أيار 17
حسابات الحقل لا تطابق حسابات البيدر!    
    على عكس ما روّجت له إيديولوجيا النظام العراقي حينذاك من أن "ضم الفرع الى الأصل" سيفتح الأفق نحو تحول أو "انعطاف ثوري" على المنطقة كلها، شكّلت الحرب وتداعياتها محطة بنيوية في مسار تراجعي في نمط التفكير والممارسة.
    فمثلا، على الصعيد الثقافي أحدث الغزو ونتائجه المدمرة هزّة في أوساط المثقفين على اختلاف تلاوينهم الفكرية ومرجعياتهم النظرية والسياسية. هكذا أنتج اندلاع الحرب الجوية ولاحقا البرية قراءات سياسية وثقافية مختلفة قادت الى مواقف متنوعة، وحدثت انشطارات وانقسامات وكذلك نشوء ائتلافات جديدة لم يكن بالإمكان تفسيرها لغرابتها. ويمكن هنا ادراج ثلاثة مواقف متمايزة تمثلت في: أما الانحياز الكامل مع النظام الدكتاتوري، وأما الانحياز الكامل مع الكويت، او "الموقف الوسطي" الذي حاول أنصاره التوازن المتحرك في سياق لا يسمح آنذاك بطبيعته بـ "أنصاف الحلول" (1).
    ولا بد من الاعتراف بان أزمة الخليج الثانية قد وفّرت مصدرا مثاليا لتشويش والتباس المفاهيم. بل كان هناك الكثير ممن أغرتهم لعبة الخلط بين المعطيات المباشرة والمسبقات المتوارثة، وبين صلابة الواقع وهلامية الخيال (2).
    لقد كانت تتدحرج اجوبة سهلة على قضايا معقدة وأسئلة مرتبكة مرتبطة بها، أجوبة لا تنتج معرفة صادقة بما حدث، بل على العكس من ذلك كانت نظرية المؤامرة حاضرة تغذي الأوهام بأوضاع تتمرد على "صنّاعها"!
 
لماذا وقعت الحرب؟
 
    لن يرهق المرء نفسه بالسعي لإعمال العقل للإجابة على السؤال: لماذا وقعت الحرب؟ فقد كنا شهود الآثار التدميرية لما سمي بـ"عاصفة الصحراء" التي كان هدفها الظاهري إخراج القوات العسكرية للنظام الدكتاتوري من الكويت،  وقد تحقق هذا الهدف بعد 45 يوما من القصف المدمر و 100 ساعة من الحرب البرية، ولكن الأهداف الفعلية للحرب اتضحت في ما بعد. ويبدو أن دوي المدافع وقصف الطائرات وتدفق الصواريخ بعيدة المدى كان ذا صلة وثيقة بمسعى أمريكي حثيث الى إجراء ترتيبات سياسية جديدة في "النظام العالمي" تفرض بقوة المدفع، وتترجِم مجمل الحقائق المستجدة التي أسفرت عنها حقبة ما بعد "الحرب الباردة". وفي قلب تلك الحقائق كان هناك المسعى الحثيث لضمان انفراد الغرب الأطلسي - ومركزه الأمريكي - بإدارة الشؤون العالمية على مقتضى احتكار القوة والهيمنة في "التوازن الإستراتيجي الجديد".
     ومن دون الدخول في الكثير من التفاصيل يمكن الإشارة الى أنه من بين أعرض عناوين هذه الترتيبات، التي كان من المزمع إجراؤها ما يلي:
 
