أيار 13
 
 
 
 
أشتَهي بَحْراً أغرَقُ فيهِ ،
مَوجَاً يَطعَنُنِي بِخَناجِرِ مائهِ،
أسماكَ قِرْشٍ تُطارِدُ خَوْفِي ؛
تُحِيلُني ذرَّةً تَنْفَجِرُ ،
يومَ قِيامَةٍ تُنهي هذهِ المَهْزَلَةَ !
أيَعلمُ جايكوفسكي ؟
أنَّ روُحِيَ تَلَبَسَتْ بَجعَةً بَيْضاءَ ؛
وَتَراً قَلِقَاً في بيانو عَتيْقَةٍ ؟
حينَ اُراقِبُ حَباتَ المَطَرِ ،
أسمَعُ مُحاوَلَتَها للغِناءِ ،
مُحاولاتِها  لِلبُكاءِ ،
مُحاوَلاتِها  لِلبوْحِ ،
يَتَركبُني حُزنُ المُوسيقى ،
أشعُرُ مَعَ كُلِّ قطرَةٍ ،
 بِنَشْوَةِ التُرابِ ؛
بِشَهْوَةِ الذِكرى حينَ تَنْشُبُ ،
أفتَحُ أسرارَ زهورِكِ نَبْضَاً،
أمنَحُ الأرضَ طُمأنينَةً ،
(أسْكُبُنِي) في راحَتَيْكِ ،
شِمينِي ..
(استَنْشِقينِي )...
كي أسكُنَ رئتيْكِ ..
لِلْحيلولَةِ من ثَلْجِ نِسيانِك ؛
حين يُداهِمُني أل زهايمر ..
وَيَمسَحُ ذاكِرتِي ؛
بِشَمي أتَذَكرُكِ ،
بأطرافِ أنامِلي ؛
التي مارَسَتْ رِحْلَتَها فيك ،
ولو في خَيالٍ جامِحٍ لِنَهْرٍ غَريْبٍ !
أعودُ طِفلا أُمِيَّاً ...
سأكتُبُكِ شِعْراً مِنْ غيْرِ كَلِماتٍ ،
مَخافةَ أنْ تخونَنِي الكلِماتُ ،
ذاتَ نِسْيانٍ لاذِعٍ ...
قدْ أنسى أنَنِي نَسَيْتُ ...
وأشرَبُ كأسَاً من ذاكِرة القُبَلِ ؛
أتناوَلُ لمسَةً من ارتِجافَةِ  يَدَيْك ،
أُلُملِمُ البَرْدَ من أطرافِ أنامِلِكِ ،
أكتُبُ اأجوِبَةً عن أسئلَةِ شفَتَيْكِ ،
وأُخبِرُكِ للمرّةِ الألفِ أني أُحِبُكِ ،
وفي كُلِّ مَرَّةٍ أحِبُكِ بِطريقَةٍ أُخرى ؛
بِقَلْبٍ آخَرَ ،
بِلوعَةٍ أُخرى ؟
أُخبِرُ بُكاءَكِ بأفراحِي ؟
فرحَةً ...فَرْحَةً ؟
كيْ ترسُمَ ابتِسامَةً مُبهَمَةً كموناليزا ....
هلْ هو ذا شارِعُنا ؟
الذي مارَسْتُ فيهِ ذاكِرَتي ؟
بِبَذَخٍ ..؟
أسمَعُ جايكوفِسكي حيثُما ذَهَبْتُ
هلْ كُنْتُ بَجْعَةً في بُحَيْرَتِهِ ؟
هلْ شارَكتُ بتهوفن فقدانَهُ السَمْعَ ؟
كيفَ كُنْتُ أسمعُ أوتارَ شَعْرِكِ اذنْ؟
بروحِي ،
بيَديَّ  ،
بأهدابِ كلماتي ،
بِنَبضِيَ ،
بالجِمْهورِ ؟
هلْ سأتَوقَفُ عن حُبِكِ ؟
او هلْ تَخونُنِي ذاكِرَتي ؟
تُرى تفكرينَ بِمَنْ ؛
حينَ لا أُجيدُ التَذَكُرَ ؟
وأنتِ تتَوسَدِيْن يدَيْكِ !؟
حينَ تشعُرينَ أنك تَجْتاحِينَ قَلَقاً لَذيْذَاً ؟
رُبَما الآنَ نُفكِرُ بِبَعضِنا ،
رُبَما ندخُلُ أفكارَنا ،
ربَما أقولُ ما لمْ أجرؤ على قولِهِ بَعْدَ قَرنٍ ؟
رُبَما اتَناوَلُ حَبتَيْ عَنَبٍ من عُنْقودَيْكِ ،
أو أذوِّبَ الكرَزَ من شَفَتيكِ ،
رُبَما أشعِلَ آخِرَ حَرِيْقٍ قبْلَ نِسْيانِك ؟!
رُبَما سَتَقِفُ قُصَتُنا فُجأةً ،
كَشَجَرَةٍ وَسَطَ الطَريقِ ،
أشبَعَها العابِثونَ حَجَرا ،
ليسَ طَمَعاً في ثمَرِها ؛
إنَما تَمرينَاً في الرِمايَةِ ؛
ألا يَرْمونَ الشيطانَ ؟
لِتَمْرَحَ شياطينُ ذَواتِهِمْ ...
أضحَكُ على نَصيَّ ؛
حينَ أخرُجُ عنْ حُدودِهِ ..
الى النِسْيانِ ؛
فأتَذَكَرُ أنَنِي نَسَيْتُكِ ..!
طه الزرباطي