أيار 17
 مقدمة
إنّ شبكات الأنظمة الغذائية في الكثير من دول العالم اللازمة لإنتاج ونقل وخزن الأغذية وضمان وصولها للمستهلكين؛ لا تلبي احتياجات قطاعات كبيرة من المجتمعات، وعليه فإن تحسين أداء الأنظمة الغذائية صار امرا ضروريا، خصوصا وان عدد سكان العالم وصل الى اكثر من 7 مليارات نسمة. ان هذه المادة تتناول النشاطات والحوارات واسعة النطاق للأمم المتحدة في عام 2020.
وقد أظهرت جائحة كوفيد - 19 اوجه الضعف وهشاشة النظام الغذائي العالمي وعدم المساواة في النظم الغذائية. حيث تشير الإحصاءات الى أن ما يقرب من 811 مليون شخص يعانون الجوع المزمن حول العالم. ثم جاءت الحرب الأوكرانية الروسية لتفاقم الازمة. خصوصا اذا ما علمنا ان ثلث انتاج الحبوب عالميا من هذين البلدين.
تبنت الامم المتحدة برنامجا عالميا ضخما يشمل جميع دول العالم للفترة من عام 2020 الى 2030. وقد تخلل ذلك العديد من الاجتماعات وورش العمل منها المؤتمر الدولي قبل القمة في مقر الفاو في روما ما بين 26 - 28 تموز من عام 2021 ومؤتمر القمة في نيويورك ما بين 23 -24 ايلول.
مفاهيم عامة
يشير مصطلح النُظم الغذائية إلى كل من له دور – سواء أشخاص أو عمليات – في زراعة الغذاء أو تربيته أو صناعته مرورا باستهلاكه والتخلص من نفاياته. بدايةً من المزارعين مرورا بحاصدي الثمار والفواكه ووصولًا إلى الصرافين.
اما الزراعة المستدامة فهي نظام يضم أنشطة تتعلق بإنتاج الحيوان وزراعة النباتات معاً في مكان محدد، سيستمر على المدى الطويل، وتضم تلك الأنشطة تلبية احتياجات الإنسان الأساسية كالطعام وتحسين الظروف البيئية والمصادر الطبيعية التي تعتمد على مقومات الاقتصاد الزراعي للاستفادة بأقصى درجة ممكنة من المصادر غير المتجددة والمحدودة كذلك.
وأخيرا بالنسبة للنظام الغذائي المستدام: فهو منظومة توفر الأمن الغذائي والتغذية للجميع، بطريقة لا تتضرر فيها الأسس الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لتوليد الأمن الغذائي والتغذية للأجيال القادمة.
 
حوارات نظم الأغذية في العالم حتى نهاية 2021
جرت حوارات في جميع دول العالم منذ بداية 2020 حتى 2021 شارك فيه الاف من المهتمين. اختتمت بمؤتمر قمة في ايلول 2021 لتناول النظم الغذائية وتعقيداتها في مختلف انحاء العالم باتجاه تحديد المسارات التي تساهم في تحقيق اهداف التنمية المستدامة. دعيت جميع الدول الى الشروع في سلسلة من الحوارات الرامية الى الجمع بين طائفة واسعة من اصحاب المصلحة والجهات الفاعلة في نظمها الغذائية الوطنية ومعالجة المسائل المعقدة والمثيرة للجدل التي تواجه الحكومات في تعزيز نظام غذائي مستدام. تضمنت برامج الحوارات في العالم 140 منسقا وطنيا، مع انجاز 420 من حوارات الدول الأعضاء المسجلة، وتقديم 420 نموذجاً للتعليقات. وكذلك انجاز 720 حواراً مستقلاً مع تقديم 320 نموذجاً للتعليقات. تم عقد 10 حوارات عالمية وأكثر من 45000 مشارك عبر الحوارات.
 
