أيار 17
أقرَّ ماركس أن الأسواق مهمة في السيطرة الاجتماعية، إلا أن تفسيره للمحاسبة الرأسمالية، كما يبين الكتاب، يصل إلى مستوى “نظرية في المحاسبة” تشرح كيف أن الرأسمالي الفرد و”سوق رأس المال” يستخدم ما هو، بالنسبة للكثيرين، اليد الخفية للمحاسبة للتحكم في إنتاج وتوزيع فائض القيمة.
روب براير، محاسبة القيمة في رأس مال ماركس: اليد الخفية
 وجدت الماركسية مكانا لها، في العالم الأكاديمي، في مجموعة متنوعة من التخصصات: الاقتصاد، والفلسفة، وعلم الاجتماع، والعلوم السياسية. من المجالات التي لم تحظ بالتقدير المحاسبة الماركسية. ابتداءً، يبدو هذا مجالًا غريبًا إلى حد ما لتطوير نظريات الماركسية، لكن روب براير، في كتابه محاسبة القيمة في رأس مال ماركس: اليد الخفية، لفت الانتباه إلى المحاسبة الماركسية وضرورتها لفهم النظرية الماركسية. وهذا مناسب ليس فقط لأولئك الذين يدرسون المحاسبة، ولكن لجميع الذين لديهم اهتمام بأساس القيمة في الماركسية، والأهم من ذلك، نظرية العمل للقيمة ككل.
روب براير، مؤلف هذا النص، هو أستاذ متقاعد في المحاسبة في كلية وارويك للأعمال بجامعة وارويك Warwick University.  يركز براير على نظرية المحاسبة وعلى وجه التحديد كيف تم استخدامها عبر تاريخ الرأسمالية. هذا الكتاب هو واحد من كتابين كتبهما حول هذا الموضوع، الأول هو محاسبة التاريخ في رأس مال ماركس: الحلقة المفقودة. في حين أن الكتابين يكملان بعضهما البعض، فليس من المطلوب أن تقرأ كلاهما لفهم الحجج التي يطرحها براير.
قد يجذب عمل براير، وتحديداً الكتاب موضوع المناقشة هنا، مجموعة متنوعة من القراء: طلاب الماركسية والرأسمالية، والاقتصاديون المهتمون بنظرية القيمة، والمحاسبون الذين يدرسون الأساليب التاريخية للمحاسبة والتقييم valuation، وأي قارئ يرغب في فهم تعقيدات نظرية القيمة بعمق أكبر عند ماركس. وفي حين أن القليل من المعرفة بالمحاسبة والاقتصاد قد يكون مطلوبا لتقدير عمل براير بشكل كامل، فإن مشروعه الشامل متيسّر تماما - في ضوء المناقشة الحالية بين الاقتصاديين والفلاسفة حول صحة نظرية العمل للقيمة – ويأتي هذا العمل في وقت مناسب جدًا.  في بداية النص، يقدم مسردًا لاختصارات المصطلحات المحاسبية المهمة، مما يساعد بشكل كبير في عملية فهم تعقيدات أطروحته، خاصة بالنسبة لأولئك الذين قد لا يكون لديهم خلفية كبيرة في المحاسبة أو الاقتصاد.
على أي حال فإن القيمة الحقيقية تكمن في التطبيق الفلسفي - أي تفسيره لماركس وتوزيع تفاصيل مجلدات رأس المال 1-3 لإظهار أن القراءة الدقيقة لماركس، وفقًا لبراير، تزودنا بكل المعلومات التي نحتاجها لتطوير طريقة ماركس المحاسبية وكيف أن هذه القراءة تحافظ على تكرار ماركس لنظرية قيمة العمل. هذه الطريقة والنتائج التي تقدمها هي التي تشكل قوة حجة براير، حتى عند فرز الأجزاء المعقدة والأجزاء التي غالبا ما تبدو متناقضة من رأس مال ماركس.
