أيار 18
 
استجابت الفنانة (ازادوهي صموئيل) لنداء "فرقة المسرح الحديث" لتمثل دورا في مسرحية (ست دراهم) تأليف يوسف العاني، وهي في الدراسة المتوسطة وبعمر صغير لترتدي في دورها عباءة ام كبيرة وتطوي (قماشاً) ملفوفا على شكل طفل، وبذلك عاشت دور (الامومة) الذي لاحقها في مسرحيات اخر للعاني مثل: "حرمل وحبة سودة". وحين انسحبت الممثلة (ليلى عثمان) التي كانت تقوم بدور ابنة ازادوهي، لتأتي الفنانة ناهدة الرماح فينقلب الحال اذ هي مثلت دور الام وباتت ازادوهي ممثلة لدور البنت. وكأن القدر جعلها تمر بحياة زوجية ودورة حياتية كاملة ولكن بشكل افتراضي أشبع فيها غريزة الامومة وبالتالي قد تنسّكت في محراب المسرح المقدس لتسمو (راهبة) بين اعمدته المتعالية في روح وطنية وإنسانية ملتزمة. كانت بعد قبولها في معهد الفنون الجميلة قد تعرفت على اعلام من كتاب المسرح ومخرجيه وهم من طراز ابداعي فريد اي عايشت نصوص يوسف العاني المسرحية، وعروض ابراهيم جلال الجمالية والمبتكرة لتلعب دور (ام صادق) في مسرحية العاني واخراج ابراهيم جلال "اني امك ياشاكر". ولتمثل دور (ام عطا) بمسرحية "اهلا بالحياة" وهي للعاني واخراج ابراهيم جلال ايضا، وربما امتد خيط ابداعها التمثيلي عابرا حلقات عمرية متتالية في نسيج حياتها المسرحية حيث تبادلت الادوار فأصبح المسرح هو الاصل الذي يغذي حياتها (الواقعية).  وكانت قد انتقلت الى مخرجين كبار واساتذة المسرح في معهد الفنون الجميلة اذ مثلت مع جعفر علي في "الثري النبيل" لـ(موليير) الفرنسي - ومثلت "ما وراء الأفق" لـ (اونيل) الامريكي، اخراج (بهنام ميخائيل)، و"عطيل" لشكسبير الانكليزي، مع المخرج (جاسم العبودي و"اوديب ملكا الاغريقي" اخراج (جعفر السعدي). وحين تغير الوضع السياسي فصلت من وظيفتها وعملت في صالون للحلاقة عام ١٩٦٣، ثم اعيد تعيينها، في مدينة (الرمادي)، لتقدم مع طالباتها في النشاط المدرسي على مدى خمس سنوات: مسرحيات "الرجل الذي لم يحارب"، "اشجار الطاعون"، "البيت الجديد" لــ (نور الدين فارس). وهكذا اقترن اسمها بروائع مسرحنا العراقي مثل "المفتاح"، "تموز يقرع الناقوس" و "الخرابة" و "النخلة والجيران". ومثلت ايضا مع جيل اخر في "افروديت" و "العاصفة" مع المخرج (صلاح القصب) و "حفلة الماس" ايضاً للقصب. و"المومياء" اخراج (غانم حميد). و "تقاسيم على نغم الهوى" اخراج (عزيز خيون)، و "للروح نوافذ أخرى" اخراج (احمد حسن موسى). يذكر ان الفنان المغترب (صلاح الانباري) حين شاهدها في عمان الاردن وهي تقدم  "نار في الحرب" قبل يديها .
 
لم تندم ازادوهي على تمثيل اي دور اسند اليها كما صرحت هي وقد حازت شهادات تقديرية لريادتها المسرحية منحها لها (المركز العراقي للمسرح) للاعوام 1976 و1978. كانت وهي في الصف الثاني في معهد الفنون قد جعلت استاذها جعفر السعدي يقبل يدها لمرتين الاولى حين مثلت في "الدب" لتشيخوف. والثانية "اوديب ملك".
حين جمعتنا رحلة السفر الى ارمينيا، صدفة، كانت ازادوهي برفقة اخيها، لاحظت بانها تعاني من التعب والانهاك وتذكرت عباراتها عن معبدها المقدس والتنويري (المسرح) الذي مازال حاضرا منذ سنوات ما قبل الميلاد الى يومنا المعاصر. تحية الى روحها النقية المتعالية على المنافع العابرة وتبقى علامة متميزة في اداء دور الام، حيث تسامى نجمها في اخراج قاسم محمد لعرض "لغة الأمهات" وكأنه يختزل من خلال هذه الممثلة المبدعة مكابدات النسوة وهن يفقدن الابناء في (حروب) وحشية مدمرة.