اهداف الحوارات
تسريع تحول النظم الغذائية من اجل:
  1. تجميع أفضل الأفكار من جميع هياكل القمة مع تحديد الأولويات واستنباط رؤية مشتركة.
  2. تصبح الحوارات بمثابة تعهد للحكومات والشركات والمجتمع المدني واللاعبين الآخرين للإعلان عن التزامات جديدة لدعم تحول النظم الغذائية وتعزيز الحلول المتغيرة للعبة من خلال التعاون بين أصحاب المصلحة المتعددين.
  3. إتاحة الفرصة لرؤساء الدول والقادة الآخرين في القطاعين العام والخاص لإبراز وتعزيز التزاماتهم بالعمل، وتحديد لهجة القيادة والطموح الجريء.
  4. الترويج لخطاب يضع النظم الغذائية في قلب الجهود العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع مشاركة افتراضية واسعة النطاق وحملة دعوة منسقة واتصالات في جميع مناطق العالم.
  5. تعزيز الشعور بالانتماء إلى المجتمع من خلال الجمع بين البلدان وأصحاب المصلحة.
  6. حشد الاستثمارات العامة والخاصة لدفع تحول النظم الغذائية.
 
تكامل النظم الغذائية والأمن الغذائي
تشمل النظم الغذائية جميع الجهات الفاعلة والأنشطة ذات القيمة المضافة المترابطة التي تشارك في إنتاج الغذاء.  والبيئات المجتمعية والطبيعية التي يشكلون جزءًا لا يتجزأ منها مثل نظام الزراعة، ونظام إدارة النفايات، ونظام إمداد المدخلات، وما إلى ذلك مثل نظام الطاقة، والنظام التجاري، والنظام الصحي، إلخ. ويشمل نتائج الأمن الغذائي لهذه الأنشطة المتعلقة بتوافر الغذاء واستخدامه والوصول إليه، فضلاً عن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وغيرها.
 
خطوات تحقيق الزراعة المستدامة في العالم
  • تنمية التنوع البيئي والحفاظ على الأنواع البيئية غير الضارة
  • الحفاظ على الأرض وجودة التربة
  • حُسن إدارة مصادر المياه واستهلاكها.
  • تخطيط وابتكار النظم والمجتمعات الريفية الجديدة وتنميتها صحيًا واجتماعيًا
  • رفع كمية وجودة الإنتاج الزراعي
  • حُسن استغلال الأراضي الزراعية
  • كفاءة وترشيد استهلاك الطاقة.
  • مراعاة التغيرات المناخية.
اما اهداف التنمية المستدامة فهي: (1) القضاء على الفقر، (2) القضاء على الجوع، (3) الصحة الجيدة والرفاهية، (4) التعليم الجيد، (5) المساواة بين الجنسين، (6) المياه النظيفة والصرف الصحي،(7)  طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، (8) العمل اللائق والنمو الاقتصادي، (9) الصناعة والابتكار والبنية التحتية، (10) الحد من عدم المساواة، (11) المدن والمجتمعات المستدامة، (12) الاستهلاك والإنتاج المسؤولان، (13) العمل المناخي، (14) الحياة تحت الماء، (15) الحياة على الأرض، (16) السلام والعدالة والمؤسسات القوية، (17) شراكات لتحقيق الأهداف.
اما الاولويات فتحددها البلدان.
 
 اهداف التنمية الزراعية المستدامة في برامج وزارة الزراعة
(1) الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية.
(2) زيادة الإنتاجية لوحدة الأراضي والمياه.
(3) رفع درجة الأمن الغذائي للمحاصيل الغذائية الاستراتيجية.
(4) زيادة القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في الأسواق المحلية والدولية.
(5) تحسين مناخ الاستثمار الزراعي.
(6) تحسين مستويات المعيشة لسكان الريف والحد من معدلات الفقر في المناطق الريفية.
 
