أيار 18
  الشخصيات:
 الرجل الأول: في الخمسين من عمره، يعاني من الشعور المزمن بالخيبة والفشل، هو الزوج الأول للمرأة، تركها بعد شهور من زفافه، وغاب عنها سنوات طويلة.
الرجل الثاني: عمره قارب الستين، يعاني من فقدان حاسة السمع فضلاً عن فقدان ساقه بحادث انفجار، اعتادت زوجته استخدام لوح الكتابة والرسائل النصية المتبادلة عبر الهاتف للتفاهم معه.
 الشاب: في الثلاثين من عمره، خريج جامعة وعاطل عن العمل.
المنظر:
   غرفة نوم يتوسطها سرير لشخصين، أثاثها ومحتوياتها غير مرتبة، يبدو عليها الإهمال، على حافة السرير توجد ساق صناعية، وعكاز بجوار الرجل الثاني، الذي يبقى طيلة العرض مستلقيا على السرير، وقد غطى جسده العاري بغطاء. في الجانب الأيمن من الغرفة باب الحمام. على أحد جدران الغرفة صورة زفاف بحجم كبير، يظهر الرجل الثاني مع زوجته. في مكان آخر من الغرفة لوح كتابة بالقرب من باب الدخول الى الغرفة، يستخدم في كتابة كلمات للرجل الثاني، الذي يعاني من فقدان حاسة السمع، توجد نافذة قرب الباب تطل على الخارج، تغطيها ستارة قديمة.
(نسمع أصوات طرقات قوية جدا على الباب، ثم يدخل الرجل الأول الى الغرفة. تكشف الانارة عن رجل نائم على السرير، الفوضى تعم المكان)
الرجل الأول: (يضع منديلا يغطي أنفه وفمه) الرائحة لا تطاق (يتجه نحو باب الحمام ويغلقه ثم يخاطب الرجل النائم على السرير) أنت يا رجل الأصوات والرائحة الكريهة لم توقظك من نومك، يبدو أنك في سبات عميق (يلقي نظراته باستياء على محتويات الغرفة) انهض يا رجل، استقبل صباحك بالنظر الى صورة شبابك، جدد حيويتك (ينقل الساق الصناعية إلى مكان آخر من الغرفة) الرائحة الكريهة ستنقلك إلى عالم آخر، قبل حلول موعد أجلك (تصدر حركة من الرجل الثاني النائم على السرير) أنت على قيد الحياة؟ (يستخدم العكاز لإيقاظ الرجل الثاني من نومه) يا رجل نوم الضحى حماقة، انهض، انهض.
 
                        (أصوات تصدر من الخارج يطلقها بائع قناني الغاز)
الرجل الثاني: (يستجيب لحركة العكاز على جسده ثم يزيح الغطاء ويكشف عن وجهه)
باشر عملك، أخبرتني زوجتي بأن عامل المجاري سيصل صباح اليوم، أرجوك انجز عملك بسرعة.
الرجل الأول: لست عامل المجاري، جئت لمهمة أخرى.
الرجل الثاني: لازمني الأرق طوال الليل، ما زلت بي حاجة الى النوم.
الرجل الأول: بوصلة عقلك، تشير إلى اتجاه خاطئ.
الرجل الثاني: الوقت يمضي، الرائحة ستقضي علينا، انجز عملك، وأنقذنا.
(أصوات تنطلق من الخارج، تصدر من الباحثين عن شراء أشياء قديمة للبيع)
الرجل الثاني: (يرفع رأسه ويسنده على لوح السرير) من أنت، لا وقت لدي للحديث، انجز عملك، هيا أسرع.
الرجل الأول: (يحتفظ بالعكاز) المهمة صعبة مع رجل خرف.
الرجل الثاني: أنت عامل المجاري، هكذا أخبرتني زوجتي، ماذا تنتظر، أين عدة العمل؟ كيف تعالج انسداد المجاري؟ أتظن أنك أتيت لنزهة؟ يا رجل انجز عملك قبل وصول زوجتي.
الرجل الأول: دع عقلك يستعيد قواه، لست عامل المجاري، لابد أنك سمعت، أو حدثتك عني زوجتي؟ أو شاهدت صورتي، قبل ان تضعا صورة الزفاف هذه.
الرجل الثاني :(يستخدم لغة الإشارة لبيان فقدانه حاسة السمع) لا تبدد وقتك، أمامك عمل طويل وشاق، الرائحة تقتلنا.
