أيار 15
 
في الوقت الذي كان قد اعلن فيه فوكوياما نهاية التاريخ؛ يتم الحديث وعلى نطاق واسع بأن العالم سيضمحل، وان النهاية قد دقت اجراسها معلنة نهاية الكون، بسبب المتغيرات المناخية غير المسبوقة التي يمر بها عالمنا اليوم.
إلا أن الوطن العربي ـ استثناء ـ من بلدان العالم، فما زال يشهد سلسلة من الصراعات والنزاعات الحادة التي نجد صورتها في العراق وسوريا واليمن وتونس والسودان و... ، من دون ان يفكر احد بأن هذا العالم يمكن بناؤه بالسلام، ذلك ان السلام، يمكن ان يعد الاساس في استعادة الحياة الرغيدة للأفراد والشعوب على حد سواء.
ولم يكن العراق، خارج المحاور الأممية التي تدق طبول الحرب على ابوابه، فيما (القوى السياسية) منشغلة كليا بإفرازات الانتخابات، وما اذا كانت ستفضي الى هذا الواقع او ذاك، وكأن الأمور تجري على وفق ما تشاء فئة سياسية ترى ان محور الكون لا يمكن ان يمضي في مسيرته من دونها!
إنّ المتغيرات التي يشهدها العالم يوميا، جديرة بأن نتوقف إزاءها حتى تبين ان طبيعة كل الاشياء تسير على وفق آليات جديدة ومواقف متغيرة وسياسات لا تستقر على قرار إلا ما يعنيها ويحقق مصالحها.
في حين نجد العراق يسير باتجاهات وتيارات مختلفة لا يفضي بالنتيجة إلا الى ذات المحور الذي انطلقت منه.
ودارت دورتها في المحور التقليدي الذي يراد فيه تحقيق رغبات فئة معينة دون سواها، وهي في الاساس لا تمتلك حتى إرادة قرارها، وإنما تتلقاه من الخارج الذي باتت أوراقه مكشوفة وهويته محروقة، ما جعله هو الآخر يتجه نحو التخلي عن عدد من شركاء الامس، ذلك ان الأمس بالنسبة إليها قد طويت صفحته، وهي الآن تتجه الى تحالفات جديدة وممثلين جدد..
وهذا ما لم تدركه العديد من الفصائل والقوى التي وضعت مصيرها بمصير قوى خارجية لا تنتمي الى الوطن، ولا يهمها ماضيه وحاضره ومستقبله.
هذا ما يجري في محور السياسة، وعن الوجه الثقافي الذي نعنيه.. وجه الثقافة، حيث لا ترى (السياسة العراقية) ما يتوجه الى سياسة ثقافية بناءة، بل هناك اتساع لرقة الجهل والامية اللتين تغزوان  المجتمع، وتنخران في جسده..
وبهدف اعلامي نجد تغييرا واضح الدلالة، حيث يتم الاعلان عن فعاليات ومهرجانات (دولية) بينما هي لا تتجاوز كونها فقرات (فنية) فقيرة في عطائها وخطاها وانتاجها، ولا تتجاوز منطوقها المتواضع الذي لا يمكن ان يمثل الوجه الحضاري للبلاد.
إننا إذ نشهد فاتحة عام جديد، يهمنا ان نجد فيه قوى الخير والسلام والديمقراطية قد سادت البلاد، وحققت الحضور الجدير بها، واندحار قوى الظلام والتخلف والفشل والفساد، وثم الانتصار على كل هذه الظواهر التي ألحقت بالعراق أفدح الخسائر وتركت البلاد نهبا للفساد المالي والاقتصادي.. حتى اصبح البلد مرتعا خصبا للابتزاز على الاصعدة كافة.
نعم.. نحن شعب تواق الى الحرية والسيادة، والى بعث الامن المستقر والذي يسوده السلام والوئام.. والامل ان يكون عام 2022 عام خير وسلام وانتصار على قوى الظلام لتحقيق الحياة الحرة الرغيدة، بعيدا عن كل ما من شأنه ان يحول دون إرادة الشعب في الحرية والسلام والرفاه.