تبدأ الحجة الأساسية التي يطرحها براير في كتابه بفهم كيفية قياس المحاسبين للمدخلات الاقتصادية مثل رأس المال والعمل.  من المهم أن نلاحظ أن النقد العام الذي يَردُّ عليه براير هو أن نظرية ماركس للقيمة لا تحسب المعدل العام المناسب للربح عند تطبيقها. من الواضح أن براير لا يوافق على هذا الرأي، ويقول على الفور إن نظرية محاسبية يمكن أن توضح هذه المسألة.
كنقطة تاريخية موجزة لم ترد بشكل صريح في النص، فإن نظرية القيمة التي يتناولها براير (تصور ماركس لنظرية العمل للقيمة) رفضها الاقتصاديون البرجوازيون بشكل عام، الذين شعروا أن نموذج ماركس لا يتناسب مع الربح. فهؤلاء الاقتصاديون يرفضون أن العمل هو أساس القيمة، وهذا يُضرُّ بحجة ماركس. ومع ذلك، وكما سيوضح براير، فقد تجاهل هؤلاء الاقتصاديون البرجوازيون جوانب من فكر ماركس، ويعتقد براير أنه يستطيع تلبية اهتماماتهم مع الحفاظ على ثراء نظرية ماركس للقيمة. يتم ذلك بشكل أساسي عن طريق تحويل السياق، الذي نفهم فيه نظرية ماركس، من الاقتصاد الأساسي إلى المحاسبة التاريخية.
يذكر براير عددا قليلا من تقنيات المحاسبة (التزامن simultaneist، والنظام المزدوج dualsystem، وما إلى ذلك) ولكنه يوضح أن تفسير النظام الأحادي الزمني (2) Temporal Single-System Interpretation (TSSI) هو النظام الأكثر دقة لتحليل رأسمالية القرن التاسع عشر. يشرح برير السبب:
يوضح التفسير المحاسبي أن نظرية ماركس في تحديد القيمة هي نظرية “زمنية”‘temporal’ ، أي أنها تشرح كيف يفسر الرأسماليون خلق القيمة عبر الزمن، في الإنتاج، وهو “نظام أحادي” ‘single-system’، ويشرح كيف يتم تحديد القيم والأسعار وتتم محاسبتها بشكل مترابط، وبالتالي رفض تفسير النظام الأحادي الزمني TSSI لجميع التفسيرات التزامنية والنظام المزدوج. (ص 9).
وكما يوضح براير، على الرغم من كثرة التفسيرات المتاحة، فإن تفسير النظام الأحادي الزمني TSSI يقوم بأفضل وظيفة لتقييم محاسبة الشركات، كالمصانع، التي تستخدم رأس المال والعمل لتوليد القيمة.
بمجرد تحديد براير لجهازه المحاسبي لفهم نظرية القيمة لماركس، فإنه يكرس باقي الكتاب لتحليل رأس المال والعمل والدور الذي يلعبه في نظرية القيمة التي طرحها ماركس.  في فصوله اللاحقة، تصبح المادة أكثر كثافة وتركز على أشياء مثل رأس المال المتغير، ورأس المال الثابت، والعمل المنتج وغير المنتج. هذه كلها أبعاد لفكر ماركس والمحاسبة وهي أساسية لتوضيح حجته. قد تكون هذه الفصول الكثيفة صعبة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين لم يتمرسوا في دراسة الاقتصاد و/أو المحاسبة. ومع ذلك، يقوم براير بعمل ممتاز في تقسيم الأشياء إلى أبسط أجزائها وبيان كيفية عملها في النظام العام.
بمجرد أن يحدد براير بنجاح جميع العناصر والأجزاء في تحليله، يوضح أن طريقة المحاسبة “الزمنية” (مثل تفسير النظام الأحادي الزمني TSSI)، تركز على قيمة السلع حيث يتم تقييمها في نقاط مختلفة في العملية من الإنتاج إلى البيع. هذا يسمح له أن يرى أن قيمة السلع تكتسب وزنا من ضخ العمل، ولكن مع مراعاة رأس المال أيضًا.  إذا كان هذا [العمل ورأس المال يُشكّل] نظاما أحاديا، فإن التفسير يسمح لنا برؤية السوق كوسيلة للتداول - عنصر مهم في حجة ماركس.