  • الحاجة الى إعادة تعريف مفهوم "الشرعية الدولية" ليعكس حقيقة التغيرات في المشهد السياسي العالمي منذ نهاية الثمانينات ومطلع عقد التسعينات من القرن العشرين (4). فكما هو معروف فإن "الشرعية الدولية " السابقة قد خرجت من رحم نتائج الحرب العالمية الثانية، وكانت شرعية المنتصرين في الحرب ضد المحور النازي - الفاشي، وجاءت - بسبب ذلك - تعبر عن مصالح القوى التي كسرت شوكة تحالف "دول المحور". وكانت تلك "الشرعية" مدفوعة الى الكينونة في صور وفاق: معلن أو مضمر، بين قوى الاستقطاب الأساسية في "الحرب الباردة". وكان عليها أن تعّرف نفسها رسمياً - بل قل شكلياً - بوصفها "الشرعية" التي تنتهل من القانون الدولي، ومن مرجعية الأمم المتحدة ....الخ. غير أنه كان عليها في الواقع أن تنتظم تحت سقف التوازن الدولي (توازن الرعب النووي) بين القوتين العظميين حينذاك (الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة) ومعسكريهما، وقد مثل ذلك التوازن محصلة لعلاقات القوة بين المعسكرين على الصعيد العالمي. غير أن علاقات القوة على الصعيد العالمي تغيرت بانهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي، القطب الثاني في معادلة توازن الرعب النووي الذي استندت إليه "الحرب الباردة"، والذي تُوج بتفكك المعسكر الاشتراكي وحل حلف وارشو. وتلك اللحظة كانت تؤرخ لحصول تحولات جذرية في المشهد السياسي العالمي لصالح الرأسمالية العالمية، ولو الى حين.
    وارتباطا بذلك فإن مفهوم "الشرعية الدولية" الذي كان يمثل محصلة لعلاقات القوة السائدة آنذاك لا يمكن له أن يشتغل في الظروف الجديدة، بل يتعين إعادة صياغته ليتناسب ويعكس علاقات القوة الفعلية والاستقطاب السائدة، على المستوى العالمي، في اللحظة الجديدة، أي يعكس مصالح المنتصرين الجدد، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. طبعا، كانت هناك حاجة ماسة لانتصار عسكري "ساحق" للولايات المتحدة، بعد هزائمها المذلّة في جنوب شرقي آسيا التي توجت بالانتصار الباهر للشعب الفيتنامي في ربيع عام 1975.
  • إنجاز عملية واسعة لنقل "الشرعية الدولية" من مؤسساتها الفعلية الى أخرى تفرض نفسها بوصفها ممثلة لحقبة المنتصرين فقط. أسفرت حرب العقود الأربعة الباردة عن غالب ومغلوب واستحقاقات! وإضافة لذلك فإن للحروب الساخنة استحقاقاتها التي يتعين على المهزومين دفعها. حرب الخليج الثانية كانت تمريناً دولياً تعبوياً بالذخيرة الحية لفرض أسس ما سمي بـ"النظام العالمي الجديد" والذي حقق انتصارا عسكريا مدفوع الأجر للولايات المتحدة وحلفائها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو الاتي: إذا كانت افتتاحية "النظام العالمي الجديد"، الذي كان مزمعا تشييده على أنقاض "الحرب الباردة" وبلبنات "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان"، هي حرب تكنولوجية مدمرة الى هذا الحد، فكيف ستكون فصوله اللاحقة؟ الاحداث اللاحقة بينت العديد من النتائج الفعلية/ الفصول التي تفقأ العين.
 
معالم تقسيم عالمي جديد للعمل يفرض بقوة المدفع!
 
    لا يمكن فهم جوهر القضايا السابقة من دون ربطها بالتحولات الحاصلة في التقسيم العالمي الجديد للعمل في تلك الفترة حيث نُذُر العولمة بطبعتها الرأسمالية تغزو عنان السماء والأرض، تفرض منطقها دون هوادة. ومن دون الدخول في تفاصيل إضافية يمكن الإشارة الى أن التقسيم هذا يقوم على ثلاثة مستويات (5):
 
المستوى الأول وهو المستوى الكوني/ العالمي ومحوره الجديد (شمال - شمال، شمال - جنوب) ويحل محل التقسيم السابق (شرق - غرب، غرب – جنوب). يتخذ هذا المستوى صيغة تنافس حاد بين الولايات المتحدة واليابان وأوروبا الغربية والصين، وتعبر عن نفسها بآليات مقاربة للآليات التي سادت في بداية القرن العشرين، خاصة وأن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تسقط من حساباتها سلاحين: النفط ومبدأ القوة في العلاقات الدولية، عند مواجهة خصومها الكبار.
والذي يهمنا هنا التأكيد عليه، بقدر تعلق الأمر بالمنطقة العربية في ارتباطها بهذا المستوى، هو أن النفط ومبدأ القوة، جزء لا يتجزأ من المعادلات الإقليمية في هذه المنطقة حيث يتركز الجزء الأعظم من إنتاج النفط واحتياطاته المكتشفة (6).
    ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة تحتاج الى "شرق أوسط" هادئ يحيط بمستعمراتها النفطية كجزء من برنامج التركيب في المستقبل، وليس في برنامج التفكيك في حينه، حيث كان التوتر (ولا يزال طبعا) في هذه المنطقة سلاحاً أمريكياً مهماً لعرقلة مشروع "البيت الأوربي" والحد من النمو الياباني المتعاظم. وإضافة لذلك فإن هذا التوتر كان يتجاوب مؤقتاً مع مسألتين هامتين:
الأولى: تعارضات المصالح داخل الاحتكارات الأمريكية، وخاصة حاجة المجمع العسكري - الصناعي حينذاك لفترة تكييف ملائمة من أجل إعادة إنتاج أدواته، وموقعه في الاقتصاد الأمريكي، فالاقتصاد العالمي.
الثانية: الحاجة الى فترة انتقال إقليمية كافية لإعادة صياغة الدور الإقليمي الإسرائيلي طبقا لمتطلبات المرحلة الجديدة وبشروط جديدة تدمجه في الحياة الاقتصادية الاجتماعية الشرق أوسطية، كعنصر إقليمي مقرر.
 
