تشرين1/أكتوير 11
 
الخلاف حول سيرته
   الشيخ بدر الدين شخصية خلافية. والخلاف حوله يعود جزئياً إلى اختلاف المواقف من فكره ومن الأهداف التي كانت حركته تسعى إلى تحقيقها، وجزئياً إلى صعوبة تدقيق المعلومات المتعلقة بأحداث تفصلنا عنها ستة قرون. لكن الخلاف حول سيرته يُعد طفيفاً بالمقارنة مع الخلاف حول آرائه. فلا يكاد يوجد خلاف حول اسمه، فهو محمود بن إسرائيل بن عبد العزيز. أما "بدر الدين" فالأرجح أنه لقب تكريمي كما جرت العادة في الدولة العثمانية (والدولة الإسلامية عموماً) على إسباغ الألقاب التعظيمية ذات الدلالة الدينية على كبار رجالات الدولة. وهكذا الأمر بالنسبة إلى سنة ولادته، فهي إما 1358 (آغوستون، بيرق، مانتران)، أو 1359 (وهو التاريخ المدون على شاهدة قبره والذي يرجحه الشاعر ناظم حكمت). والموسوعة البريطانية تذكر مولده باليوم والشهر والسنة (3 كانون الأول 1358). بينما تذكر سنتين مختلفتين محتملتين لمقتله هما 1416 أو 1420. ومن جهة أخرى، يحدد مانتران تاريخ إعدامه في 18 ديسمبر 1416. أما شاهدة القبر فتقول إن سنة إعدامه هي 1418. والمنطقة التي ولد فيها تُدعى "سيماو" أو "سيماوة،" أو "سِماونة،" أو "سيماونة" )وباليونانية تُدعى كِبْرينوس، وتقع في شمال شرق اليونان(. أما روبير مانتران، الذي يقول إن بدر الدين "ولد في آندرينوبل"(1)، فالأرجح أنه يقصد أدريانوبل، وهو الاسم التاريخي لأدرنة. وسِماونة جزء من أدرنة.
 
وهناك خلاف حول المنصب الذي كان يشغله أبوه. فمعظم من كتبوا عنه يشيرون إليه بعبارة "ابن قاضي سماونة،" مع أن هناك روايات أخرى تذكر أن أباه كان "غازياً"Gazi  لا "قاضياً" Kadi. "الشيخ بدر الدين . . . لم يكن ابن kadi قاضي سماونة، بل ابن gazi غازي سماونة" (2). وكلمة "[غازي] في اللغات الإسلامية كالتركية والفارسية والأوردية لها معنى خاص وهو المجاهد أو المقاتل في سبيل الله" (3). ومن المحتمل أن تكون كلمتا "غازي" و"قاضي" العربيتان قد اختلطتا بسبب اللكنة الناجمة عن لفظهما بلسان أجنبي. أما طاشكيزي زاده فينسب إلى أبي الشيخ بدر الدين المنصبين معاً، إذ يقول: "كان أبوه قاضياً [بسماونة] وكان أيضاً أميراً على عسكر المسلمين بها وكان فَتْحُ تلك القلعة على يده أيضاً" (4). ويبدو أن الشيخ توسن بيرق يتبنى هذا الرأي إذ يقول: "وإسرائيل، الذي كان قائداً في الجيش التركي الذي عبر إلى أوربا، هو البطل الذي احتل مدينة سماونة المحصنة قرب أدرنة في تركيا الأوروبية الحالية. وقد مُنح منصب حاكم المدينة مكافأة له على صنيعه هذا. ولأنه كان ذا معرفة عظيمة بالقضاء فقد أصبح قاضي المنطقة" (5).   
 
ومثل هذه الخلافات معتادة في كل سيرة، والسبب فيها واضح طبعاً، فالمتأخرون ينقلون عن المتقدمين، والمتقدمون مختلفون. علماً أن الاختلاف في التسميات (سواء تسمية الأشخاص، أو الأماكن، أو الوظائف) يعود، في جانبٍ منه، إلى اختلاف لغات الأقوام. فحركة الشيخ بدر الدين وتلميذيه طورلاق كمال وبوركلوجة مصطفى شملت مناطق عديدة. وتلك المناطق كانت موضع نزاع. وقد تغيرت حدود الدول والولايات نتيجة هذا النزاع. فالمنطقة التي يسميها الأتراك "سماونة،" يسميها اليونانيون "كبرينوس." والمنطقة التي يسميها الرومان "فالاشيا،" يسميها الأتراك "إفلاك،" ويسميها العرب "الأفلاق." والجزيرة اليونانية المسماة "خيوس" يسميها العثمانيون "صاقز،" أو "ساقز،" ومدينة "إزمير" التركية يسميها اليونانيون "سميرنا،" وهكذا.
