أيار 15
 
 يقينا ان مما اسعدني حقا، ان ألبي دعوة الأخ الأستاذ الدكتور صالح ياسر رئيس تحرير مجلة (الثقافة الجديدة) العراقية المؤرخ في 24 من آب – أغسطس سنة 2023، في تحية وتقدير مجلتنا العتيدة مجلة كل العراقيين اقصد مجلة (الثقافة الجديدة) التي تربينا على كتاباتها طيلة العقود الماضية ومنذ ان فتحنا أعيننا على القراءة الفكرية الجادة.
وأقول المجلة كانت واحدة من مصادر ثقافتنا، لهذا فإنها تركت أثرا كبيرا ليس في تكويننا، وانما في تكوين اكثر من جيل. وسر قدرتها على التأثير، انها كانت تلامس مشاعرنا واحاسيسنا في ان نكون تواقين الى معرفة حقيقة التقدم، ومعنى الحرية والثورة، وشرف الكلمة. 
لهذا لا بدّ من القول إن مجلة (الثقافة الجديدة)، ظلت قادرة على ان تحقق أهدافها في ان تكون مظلة للفكر التقدمي والثقافة التنويرية، ونجحت في إبقاء شعلة التنوير متقدة كل هذه السنين ومنذ صدور عددها الأول في تشرين الثاني – نوفمبر سنة 1953 وحتى لحظة كتابة هذه السطور أيلول – سبتمبر 2023. وأضيف انني كتبت عن مجلة (الثقافة الجديدة) منذ سنين طويلة. وكانت المجلة فصلا في كتابي (تاريخ العراق الثقافي المعاصر) وصدر عن دار ابن الاثير للطباعة والنشر بجامعة الموصل سنة 2009. والمقال فضلا عن ذلك نشر في موقع (الحوار المتمدن) وفي مجلة (الثقافة الجديدة) نفسها.
ومما أود تسجيله – كمؤرخ – ان مما نفخر به نحن في العراق، ان هذه المجلة باتت اليوم من اقدم المجلات العراقية والعربية المستمرة على الصدور منذ سبعة عقود، وهذا ان دل على شيء، فإنما يدل على حرص القائمين عليها اليوم، حرصهم على ديمومتها، واستمراريتها صوتا وطنيا عراقيا تقدميا يساريا كم نحن بحاجة اليه اليوم، ونحن نواجه كثيرا من التحديات ولعل ابرزها سيادة الفكر اليميني الرجعي المحافظ، وطغيان قيم التفاهة الفكرية، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي السريعة، وضآلة من يقرأ وقلتهم وضعف ثقافتهم وتأثرهم بما هو يعد من الترهات والسفاسف، والخرافات، ومحاولات نهش كل ما هو اصيل، ومتجذر في ثقافتنا الاصيلة.
 وأقول انني وبكل سعادة وموضوعية اذكر جملة من الحقائق التي لا بد من ذكرها وهي ان مجلة (الثقافة الجديدة)، وانا اتسلم شهريا عددها الجديد ورقيا، والكترونيا (زاد) لا بد من تناوله لكي أُديم حياتي وحياة الكثيرين من المثقفين العراقيين التواقين لتعميق ثقافتهم ووعيهم وتسهيل مهمة فهمهم للحياة فالفكر أداة فعالة في تحقيق التغيير وللكلمة صداها وفعلها المؤثر ولا يستطيع أحد ان ينكر هذا. الثقافة الجديدة تلاحق التيارات الفكرية والفنية العالمية والعربية وتتابع ما يصدر من كتب وما يعقد من ندوات ومؤتمرات وتفسر وتحلل الظواهر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم، فضلا عن انها تقدم تحليلات عن أبرز الأفكار والرؤى والاتجاهات في جانبي السياسة والاقتصاد بل هي تربط بينهما ربطا جدليا ديالكتيكيا تساعد القارئ والمتتبع على فهم ما يدور حوله.
ودور مجلة (الثقافة الجديدة ) في المشهد الثقافي والسياسي والاقتصادي العراقي دور تنويري ودور فاعل فهي مرآة لكل ما شهده ويشهده هذا المشهد من متغيرات وتحولات وفيما يتعلق بما اقترحه لتطوير هذه المجلة فمما أقوله ان انتظام صدور المجلة أمر مهم ولا يمكن التهاون فيه لأي سبب من الأسباب، وثانيا ادعو الى الانفتاح على الكتاب من كل التيارات السياسية في العراق وهي معروفة منذ 100 سنة واقصد التيارات القومية والدينية والليبرالية والاشتراكية التقدمية وتسهيل إمكانية استكتابهم والاطلاع على رؤاهم وتفسيراتهم لما يحدث في العراق والوطن العربي والعالم والتركيز على الجوانب الفكرية والثقافية وزيادة المواد المترجمة والوقوف عند الرموز السياسية والفكرية التقدمية التي كانت لها بصمة في تطور العراق الفكري والثقافي.
وأخيرا، اجد ان الاعلام مهم، ويجب ان نركز عليه، ونشدد على ابراز ما نريده ونستهدفه في مجال تأدية رسالة المجلة في التنوير والتقدم وإشاعة مبادئ الحرية والثقافة التقدمية. وعندما أقول الاعلام أؤكد حاجتنا الى فضائية خاصة ولنطلق عليها فضائية الثقافة الجديدة او فضائية الفكر التقدمي وحبذا ان نخصص إذاعة لنخاطب الشابات والشباب وجها لوجه ونتوسع في إقامة مؤسسة للثقافة التقدمية، ترتبط بها نواد رياضية وثقافية واجتماعية تساعد في احتضان الشابات والشباب وتعميق فكرهم السياسي والاجتماعي، وتكريس مبادئ الوحدة الوطنية والعمل من اجل وحدة الفكر والتركيز على كل ما يساعد في نهوض البلد والوطن.
أتمنى للمجلة كل تقدم وللعاملين فيها التحية والسلام والمحبة.