نيسان/أبريل 25
   
 
أعرفُ أَنّ الكتابةَ تُهيأ الآنَ
كما في كلِّ مرّةٍ
عدَّتها بحميميّةٍ :
رائحة  المطرِ
وإيقاعِ أناشيدِ العصافيرِ
وصلواتِ الطّبيعةِ بفَرضِها ونوافِلها....
 
وأعرفُ أُنَّ النارَ تسعَى
لِتُطفىءَ  عُزلةَ الحَطبِ
وتُعيدَ إلى ذاكرتهِ
أنّهُ من أنسابِ الشّجرِ...
 
وأعرفُ أَنَّ الظّلَ
لايأوي إلاّ إلى حُضنِ العُتمةِ
ليخفيَ  سرَّهُ...
 
وأعرفُ أيضاً
أَنَّ المطر يأتي
بلا ثرثرةٍ عن السّخاءِ
إلى مسرحِ السّماءِ
لكنْ ،
بعدَ هزائمَ طاحنةٍ....
 
وكما أعرفُ أَنَّ الغيومَ
ما إن مُلِئتْ ..ومرّتْ..
من فوق المدينةِ القديمةِ
أسرابَ قِرَبٍ
أخذَ  الغولُ يبتلعُها
سِرباً إثرَ آخرَ...
 
مثلما أعرف أَنّ العَدالةَ
لا تتجولُ في أزقةِ التّعساءِ
ولا تُجيدُ لغاتِهم
فهي أُرستقراطيّةُ النّزعةِ!..
 
اعرفُ أعرفُ
 أَنّنا داخلَ اللعبةِ
لعبةٍ
لايجيدُ العرّافونَ أنفسُهم
فكَّ شفراتِها
كما أعرفُ أَنّي لا أُجيدُ
سوى اللّعبِ
بعلاماتِ التّرقيمِ وسْطَ اللعبةِ
لاأكثرَ !
ولاأزالُ مثلَ أوكتافيوباث أُردّدُ:
" إنّني في مُنتصف الجملة هذهِ"
 
وأعرف أَنّي ماكنتُ أعرفُ
 أَنّ الطبيعةَ
بالغةُ الدّهاءِ هكذا ،
 تُتقنُ لغاتِ الفصولِ
ولا تُسلِّمُ مفاتيحَها السريّةَ
إلاّ للغيومِ...
 
واعرفُ.. أعرفُ أيضاً
أَنَّ الشّمسَ
لاتزال تتبخترُ كلَّ صباحٍ
تسرِّحُ شَعرَها
في مرايا الماء ..
 
وعرفتُ أَنَّ للحُلمِ عينينِ،
عينٌ نصفُ غافيةّ
تحلُمُ بالنّومِ ،وأُخرى
 تقرأُ كتاباً في
تفسير الأحلامِ ،
واعرفُ.. أَنَّ للحربِ
وصاياها الشّعواءَ
حمراءَ العينينِ
لا تدسُّها إلاّ في نعوشِ السّلامِ..