 
ومما يكاد يُجمع عليه الرواة أن بدر الدين شغل منصب "قاضي العسكر" في زمن إمارة موسى الجلبي في أدرنة، وأنه خسر هذا المنصب حين هُزم موسى على يد أخيه محمد الجلبي سنة 1413، إذ قام هذا بتنحية بدر الدين من منصبه ونفيه هو وأسرته إلى إزنيق. وكان "قاضي العسكر هو الوحيد المخول بإصدار الفتاوى والأحكام الشرعية" (6).
 
تتلمذ بدر الدين على يدي أبيه أولاً. ثم درس المنطق والفلك في قونية، التي كانت موطن الدراويش المولوية. وفي حوالي بدايات ثمانينات القرن الرابع عشر سافر إلى القاهرة، عاصمة المماليك حينئذٍ، ليكمل تعليمه. والتقى هناك بالشريف الجرجاني. وعيَّنَهُ السلطانُ برقوق معلماً لابنِه فرج، الذي سيصبح فيما بعد السلطان فرج، ويحكم من 1399 إلى 1412. والشائع أن بدر الدين لم يكن يميل إلى الصوفية في بداية أمره، ولكنه حين التقى في القاهرة بالشيخ حسين الأخلاطي، تأثر به واعتنق الصوفية، بل لقد بلغ منزلة في الصوفية أهَّلته لأن يحل محل الشيخ الأخلاطي بعد موته. وفي حوالي مطلع القرن الخامس عشر ذهب إلى تبريز وأردبيل، مركز المذهب الصفوي والسلالة الصفوية في إيران، لكي يكمل دراسته. بعدها سافر إلى آسيا الصغرى (الأناضول) في رحلة تبشيرية.
 
وفي 1416 قام تلميذاه، بوركلوجة مصطفى وطورلاق كمال، الأول في قره بُرُن، والآخر في مانيسا، بانتفاضة ضد حكم السلطان محمد الأول. وقد شكلت انتفاضة بوركلوجة مصطفى تهديداً جدياً للدولة العثمانية، التي لم تستطع إخمادها إلا بعد حملات عسكرية عديدة، تكبدت الدولة فيها خسائر جسيمة. ولكنها تمكنت أخيراً، بقيادة بايزيد باشا، كبير وزراء محمد الأول، والأمير مراد، الذي سيصبح فيما بعد السلطان مراد الثاني، من القضاء على الانتفاضة، وإعدام بوركلوجة مصطفى، والتمثيل بجثته، وإعدام أتباعه ممن أُسِروا معه. وكذلك تمكنت من إخماد انتفاضة طورلاق كمال في مانيسا وإعدامه. ووفق معظم الروايات، كان بدر الدين الأب الروحي لتَيْنِكَ الانتفاضتين. لكنه غادر إزنيق سراً، وعَبَرَ البحر إلى دلي أورمان (الغابة المجنونة) في دوبروجة، في جنوب شرق رومانيا في الوقت الحاضر. هذه المغادرة يضعها البعض تالية في الزمن لفشل انتفاضتي مصطفى وكمال، وبالتالي يصورها على أنها هروب سببه الخشية من انتقام السلطان لضلوع الشيخ بدر الدين في تينك الثورتين. بينما يضعها البعض الآخر مزامنة للانتصارات التي حققتها الثورتان، وبالتالي يفسرها على أنها تعكس نية بدر الدين في المشاركة في إسقاط السلطنة العثمانية بإشعال ثورة ثالثة في دلي أورمان.
 
لكن الروايات تتفق على أنه ألقي القبض عليه، وجُلب أسيراً إلى السلطان محمد الذي حاكمه محاكمة صورية، ثم أمر بإعدامه شنقاً، فأعدم في سوق سيريس. أما عن عملية إلقاء القبض عليه، فالبعض يصورها على أنها خيانة من بعض قادته، الذين سلموه إلى السلطان لكي ينجوا بحياتهم بعد أن بلغتْهم أخبار هزيمة مصطفى وكمال. والبعض الآخر (وناظم حكمت يتبنى رواية هذا البعض) يصورها على أنها خطة رسمها بايزيد باشا كبير وزراء الدولة ونفذَّها رجال يعملون له نجحوا في الاندساس في صفوف أتباع بدر الدين، ثم قاموا بخطفه. بينما تخلو روايات أخرى، أجدها ضعيفة، من أي ذكر لبوركلوجة مصطفى وطورلاق كمال، أو علاقة بدر الدين بأية حركة تمرد على السلطان العثماني. فطاشكيدي زاده، مثلاً، يفسر واقعة مقتل الشيخ بدر الدين بأنها كانت نتيجة وشاية مغرضة لا غير. "ووشى به بعض المفسدين الى السلطان أنه يريد السلطنة فأُخذ وقُتل بإفتاء مولانا حيدر العجمي" (7). وهذا ما فعله عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين أيضاً، إذ لم يشر إلى مصطفى أو كمال ولا إلى أية ثورة قام بها بدر الدين أو أتباعه، بل اكتفى بالقول إن الشيخ بدر الدين "فقيه صوفي . . . حُبس في وشاية، ففر، وصار إلى زغرة من ولاية الروم إيلي، فاتهم أنه يريد السلطنة، فأخذ وقتل بسيروز" (8). أما توسن بيرق فينفي، كما يبدو، عن الشيخ بدر الدين أية مشاركة فعلية في انتفاضة مسلحة ضد السلطان العثماني، وينسب المسؤولية الكاملة عن الانتفاضة إلى مصطفى وكمال تلميذَي الشيخ. إذ يقول بيرق إن الشيخ بدر الدين، حين بلغتْه أخبار انتفاضة مصطفى وكمال "شعر بالخطر يُحْدِق به، عارفاً أن من المحتمل جداً أن تُلقى مسؤولية الثورة على عاتقه. وفي سنة 1419 استطاع الفرار من منفاه" (9).