المستوى الثاني وهو الإقليمي، ويتعلق الأمر هنا بالملموس بمنطقة الشرق الأوسط - كإقليم - ومحورها الرئيسي البلدان العربية - إسرائيل. إن عملية تفكيك وإعادة تركيب المنطقة هذه يجب أن تكون مرهونة، باستمرار، بالقدرة على تطويع الجغرافية السياسية التي تعادل هنا الأهمية التي تلقيها الأسواق ودوائر المجال الحيوي في مناطق أخرى.
    ضمن هذه الإستراتيجية، على الصعيد الإقليمي، يجب أن تكون إسرائيل بمثابة المفتاح الإقليمي والركن الثابت في كل هذه السياسات وتجديدها من مطرقة عسكرية، حسب الاحتياجات الإقليمية للحرب الباردة المنتهية، الى إمبريالية فرعية/ إقليمية، حسب الاحتياجات الإقليمية للخارطة الدولية الجديدة وموقع الولايات المتحدة فيها.
    تنص هذه الإستراتيجية على هدف مهم هو استبدال الدور السياسي للأطراف العربية بدور أمني في إطار الدور السياسي - الاقتصادي الإسرائيلي. غير أن هناك مفارقة صارخة في هذا المجال لا بد من الإشارة إليها، وتتمثل في حقيقة أن إسرائيل قادرة داخل هذه الإستراتيجية الأمريكية الجديدة، على تعويض دورها السابق، من خلال التمدد داخل أسواق المنطقة، وبالتالي الحفاظ على قدر كاف من الانسجام مع قاعدتها الاجتماعية التي تخلفت على صورتها السياسية الإقليمية. أما "الدولة القطرية" التي تشكلت وعاشت على الريوع النفطية وتحويلات دورها الإقليمي شرقاً وغرباً وتمكنت من رشوة أقسام واسعة من قاعدتها الاجتماعية (7) فهي غير قادرة على توفير شروط التعويض الداخلي عن هذه المساعدات والتحويلات، بعد أن فقدت الشروط البرانية لدورها الإقليمي، وبالتالي لاحتياجاتها الاجتماعية.
 
المستوى الثالث، المحلي، وهو تقسيم يجري فيه تهميش جوانب الدولة الريعية البيروقراطية الاستبدادية (8) التي انتجتها متطلبات "الفورة النفطية" في أواسط السبعينات لصالح قوى السوق الطفيلية التي شرعتها السياسات النيوليبرالية، التي تنتعش في ظروف خاصة (لنأخذ العراق مثالاً - لقد انتعشت هذه القوى تحت ظروف الحصار الاقتصادي وعاشت على "مزاياه") وليعاد إنتاج بنية بيروقراطية طفيلية ريعية جديدة.
    إذا كانت بنية الدولة الرسمية لا تسمح لها موضوعياً بالانكفاء، حيث تشكلت هذه البنية وتطورت بالاعتماد على لعبة الجغرافيا السياسية والريوع النفطية، فإن هذه البنية البيروقراطية – الطفيلية - الريعية لا تساعد في إعادة إنتاج وظيفة جديدة بمعزل عن لعبة الجغرافيا السياسية واستحقاقاتها المتجددة.
    ضاعف ذلك وارتبط به تفاقم الأزمة البنيوية الشاملة الناجمة عن سياسات النظام السابق وإجراءات الحصار الاقتصادي الظالم، الذي أدى الى اتساع الفجوة بين الدولة وقاعدتها الاجتماعية واضمحلال "الطبقة الوسطى" التي سحقتها مطرقة الحصار وسندان/ ممارسات السلطة معا، وهذه تستدعي تحليلا آخر ليس مكانه هذا المقال. 
 
    ولا بدّ هنا من الإشارة إلى ان السلطة في بلادنا منذ قيام الدولة العراقية في عام 1921 لم تكن عاملاً لاستيعاب النزاعات أو إطاراً مهدئاً لها بل كانت في معظم الأحيان غاية في حد ذاتها. وكان لهذا المفهوم للسلطة مضاعفات عطلت الجدلية الاجتماعية وجنحت الى القمع للإمساك بالسلطة وإعادة إنتاج عموم النظام الاجتماعي استنادا الى طابع القمع في النسق الإيديولوجي. وهذه سمة تشترك فيها الأنظمة الأبوية الجديدة حيث تتم خوصصة السلطة التي اعتادت على "تشريك الخسائر" و"خصخصة النجاحات".
 
    ترتب المرحلة (موضوع حديثنا) من التطور العالمي السائر تحت حراب العولمة النيوليبرالية من جهة وأزمات النسق الرأسمالي المعاصر والمحاولات الحثيثة للخروج منها بأقل التكاليف (9)، حيث يتداخل المحلي بالكوني على درجة بالغة التعقيد، المزيد من الاستحقاقات الجديدة. ولهذا فإن الفهم السليم لطبيعة القضية العراقية آنذاك ومحدداتها كان يستحث النظر إليها من خلال ارتباطاتها العالمية والإقليمية وديناميكياتها المحلية. ولا بد من الإشارة هنا الى الخطأ الذي وقع فيه العديد من قوى المعارضة العراقية في حينه والمتمثل بتبسيطها أو قل تسطيحها للمفهوم الأمريكي لـ"التغيير" في العراق الذي كان مطروحا آنذاك وعدم فهمها لجوهر الإستراتيجية الكونية للولايات المتحدة وأولوياتها الإقليمية المتغيرة باستمرار، وبالتالي رهانها (أي تلك القوى) على مشاريع وطبخات ملتبسة وغير جادة إلا في مظهرها المتأنق وانبهارها بالكلام الذي كان يقدمه موظفون من الدرجة الثانية او الثالثة في الإدارة الأمريكية، الذين تعودوا أن يطرحوا الأمور بصيغة أن العم سام قادم لتحرير البلاد اليوم قبل غد (10)!.
 
