000 شخص إلى جهدها الترويجي من خلال “التعبير عن تقاربهم” مع أحد منتجات تبييض الأسنان. لم يكن هذا النوع من المشاركة المباشرة للمستهلكين على هذا النطاق الواسع ممكنًا قبل Facebook، وبدأت المزيد من الشركات في استخدام الشبكة الاجتماعية للتسويق والإعلان.
تظل الخصوصية مشكلة مستمرة في  Facebook، أصبح الأمر أول مرة يمثل مشكلة خطيرة للشركة في عام 2006، عندما قدمت الشركة خدمة الــ  News Feed، والتي تتكون من كل تغيير يقوم به أصدقاء المستخدم على صفحاتهم. بعد احتجاجات من المستخدمين، نفذ Facebook بسرعة عناصر التحكم في الخصوصية التي يمكن للمستخدمين من خلالها التحكم في المحتوى الذي يظهر في موجز الأخبار. في عام 2007، أطلقت Facebook خدمة قصيرة العمر سميت Beacon دعت أصدقاء الأعضاء لأن يروا المنتجات التي اشتروها من الشركات المشاركة. لقد فشلت لأن الأعضاء شعروا بأنها تتعدى على خصوصيتهم (personal privacy). في الواقع، وضع استطلاع رأي للمستهلكين، في عام 2010، Facebook في أدنى خمسة في المائة من الشركات، من حيث رضا العملاء إلى حد كبير، بسبب مخاوف الخصوصية، ولا تزال الشركة تتعرض لانتقادات بسبب تعقيد عناصر التحكم في خصوصية المستخدم وللتغييرات المتكررة التي تجريها، منها التحذيرات التي أطلقتها “كيلي بيرنز”، بروفسور الاتصال الجماهيري في جامعة جنوب فلوريدا حول التنصت على محادثات الناس بشكل مستمر.
أصبحت شركة Facebook أداة قوية للحركات السياسية، بدءًا من الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2008، عندما تم تشكيل أكثر من 1000 مجموعة على Facebook لدعم المرشح الديمقراطي باراك أوباما أو المرشح الجمهوري جون ماكين. هذه الأداة أصبحت مصدرا مهما للغاية لتلاعب شركة “كامبريدج أناليتيكا” بالمعلومات واستغلالها سياسيا، خصوصا مع بدء عصر البيانات الضخمة المخيف. جنبا إلى جنب مع التقدم في علم اللغة المعرفي وعلم الأعصاب، يمكن لهذه البيانات أن تصبح أداة قوية لتغيير القرارات الانتخابية التي نتخذها.
من ناحية أخرى، تم استخدام الخدمة، في كولومبيا، لحشد مئات الآلاف في احتجاجات ضد حرب العصابات المناهضة للحكومة. وفي مصر، نظم النشطاء المحتجون على حكومة الرئيس حسني مبارك أثناء انتفاضة 2011 أنفسهم من خلال تشكيل مجموعات على Facebook. كما استخدمت بشكل واسع في انتفاضة تشرين في 2019 في العراق.
كذلك شجعت شركة Facebook مطوري البرامج الخارجيين على استخدام الخدمة. في عام 2006، أصدرت واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بها (API) بحيث يمكن للمبرمجين كتابة البرامج التي يمكن لمشتركي Facebook استخدامها مباشرة من خلال الخدمة؛ وبذلك فتحت مصدرا آخر متخصصا لجمع المعلومات.
بحلول عام 2009، حقق المطورون حوالي 500 مليون دولار من العائدات لأنفسهم من خلال Facebook. تربح Facebook أيضاً من عائدات المطورين من خلال مدفوعات للمنتجات الافتراضية أو الرقمية التي يتم بيعها من خلال تطبيقات الطرف الثالث. بحلول عام 2011، شكلت المدفوعات من إحدى هذه الشركات، Zynga Inc.، مطور ألعاب عبر الإنترنت، 12 بالمائة من عائدات الشركة.
المواد الخام للخوارزميات - البيانات.
منذ آلاف السنين، كانت هناك محاولات لاختراق البشر، ولفهم ما يدور في أذهاننا؛ ماذا نفكر؟ بماذا نشعر؟ لكن لا أحد كان قادرا حقا على فعل ذلك. لم تكن القدرة الحاسوبية اللازمة لفهم ما يحدث داخل دماغ أو داخل جسم الإنسان؛ متوفرة آنذاك.