 
الخلاف حول أفكاره 
 
                    إلا أن الخلافات الجدية هي تلك المتعلقة بأفكار الشيخ بدر الدين وردود الأفعال التي أثارتْها تلك الأفكار، سواء ما تعلق منها بالدين، أو ما تعلق بالسياسة. ويكاد يتفق الباحثون على أن الشيخ بدر الدين كان يقول بـ "وحدة الوجود" وهي فكرة شائعة في الفكر الصوفي. وسومل يقول إن الشيخ بدر الدين أخذها عن محيي الدين بن عربي. وإن الشيخ بدر الدين يعتقد بأن "الله والطبيعة مظهران لجوهر واحد، وأن الطبيعة تتصف بالتنوع المطلق، والله بالوحدة المطلقة، وأن الاثنين يظهران في هيئة المادة والروح، وأنهما لا ينفصلان عن بعضهما البعض. وقد رفض الشيخ مفاهيم يوم القيامة، والجنة، والنار، واعتبر كل ذلك رموزاً لتأويل الحياة اليومية. ودعا إلى إزالة الفروق بين الأديان، وإلى أن يكون كل شيء، ما عدا النساء، مُلكاً مشاعاً للجميع" (10).
         
أما سرهنك فيركز على الجانب السياسي الاقتصادي، ولا يذكر الكثير عن الجانب اللاهوتي الفلسفي لمذهب بدر الدين. فقد كتب يقول: "كانت أركان مذهب هذا الرجل المساواة بين الناس في الأموال وسائر المقتنيات بلا فرق بين مسلم وغيره لاعتباره الكل سواء" (11). وهذا ما يردده محمد فريد أيضاً إذ يقرر أن مذهب الشيخ بدر الدين مؤسس "على المساواة في الأموال والأمتعة. وهذا المذهب أشبه شيء بآراء اشتراكيي هذا الوقت" ويضيف أن بدر الدين "كان يعتبر جميع الأديان على السواء ولا يفرق بينها، بل كان عنده جميع الناس إخوة مهما اختلفت مذاهبهم وأديانهم" (12)، رغم أننا لا نجد في ما تيسر لدينا من كتابات بدر الدين نفسه دليلاً على أصالة المعلومة المتعلقة بالمشاعية، أو المساواة في الاموال والمقتنيات. والأرجح أن كلاً من سومل وسرهنك ومحمد فريد وسواهم من المؤرخين المتأخرين قد تناقلوا تلك المعلومة من دون أن يعيِّنوا المصدر الأصلي الذي وردت فيه أول مرة.
وأما إبراهيم حليم فلا يشير إلى "أفكار" الشيخ بدر الدين، بل يتحدث عن "أحداث" معينة وقعت سنة 823 للهجرة بطلها مصطفى يورك ليجه (كذا). وأن مصطفى هذا كان "كتخدى (أي مسؤول الشؤون المالية) للشيخ بدر الدين قاضي عسكر في مدة موسى جلبى . . . وادَّعى (أي مصطفى) أنه خليفة الشيخ بدر الدين وجمع من الأهالي البسطاء نحو عشرة آلاف نفس ورغب استقلاله في جهة آيدن. وكان الشيخ مقيماً في أزنبيق (كذا) . . . فقام من هناك خوفاً من التهمة في اشتراكه مع مصطفى المذكور وذهب إلى جهة حاكم أفلاق" (13). فحسب هذه الرواية يبدو بوركلوجة مصطفى هو المسؤول الأول والأخير عن الانتفاضة، بينما يبدو الشيخ بدر الدين متورطاً في ثورة هو في الواقع بريء منها.