نتائج الحرب.. حسابات الحقل لا تطابق حسابات البيدر!
 
    وكما جرت الإشارة أعلاه فإنه على عكس ما روجته ايديولوجيا النظام العراقي السابق من أن "ضم الفرع الى الأصل" سيفتح الأفق نحو "تحول أو انعطاف ثوري" على المنطقة كلها، شكلت الحرب وتداعياتها لحظة مهمة في مسار تراجعي سلكه الوضع في العالم العربي، وأفضت الهزيمة العسكرية للنظام الدكتاتوري الى مجموعة من النتائج هي بمثابة استحقاقات اعتاد أن يفرضها المنتصرون في الحروب، ويمكن تلمس البعض منها في ما يأتي:
 
- باتت القوات الأمريكية في قلب المواقع التي تنام على بحار من البترول، العصب الحيوي للاقتصاد الأمريكي والأوروبي والياباني، في حين بدأت تذرع أساطيلها البحرية المنطقة ذهابا وإيابا وكأنها في نزهة. هكذا إذن تحولت أحلام راسمي الإستراتيجية الأمريكية في أن يكون للولايات المتحدة موطئ قدم على مقربة من المنطقة العربية، الى أكثر من حقيقة. فالقوات المسلحة الأمريكية، البرية والجوية والبحرية ايضا لا تقف على مقربة من المنطقة العربية، بل إنها اصبحت تقف فوق المنطقة ذاتها. كما استعادت الإمبريالية وقواها المسيطرة العديد من الامتيازات التي فقدتها في معارك سابقة مع حركة التحرر الوطني في البلدان العربية في أكثر من موقع. ومنذ لحظة توقيع "خيمة صفوان" المذلة استأنف الهجوم الإمبريالي على المنطقة العربية زخمه العسكري والسياسي، مستفيدا من الاختلال الذي نشأ في ميزان القوى الفعلي على الأرض ليملي شروط المنتصرين.
    هكذا إذن بدأت نتائج الاختلال في ميزان القوى تنتقل ضغطا على الوضع السياسي في العالم العربي وتملي عليه المزيد من التنازلات المعلنة والمكشوفة. هكذا إذن تم تنظيم الهجمة الإمبريالية المتجددة ليتم تدجين السياسات العربية وانخراطها في مدار السياسة الأمريكية. ويمكن القول أنه تم تنظيم عملية "مصالحة عربية" مع الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة العربية وأتت "ثمارها" لاحقا في جملة من التغييرات في تناسبات القوى.
 