يجادل براير بأن نظرية القيمة لماركس صحيحة لأن طريقة محاسبة TSSI تكشف أن منحنى الربح يتناسب مع حجج ماركس (النقطة الشائكة المركزية لمعظم الاقتصاديين الماركسيين والبرجوازيين). هذه الحجة الأساسية تبدو بسيطة، وهذه جزئيا نتيجة لتبسيط طريقة تفسير النظام الأحادي الزمني TSSI ونظرية ماركس للقيمة. ومع ذلك، فهي تحوّل مهم في الوضع الراهن للاقتصاديين الذين يرفضون عمومًا نظرية ماركس للقيمة، وحجة تلقي ضوء جديد على تعقيد قديم.
في حين أننا أمعنا النظر في حجة براير، من المفيد أن نفهم كيف قام بتقسيم هذه العملية إلى سبعة فصول.
في الفصل الأول (“اليد الخفية”)، يصف براير عموما أنظمة المحاسبة المختلفة ويضع أطروحته العامة “أن نظرية ماركس عن “القوة” ‘power’- نظريته عن السيطرة الرأسمالية - متماسكة ومنطقية، ومتسقة مع ما تشهد عليه مبادئ وممارسات المحاسبة الرأسمالية.” (3)  ويقدم براير الحجة الأكثر استفزازا بأن نظرية ماركس للقيمة هي في الواقع نظرية محاسبية. بمجرد أن نثبت ذلك، يمكننا أن نرى أن “نظرية القيمة لماركس توفر الأساس لبرنامج بحث تقدمي من خلال إعطاء الماركسيين “نظرية محاسبية نقدية” توضح الأساس الاجتماعي الخفي للرأسمالية، وتتركهم مع مهمة “المحاسبة النقدية” ... “(5)
في الفصل الثاني (“نظرية ماركس للقيمة والمحاسبة”)، يدخل براير في جهد منسق لإظهار “الروابط بين نظرية ماركس للقيمة ومبادئ وممارسات المحاسبة الرأسمالية ...” (25) هذا التركيز على نظرة معاصرة إلى رأس مال ماركس هو أساس ضروري لبقية النص. يبدأ براير الربط بالقول إن ماركس استخدم المحاسبة الإدارية (وهي ممارسة حالية يعتقد براير أنها واضحة في تحليل ماركس). على المستوى الأساسي، كتب براير أن “نظرية ماركس للمحاسبة الرأسمالية بإيجاز هي أن إدارة (مديري) كيان تجاري “مسؤولة” أمام سوق رأس المال لدورة رأس المال، M-C-MM” (29).  [توظيف] المال [لإنتاج] سلعة [لتحقيق] المزيد من المال (M-C-MM) هو عنصر أساسي في رأس مال ماركس، وبراير مُحق في الاعتقاد بأن الانتقال من العمل [في النظام] الإقطاعي إلى العمل [في النظام] الرأسمالي يظهر تركيزًا للقوة في الرأسمالي، الذي يسميه براير هنا “مدير” “director”  إن الرأسمالي يعمل على تعظيم قيمة سلعته لأنه بعد ذلك يمكن أن يكون التبادل [بيع السلعة في السوق] مربحا لاسترداد المزيد من الأموال. إن نظرية ماركس للتداول هي التي تنسب الإدارة (الرأسمالي) إلى موقعها الضروري باعتبارها مسؤولة عن الانخراط في هذا التداول، حتى لو كان ذلك بسبب الاستجابات العادية لأحداث السوق.