الرجل الأول: رائحة قذارة، لكنك اعتدت عليها.
الرجل الثاني: (يشير الى لوح الكتابة) استخدمه، لأعرف من تكون.. وماذا تريد؟ 
الرجل الأول: (يكتب على اللوح) لست عامل المجاري.
الرجل الثاني: من تكون إذاً.. كيف دخلت إلى بيتي؟
الرجل الأول: إنه بيتي، والمرأة زوجتي.
الرجل الثاني: أعرف أساليب الاحتيال، أخبرني ماذا تريد، وقبل ذلك اخرج من الغرفة، لأرتدي ملابسي، ناولني عكازي، وتلك الساق.
الرجل الأول :(يكتب بعد مسح العبارة السابقة) لن أخرج.
الرجل الثاني: بل تخرج الآن، كن رجلاً، وعد لعقلك ورشدك.
الرجل الأول :( يكتب على اللوح ويقرأ) البيت بيتي. 
الرجل الثاني: إنك مجنون مختل العقل، التسلل الى بيوت الآخرين جريمة، اخرج وأنقذ نفسك من العقاب.
الرجل الأول: (يستغني عن الكتابة على اللوح) أعرف الطريق الى بيتي.
الرجل الثاني: (يتحدث من دون أن يسمع ما يقوله الرجل الاول) الفوضى لا تمنحك حق تهديد رجل أعزل.
الرجل الأول: ستبقى في سريرك حتى ينقضي الأمر، وتعرف من أنا، وكيف انتحلت حياتي؟
الرجل الثاني: أنا قادر على مواجهة ضعفي، لن استسلم لمحتال دعي.
(نسمع اصوات تصدر من الخارج يطلقها باعة الخضراوات)
الرجل الأول: ليس من السهل على المرء كشف فجيعته أمام شخص أصم.
الرجل الثاني: لا خيار أمامك سوى الخروج، سأتصل بمن يعيدك الى مشفى المجانين.
الرجل الأول: (يحتفظ بتلفون الرجل الثاني) سأتصل بزوجتي، وأخبرها بعودتي، هذا رقمها عرفته من الرسائل النصية التي بعثتها اليك (يحاول الاتصال ولكن من دون رد من الطرف الآخر).
الرجل الثاني: كف عن حماقتك، أعطني هاتفي وعكازي، اخرج من غرفتي دعني أرتدي ملابسي.
الرجل الأول: (يستخدم الهاتف ثانية ولكن بلا جدوى) لا ترد، الهاتف مغلق.
الرجل الثاني: أرني صفات رجولتك.. سواء كنت مجنوناً أم عاقلاً، أعطني عكازي.
الرجل الأول: الرجولة هي سبب هروبي، غادرت بيتي في لحظة حرجة، طاردتني اللعنة حتى تواريت عن الأنظار، تركت بيتي وزوجتي وكل شيء، استسلمت لمشيئة الأقدار.
الرجل الثاني: ضع نفسك في مكاني، من صفات الرجل النبيل مساعدة الآخر.
الرجل الأول: هربت لأحتفظ ببقايا النبل، الأقدار رسمت مسار حياتي، قررت العودة اليوم، مسكت عنان القدر وقادني نحو سنوات مضت، أبغي التخلص من أعباء الماضي، يا له من عبء ثقيل.
الرجل الثاني: أعطني الهاتف لأضع حداً لهذه المهزلة.
الرجل الأول: (يقترب من صورة الزفاف ويستخدم العكاز في الإشارة الى وجه الرجل الثاني) وجودك في الصورة تعبير صادق لتفاصيل المهزلة، انتحلت ما تبقى من سنوات عمري، عرفت التسلل الى حياتي من نافذة عجزي وضعفي وغيابي. الفوضى جعلتك قناص الطرائد الضعيفة العاجزة عن الجري.
الرجل الثاني: لا أسمع ما تقول، أنت تحدث نفسك، وأراك بهيئة جلاد يستمتع بتعذيب ضحيته.
الرجل الأول: اسأل، من أين للجلاد كل هذه القسوة؟ لا خيار للضحايا سوى الاستسلام، أنا واحد من هؤلاء، وحين استعدت قواي، قررت العودة بإرادتي، ثم وجدت الجلاد في سرير نومي.
الرجل الثاني: أنت رجل تلبسك الوهم، صادفت الكثير من أمثالك، تختلق مهزلة لتكون بطلها، أعطني عكازي.