    ويتعين التأكيد هنا ـ منعا لأي التباس ـ على أن الهجوم الإستراتيجي الأمريكي لم يكن هدفه مجرد استعادة المواقع القديمة التي افتقدتها الولايات المتحدة والدول الرأسمالية المتطورة الأخرى في المنطقة في عقود سابقة، بل كان هدف الولايات المتحدة الذي لم تكن تقبل بأقل منه هو فرض هيمنتها كاملة وغير منقوصة عبر الإمساك بمفاتيح الوضع السياسي في العالم العربي وتوجيهه بتلك الطريقة التي تكفل إعادة إنتاجه ضمن متطلبات الإستراتيجية الكونية الجديدة للولايات المتحدة.
    لم تكن استعادة الإمبريالية لمواقعها دون نتائج سلبية طبعا على "النظام العربي" بشكل عام أو بين مكوناته، وتجلى ذلك بنشوء تحالفات جديدة وتحولات جديدة في نهج التنمية بهدف أن تكون تلك التحولات بمثابة مسببات للجنوح بعيدا عن "العاصفة المدمرة" و"الانحناء" أمام رياحها التي لا ترحم! هكذا إذن ولج التاريخ السياسي – الطبقي للعديد من الأنظمة العربية طور الارتداد التدريجي عن مكتسبات فترات تاريخية سابقة، لينخرط في طور الوضع السياسي السائد الذي تم تدجينه تحت حراب انتصار "قوى التحالف الدولي" في "حرب الكويت". وباستثناء جذوة المقاومة اللبنانية التي ظلت متقدة لفترة لأسباب عديدة، فإن أخطر ما حملته التداعيات التي تلت انتهاء الحرب هو الرهانات المفرطة واللامشروطة للحلول الأمريكية للعديد من قضايا الصراع، وفي مقدمتها الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
- في ظروف هذا الاختلال الكبير في تناسب القوى الجديد الناتج عن عوامل عدة، نضجت على "نار هادئة" كل الشروط لتطويع القرار السياسي العربي للتصديق على الحل الأمريكي بوصفه الحل الممكن، والتسليم بدور الولايات المتحدة في إخراج قضايا المنطقة العربية من مأزقها المزمن (قبل "عاصفة الصحراء" بعقد تقريبا كان الرئيس المصري الاسبق محمد انور السادات قد صرح قائلا ان 99% من الحل بيد أمريكا). وفي مثل هذه الأجواء المختلة، حدث تحول جذري في "الإجماع العربي" تمثل بالانتقال من سياسة المواجهة الى سياسة "السلام"، وتنادى "العقلاء" للترويج للحلول الانفرادية، وساد الهدوء معظم جبهات المواجهة باستثناء الجبهة اللبنانية التي بقيت جذوة المقاومة فيها متقدة حتى توجت بانتصارها الباذخ في أواسط عام 2000.
- أشار د. برهان غليون (11) الى ملاحظة قوامها أن الولايات المتحدة قد نجحت من خلال المبادرة بالحرب ورفض التفاوض، في إعادة تأكيد السيطرة الأمريكية المطلقة على المصادر النفطية في الخليج. ويعطي هذا التحكم للولايات المتحدة، في صراعها من أجل تحقيق المنافسة مع التكتلات الصناعية الكبرى، هامشا أو أداة مناورة إستراتيجية لا تقدر بثمن. كما نجحت الولايات المتحدة في تأكيد هيمنتها، أو قيادتها السياسية على العالم، بعد أن وجهت من خلال الحرب ضربة إجهاضية حقيقية للوحدة الأوربية، بما هي مشروع تكتل سياسي فاعل وليس مجرد سوق اقتصادية، كما نجحت في وضع اليابان وألمانيا الصاعدتين اقتصاديا تحت ضغط الحاجة النفطية التي تتحكم بها أمريكا. وفي ما يتعلق بالمستوى الإستراتيجي الإقليمي، ساهمت الحرب في تعزيز التفوق العسكري الإسرائيلي.
- انهيار "النظام الإقليمي العربي" في حرب الخليج التي جعلت من الولايات المتحدة تدعم سياستها الإستراتيجية في هذه المنطقة بنصف مليون جندي تحت مظلة الأمم المتحدة! وفي ظل التفكك العربي من جهة، وغياب الحليف الإستراتيجي من جهة أخرى، أصبحت الولايات المتحدة طليقة اليدين في رسم إستراتيجية طويلة المدى على هذه المنطقة التي تنام على بحيرة من النفط والموارد الطبيعية الأخرى.
 
    وحسبنا اليوم، وبعد مرور 32 عاما على ما سمي بـ "حرب الخليج الثانية"، وعلى أساس التأمل، ولو بسرعة، في الإستراتيجية التي اعتمدها الولايات المتحدة لإدارة "الأزمة العراقية"، أن نستخلص عدة حقائق هي:
الأولى: تتمثل بالطبيعة المتغيرة للسياسة الأمريكية. ويعني ذلك أنه إذا كانت الولايات المتحدة تعتبر النظام السياسي الراهن في بلد ما مفيدا لها اليوم فإن هذا لا يعني أنها ستستمر على نفس السياسة في المستقبل بسبب أولوياتها التي تتغير بحسب الأهمية الإستراتيجية لمنطقة ما، في لحظة محددة، في إطار استراتيجيتها الكونية. لفترة طويلة ظلت الولايات المتحدة تنظر للأزمة العراقية بكونها "بؤرة توتر" تستخدمها لـ "تسخين الجو السياسي" في المنطقة، بين حين وآخر، وإجبار الآخرين على دفع مستحقات حمايتهم من عدوان النظام العراقي في حينه، من خلال الشفط الدائم للريوع النفطية.
الثانية: باتت الولايات المتحدة تنظر لمصادر التهديد في منطقة الخليج من "منظور عالمي" أي أنها لا تنظر إليها بمعزل عن التأثيرات المتبادلة بين بؤر التوتر التي توجد في أقاليم مختلفة في العالم، وبالتالي فإن الولايات المتحدة قد تسعى - من وجهة نظرها ـ الى تهدئة إحدى بؤر التوتر، بينما تسمح بقدر من التوتر أو السخونة في بؤر أخرى، وفقاً لتقديرات صناع القرار وراسمي الاستراتيجيات الكبرى في الإدارة الأمريكية لحجم وإلحاح "التهديدات" القائمة في كل بؤرة، أو مدى تأثير تفاعلاتها على المصالح الأمريكية.
    والخلاصة أن الجهد الإستراتيجي للولايات المتحدة كان، بعد كل ما حدث، يتركز على محورين هما:
الأول: يتعلق الأمر بمقومات وأسس الترتيبات في وسط وجنوب آسيا والمحيط الهادئ. وهنا يجب أن نتذكر ما تحدث به لاحقا الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش عند تسلمه الرئاسة في كانون الثاني 2001 وهو يحدد أولويات السياسة الخارجية للإدارة الجديدة، فقد أشار في حينه الى أن الأولوية رقم واحد للسياسة الخارجية للإدارة الأمريكية... وخياراتها الاستراتيجية هي المحيط الهادئ ووسط وجنوب آسيا. وعلينا أيضا ان نتذكر هنا التحولات "العاصفة" التي شهدتها الاستراتيجية الأمريكية بعد 11 أيلول/ سبتمبر 2001 وفي مقدمة ذلك الانتقال من استراتيجية الردع والاحتواء الى استراتيجية "الهجوم الوقائي"، وهو تحول خطير في التفكير الاستراتيجي الأمريكي منذ أربعينيات القرن العشرين.
الثاني: يتعلق باستكمال الترتيبات في الشرق الأوسط لقيام تواصل يمتد من المغرب الى حدود الصين وجنوباً الى جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ.
 