ويقول روبير مانتران إنه "بقيت نقطتان بشكل خاص من تعاليم بدر الدين. أولاً، موقفه العطوف تجاه المسيحيين، والذي يرجع في الواقع إلى الاستخفاف الصوفي بالمظاهر الخارجية للتدين بأكثر مما يرجع إلى رغبة بالية (كذا) في توحيد جميع المعتقدات، ثم مجموعة من النظريات الجماعية (كذا) التي لا نملك عنها سوى القليل من المعلومات: وصحيح أنه يبدو أن خلفاءه الروحيين في ديلي- أورمان البلغاري قد خلدوا هذا التراث، إلا أنه لا بد أيضاً من أن نأخذ في الحسبان الانحرافات الممكنة من جانب أتباعٍ شديدي الحماس، أو الافتراءات أو الدعايات المعادية، وما أكثر الطرق الصوفية التي عانت من مثل هذه التهجمات التي يبدو أن بدر الدين قد تعرض لها في حياته" (14). وسيجد القارئ في ما تبقى من هذه المقالة أمثلة على تلك "الانحرافات الممكنة من جانب أتباع شديدي الحماس،" وأيضاً على الافتراءات والتهجمات التي تعرض لها بدر الدين. 
ويلخص يلماز أوزتونا عقيدة بدر الدين، التي يصفها بالـ "غريبة،" هكذا: "إنكار الوجود المادي للجَنَّة ولجهنم مُؤوِّلاً ما ورد فيهما من آيات على محمل الأثر النفسي الذي يجده المؤمن من عمل الحسنة أو اقتراف السيئة، ويرتبط بذلك إنكاره للقيامة والبعث بعد الموت. – تساوي الموسويين في الناحية الإيمانية. – أن الرسول ليس أفضل من غيره من الرسل، وأن رسالته لا تختلف عنهم. – إنكار حق التملك والقول بشيوعية المال والملك" (15). وقد سبق أن أشرت إلى أنني لم أجد في كتاب (الواردات) لبدر الدين أيَّ ذِكْرٍ لـ "شيوعية المال والملك." ولا أعرف المصدر الذي أُخذتْ منه هذه المعلومة.
ومن السرديات شبه المرتجلة وواضحة الانحياز للسلطة العثمانية سردية لطفي باشا. فهنا نسمع بأسماء أماكن لم ترد في الروايات الأخرى. فما يسميه معظم الكتاب سماونة يسميه لطفي باشا "صمصون"، والشيخ بدر الدين محمود يسميه لطفي باشا ابن صامونه. ويقول إن الشيخ هرب من إزنيق "إلى مكان يسمى آغاج دكزي" وهو مكان لم يشر إليه أحد غيره ممن اطلعت عليهم. أما جماعة بوركلوجة مصطفى فيصفهم بأنهم "ضايقوا أهالي المدينة كثيراً (دون أن يذكر كيف)، وفعلوا أشياء غير معقولة (دون أن يذكر ما هي)." ويصف الصوفيين الذين أرسلهم بدر الدين ليدعوا الناس إلى اتّباعه بـ "الأشرار." ويضيف أن الشيخ بدر الدين "عندما كان قاضي عسكر لموسى الجلبي، كان له نواب كثير ومريدون، فجمعهم كلهم إلى جانبه، وعندما جاءوا وعرفوا أنه ليس على حق تفرقوا من عنده." ويواصل لطفي باشا سرديته هكذا: "وقبضوا عليه، وأرسلوه إلى السلطان محمد في سيروز. وسأل السلطان محمد قائلاً: لماذا نفعل هكذا، فقد نشر الفساد، هل في قتل هذا ذنب؟ وكان سلاطين ذلك الزمان مسلمين، لا يقتلون العصاة والمفسدين بلا سبب. وكان في ذلك الوقت عالم جليل يُدعى خليل ( لم يذكر أحد من الرواة هذا  الاسم غير لطفي باشا ) أفتى أن: دمه حلال وماله حرام. وبعد ذلك صلبوه في سيروز بناء على فتواه" (16). فلطفي باشا لا يزكّي السلطان محمد فقط، بل يزكي "سلاطين ذلك الزمان" كافة. ومن الواضح أنه يعتبر إعدام الشيخ شرعياً، فهو يصف الرجل الذي أفتى بقتل الشيخ بالعالم الجليل. ثم يقرر، هكذا بكل بساطة، أن أولئك السلاطين كانوا "مسلمين، لا يقتلون العصاة والمفسدين بلا سبب،" رغم أن أولئك السلاطين أنفسهم لم يكونوا يقتلون "العصاة والمفسدين" فقط، بل كانوا يقتلون بعضهم بعضاً أيضاً. فمحمد الأول، الذي يصوره لطفي باشا تقياً يخشى أن يرتكب ذنباً بقتله الشيخ بدر الدين، لم يصبح سلطاناً إلا على جثث إخوته الأربعة الآخرين سليمان وعيسى وموسى ومصطفى.