إن الابتكار الكبير الذي غير وسيغير العالم أكثر من أي شيء آخر هو: القدرة على اختراق البشر، وفك رموزهم. إن البشر معقدون للغاية وعلى مر التاريخ لم يكن لدينا الأدوات اللازمة لفهم كيفية عمل البشر، وكيفية اتخاذهم القرارات وما إلى ذلك. لاختراق الإنسان، نحتاج الى كميات هائلة من البيانات؛ خاصة البيانات البيولوجية؛ كوننا كيانات بيولوجية، ونحتاج إلى كميات هائلة من القدرة الحاسوبية لفهمها. في السابق، في التاريخ، لم يكن لدينا هذا، كان فهمنا للبيولوجيا محدودًا للغاية. كانت القدرة على جمع البيانات عن البشر محدودة للغاية أيضًا، ولم تكن لدينا القوة الحاسوبية، وكانت تطورات التكنولوجيا الحيوية وتقنية المعلومات منفصلة، لكنهما الآن يجتمعان معًا.
إحدى الاطروحات، من خلال الدراسات التاريخية، تشير الى إن مشاعرنا الإنسانية هي خوارزميات تشكلت عبر ملايين السنين من الانتقاء الطبيعي، خوارزميات صمدت أمام أقسى اختبارات الجودة في العالم، اختبارات الجودة للانتقاء الطبيعي. لكن الأمور تتغير الآن. نحن الآن عند تقاطع أو عند نقطة الاصطدام بين موجتين علميتين هائلتين. من ناحية، منذ أكثر من قرن، على الأقل منذ تشارلز داروين، اكتسبنا فهماً أفضل وأفضل لجسم الإنسان، والدماغ البشري، ولاتخاذ القرارات البشرية والعواطف والأحاسيس البشرية وما إلى ذلك. وفي الوقت نفسه، مع صعود وتطور علوم الكمبيوتر، تعلمنا كيفية هندسة خوارزميات إلكترونية وهي في تحسن مستمر، مع المزيد والمزيد من قوة الحوسبة.
 حتى هذا اليوم، كان هذان النوعان من التطورات منفصلين، لكنهما الآن يجتمعان معًا. أن الشيء الحاسم الذي يحدث الآن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، هو اندماج هاتين الموجتين. ينهار الجدار الذي يفصل بين التكنولوجيا الحيوية وتقنية المعلومات، وهو ما يمكنك رؤيته أيضًا في السوق، أن شركات مثل Apple أو Amazon أو Google أوFacebook، التي بدأت كشركات تقنية معلومات بشكل صارم، أصبحت على نحو متزايد في مجال التكنولوجيا الحيوية. لأنه في الحقيقة، لم يعد هناك فرق جوهري بين الاثنين.
نحن قريبون جدًا من النقطة التي عندها سيكون بإمكان Facebook أو Google فهمك بشكل أفضل مما تفهمه عن نفسك نظرًا لأنها ستحصل على البيانات عبر خوارزمياتها، فسيكون لديها المعرفة البيولوجية عبر خوارزمياتها أيضاً، وسيكون لديها القوة الحاسوبية اللازمة لتنفيذ تلك الخوارزميات، لفهم ما تشعر به بالضبط، ولماذا تشعر بالطريقة التي تشعر بها.
فمنذ متى جرى العمل بهذا النحو؟ وهل كان المشتركون في هذه الخدمات الالكترونية واعين لذلك أو إنهم استُغلوا تحت يافطة “أحكام شروط المشاركة”، التي تستخدم اللغة القانونية المعقدة والطويلة؟ إن المشتركين يقبلون بهذه الشروط دون قراءتها نتيجة حاجتهم لهذه الخدمات.
المعلومات هي سلع
هناك دراسة تشير إلى أن الرياضيات هي في الواقع ما يتكون منه العالم؛ تلك إن الطبيعة تتبع نفس القواعد البسيطة (“عمليات حتمية”)، مرارًا وتكرارًا، لأن الرياضيات تدعم القوانين الأساسية للعالم المادي(8)، وغالبًا ما توصف الرياضيات بهذه الطريقة، كلغة أو أداة ابتكرها البشر لوصف العالم من حولهم بدقة. أن الرياضيات كانت موجودة في الطبيعة قبل وقت طويل من اختراعها، وإن الرياضيات باعتبارها مكونًا أساسيًا من مكونات الطبيعة التي تعطي بنية للعالم المادي.