    والأهداف الآنية والبعيدة المدى التي كانت (ولا تزال طبعا) تسعى الاستراتيجية الأمريكية لبلوغها عديدة، ومن بينها على ما اعتقد:
  • مراقبة تحركات الصين باعتبارها منافسا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا حقيقيا، وقطع الطريق عليها لإقامة أية تحالفات تتيح لها الإطلال منها على دول أسيا الوسطى وإيران وبلدان الخليج الاخرى. إذ أن ذلك - بحسب الرؤية الاستراتيجية الأمريكية - يشكل تهديدا لهيمنتها على مكامن النفط في هذه المنطقة من جهة، ووأد طموحاتها في السيطرة على دول أسيا الوسطى والوصول إلى الاحتياطي الهائل القابع في بحر قزوين، من جهة أخرى.
  • قطع الطريق على روسيا الاتحادية وتحجيم دورها في دول آسيا الوسطى، وبخاصة تلك التي تطل على بحر قزوين. والهدف من سيطرة الولايات المتحدة (إن تحققت) سوف تمكنها كذلك من تحجيم مشروع التحالف بين روسيا الاتحادية والهند، الذي يمكن أن يتنامى بوتائر قد تهدد الخطط الأمريكية الرامية إلى التواجد السياسي والاقتصادي والعسكري القوي للولايات المتحدة في أسيا الوسطى وجنوب أسيا والمحيط الهادي. ويظل منع تبلور محور دولي في هذه المنطقة أعمدته الأساسية الصين وروسيا أحد أهم أهداف الاستراتيجية الأمريكية وتواجدها الملموس في أفغانستان.
  • مراقبة النشاطات النووية التي تجري في منطقة المصالح الحيوية للولايات المتحدة والتي تجري في بلدان عدة ومن بينها الهند وباكستان وإيران عن كثب. ولا شك أن التواجد في هذه المنطقة سيعين الولايات المتحدة على احتواء تلك النشاطات بحيث لا تشكل خطرا على ما تسميه "الأمن القومي الأمريكي".
 
    ويعكس هذا التواصل جوهر الفكرة/ الأطروحة الملتبسة التي أطلق عليها في حينه "النظام الدولي الجديد" الذي كان يراد به أن يكون "الإنجيل الجديد" الذي يضبط "نظام الأحادية القطبية" ويفتح الأفق لانتقال الرأسمالية المتعولمة الى مرحلة جديدة يتم فيها تنميط الجميع وفقا لمقاسات المنتصرين في الحروب المكشوفة، أو في "حرب الأشباح" التي يجري الإعداد لها بين حين وآخر.
    ولا بد من الاشارة هنا الى الحوار الثري والمتشعب الذي دار في مطلع التسعينات حول طبيعة خارطة العلاقات الدولية الجديدة، وقد افضى الى رؤيتين متضاربتين:
- تذهب احداهما الى ان القرن الجديد سيكون قرنا امريكيا آخر، بالنظر لما تجمع للولايات المتحدة من عناصر قوة اقتصادية واستراتيجية، مستمدة من طبيعة النموذج الأمريكي.
- في حين ذهب البعض الآخر الى تصور مضاد قوامه ان العالم سائر نحو نمط من التعددية القطبية لا يمكن ان تختزل في الأبعاد العسكرية والإستراتيجية. بل ان اركانها اما اقتصادية او حضارية، داخل العالم المتقدم ذاته (التباين بين المركز الأوروبي الموحد والقطب الآسيوي الصيني - الياباني) او على خطوط التصدع بين "الشمال" و"الجنوب".
ولا شك ان الرؤيتين ظلتا اسيرتي البراديغم Paradigm ذاته، اي نموذج الصراع القطبي بخلفيته المحصورة في عنصر الدولة القومية ذات السيادة والمجال الحيوي، وهو نموذج استنفد أغراضه، ولم يعد صالحا لضبط الخارطة الجيوستراتيجية.
فما كشفت عنه لاحقا احداث 11 ايلول/ سبتمبر 2001 هو ان هذه الخارطة تضم مكونات ثلاثة متعايشة وان كانت متنافرة ومتمايزة وهي: الدولة القومية التي لا تزال لاعبا اساسيا رغم ما يقال عن نهايتها او انتكاستها (12). والسوق الدولية التي غدت خارج كل رقابة وسيطرة وان لم تفرز بعد آليات دقيقة لتنظيم اطر اشتغالها والعلاقات التي تحكم عناصرها. و"الشبكات الرمادية" المنفلتة من قبضة الاجهزة المركزية للدولة من دون ان تعبر بالضرورة عن مصالح ونوازع قوى اقتصادية كونية (الشركات العابرة للقارات)، وإنما تتخذ صيغا اكثر بروزا في السياق الاثني/ القومي او الديني.
     ان تعايش وتصادم هذه المكونات الثلاثة، هما اللذان يشكلان المحدد الأبرز للخارطة الدولية الجديدة.
 