من المفيد فهم الاقتصاد في هذا الفصل. أولاً، يعتقد براير، مثل ماركس، أن قيمة السلعة تنشأ من وقت عمل العامل. هذه نقطة مهمة لأن ماركس، كما يجادل براير، يعتقد أن العمل مركزي للرأسمالية وسيكون هذا لاحقا جزءا من مفهومه للاستغلال في الرأسمالية. لكن حتى لو قبلنا العمل، يجادل براير بأن ماركس وجد أيضا تداول رأس المال (حركته عبر الاقتصاد في إشارة إلى المال والسلع الأخرى) كجزء ضروري من نظريته عن القيمة. يمكن الاطلاع على تطوراته الأخرى في الفصل التالي.
يفرد براير الفصل الثالث (“المحاسبة وإنتاج رأس المال”) لمناقشة الخلفية التاريخية التي جاء منها ماركس ليصف أولاً رأيه في رأس المال والرأسمالية. يلاحظ براير بحق في بداية الفصل عندما يدعي أن “ماركس كان ضليعًا في الفلسفة، ولكن قبل أن يلتقي إنجلز، كانت معرفته العملية بالرأسمالية معدومة” على النقيض من ذلك، كان لدى إنجلز “معرفة مباشرة لا تقدر بثمن بآلية الرأسمالية” وكان يعلم من خلال تدريبه وخبرته أن المحاسبة كانت ترسا حيويا” (59). قد يكون ماركس غير متأكد من المحاسبة، بالنظر إلى خلفيته التعليمية الفلسفية، كما يجادل براير. ومع ذلك، فكلما ناقش ماركس مع إنجلز طبيعة المحاسبة، تحولت نظريته عن القيمة لتلائم بشكل أفضل نظرية المحاسبة. على الرغم من عدم تناول كتاب براير لمراسلات ماركس بشكل مكثف، إلا أن مراسلات ماركس مع إنجلز كانت ضرورية لتعلّم نظرية المحاسبة، وكما يجادل براير، أصبح هذا التعلم ضروريًا لنظرية القيمة لماركس.
يتابع براير عرضه أن ماركس أطلق على أعظم إبداعاته رأس المال لأن ماركس أدرك مدى قوة رأس المال. يؤكد براير هذا عندما يكتب:
بمعنى آخر، في أي نقطة في الزمن، يعمل رأس المال على أنه (1) مال money أو مطالبات به [بالمال] (على سبيل المثال، المدينون) في انتظار تحويله إلى قيم استعمالية ضرورية، أو لتوزيعه على المستثمرين، (2) تكلفة القيم الاستعمالية الضرورية لإنتاج السلع الجاهزة أو الخدمات (على سبيل المثال، المصانع والمباني ومخزون المواد الخام والعمل الجاري [السلع غير المكتملة قيد الإنتاح]) أو (3) مخزون السلع الجاهزة والسلع الأخرى المعروضة للبيع. (77)
يوضح هذا الشرح لدور المُدخلات المختلفة، على الأقل لماركس وبراير، أن رأس المال يلعب دورا فريدا في كل من كيفية عمل القيمة والتداول. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يستخدم أنظمة التبادل هذه التي تسمح للتطور الرأسمالي بالتقدم للأمام وأن يصبح أكثر شمولية totalizing.
يمكن القول إن الفصل الرابع (“نقد محاسبي للاقتصاد الماركسي”) هو أصعب فصل من فصول كتاب براير، حيث يستخدم نظرية المحاسبة لنقد الاقتصاد الماركسي. يأخذ براير وقته في إظهار أن الماركسيين قد يحتاجون إلى إطار جديد، يمكن من خلاله فهم نظرية ماركس للقيمة، بدلاً من نظرية قيمة جديدة ومنفصلة تماما. إنه يقتبس ماركس باستحسان عندما يكتب: “بدون الرأسمالية وتاريخها، لا يوجد معدل عام للربح، وبالتالي” من المناسب تماما اعتبار قيم السلع، ليس فقط نظريا ولكن تاريخيا أيضا، شرطا مسبقا لأسعار الإنتاج” (112).  وهذا هو رد براير على الجدل حول القيمة والسعر. إنه لا يخوض في تفاصيل كثيرة إذ أن ماركس ردَّ على هذه المسألة في أجزاء لاحقة من رأس المال، ولكن الأهم من ذلك أن [موقف] براير واضح وهو أن القيمة منفصلة عن السعر، حيث نرى بعض الاختلافات العددية بين الربح وفائض القيمة. ومع ذلك، فإنهما [الربح وفائض القيمة] يتمتعان بعلاقة مع بعضهما البعض يمكن تحليلها في نظرية القيمة لماركس.