بعد أكثر من ألفي عام، لا يزال العلماء يبذلون جهودًا كبيرة للكشف عن مكان وكيفية ظهور الأنماط الرياضية في الطبيعة وتفكيكها الى أبسط عناصرها؛ لوضعها في خوارزميات تنفذ على الحواسيب المتطورة التي تفوق في عملها قدرات الانسان الطبيعي في الكثير من نشاطاته اليومية.
هنا نقترح علاقة رياضية بين المعلومات وقيمتها المادية، التي تتعامل مع المعلومات كسلع يتم التقايض بها في بداية ظهورها، بشكل مباشر او غير مباشر، ولتتحول الى معرفة عامة مشاعة في النهاية. لقد حدد امتلاك المعلومات مهن ومهارات ممتلكيها. بشكل عام تمر المعلومات بدورة حياة يمكن تمثيلها بالعلاقة الرياضية التالية:
V= (Vt=0) e^(-t^2/2)
حيثValue (V) هي قيمة المعلومة، وVt=0 هي قيمة المعلومة عند ولادتها وTime (t) هو عامل الزمن. يمكن تمثيل العلاقة بالخط البياني التالي:
بوجود هذه العلاقة بين زمن المعلومة وقيمتها وتحديد زبائنها من الطرفين المنتجين والمستهلكين، فإن الشركات مثل Apple أو Amazon أو Google أو Facebook، قد صممت خوارزمياتها لتحقيق أرباح خيالية من معلومات مجانية؛ وأن هذه الخوارزميات تستخدم موادها الخام من المعلومات الثانوية الملازمة للمعلومات الرئيسية لتفادي المساءلة القانونية حول الخصوصية، مثال على ذلك، الازرار السبعة لـ Facebook.
الآن مع وجود الأدوات الخاصة لكل شخص، من هواتف ذكية وميكروفونات وكاميرات في كل مكان، ومع توسع ما يسمى “إنترنت الأشياء”، ستحيط بنا بلايين من أجهزة الاستشعار، كل منها نقطة بيانات مع إمكانيات خوارزمية. لذا أصبح من الممكن لأول مرة في التاريخ اختراق جميع الأشخاص، وتضيف إلى ذلك؛ زيادة المعرفة البيولوجية والتي تشكل الانفجار، لأنه ستتوفر قدرة إلى معرفة الناس بشكل أفضل مما يعرفون أنفسهم، وهذا هو العامل الأكبر في تغيير قواعد اللعبة في القرن الحادي والعشرين.
إن هذا الادراك لشركات التواصل الاجتماعي بـ القيمة التجارية الضخمة للكنز الذي جمعته من بيانات عن مشتركيها دفعها بدقة لتحدد القيمة الأعلى (المنطقة الحمراء في الرسم البياني) لها لتوظف تجاريا ووضعت الخوارزميات للتعامل معها. الخوارزميات شملت التنقيب عن المعطيات من البيانات الضخمة التي تجمعها لتستخدم هذه المعلومات في التعلم الآلي ضمن منظومات للذكاء الصناعي الذي تفوق قدراته القدرات البشرية.
الآن هذه القدرة الجديدة؛ لديها إمكانات إيجابية هائلة، ولها إمكانات سلبية هائلة أيضًا. إن إمكانيات اختراق البشر، اختراق بيولوجيا الأطفال، تغيير التركيب الجيني للأشخاص؛ خاصة ستكون متاحة لبعض الناس، وغير متاحة للآخرين، هناك إمكانية لتعزيز قدرات بعض من الناس حتى قبل أن يتم استبدالنا بالأدوات التكنولوجية.
 هذه القدرات الهائلة لوسائل التواصل؛ هل هي حقا للتسويق بما يتماشى مع الاحتياجات الشخصية فقط؟!! أم لتحديد التوجهات السياسية لأجل توجيهها نحو مرشح معين أثناء الانتخابات؟!! أم لاستخدام التاريخ الاحصائي للأشخاص للتنبؤ بسلوكهم القادم؟!! أم.. أم.. أم ما خفي كان أعظم؟ للإجابة على هذه التساؤلات دعنا ننظر الى النظريات الرئيسية التي تفسر عمل هذه الشركات وأساليب تسويقها لمعلومات مشتركيها.