الرجل الأول: حياتنا مهزلة رائحتها قذرة.
(نسمع أصواتا تنطلق من الخارج)
الرجل الثاني: تخلَ عن عنادك، من المعيب وجودك في غرفة نومي.
الرجل الأول: ارتكبت جريمة بحق نفسي يوم استسلمت لضعفي، لم أكن أقوى على حمل خيبتي، الفشل لازمني، أصبح جزءاً مني.
الرجل الثاني: حدث نفسك بما تشاء، أنا لا أسمعك، كن رجلا وأعطني عكازي، كفَ عن تعذيبي.
الرجل الأول: لا أنوي تعذيبك، سأجعلك تشعر بعذابي، منذ سنوات تطاردني خيبة الفشل، قررت العودة للتخلص من الماضي، من تعاستي، وحان الوقت لإزالة أعبائها. إنك لا تسمع لا تقوى على خطوة واحدة، هيأتك واحدة من صور تعاستي.
الرجل الثاني: (بصوت مرتفع) أنتم يامن هناك ساعدوني، رجل اقتحم بيتي، يريد قتلي.
(نسمع أصواتا تنطلق من الخارج تصدر من الباحثين عن شراء اشياء قديمة)
الرجل الأول: اصرخ، اصرخ، مهما صرخت وتوسلت، عالمك أصم لا أحد يغيثك، أو يسمع نداءك، اصرخ (يتجه نحو لوح الكتابة ويكتب العالم أصم) العالم أصم.
الرجل الثاني: أنا أصم، هذا قدري، فقدت ساقي وحاسة سمعي يوم قابلت الموت عندما كان يجول في الطرقات، يطرق أبواب الجميع، يدفعهم لجحيم الأرض. للأسف لم أمت، منحني الموت عاهة مستديمة، ما جدوى التشبث بالحياة بعكاز وساق صناعية.
الرجل الأول: (يكتب على اللوح ويقرأ الجملة) هل تعرفني؟
الرجل الثاني: كلا، أعرفك الآن شخصاَ سارقاَ أو محتالاَ مختل العقل.
الرجل الأول: الحقيقة فوق الشبهات، لا يدركها شخص أصم، ما دمت متذمراَ من حياتك غادرها، ودعني أصحح مسار حياتي.
الرجل الثاني: أكتب ما تريد.
الرجل الأول: أريد زوجتي (يكتب الجملة على اللوح)
الرجل الثاني: ابحث عنها في مكان آخر، أخطأت العنوان.
الرجل الأول:(يكتب على اللوح) أريد صورة زفافي.
الرجل الثاني: لا أعرف كيف أحدث شخصا فقد عقله.
الرجل الأول: (يشير الى صورة الزفاف التي تجمع المرأة بزوجها الثاني) لا بد إنها حدثتك عني، ذكرت اسمي، ومازالت تحتفظ بأشياء أخرى تثبت وجودي في حياتها.
الرجل الثاني: الرائحة لا تطاق، دعنا نخرج.
الرجل الأول: ستبقى في مكانك، حتى أعثر على صورة زفافي، لتعرف من أنا ومن أكون.
الرجل الثاني: وجودك في بيتي قذارة.
الرجل الأول: حين تعجز عن مواجهة المفاجآت لا تستسلم لقدرك، قف في مكانك المنزوي، تخلص من أعبائه. أنت (يشير الى الرجل الثاني) الماضي بكل قبحه، أنت سنوات غيابي بسخفها وفواجعها.
الرجل الثاني: أراك تحدث الجدران، متى تدرك خطورة انبعاث رائحة القذارة، أنت جزء منها.
الرجل الأول: الماضي انقضى، والحاضر أتعس، الآن حانت لحظة المواجهة، من القادر على تصحيح بوصلة زمنه، أنا المجنون كما تدعي، أم أنت العاجز عن سماع حديثي؟ هيا استعد للمواجهة.
الرجل الثاني: يا رجل الرائحة تقتلنا.
الرجل الأول: قلها ثانية، أنا رجل ولم أستسلم، قادر على استعادة وجودي.
الرجل الثاني: القذارة خطر يهددنا، وأنا عاجز كما تراني.
الرجل الأول: (يكتب على اللوح ثم يقرأ) أنا رجل.
الرجل الثاني: لكنك عاجز، عاجز عن إنقاذنا.