أما ما كتبه علي محمد الصلابي فيمثل نموذجاً للنهج الدعائي المكشوف ذي النزعة الطائفية المتشددة، البعيدة كل البعد عن عِلْمية المؤرخ وحياديته. فقد جعل همه كيل المديح للدولة العثمانية، بوصفها دولة إسلامية مثالية، وإطلاق التهم والشتائم المجانية على خصومها. ومن الطبيعي أن ينال بدر الدين وبوركلوجة مصطفى وطورلاق كمال نصيبهم من تلك التهم والشتائم. إذ يقول عن بدر الدين إنه "انتحل صفة علماء الدين" (17)، وراح "يدعو إلى مذهبه الفاسد." ولكن إلى ماذا كان يدعو هذا المذهب "الفاسد؟" يجيب الصلابي بأنه "كان يدعو إلى المساواة في الأموال، والأمتعة، والأديان، ولا يفرق بين المسلم وغير المسلم في العقيدة، فالناس إخوة مهما اختلفت عقائدهم وأديانهم." لكنه يضيف أن هذا "هو ما تدعو إليه الماسونية اليهودية." أما أتباع بدر الدين فيصفهم بأنهم مجموعة "من الأغبياء والجهلة وأصحاب الأغراض الدنيئة." وحين يعرج على طورلاق كمال، الذي يسميه "طوره،" يشدد على أصله اليهودي مضيفاً أن "اليهود دائماً خلف المؤامرات." أما السلطان محمد جلبي فقد "تصدى . . . لهذا المذهب الباطل." ثم يبدي الكاتب أسفه لأن سيسمان، قائد الجيش الذي أرسله السلطان لقتال مصطفى، قد قتل "على يد الخائن بير قليجة." بينما يصور إعدام مصطفى بأنه كان "امتثالاً لأمر الله." وأن حركة بدر الدين كانت مدعومة من أطراف خارجية، إذ "كان أمير الأفلاق في رومانيا يدعم هذا المنشق وهذا المبتدع وهذا الزنديق . . ." (18).
وخلافاً للغة الصلابي الباتَّة القاطعة المحتشدة بالقدح والمدح، يمتاز ما كتبه محمد حرب عن أفكار الشيخ بدر الدين، أولاً، بالتريث في إطلاق الأحكام، وثانياً، بالملموسية. فقد ترك الشيخَ يتحدث بلسانه هو بأن اقتبس نص كلامه كما ورد في كتابه (الواردات)، ولم يكتف بتزويد القارئ بانطباعاته هو – أي الكاتب – عن  الشيخ بدر الدين، وكَيْلِ النعوت له. ويلخص حرب أفكارَ بدر الدين بأنه، أولاً، قال بـ "وحدة الوجود" واقتبس قول الشيخ في كتاب الواردات: "ذاتُ الحقِّ منزَّهٌ عن الكل، والكلُّ فيه وهو في الكل." وثانياً، "الدعوة إلى الزهد المطلق وذلك بأن يتجرد الفرد من فاخر الثياب ويكتفي بقطعة من الملابس واحدة تستره وأن يسير عاري الرأس." وينص حرب على قول الشيخ: "تَرْكُ الاشتغالِ بالدنيا من أعظم أصولِ الوصولِ إلى الحق." وثالثاً، "إنكار الجنة والنار ويوم القيامة والملائكة والشياطين." ورابعاً، قوله إن "عيسى المسيح مات جسداً أَما روحه فهي حية." وخامساً، "قَصْرُ الشهادة على نصفها الأول: بمعنى أن تقتصر الشهادة على لا إله إلا الله وحذف نصفها الثاني محمد رسول الله" (19)، رغم أن هذه المعلومة الأخيرة المتعلقة بالشهادة لا تبدو على وفاق مع ما ذكره الشيخ بدر الدين في كتاب (الواردات) حين اقتبس الحديث النبوي الذي يقول: "مكتوبٌ على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله" وعَلَّق عليه بقوله إنه "يشير إلى أنه (أي باب الجنة) لا يُدرَك ولا يُفتح بدونه."
ويضيف حرب أن "المصادر الشيوعية، من دائرة المعارف السوفيتية إلى ملحمة الشيخ بدر الدين ابن قاضي سماونة للشاعر التركي ناظم حكمت (إستانبول 1936)، تصف دعوة الشيخ بدر الدين بأنها حركة شيوعية إسلامية، ووصفها أحد الباحثين اليوغوسلافيين بأنها (شيوعية محمدية)." ثم يستشهد بما كتبه محمد شرف الدين أفندي عن هذه النقطة قائلاً: "إن الشيوعية في الأرزاق والملبوسات والمواشي والأراضي وما شابهها لم توجد في أي كتاب من كتب الشيخ بدر الدين، كما أن الشيخ لم يلقن هذه الأفكار لأحد، ولم يقل بها أحد من الذين تلقوا الدرس عنه" (20). ثم يشير حرب إلى أن حلمي ضيا أولكن، يقول في كتابه (الفكرة الإسلامية)، إستانبول 1946، "لا وجود للفكرة الاشتراكية في فكر الشيخ بدر الدين" (21). ويؤكد حرب أن "الفكرة الشيوعية ليست موجودة في مصنفات الشيخ الثائر كما أن هذه الفكرة لم ترد في المصادر الأولى التي عاصر مؤلفوها حركةَ الشيخ بدر الدين وكتبوا عنها وأرَّخوا لها، وهم: ابن عربشاه وعاشق باشا زاده والمؤرخ البيزنطي الجَنَوِيّ دوكاس وشكر الله بن شهاب الدين" (22).