 
نظريات حول التواصل الاجتماعي
يشير سيلوين، نيل Selywn, Neil الى أن أحد الأدوار المعاصرة الرئيسية لأدب علم الاجتماع الرقمي هو الاعتراف بـ “الطبيعة المتشابكة للمادة والرقمية والأشخاص والآلات”. وبشكل أكثر تحديدًا، يُقال إننا نعيش في مجتمع “منصات”، حيث تتغلغل المنصات في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة بحسب فان دجك وجوز والأخرين Van Dijck, José وبالتالي، لكي نصف وضعنا المعاصر بشكل معقول، يمكن للمرء أن يتوقع بعض النتائج الملموسة التي يمكن العثور عليها في العالم الرقمي.
أما كريستيان فوكس  Christian Fuchs من معهد بحوث التواصل والإعلام، جامعة وستمنستر، المملكة المتحدة، فيتناول نظريات الاتصال الحديثة، وتحديداً الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، من منظور النظرية النقدية. يجادل بأن وسائل التواصل الاجتماعي تعمل على إخفاء الظروف الطبقية الموجودة مسبقًا من التبعية والهيمنة التي ينطوي عليها بالضرورة نمط الإنتاج الرأسمالي (Fuchs 2016, 121).
 يناقش فوكس ما يسميه بجدلية الموضوع والهدف فيما يتعلق باتصالات الإنترنت. يجادل بأن البشر، كموضوعات تتفاعل مع أهداف وسائل التواصل الاجتماعي، يستخدمون تقنياتها للإنشاء والمشاركة والتواصل، وللمؤسسات التعاونية، وتعزيز المجتمعات عبر الإنترنت. من خلال هذه الممارسات التواصلية، يصبح عالم وسائل التواصل الاجتماعي الخاص بهم عالما “حقيقيا”، ليس فقط بالمعنى المادي للتخزين على خوادم الكمبيوتر، ويمكن الوصول إليه من خلال الأجهزة، ولكن أيضًا بمعنى أن يصبح أكثر واقعية وموضوعية على مستوى الجانب النفسي.
يسمح هذا العالم عبر الإنترنت للمجتمعات بالتوصل إلى مفاهيم جديدة (وسوء فهم) للعالم الاجتماعي الموجود مسبقًا وإنتاج خطابات حصرية لهذه المجتمعات الصغيرة، مما يؤدي إلى احتمالات تفاعلات هادفة لم يتم توضيحها من قبل. مع نمو ثقافات الإنترنت، فإنها تتسرب إلى العالم “الحقيقي”، وتصبح متداولة بقدر عدد المرات التي يستخدم بها المجتمع الإنترنت.
يرى فوكس بأنه لا يمكن أن توجد وسائل التواصل الاجتماعي إلا في سياق يكون فيه الأشخاص قادرين ومستعدين للمشاركة والتواصل والتعاون والتعرف إلى مجتمعات مختلفة، ولكن هذه الإجراءات، مع تشجيعها على الإنترنت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي للشركات، هي بالضبط ما دفع الى واقع اجتماعي موضوعي تضاءلت فيه الثقافة الفردية التي ظهرت في الديمقراطيات الغربية. يستخدم الأفراد وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالشركات كوسيلة للالتزام بـ “مبادئ الأداء النيو ليبرالي” كما يسميهم فوكس، ورعاية صورة الشخص نفسه لشبكاتهم الاجتماعية، والتفاعل مع الآخرين على هذه المنصات من خلال إضافة معلومات مختارة بعناية متاحة للآخرين للرؤية. إن وسائل التواصل الاجتماعي، بالمعنى الحقيقي للكلمة، هي تجربة مستخدم فردية شديدة العزلة ترتدي على أنها تجربة مجتمعية، وخلف ستار “الأداء” الذي يمثل الذات، يشير فوكس إلى “طابع الملكية الخاصة لوسائل التواصل الاجتماعي”. يطور فوكس هذه الفكرة أكثر حيث يذكر:
بحقيقة، أن بيانات المستخدم تُباع كسلعة للمعلنين - مخفية خلف المظهر الاجتماعي لوسائل التواصل الاجتماعي: فأنت لا تدفع مقابل الوصول إلى Twitter أو Facebook أو Google أو YouTube. يبدو أن قيمة الاستخدام التي تم الحصول عليها هي التجربة الاجتماعية الفورية التي تتيحها هذه المنصات. لا يتضح الطابع السلعي للبيانات الشخصية على الفور لأنه لا يوجد تبادل للأموال مقابل قيم الاستخدام التي يواجهها المستخدم.