الرجل الأول: عاجز، صفة لازمتني منذ ليلة زفافي، كلمة فجرت بركان ألمي، انتظرت المستحيل، لم أعد أقوى على الانتظار، هربت إلى المجهول، عاجز كلمة استحوذت على حياتي في سنوات غيابي، سرقت كياني، حطمت نفسي.
الرجل الثاني: رجل تقوده الأوهام.
الرجل الأول: جئت أشغل فراغا تركته رغماَ عني.
الرجل الثاني: الأوهام تقود صاحبها إلى السجن أو مشفى المجانين.
الرجل الأول: لن أستسلم، عدت لأعيش بقية عمري مع زوجتي.
الرجل الثاني: أعطني عكازي، ودعني أرتدي ملابسي.
الرجل الأول: عكازك وساقك مقابل الخروج من بيتي.
الرجل الثاني: أعطني الهاتف.
الرجل الأول: الخروج من بيتي خيارك الوحيد.
الرجل الثاني: نحن نحدث الجدران، أنت في عالم أوهامك، وأنا أنتظر الوصول إلى المحطة الأخيرة، لن أنتظر المودعين، أنا مثل غيري ضحايا نكبات وآلام، يا لتعاسة تلك اللحظة، حين منحني قدري العودة إلى حياة كرهتها، لماذا أنصفني القدر؟ وجعلني أمام الموت، كم حسدت القتلى، لأنهم غادروا ورحلوا، وهناك من لوّح لهم في محطة الرحيل.
الرجل الأول: ارحل الى حيث تشاء، من حقي المكوث في محطة شيدتها أحلامي، أصابني العجز فجأة، استسلمت للضعف، قررت الهروب أبحث عن الخلاص، أنت قتلت حلمي وأملي لكني لن أتراجع.
الرجل الثاني: ما جدوى العيش على مضض، وانتظار موعد الرحيل، أحيانا يدنو الموت مني، لكنه يأبى كتم أنفاسي، لعبته خبيثة لئيمة، لا يعرف الرحمة، كم كان جاحداَ حين تركني معلقاَ بين الوجود والرحيل.
الرجل الأول: ما تبقى لك من العمر لا يستحق العيش، أنت في الهامش المهمل من الحياة كما تقول بإصرارك على سرقة حياتي ستحمل مزيداَ من الآثام والذنوب.
الرجل الثاني: زوجتي تعاني المرض الخبيث، غادرت البيت هذا الصباح لتلقي علاجها، من واجبي أن اكون معها في محنتها، لعلها تستعيد عافيتها، لم تنتظر مني المساعدة، لكننا اتفقنا على مواجهة الأقدار معا، حتى يحين موعد المصير المحتوم.
الرجل الأول: إنها زوجتي، تركتها شابة يافعة تتمتع بكامل عافيتها، بعد أسابيع من زفافي استسلمت لعجزي، ارتكبت حماقة بل جريمة بحقها، تركتها بمفردها، تنتظر وتنتظر بلا جدوى. من تلك النافذة الضيقة عرفتَ كيف تتسلل إلى بيتي، وتضع على جدران غرفة نومي صورة زفافك.
الرجل الثاني: لا أحد يمتلك طلقة الرحمة ويستخدمها في الوقت المناسب، حين يصبح الموت أمنيتك تخونك الشجاعة، تستسلم لقدرك، تنتظر الرحمة من رصاصة طائشة.
الرجل الأول: لا تنتظر مني تحقيق أمنيتك، ابحث عن الموت وسط الرصاص الطائش في الخارج، ستجد حلاَ يضع حداَ لمهزلة حياتك.
الرجل الثاني: أعطني عكازي، أو اقتلني بأية وسيلة تشاء.
الرجل الأول: ما عدت لأقتل احداَ، جئت أبحث عن حياة تركتها هنا، أنا واثق بأن هذه الغرفة تحتوي اشياء تركتها تثبت حقي، أنت لا تسمع، لكنك تدرك جيداَ من أكون. حين تعود زوجتي ستكتشف الحقيقة بنفسك.
الرجل الثاني: اتركني إن كنت عاجزاَ عن قتلي، أو أعطني عكازي.
(أصوات إطلاق نار في الخارج مصحوبة بلغط)
الرجل الأول: ننتظر عودتها، حينذاك ستعرف من الطارئ على حياتها.
الرجل الثاني: كف عن تعذيبي، أيرضيك وضعي المزري؟ كن رؤوفا بحالي
الرجل الأول: مصيرك بيدك، احزم أمرك، وتخلص من حياتك.