     والخلاصة، كانت حملة "عاصفة الصحراء" حربا فعلية وليست فقط "تمريناً تعبوياً بالذخيرة الحية" لوضع معالم الإستراتيجية الكونية الجديدة للولايات المتحدة موضع التنفيذ الفعلي. وقد شكلت هذه الإستراتيجية لاحقا قاعدة أو أساسا للعقيدة الجديدة لحلف الأطلسي التي تم إقرارها في "احتفال بهيج" أثناء انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن خلال الفترة 23 - 25 أبريل (نيسان)/ 1999، وفيها تم تحديد المهمات الجديدة التي يتعين على الحلف توليها خلال القرن الحادي والعشرين. هذا مع العلم أن هذا الاحتفال انعقد في وقت كانت فيه طائرات وصواريخ حلف الناتو تعربد فوق سماء دولة عضو في الأمم المتحدة هي يوغسلافيا التي تقع في وسط أوروبا، والتي تم كذلك تدميرها ومعاقبة شعبها بجريرة دكتاتور آخر هو سلوبودان ميلوشيفيتش Slobodan Milošević (1941 - 2006) الذي كان قابعا في بلغراد، بحجة الدفاع عن ألبان كوسوفو!
    المفتتح هنا هو ان ثمة سؤالا يطرح نفسه: لماذا أقدم حلف الناتو على هذا العمل العسكري في هذه اللحظة بالذات، وهل كان ذلك ضرورياً؟
    ظاهرياً، يبدو أن السبب المباشر للحرب هو رفض الرئيس اليوغسلافي آنذاك (سلوبودان ميلوشيفيتش) التوقيع على اتفاق رامبويه. فهذا الاتفاق كان يمنح إقليم كوسوفو حكماً ذاتياً جوهرياً، ويبقيه تحت السيادة الشكلية لبلغراد، ويدعوها الى سحب قواتها، وينص على تجريد جيش تحرير كوسوفو من أسلحته، ويتحدث عن عودة الى درس الموضوع بعد فترة انتقالية من ثلاث سنوات. والشق الثاني من الاتفاق يوكل الى حلف شمال الأطلسي، عبر قوة من حوالي ثلاثين ألف جندي، أمر الإشراف والرعاية على التطبيق.
    وعلى الرغم من أهمية السبب أعلاه (رفض الرئيس اليوغسلافي) فإنه غير كاف، بمفرده، لتفسير الخطوة التي أقدم عليها حلف شمال الأطلسي بشن حربه على يوغسلافيا.
   ظاهرياً كانت الأهداف الحقيقية لحرب البلقان هي حماية سكان كوسوفو ومنع حصول كارثة هناك، وتقليص القدرات العسكرية للجيش اليوغسلافي لإجباره على العودة الى طاولة المفاوضات. غير أن تطور الحملة العسكرية والقصف الجوي الواسع يتيح الاستنتاج بأن هذه هي الأهداف المعلنة وليس بالضرورة هي الأهداف الحقيقية لتلك الحملة الواسعة، أي أن الأهداف العسكرية للحملة تجاوزت بكثير الأهداف المعلنة. ولا يمكن فهم أهداف الحملة العسكرية الأطلسية على كوسوفو بمعزل عن ربطها والنظر اليها ضمن أهداف الإستراتيجية البعيدة المدى للولايات المتحدة التي كانت تسعى لفرضها مستفيدة من الأوضاع العالمية الجديدة، خصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واختلال التوازن الدولي الذي كان قائماً.
    ويكمن جوهر هذه الإستراتيجية في مسعى الولايات المتحدة لإعادة رسم الخارطة الجغراسياسية العالمية ومحاولة تكريس الهيمنة الأمريكية الشاملة والتحكم بالنظم السياسية للدول وتهميش سيادتها لفرض السيطرة والتبعية على الشعوب، لكي تخضع للمركز الإمبريالي وسياساته بشكل صارم. ومن هنا يمكن فهم مغزى العمل الذي قامت به الإدارة الأمريكية ومسعاها المحموم لتوسيع حلف الناتو الذي تكلل لاحقا بضم ثلاث دول من دول حلف وارشو السابق (بولندا، جيكيا، المجر) لهذا الحلف في محاولة لتكريس ما يمكن تسميته، بحسب بعض الكتاب (13)، بالعولمة العسكرية المرتبطة بالبنتاغون والذي بات يلعب دور الدركي العالمي.
 

الهوامش :

(1) قارن: السيد يسين، "التحليل الثقافي لأزمة الخليج"، المستقبل العربي، العدد 6/1991، ص 30 ولاحقا.