لطرح الفكرة بشكل مختلف، خارج لغة الاقتصاد الماركسي، تقدم وسائل التواصل الاجتماعي نفسها كأداة مجانية الاستخدام لمشاركة الأشياء مع أصدقائك. بدلاً من ذلك، فهي عبارة عن منصة تحول فيها نفسك إلى سلعة من خلال تغذية المعلنين بمعلومات حول حياتك وقيمك وتفضيلاتك من خلال أعمال العرض الذاتي المنسق. إن المشاركة ليس فقط كموضوع حر في قواعد اللعبة، ولكن أيضًا كموضوع ممتع، يختبر الاستهلاك كشكل من أشكال المتعة الطقسية؛ نحن جميعًا متعه الآن. يقول فوكس:
عمل اللهو (Play labour) هو الأيديولوجية الجديدة للرأسمالية: يتم تقديم العمل المغترب موضوعيا؛ على أنه إبداع وحرية واستقلالية ممتعة للعمال. أصبحت الأفكار التي يجب أن يستمتع بها العمال ويحبون اغترابهم الموضوعي استراتيجية أيديولوجية جديدة لنظرية رأس المال والإدارة. “Facebook labour” هو تعبير عن أيديولوجية عمل اللهو كعنصر من عناصر الروح الجديدة للرأسمالية.
كمستهلك، يتم تقديم الموضوع تقليديًا على أنه حر ومستقل، ويمارس هذا الحق في الاختيار من خلال الوصول إلى اقتصاد السوق لشراء السلع حسب الرغبة، ضمن قيود الدخل التقديري للفرد. لإعادة إنتاج علاقات الإنتاج الرأسمالية، يجب أن يقدم النظام نفسه على أنه أفضل نظام ممكن، وأن تكون وسائل التواصل المشتركة متواطئة في الحفاظ على هذه الرسالة الضمنية لإبقاء موضوع المستهلك ممثلاً، وبالتالي، مهيمنًا. تقدم وسائل التواصل الاجتماعي منصاتها على الإنترنت لاستخدامنا وترفيهنا فقط، حتى وصولاً إلى تصريحات الشركات عن الإحسان؛ يستغل الـ Facebook “القدرة على المشاركة وجعل العالم أكثر انفتاحًا وترابطًا”. ويريد موقع YouTube “التواصل مع الآخرين وإعلامهم وإلهامهم في جميع أنحاء العالم”. أما Twitter فيريدك أن “تتواصل مع الأشخاص والتعبير عن نفسك واكتشاف ما يحدث”.
تقدم جميع وسائل التواصل الاجتماعية للشركات الكبرى نفسها هنا للمساعدة، مثل البرامج مفتوحة المصدر المتاحة مجانًا من قبل حاضنات رقمية واعية اجتماعيًا، أو الأدوات المتاحة للآخرين مثل ويكيبيديا أو لينكس، فإن شركات التواصل الاجتماعي هذه تساوي المليارات في البورصة، على الرغم من شعاراتهم التي تدل على دعوة أعلى غير مرتبطة بمتطلبات السوق تمامًا.
ادعاء فوكس الأساسي هو أن هناك فرقًا ملحوظًا بين كيفية عمل وسائل التواصل الاجتماعي وكيف ترغب في الظهور للمستخدم النهائي. الغرض من وسائل التواصل الاجتماعي هو تكوين المجموعات وتبادل المعلومات، لتوحيدنا. ومع ذلك، فإن الرأسمالية تدمر إمكانيات الاتصال الجديدة هذه، و”تعزز أشكالًا جديدة من الاستغلال، والتسليع، والفردية، والملكية الخاصة”. بينما يقوم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بتحميل الصور وإرسال الرسائل إلى الأصدقاء والتعبير عن أنفسهم عبر الإنترنت، فإن الشركات تقوم بتوجيه البيانات إلى جهاز يعمل بشكل أساسي على نقل بصمة البيانات هذه إلى منتج تشتريه الشركة، والإعلان لك بطريقة تحول إحساسك من العودة إلى حد ذاتها، لتقديم مجموعة من مشتريات السلع المحتملة.  