حوارات انظمة الغذاء في العراق
عقد خلال عام 2021، ما مجموعه 8 جلسات حوارية حول النظم الغذائية - أربع ورش عمل وأربعة اجتماعات - بين حزيران وكانون الاول. وقد شاركت في هذه الحوارات وجهات مختلفة: محافظات ووزارات (الزراعة، الموارد المائية، الصناعة، الاتصالات، الصحة، التخطيط، التجارة، التعليم العالي، العمل) وجامعات ومؤسسات عدة. وكذلك ساهمت في اعمالها منظمات مجتمع مدني، والقطاع الخاص والجمعيات الفلاحية والغرف التجارية والمنظمات الدولية، منظمة الأغذية والزراعة، برنامج الأغذية العالمي، مركز التجارة الدولية.
وعلى وجه العموم، كان المشاركون من النخب في جميع انحاء العراق في اختصاصاتهم.
سلطت الحوارات الضوء على جميع التحديات التي يواجهها العراق فيما يتعلق بالنظام الغذائي. وقدم فريق حوارات النظام الغذائي من وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي العديد من التوصيات/ الحلول التفصيلية في المجالات ذات الصلة مثل المياه، وتغير المناخ، وتسويق الإنتاج، والمحاصيل، والاستهلاك، والنفايات، والتلوث وغيرها. وعلى أهمية دور البحث العلمي في تطوير وتحديث النظم الغذائية أيضًا.
تتطلب قضايا حاسمة أخرى مزيدا من الحوارات، مثل: أزمة المياه، وتغير المناخ، والملوحة، والجفاف، ومكافحة التصحر، وسلامة الغذاء، والهجرة من المناطق الريفية.
مسارات العمل التي حددتها الأمم المتحدة
 مسار العمل 1: ضمان الحصول على طعام آمن ومغذي للجميع.
 مسار العمل 2: التحول إلى أنماط الاستهلاك المستدامة.
 مسار العمل 3: تعزيز الإنتاج الإيجابي للطبيعة.
 مسار العمل 4: النهوض بسبل العيش العادلة.
 مسار العمل 5: بناء المرونة في مواجهة نقاط الضعف والصدمات والتوتر.
 
مسار العمل 1
ضمان الحصول على طعام آمن ومغذي للجميع
سيعمل هذا المسار على القضاء على الجوع وجميع أشكال سوء التغذية. وكذلك على الحد من انتشار الأمراض غير المعدية، وتمكين جميع الناس من التغذية والصحة. يتطلب هذا الهدف أن يحصل جميع الناس في جميع الأوقات على كميات كافية من المنتجات الغذائية الميسورة التكلفة والآمنة. يعني تحقيق الهدف زيادة توافر الأطعمة المغذية، وجعل الغذاء ميسور التكلفة والحد من عدم المساواة في الحصول على الغذاء، وكما مبين في الجدول ادناه.
 
مسار العمل 2
التحول إلى أنماط الاستهلاك المستدامة
سيعمل هذا المسار على بناء طلب المستهلكين على الأغذية المنتجة بشكل مستدام، وتعزيز سلاسل القيمة المحلية، وتحسين التغذية، وتشجيع إعادة استخدام الموارد الغذائية وإعادة تدويرها، لا سيما بين الفئات الأكثر ضعفاً. يدرك مسار العمل هذا ان هناك حاجة إلى القضاء على أنماط الإسراف في استهلاك الغذاء؛ كما تدرك الحاجة إلى تسهيل الانتقال في النظم الغذائية نحو أغذية مغذية تتطلب موارد أقل لإنتاجها ونقلها، وكما مبين في الجدول ادناه.
 
مسار العمل 3
زيادة الإنتاج الإيجابي للطبيعة
سيعمل هذا المسار على تحسين استخدام الموارد البيئية في إنتاج الأغذية ومعالجتها وتوزيعها، وبالتالي تقليل فقدان التنوع البيولوجي والتلوث واستخدام المياه وتدهور التربة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. في سعيه لتحقيق هذا، سيهدف مسار العمل 3 إلى تعميق فهم القيود والفرص التي تواجه المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والمؤسسات الصغيرة على طول سلسلة القيمة الغذائية. كما ستسعى جاهدة لدعم حوكمة النظام الغذائي التي تعيد تنظيم الحوافز لتقليل فقد الأغذية والتأثيرات البيئية السلبية الأخرى. انظر الجدول ادناه.
 
مسار العمل 4
النهوض بسبل العيش العادلة
سيعمل مسار العمل 4 على المساهمة في القضاء على الفقر من خلال تعزيز العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق لجميع الجهات الفاعلة على طول سلسلة القيمة الغذائية، والحد من المخاطر على أفقر الناس في العالم، وتمكين ريادة الأعمال ومعالجة الوصول غير العادل إلى الموارد وتوزيع القيمة. سيعمل هذا المسار على تحسين المرونة من خلال الحماية الاجتماعية والسعي لضمان أن النظم الغذائية “لا تترك أي شخص يتخلف عن الركب”. ولفهم كل ذلك انظر الجدول ادناه.
 