والوحيد الذي أشار إلى هذه الفكرة، حسب حرب، هو دوكاس ناسباً إياها إلى بوركلوجة مصطفى الذي "كان يوصي بأن تكون كافة الأشياء مثل الأكل والملبس والحيوانات والأراضي مشتركة بين عموم الناس باستثناء النساء" (23). ويقتبس حرب ردَّ "شرف الدين (أوائل العقد الثاني من القرن العشرين) على دوكاس البيزنطي (القرن الخامس عشر) بقوله: "إن توصية بوركلوجه مصطفى بأن تكون كافة الأشياء من مأكل وملبس وحيوانات وأرض، مشتركة بين عموم الناس ثم استثناؤه النساء من ذلك إنما كان ستراً أمام الرأي العام العثماني. فمن المحقق أن الشيخ بدر الدين لم يلقن مصطفى مثل هذه الاشتراكية" (24). ويضيف حرب أن صاحب كتاب هشت بهشت (بالفارسية "الجنَّات الثماني" والمقصود هو المؤرخ إدريس البَدليسي) يقول، نقلاً عن الشيخ بدر الدين، هذه العبارة التي تفسر هدفه من ثورته على الدولة العثمانية: "إني سأثور من أجل امتلاك العالم، وباعتقاداتي ذات الإشارات الغيبية سأقسم العالم بين مريديَّ، بقوة العلم وسر التوحيد، وسأُبْطِل قوانينَ أهل التقليد ومذهبَهم، وسأحلل – باتساع مشاربي – بعض المحرمات" (25).
وكتب المؤرخ التركي خليل اينالجيك يقول إن الشيخ بدر الدين كان "عالماً دينياً كبيراً، وصوفياً، وقديساً، وكان دوره كثائر مثالاً جيداً للطريقة التي تُرجمتْ فيها الأفكارُ الدينية والصوفية، في العالم الإسلامي، إلى أفعال اجتماعية وسياسية" (26). أما السبب في تحول الشيخ بدر الدين إلى الصوفية، في رأي اينالجيك، فهو أنه "وجد العلوم الظاهرية غير مقنعة، فدخل في الطريقة وأصبح شيخاً، وهجر المعرفة الظاهرية إلى المعرفة الباطنية" (27). ويعتقد اينالجيك أن الشيخ بدر الدين استمدَّ "صوفيّته من [محيي الدين] بن عربي بصورة رئيسية،" مذكِّراً بأن الشيخ ألَّف كتاباً يشرح فيه كتاب ابن عربي (فصوص الحكمة). 
ثم يلخص اينالجيك ما جاء في كتاب (الواردات) من أفكار وتأملات الشيخ بدر الدين، وخصوصاً فكرة وحدة الوجود، هكذا: "رغم أن جوهر الله هو في ذاته الكل، وهو ذاته الكل، فهو متحرر من الكل. إن تجلّيه ضروري لوجوده. إن عالم التجليات هذا بأنواعه المطلقة وأجناسه وأشخاصه قديم، بلا بداية ولا نهاية، ولم يُخلق في الزمان. إذا كان على العالم المادي أن يزول، فالعالم الروحي اللاجسماني سيزول أيضاً. الكون والفساد عملية أبدية. هذا العالم والعالم الآخر بأكملهما من ثمرات الخيال، والجنة وجهنم ليستا سوى التجليات الروحية للأفعال الحلوة والمرة، والخيّرة والشرّيرة." ويضيف اينالجيك أن بدر الدين "لم يكن يؤمن بيوم القيامة، ولا ببعث الأجسام. وكان يعتقد أن المسيح مات بجسده العنصري [أي المركب من العناصر] لكن روحه خالدة. وقد فسر جميع عقائد الإسلام التقليدي بنفس الطريقة التي فسرها بها رجال الدين الباطنيون قبله. وأجمع رجال الدين التقليديون على اعتباره من غلاة الباطنية، وأنه قد تجاهل الشريعة تماماً."
ويقتبس اينالجيك من الشيخ بدر الدين قوله، موضحاً تجربته الصوفية: "لقد أتتني الجذبة، وبقيت مندهشاً في حضور الله. لقد ضِعتُ في العواطف . . . وذات يوم رأيت جسدي وقد أصبح الله في كُلِّيَّته . . . الصوفي الذي يُدرك الله يفقد أحاسيسه. إنه يتمدد في الكون كله، ويتوحد مع الجبال والجداول. ليس ثمة هنا أو هناك. كل الأشياء لحظة واحدة." ويشير اينجاليك إلى أن المؤرخ إدريس البدليسي في القرن الخامس عشر (ت 1520) وصف الشيخ بدر الدين ومشروعه قائلاً: "كان يظن نفسه المهدي، معتقداً أنه بإشارة من عالم الغيب، وعلى رأس مريديه، سوف يوزع الأراضي على أتباعه. عندها سوف تسود أسرار وحدة الله في عالم الواقع، وسيسقط مذهب المقلِّدين (أي الذين يعلنون تمسكهم بالشريعة). وأن مذهبه المتسامح سوف يحلل العديد من المحرمات" (28).