على الرغم من هذه الهواجس بشأن العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والاستغلال الرأسمالي، يجادل فوكس بأنه لا تزال هناك إمكانات تحررية داخل هذه التكنولوجيا: “تشير إلى، وتشكل جنبًا إلى جنب مع التقنيات الأخرى، أساسًا ماديًا لمجتمع اشتراكي ديمقراطي، حيث يتم التحكم بشكل جماعي في وسائل الإنتاج المادي والإعلامي“. تكمن المشكلة في أن وسائل التواصل الاجتماعي للشركات تقوض إمكانياتها السياسية الخاصة من خلال خدمة الوضع الرأسمالي الراهن وتعمل على تقديم أشكال جديدة من “الاستغلال والأيديولوجية”. تحول وسائل التواصل الاجتماعي المشتركين إلى مستهلكين، وأفراد مجبرين على العمل من أجل أرباح الشركات تحت ستار اللعب؛ يجادل بأنه “من الخطأ النظر إلى Facebook على أنه شركة اتصالات: فهي لا تبيع الاتصالات أو الوصول إلى الاتصالات، ولكن بيانات المستخدم ومساحة الإعلان المستهدفة”. يُعد Facebook أحد أكبر وكالات الإعلان في العالم”. على الرغم من أن منصات التواصل الاجتماعية توفر القدرة للمستخدمين على التواصل، إلا أنها تعمل بشكل أشبه بوكالة مواعدة عبر الإنترنت، حيث تربط شركاء الشركات بالمستهلكين المحتملين، تحت رعاية ربط البشر ببعضهم البعض: باستثناء أن المستخدمين لا يواجهون هذا التلاعب في بياناتهم الخاصة، ربما يكون التشابه أقرب إلى مواعدة غير معروفة حيث لا تعرف بأنه سيتم الإيقاع بك.
 
فهم أشكال تسليع التواصل الاجتماعي
يشير كريستيان فوكس الى إن السلع هي “الشكل الأولي” للرأسمالية (Marx, 1976, 125) يسمح لنا تحليل ونقد ماركس للسلع بفهم أشكال تسليع التواصل الاجتماعي. إن “المعلومات سلعة غريبة: لا يتم استخدامها في الاستهلاك، ويمكن نسخها وتوزيعها بسهولة وبسرعة، ولها تكاليف إنتاج أولية عالية وتكاليف نسخ منخفضة، وتنطوي على مخاطر عالية وعدم اليقين بشأن ما إذا كانت قابلة للبيع أم لا، فهي غير منافسة في الاستهلاك، وتتطلب تدابير وقائية خاصة ليتم تحويلها إلى سلعة نادرة يمكن استبعاد الآخرين من استهلاكها” (Fuchs 2016, 59). ويضيف “لذلك، فإن تراكم رأس المال في اقتصاد المعلومات يتطلب استراتيجيات خاصة، مثل تسليع المحتوى إلى جانب حقوق الملكية الفكرية وحقوق التأليف والنشر، وتسليع الوصول إلى المحتوى (مثل الاشتراكات)، وتسليع تقنيات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك”.
ويذكر أنه “تؤكد فكرة ماركس، أيضا؛ بأن شكل السلع ليس مناسبا للجوانب الإنسانية الأساسية للمجتمع، مثل الحب والتعليم والمعرفة والتواصل. إذا كان شكل السلع يعني عدم المساواة، فعندئذٍ يجب أن يكون المجتمع العادل حقًا والديمقراطي مجتمعًا قائمًا على المشاعات”. هذا يعني إن نظام التواصل كمشاعات تتوافق مع جوهر الإنسانية والمجتمع والديمقراطية. لا يتم إنتاج المشاعات مثل المعرفة من قبل أفراد لوحدهم، ولكن لها طابع اجتماعي وتاريخي وتعاوني. لقد تم إنتاجها من خلال العمل العالمي: “العمل الشامل هو كل عمل علمي، كل اكتشاف واختراع، نشأ جزئياً عن طريق تعاون الرجال الذين يعيشون الآن، وجزئياً أيضاً من خلال البناء على الاعمال السابقة Marx, 1981, 199”
في هوس السلع المنتظم، تحجب الأشياء (السلع، المال) العلاقات الاجتماعية. على وسائل التواصل الاجتماعي للشركات، “تعتبر العلاقات الاجتماعية هي التجربة الفورية والملموسة، في حين أن شكل السلعة لا يواجه المستخدمين إلا بشكل غير مباشر” (كريستيان فوكس،13). إن الطابع الاجتماعي لهذه المنصات يخفي الشكل السلعي لهذه المنصات.