(صوت إطلاق الرصاص يتزامن مع طرقات على الباب، ثم يدخل شاب الى الغرفة يبدو عليه الخوف والهلع) 
الشاب: (مخاطبا الرجل الأول) احكم غلق الباب، أنهم يطاردوني.
الرجل الأول: لا أحد يستطيع الدخول، الرائحة الكريهة تطرد من يقترب.
الشاب: يطاردوني منذ أسبوع، يريدون قتلي.
الرجل الأول: المجرمون يتناسلون، امتهنوا القتل وارتكبوا أبشع الجرائم.
الشاب: لا تطلق أحكامك جزافاَ على شخص لا تعرفه، وأستغرب وجودك هنا في بيت جاري.
الرجل الأول: ضع لثامك على وجهك، اجعل نفسك عامل المجاري، وتخلص من مطارديك.
الشاب: لا أجيد مثل هذا العمل.
الرجل الأول: لأنفاذ نفسك.
الرجل الثاني: (مخاطبا الشاب) أرجوك ساعدني، أعطني العكاز.
الشاب: دعنا نساعده.
الرجل الأول: الأمر لا يعنيك.
الرجل الثاني: لا أعرف كيف تسلل إلى بيتي، إنه مختل العقل يتلذذ بتعذيبي.
الشاب: من المروءة والشجاعة مساعدته، أنت تفرض عليه إرادتك بالقوة.
 الرجل الأول: (ساخرا) المروءة؟ أنا الآخر أبحث عنها منذ زمن بعيد.
الرجل الثاني: خذ عكازي، اطرده من بيتي.
الرجل الأول: البيت بيتي، والمرأة زوجتي.
الشاب: الرجل جاري، أعرفه منذ سنوات، لا تؤجج عذاباته بجنونك.
الرجل الأول: أطلق ما شئت من الصفات على المجنون، إنه عاد ليصفي حساباته ويستعيد حياته.
الشاب: أمرك غريب، لست ساذجا لتمرر عليّ أكاذيبك.
الرجل الثاني: ماذا تنتظر.. اطرده من بيتي، إنه محتال، مختل العقل...؟!
الشاب: (مخاطبا الرجل الأول) ماذا تريد؟
الرجل الأول: صورة زفافي.
الشاب: الآن أيقنت بأنك مجنون.
الرجل الأول: ابحث عنها ستجدها في الغرفة، أو في مهملات تحت السرير.
الشاب: المغفلون يصدقون كلامك، أنصحك بالخروج، واترك الرجل آمنا في بيته.
الرجل الثاني: ماذا تنتظر؟ احسم الأمر وضع حداَ لسلوكه العدواني.
الشاب: ابحث عن صورة زفافك في مكان آخر، أنك لا تستطيع إعادة الماضي.
الرجل الأول: الماضي انقضى تخلصت من ثقل أعبائه.
الشاب: رميت أعباءك هنا على كاهل هذا الرجل العاجز، أعطني العكاز.
الرجل الثاني: الرائحة تقتلني، تكتم أنفاسي.
(نسمع أصوات لغط تصدر من الخارج)
الرجل الأول: إنها رائحة آثامكم، طاردتني ولاحقتني في سنوات غيابي.
الرجل الثاني: (يصرخ) أنتم يامن هناك ساعدوني.
الشاب:( يقترب من الرجل الثاني ويضع يده على فمه) لا تصرخ، أنا هنا لمساعدتك.
الرجل الأول: أنت عاجز عن مساعدة نفسك. هناك وراء الجدار من ينتظرك.
الشاب: هناك من يريد قتلي، وأنت تساومني على حياتي.
الرجل الأول: كلنا في مستنقع، الرائحة الكريهة تهدد وجودنا.
الشاب: دعنا إذاَ نبحث عن خلاص.
الرجل الأول: فات الأوان.
الرجل الثاني: أعطني عكازي، أنتما تريدان قتلي.
الشاب: اعط الرجل عكازه، من المعيب استعراض قوتك أمام شخص عاجز.
الرجل الأول: الضعف قدرهُ، لم أكن اتصور منتحل حياتي، يبدو بهذه الصورة المزرية.
الشاب: أناشد ضميرك دعنا نساعده.
الرجل الأول: أتناشد قاتلك أن يرحمك؟ لقد هربت منه، قادتك قدماك الى هنا، استمتع بملاذك الآمن حتى تجد مخرجا يحفظ حياتك.
