أيار 18
 
ارتاحي (كاترين*)
ارقدي في عيونِ الغزالات بِسلام
تَغَطّي بِطَلَع الزهورِ البرية
وانصبي شجرةَ تينٍ سنجارية
شاهدةً لقبركِ المُفترَض
ارتاحي يا بنةَ حمورابي
تمدّدي بِملءِ إيزيديتكِ
في زغبِ صِغارِ العصافير
احلمي بِحبيبكِ الجميل
ولا تُفسدي عذوبةَ حلمكِ
بِتخيّلِ جسدهِ الطريّ
يتآكلُ في مقبرةٍ جماعية
ارتاحي يا شهقةَ التينِ
يا استراحةَ النسيمِ السنجاري
على أهدابِ السنابل
يا شغفَ قوسِ المطر
في السيرِ ولو مرةً باستقامة
يا بوحَ قطرةِ الندى وهي
تنبثقُ من فَمِ ياسمينةٍ جَذِلة
يا بهجةَ خدودِ الغَمامات
وهي تمنحُ قطراتِ مطرها
لبراري (شنكال)**
يا حفيفَ أوراقِ القصيدة
حين تعانقُ أناملَ الشاعر
ارتاحي كاترين
ما عادَ هناكَ مسوخٌ يغتصبونَكِ
ولا لحىً تخدّشُ وجهكِ
ولا نتانةً تحبسُ أنفاسكِ
ولا فتاوى تنتهكُ عذريتكِ
ارتاحي يا أختَ (نبوخذ نصّر)
لا حنينَ قتّالٌ لِ (كوجو)*** بعد الآن
ولا اشتياقَ حارّ لِحبيبٍ بعيد
ولا لهفةً مضنيةً لأمّ مقتولة
أو أبٍ مذبوح
أو أخٍ مدفون حياً تحت التراب
أو أختٍ ما زالتْ تصرخُ
من سردابِ سَبْيِها (وا ضميراه)
ارتاحي يا صبيّة
ولا تعودي إلى كوجو
فالبيتُ الفارغُ ما زال يلوكُ
بقايا أصواتِ ساكنيه
وأبوابُ البيوتِ المخلوعة
تفتقدُ دِفْءَ البَصَمات
والصباحاتُ الشاردةُ في براري كوجو
ملغّمةٌ بِالكثيرِ من الأوجاع
ارتاحي يا رفيقةَ (آشور بانيبال)
هنا السَّماءُ زرقاءُ العيون
والسَّحاباتُ حريريةُ المَلْمس
والرَّبُّ أمامكِ أبيض
والأنبياءُ متعاطفون
لن تبكَيْ بعد الآن
أو تتألّميْ أو تتوجّعي
أو تشعريْ بالمهانةِ والذلّ
لن تحترقَ جدائلكِ
أو تتورّمَ خدودكِ
أو تنزفَ جراحاتكِ
لن يكونَ الليلُ جُرذاً
يَقرضُ طَهارتكِ بعد الآن
ولن تلمسَكِ الأيادي المشعّرة
الملوّثة بِسرطان الطَّرابيش
لن تتنفّسيْ منذ اللَّحظةِ
هواءَ الصّحارى الزُّعاف
أو تمتلئَ عيونُكِ
بِذرّاتِ الرملِ الداعر
ارتاحي أُخيّتي
وجعُ (كوجو) ممضٍ وفتّاك
لا يحتملُه قلبكِ الضعيف
ولا تُجاري سيوفَهُ الحادَّةَ
ضلوعُكِ الطريّة
نامي يا ابنة (كوجو)
في مَهْدِ الربّ
ستهزّكِ أيادي الملائكة
وتغطّيكِ جفونُ القديسات
وترسمُ الأنبياء لكِ
آخرَ أحلامكِ السعيدة
 
    *    كاترين سبية إيزيدية هربت من أسْرِ داعش بعد سنتين من الذل والامتهان النفسي والانتهاك الجسدي لكن لغماً انفجر بها قبل وصولها للقوات العراقية
  **   شنكال هو الاسم الكوردي لسنجار
***  كوجو هي قرية إيزيدية تم اختطاف جميع بناتها ونسائها وأطفالها من قبل داعش وتم ذبح جميع رجالها وشبابها