يقول براير إن “الحل المحاسبي لماركس يشرح بياناته الخاصة بالقيمة - السعر، وهي التي كانت إجابته على سؤال كيف أن المنافسة وحسابات الرأسماليين تعملان على تفعيل تحويل القيم إلى أسعار، وتحديد قيم (أسعار التكلفة) للمدخلات ومعدلات أسعار متساوية للربح، في الواقع” (125) هذا التحول، الذي تم إجراؤه رياضيًا في هذا الفصل، يؤسس رابطًا بين نظرية القيمة لماركس ونظريته المحاسبية التي تدشن تحليل براير لماذا يعتقد أن نظرية ماركس للقيمة ليست عديمة النفع.
يصبح تحول القيمة إلى الربح الذي تحدثنا عنه أعلاه موضوعا بارزا ومهما في الفصل الخامس من كتاب براير (“حل ماركس المحاسبي لـ” مشكلة التحول”)، حيث يركز على استجابة ماركس لنقد “تحول” القيمة إلى السعر:
يقول ماركس إن فائض قيمة الرأسمالي الفرد هو “مقياس الحجم المطلق” للأرباح الفردية، وهي “شكلها المُحوّل”، لأن الرأسماليين الأفراد يقيسون الربح باعتباره “شكلًا محوّلًا” لإجمالي فائض القيمة، أي حسابهم لربحهم باستخدام المبادئ التي أوضحتها نظريته في القيمة، وبالتالي فهي مجموع فائض القيمة الإجمالية (153)
قياس الربح ضروري لأن هذا هو العامل المحفز في الرأسمالية. يقدم براير هنا برهانا معقدا، لن أعيد إنتاجه، لكن يكفي أن أقول إن “مشكلة التحول” قد بدأ حلها، وفقا لبراير، من قبل ماركس عندما ربط، نسبيا، فائض القيمة ومعدل الربح.
مع الفصل السادس (“رأس المال الثابت”)، قد يجد القراء غير المتمرسين في الاقتصاد فصلاً كثيفا وليس مفيدا للغاية، على الرغم من أنه يتضمن شرحًا لرأس المال الثابت والدور الذي يلعبه رأس المال بالنسبة لماركس:
كان السؤال الرئيسي هو قياس نقل قيمة رأس المال الثابت، و”درجة” نقله إلى المنتجات، وكم كانت “الأجزاء [‘bits’]” كبيرة. واجه ماركس هذه المشكلة في عام 1862، وتضمن الفصل الثالث اكتشافه أنه قادر على شرح المحاسبة الرأسمالية، بما في ذلك رأس المال الثابت، مما حثّه على اتخاذ قرارات بشأن عرض عمله وعنوانه. يدعم هذا الفصل هذا الادعاء من خلال إظهار ماركس مستخدما نظريته في القيمة لشرح كيفية حساب الرأسماليين لـ”الأصول الثابتة” (179)
في الفصل السابع والأخير (“العمل المنتج وغير المنتج”)، يجادل المؤلف بأن نظرية ماركس للقيمة تحتاج إلى التمييز بين العمل المنتج وغير المنتج:
يجادل الفصل بأن التمييز مهم بالنسبة لماركس لإثبات نظريته في القيمة، والتي يستخدمها لشرح فئات العمل “المنتج” و”غير المنتج” في حسابات الرأسمالي الفرد، ولإنشاء حسابات لرأس المال الاجتماعي الكلي، مما يوفر بشكل عام مفهوما رائدا غير معترف به لحسابات الدخل القومي الحديثة، لشرح الرأسمالية كنظام لإعادة الإنتاج والتراكم والسيطرة. (213)
يوضح براير أن آدم سميث أخطأ في التمييز [بين العمل المنتج والعمل غير المنتج] وأن “العمل المنتج” هو [دفع] أجور العمال من عملهم، في حين أن [العمل] “غير المنتج” هو دفع أجور العمال من ربح الرأسمالي.