مسار العمل 5
بناء المرونة في مواجهة نقاط الضعف والصدمات والتوتر.
وكما موضح في الجدول أدناه.
 
التوصيات:
نرى ضرورة التأسيس لمنصة او لمنتدى زراعي وفضائية زراعية، بمعزل عن برنامج الامم المتحدة. وذلك بهدف إنتاج مجموعة مختلفة من المعارف والحقائق حول الابتكارات القابلة للتطبيق في مجال الزراعة والنظم الغذائية والتنمية الريفية في العراق. حيث توفر – المنصة والفضائية - فرصة للتعرف على الطرق المثلى التي تُستخدم من خلالها الابتكارات في الزراعة والنظم الغذائية بشكل فعال، من اجل تعميق الفهم حول أهمية مختلف الابتكارات الزراعية وجدواها الاقتصادية.
بالتأكيد، لا يمكن تحقيق أي نجاح يذكر دون افساح المجال لنشاط القطاع الوطني الخاص، والاهتمام بصغار المزارعين؛ وتطوير الجانب الرقابي لوزارة الزراعة؛ وبدون تطوير البحث العلمي التطبيقي؛ والتكامل المستدام بين الوزارات والمؤسسات المعنية: الزراعة والموارد المائية والتجارة والعمل والنقل والتخطيط والصناعة والمنافذ الحدودية. فبدون كل هذا ستبقى الجهود مبعثرة غير منتجة، وستبقى العملية الزراعية غير مكتملة وناقصة.  
تستند المنصة المقترحة هذه الى ثلاثة محاور رئيسية:
(1) التقنيات الناشئة والابتكار للإنتاج الزراعي والصحة النباتية: من خلال الزراعة الدقيقة والزراعة المائية وأنظمة الإنذار المبكر والاستعانة بالمكافحة الحيوية أو المتكاملة للآفات والأمراض، والزراعة الصحراوية وأنظمة التشخيص عن بعد، والطائرات بدون طيار، وخدمات معلومات المناخ، والإرشاد الرقمي، والحصاد الدقيق الى حد وجود مجموعة علمية.
(2) خلق فرص العمل والتوظيف للشباب والمرأة: من خلال الشركات الناشئة وحاضنات الأعمال، وسلاسل إمدادات المدخلات الزراعية، وبرامج التأمين، ومراكز التعليم المتنقلة وغيرها.
(3) ابتكار نظم الأغذية الزراعية للأسواق وسلاسل القيمة: من خلال ربط الأسواق، استخدام علامة المنتج العضوي، تتبع المنتج، التغليف والتعبئة الحيوية، المتاجر الذكية المطورة، وإدارة النفايات.
وأخيرا، فإن دعم الخطة الزراعية ومستلزماتها من خلال دعم وتطوير المجالات التالية:
(1) صناعة الأسمدة، بما فيها الاسمدة العضوية والاحيائية، والمبيدات والفوسفات والكبريت والبوتاس.
(2) انتاج اصناف البذور.
(3) ايجاد الحلول الناجعة للتغيرات المناخية.
(4) نشر وسائل الري الحديثة.
(5) قلة الايدي العاملة والهجرة من الريف.
(6) الطاقة الكهربائية والوقود والطاقة النظيفة.
(7) التجارة واسواق الجملة والخزن والمواصلات.
(8) الصحة وسلامة الغذاء ونمط التغذية.
(9) المنافذ والحجر والفحص والمنافسة مع المستورد.
(10) التربية والتعليم وتغذية النشء ونمط الاستهلاك والفاقد والهدر.
(11) تفعيل العلاقات والاتفاقيات الدولية في مسائل البحث العلمي والابتكار ونقل التكنولوجيا وتوطينها والابتكار والبحث عن البدائل.
(12) تشريع قانون الامن الغذائي.
 
د. حميد علي هدوان: مدير عام وقاية المزروعات السابق - وزارة الزراعة العراقية