ذكر ماركس أيضًا فهمًا ديالكتيكيا للتكنولوجيا في رأس المال وGrundrisse. حيث “توقع ماركس ظهور اقتصاد المعلومات من خلال القول: إنه مع تطور القوى المنتجة، يزداد دور المعرفة والتكنولوجيا والعلوم في الإنتاج. مفهومه عن الفهم العام له أهمية خاصة في هذا السياق. وجادل بأن التكنولوجيا تجعل العمل اجتماعيًا أيضًا” (ديمتريس بوكاس، 3)، مثال على ذلك أن الرقمنة يمكن أن تحول المعرفة إلى هدية يتم توزيعها عبر الإنترنت.
أبرز ماركس أهمية النضالات الاجتماعية من أجل مجتمع عادل ومنصف، أي ديمقراطية تشاركية. ما دامت المجتمعات الطبقية موجودة، تظل الصراعات الطبقية حقيقة واقعة. يتواصل النشطاء فيما بينهم ومع الجمهور. لذلك، تعد تقنيات الاتصال، مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو الهاتف المحمول أو البريد الإلكتروني، أدوات تنظيمية رئيسية في الحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية. يوفر لنا ماركس فهما أفضل لطبيعة النضالات الاجتماعية في المجتمع الحديث. أخيرًا وليس آخرًا، غالبًا ما يبدو اليوم أن الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام هي الأفضل تنظيمًا كشركات. ومع ذلك، هناك أيضًا تقاليد بديلة. على سبيل المثال انظر الى منتجي الخدمات العامة الذين لا يستخدمون الإعلانات ويتشاركون المعرفة؛ كمشتركي الويكيبيديا، ومنتجي البرمجيات الحرة، ومبادرات Wi-Fi العامة المجانية، ومنصات المشاركة عبر الإنترنت غير الهادفة للربح مثل Freecycle أو Street Bank.
 
 
المراجع:
 Leo Hickman, Mon 1 Jul 2013. How algorithms rule the world, The British Guardian Newspaper.
Rhodri Marsden , Sunday 08 March 2015. Invasion of the algorithms: The modern-day equations which can rule our lives, The British Independent Newspaper.
https://youtu.be/4ChHc5jhZxs.
Andrew Griffin, Friday, 22 July 2016. Facebook is using smartphones to listen to what people say, professor suggests. The British Independent Newspaper.
https://inews.co.uk/news/technology/social-media-political-manipulation-soared-disinformation-uk-us-russia-propaganda-826934.
George Monbiot, 7 March, 2017. Big data’s power is terrifying. That could be good news for democracy, The British Guardian Newspaper.
Wu Youyou, Monday 12 January 2015. Facebook knows you better than your friends do - because Likes reveal so much about your character, Cambridge University Press.
https://www.sciencealert.com/the-exquisite-beauty-of-nature-reveals-a-world-of-math
Selywn, Neil, 2019. What is Digital Sociology? Cambridge: Polity Press. 
Van Dijck, José, 2018. The Platform Society: Public Values in a Connected World. Cambridge: Polity Press.
Fuchs, Christian. 2016. Critical Theory of Communication: New Readings of Lukács, Adorno, Marcuse, Honneth and Habermas in the Age of the Internet. London: University of Westminster Press.
Marx, Karl. 1976. Capital: A Critique of Political Economy, Volume 1.
Fuchs, Christian. 2016. Reading Marx in the Information Age: A Media and Communication Studies Perspective on Capital Volume 1
Marx K (1981) Capital. A Critique of Political Economy. Volume 3. London: Penguin.
Marx’s Capital in the Information Age, Christian Fuchs, 2016 University of Westminster, UK http://fuchs.uti.at, @fuchschristian.
Theory, Reality, and Possibilities for a Digital/Communicative Socialist Society, Dimitris Boucas, University of Westminster and LSE, London, UK, tripleC: Communication, Capitalism & Critique 18, 2020, pp. 48-66