(2) لمزيد من التفاصيل قارن: كامل شياع، "ثلاثة أسئلة عن حرب الخليج الثانية"، "الثقافة الجديدة"، العدد 326 – 327/ 2008، ص 30.

 (3) لمزيد من التفاصيل حول مفهوم الشرعية الدولية قارن: لطفي حاتم، التشكيلة الرأسمالية العالمية والشرعية السياسية للدولة الوطنية، ط 1، كوبنهاغن، الاكاديمية العربية ألمفتوحة، 2012، ص 42 ولاحقا.

(4) لمزيد من التفاصيل قارن: موفق محادين، "الاقتصاد السياسي للتسوية"، "دراسات اشتراكية"، العدد 153 – 154، ص 19 ولاحقا؛ كذلك: صالح ياسر حسن، "الاقتصاد العالمي كمستوى للتحليل النظري – ملاحظات منهجية ونظرية"، "النهج"، العدد 35 - 36/1999، ص 189 ولاحقا؛ كذلك: صالح ياسر حسن، "موضوعات حول الاتجاهات والآليات الجديدة في القسمة الدولية الرأسمالية للعمل"، "دراسات عربية"، العدد 4/1985، ص 34 ولاحقا؛ كذلك: فؤاد مرسي، الرأسمالية تجدد نفسها، سلسلة "عالم المعرفة"، (147)/ اذار 1990؛ كذلك: بيتر روسلي، "نماذج النسق العالمي الحديث". في: "ثقافة العولمة". القومية والعولمة والحداثة، اعداد مايك فيذرستون، ترجمة عبد الوهاب علوب، القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 1999، ص 85 – 98.

(5) شكلت حصة البلدان العربية 55.2% من اجمالي الاحتياطيات النفطية العالمية المؤكدة في عام 2021، في حين شكلت 27.4% من اجمالي الانتاج العالمي من النفط الخام. لمزيد من التفاصيل قارن: صندوق النقد العربي، التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2022، ص 5.

(6) لمزيد من التفاصيل قارن: صالح ياسر حسن، الريوع النفطية وبناء الديمقراطية – الثنائية المستحيلة في اقتصاد ريعي، بغداد: مركز المعلومة، 2013).

(7) لمزيد من التفاصيل حول الدولة الريعية التسلطية قارن على سبيل المثال لا الحصر: خلدون حسن النقيب، الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر: دراسة بنائية مقارنة، ط 2، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1999؛ كذلك: صالح ياسر حسن، الريوع النفطية وبناء الديمقراطية...، مصدر سبق ذكره؛ كذلك: حازم الببلاوي، "الدولة الريعية في الوطن العربي"، ورقة مقدمة الى: الامة والدولة والاندماج في الوطن العربي (ندوة)، تحرير غسان سلامة وآخرون، ج 2 ، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1989؛ كذلك: عبد الله جناحي، "العقلية الريعية وتعارضها مع مقومات الدولة الديمقراطية"، المستقبل العربي، السنة 25، العدد 288 (شباط/فبراير 2003)، ص 52 – 68؛ كذلك: النفط والاستبداد. الاقتصاد السياسي للدولة الريعية، مجموعة مؤلفين، ط 1، بغداد – بيروت – أربيل: معهد الدراسات الاستراتيجية، 2007.

(8) عالجت بالتفصيل في عمل مستقل الاقتصاد السياسي لهذه الازمات. لمزيد من التفاصيل قارن: صالح ياسر حسن، الاقتصاد السياسي للأزمات الاقتصادية في النسق الرأسمالي العالمي، محاولة في فهم الجذور، بغداد: دار الرواد المزدهرة 2011. 

(9) كنت قد عالجت سابقا هذه المشاريع بشكل انتقادي ومفصل وصدر في عددين متتاليين في مجلة "الثقافة الجديدة". لمزيد من التفاصيل قارن: صالح ياسر حسن، "مساهمة في قراءة مشاريع ملتبسة لحل القضية العراقية"، "الثقافة الجديدة"، العدد 289 (تموز – آب 1999)، ص 68 - 85 و العدد 290 (ايلول – تشرين الاول 1999)، ص 11- 20.

(10) قارن برهان غليون، "حرب الخليج والمواجهة الاستراتيجية في المنطقة العربية"، "المستقبل العربي"، العدد 6/1991، ص 8.

(11) لمزيد من التفاصيل حول هذه الاشكالية قارن على سبيل المثال: بول هيرست، غراهام تومسون: العولمة والدولة القومية. (في:) ما بعد الماركسية. إعداد فالح عبد الجبار، دمشق، دار المدى للثقافة والنشر، 1998؛ كذلك:

Robin Murray : The International Lisation of Capital and the Nation State, New Left Review, May June 1971, pp 84 -108؛

Leo Panitch : Globalisation and the State (in:) Beteen Globalism and Nationalism. Socialist Register 1994, pp.60 - 91

(12) السيد مصطفى أحمد ابو الخير، تحالفات العولمة العسكرية والقانون الدولي، القاهرة: إيتراك للنشر والتوزيع، 2005.

(13) The Guardian, 9/2/1991