ردود أفعال متضاربة
وبالنسبة إلى ردود الأفعال على أفكار بدر الدين وعلى حركته عموماً فكانت متطرفة في الحالين، السلب والإيجاب. فمحمد فريد، مثلاً، يسمي حركة بدر الدين بـ "الفتنة"، وبدر الدين بـ "رأس الفتنة." ومن يقرأ رواية أحمد آق كوندز وسعيد أوزتورك للحركة لن يصعب عليه أن يعرف الطرف الذي يقف معه الكاتبان، فهما يصوران الحركة على أنها إحدى "مشكلتين كبيرتين" حبكهما "الأعداء الداخليون والخارجيون" عندما كانت الدولة العثمانية "في طريقها للرجوع إلى مجدها وقوتها الكبيرة السابقة . . . ولكن الدولة العثمانية استطاعت بعون الله وبالتصرف الحكيم للسلطان محمد من تجاوزهما." ولدى ذكرهما لطورلاق كمال يصفانه بـ "المرتد اليهودي الأصل." أما بوركلوجة مصطفى فهو "رأس الفتنة" الذي كان "يعيث فساداً في مناطق آيدن وإزمير" (29).
والخلاصة هي أن هناك من يلعن بدر الدين، ويكفِّره، ولا يسميه "الشيخ" بل ينعته بـ "الزنديق،" "الفاسد،" "المفسد،" "المبتدع،" ويصف أفكاره بـ "الفاسدة،" والانتفاضة التي قادها، أو قادها تلميذاه بـ "الفتنة،" ويترحم على قاتليه. ولكن هناك، في الجانب الآخر، من يصفه بأنه "فقيه حنفي متصوف" (مثل خير الدين الزركلي، في كتاب الأعلام، مثلاً)، أو يسبغ عليه ألقاباً رفيعة مثل "قطب الواصلين سلطان المحققين برهان الموحدين، مكمل نفوس الخلائق، ومبين طرق الحقائق صاحب علم الدراسات والوراثة كمال الملة والدين محمود بن القاضي المشتهر بشيخ بدر الدين- قدس سره-" (30). بل هناك من رفعه إلى مستوى الأسطورة حتى "قالوا إن الأرض زلزت عندما غضب الشيخ بدر الدين، وهدرت أمواج البحر، وجرت السيول، وجرفت معسكراً للسلطان، وفاضت الأنهر، وغطت الثلوجُ الجبالَ والسهول وشوارع المدن، وغابت الشمس أياماً لا تحصى، وأصر الآخرون على أنه لم يغضب بل كان يضحك، وبأن الزهور غطت الحقول، والأشجار أثمرت، والطيور غردت، والماشية وَلدت، والخير عم." وإنه حين مات حزن الجميع عليه، حتى الحيوانات العجماء والطبيعة غير الحية. "بعد أن هدأ جسمه العاري النحيل ولحيته الشقراء عن الحركة، ساد سكون لم يعهده أحد، لم تصح الديكة، ولا غرد طير، ولا نبح كلب، حتى الأنهر، قال شهود إنها توقفت عن التدفق وسكنتْ مياهُها وهدأتِ الأمواجُ فصار سطح البحر كالمرآة. وأقسم آلاف الناس بل عشرات الآلاف بأنهم رأوه يغادر المدينة حياً يرزق على صهوة جواده الأشقر إلى جهة لا يعرفونها، مؤكدين بأنه سيعود. آخرون قالوا بل كان حصانه أبيض، والعديد العديد من الرجال قالوا بل مات ولكنه ولد عندنا من جديد. قال رجل: ولدته امرأتي، ونساء هؤلاء الرجال كن يشهدن على صحة ذلك الأمر، وكن يرفعن أطفالهن فوق الرؤوس مبرهنات على صدق كلامهن وليرى العامة بأم العين فلا يكونوا غير مصدقين"(31).