تكمن القوة الأساسية لكتاب براير في أنه يستخدم عددًا كبيرًا من الأدوات الاقتصادية والمحاسبية لإعادة صياغة نظرية ماركس للقيمة. طريقة الحجة مقنعة وتستخدم مزيجًا من الأساليب الفلسفية وكذلك البيانات المالية والإحصائية. يوضح هذا المزيج حججه، وعلى الرغم من الاستخدام المستمر للجداول والرياضيات في ثنايا الكتاب، فإنه يشرح أيضًا أفكاره من خلال الكتابة النثرية، مما يسمح لمن ليس لديهم معرفة عميقة بالاقتصاد والمحاسبة بتقدير قدرته على الإقناع بحجته.
يتمثل الضعف الرئيسي في النص في أنه لا يحلُّ المشكلات المتعلقة بنظرية ماركس للقيمة بشكل كامل. فبينما يلعب رأس المال دورًا محوريًا في هذا الكتاب، فإن براير أقل عرضًا لدور العمل وكيف يتم حساب قيمة السلع من خلال وقت العمل (جوهر حجة ماركس في المجلد الأول من رأس المال). يعني هذا الإغفال أن الأسئلة التي تنطوي على المعدل العام للربح، وهي القضية الأكثر أهمية للاقتصادي في تعامله مع نظرية ماركس للقيمة تبدو وكأنها استجابة للاقتصادي الآن بدلاً من معالجة تاريخ الاقتصاد ونظريات القيمة. على الرغم من أن براير لا يتخلى عن العمل تماما، إلا أنه يقلل من قيمته ليناسب النموذج المحاسبي بشكل أفضل، وهذا، في رأيي، يضعف حجته ولا يفعل الكثير لتفسير المدخلات خارج رأس المال.
إن نص براير غني بالتحقيق في كيف يمكن للقيمة، كما هو مفهوم الآن، أن تساعدنا على إدراك أن ماركس، قبل سنوات من عصره، أنشأ نظرية القيمة التي تدعمها تقنيات المحاسبة الحالية.
يقوم براير بعمل رائع في توفير نص بلغة سهلة المنال إلى جانب المزيد من التفسيرات التقنية والرياضية. توفر المحاسبة الماركسية، بفضل براير وآخرين من أمثاله، مجالًا يمكن من خلاله إعادة تقدير نظرية ماركس للقيمة وصلاحيتها من الناحيتين التاريخية والعلمية. لا يقدم لنا براير الحل المطلق، حتى لو كان موجودا؛ نحن بحاجة للتحقق من نظرية القيمة لماركس. ومع ذلك، فقد قام بالعمل الأساسي اللازم الذي يمكن تناوله في الأبحاث المستقبلية. يتطلب التحقق المناسب أكثر من مجرد نظرية محاسبية. ومع ذلك، فإن هذا الأساس غني بفضل براير، وسنكون مقصرين إن تجاهلناه.
************
 
Review of Rob Bryer, Accounting for Value in Marx’s Capital: The Invisible Hand. Lanham: Lexington Books. 2017. 319 pages.
AH Analecta Hermeneutica, Volume 12 (2020), ISSN 1918-7351
https://journals.library.mun.ca/ojs/index.php/analecta/article/view/2280