من هذا يتضح حجم التباين في الموقف من الشيخ بدر الدين ما بين مؤيد ومعارض. وهناك بين هاتين الفئتين المتطرفتين عدد من المؤرخين حاولوا أن يلتزموا بحيادية البحث العلمي في تناولهم لهذه الشخصية الخلافية المعقدة. لكن المؤكد أن بدر الدين، إذا كان قد أعدم بجسده، فإن أفكاره ما زالت تعيش في أتباعه ومريديه حتى وقتنا الحاضر. و(ملحمة الشيخ بدر الدين) لناظم حكمت خير دليل على ذلك، هذه الملحمة التي أيقظت الشيخ من رقدته الطويلة، وأحيت الخلاف مرة أخرى حوله. ولعل الملحمة كانت عاملاً مشجعاً في الدعوة إلى استعادة رفات الشيخ من شمال اليونان ودفنه في بلده الأم تركيا، وهو ما تحقق فعلاً سنة 1961 إذ تمَّ دَفنُ بقايا الشيخ في مقبرة السلطان محمود الثاني بإسطنبول.
 
د. حيدر الكعبي: شاعر ومترجم، ماجستير في اللغات الرومانسية ودكتوراه في الأدب الإنكليزي من جامعة ممفيس الأمريكية.
 
الهوامش
(1) روبير مانتران، تاريخ الدولة العثمانية. ج1. ترجمة بشير السباعي. القاهرة: دار الفكر، 1993، ص 86. 
(2)جمال كافادار، بين عالمَين: بناء الدولة العثمانية [بالإنكليزية]. بركلي: منشورات جامعة كالفورنيا، 1996، ص 218. 
(3) سهيل صابان، . المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية. الرياض: مكتبة الملك فهد، 2000. ص 157.
(4) طاشكيزي زاده، الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية. بيروت: دار الكاتب العربي، 1975، ص 33. 
(5) الشيخ توسن بيرق، الواردات على الطريقة الملامية [بالإنكليزية]. بوتني وبراتلبورو، فيرمونت: ثرشلد، 1993، ص 30. 
(6) سهيل صابان، المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية. الرياض: مكتبة الملك فهد، 2000، ص 173.
(7) طاشكيزي زاده، الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية. بيروت: دار الكاتب العربي، 1975، ص 34. 
(8) عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين: تراجم مصنفي الكتب العربية. ج3. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1993، ص 799. 
(9) الشيخ توسن بيرق، الواردات على الطريقة الملامية [بالإنكليزية]. بوتني وبراتلبورو، فيرمونت: ثرشلد، 1993، ص 35-6. 
(10 سلجوق أسكين سومل، المعجم التاريخي للامبراطورية العثمانية [بالإنكليزية].لانهام، ماريلاند، وأوكسفورد: منشورات ذه سكيركرو، 2003، ص 508. 
(11) إسماعيل سرهنك، حقائق الأخبار عن دول البحار، ج 1. القاهرة: المطبعة الأميرية ببولاق، 1894، ص 499.
(12) محمد فريد، تاريخ الدولة العليَّة العثمانية. تحقيق إحسان حقي. بيروت: دار النفائس، 1981، ص 150. 
(13) إبراهيم بك حليم، التحفة الحليمية في تاريخ الدولة العليَّة. دمنهور: مطبعة ديوان عموم الأوقاف، 1905، ص 53-4. 
(14) روبير مانتران، تاريخ الدولة العثمانية. ج1. ترجمة بشير السباعي. القاهرة: دار الفكر، 1993، ص 86-7. 
(15) يلماز أوزتونا، موسوعة تاريخ الإمبراطورية العثمانية السياسي والعسكري والحضاري. ت. عدنان محمود سلمان. بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2010. ص 118. 
(16) لطفي باشا، . تواريخ آل عثمان. ترجمة محمد عبد العاطي محمد. القاهرة: دار البشير، 2018، ص 166-70. 
(17) علي محمد الصلابي، الدولة العثمانية: عوامل النهوض وأسباب السقوط. بورسعيد: دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2001، ص 
(18) المصدر السابق، ص 75. 
(19) محمد حرب، العثمانيون في التاريخ والحضارة. القاهرة: المركز المصري للدراسات العثمانية، 1994، ص 103-7. 
(20) المصدر السابق، ص 108. 
(21) المصدر السابق، ص 108. 
(22) المصدر السابق، ص 108-9. 
(23) المصدر السابق، ص 109. 
(24) المصدر السابق، ص 109. 
(25) المصدر السابق، ص 109-10. 
(26) خليل اينالجيك، الإمبراطورية العثمانية: العصر الكلاسيكي 1300-1600 [بالإنكليزية]. لندن: ويدنفيلد ونيكلسون، 1973، ص 347-8.
(27) المصدر السابق، ص 348. 
(28) المصدر السابق، ص 349. 
(29) أحمد آق كوندز وسعيد أوزتورك، الدولة العثمانية المجهولة. إسطنبول: وقف البحوث العثمانية، 2008، ص 103-4. 
(30) عبد الله السيماوي، كشف الواردات لطالب الكمالات وغاية الدرجات. تحقيق. أحمد فريد المزيدي. بيروت: كتاب- نارون، 2012، ص 
(31) إبراهيم بك خياط، التحفة الحليمية في تاريخ الدولة العليَّة. دمنهور: مطبعة ديوان عموم الأوقاف، 1905، ص 116-8.