الشاب: هربت من القتلة.
الرجل الأول: أنا هربت من نفسي، عندما عجزت عن مواصلة حياتي.
 الشاب: أمجنون أنت؟ لا تضعني في حيرة.
الرجل الأول: لا فرق بين العقلاء والمجانين حين يتلبسك الخوف، وتخشى الخضوع لمصير تعس.
الرجل الثاني: اتصل بزوجتي ولتعد بسرعة.
الشاب: نبعث لها برسالة
الرجل الأول: (يحاول الاتصال، ويأتي الرد بأن الهاتف مغلق) لا جدوى من الإتصال.
الشاب: (يكتب على اللوح ويقرأ) الهاتف مغلق.
الرجل الثاني: أكتب لها رسالة.
الشاب: (يقترب من الرجل الأول) أعطني الهاتف.
الرجل الأول: قف مكانك لا تقترب.
الشاب: دعنا نعرف أخبار المرأة، أنا جارها.
 الرجل الأول: الأمر لا يعنيك، أنا الأجدر بمعرفة أخبارها.
الرجل الثاني: إلى متى أنتظر؟ أريد الدخول الى الحمام.
الرجل الأول: افعلها في مكانك، لا تتحرك.
الشاب: يا لك من سجان فاقد الرحمة والضمير.
الرجل الثاني: كفى، كفى أيرضيكما تعذيبي.
الشاب: الرجل لا يقوى على تحمل الألم.
الرجل الأول: (يرمي قنينة ماء فارغة للرجل الثاني) خذ.. أظنها تفي بالغرض.
الشاب: أنت تخطف الرجل وتجعله رهينة.
الرجل الأول: سلوك سائد هذه الأيام.
الشاب: اسمع أنا لا أخاف منك، لطالما واجهت من هدد حياتي وسرق أحلامي، رفعت صوتي مع الآخرين لدحر القتلة.
الرجل الأول: إنهم يملؤون الزقاق، بإشارة واحدة تكون بقبضتهم.
 الشاب: تستطيع أن تكون واحداَ منهم بإرادتك، أيشرفك قتل شخص أعزل ورجل عاجز عن الحركة؟ أنت الوحيد قادر على مساعدته.
الرجل الثاني: (يرمي الرجل الأول بقنينة الماء) اخرج من بيتي (صارخا) ساعدوني.
الرجل الأول: اصرخ، دعهم يسمعون صوتك، ويجدون ضالتهم.
الشاب: (يتجه نحو الرجل الثاني ومع الحديث يستخدم لغة الإشارة) كف عن الصراخ، سأجد وسيلة لمساعدتك.
الرجل الأول: عكازه مقابل صورة زفافي.
الشاب: ما زلت مصراَ على جنونك.
الرجل الأول: لا أطلب المستحيل مجرد صورة مرت عليها سنوات.
الشاب: (يشير إلى الصورة المعلقة على الجدار) إنها الصورة الوحيدة في البيت.
الرجل الأول: هناك صورة أخرى، التقطتها في يوم زفافي، ابحث عنها وستعرف حقيقتي.
الرجل الثاني: ما عدت قادراَ على تحمل الألم.
الشاب: لا أحد يصدق أوهامك.
الرجل الأول: حقيقتي هنا في هذا البيت، حان موعد كشفها.
الشاب: حقيقتك وهم تلبس عقلك المريض.
(نسمع أصوات إطلاق نار تنطلق من الخارج   تصاحبها صرخات ولغط غير مفهوم)
الرجل الأول: مازالوا يبحثون عنك، التزم الصمت وأبحث عن صورة زفافي.
الشاب: لا تضعني في خيار عسير بين الموت أو الاستسلام لا وهامك.
الرجل الثاني: (يصرخ) أنتم يامن هناك ساعدوني.
الشاب: لا تصرخ، لا تطلب الرحمة من أعدائك.
الرجل الثاني: خذ عكازي، لا أقوى على الانتظار.
الشاب: اعطه العكاز، ارحم حاله.
الرجل الأول: لا أطلب الثأر أو الانتقام من الرجل، لكنني أراه يلخص محنتي ومرارة سنوات غيابي.
الشاب: لكنك تهدد الرجل في بيته.
الرجل الأول: البيت بيتي والمرأة زوجتي، تلك هي الحقيقة.
الشاب: لا أحد يصدق قولك.
الرجل الأول: صورة زفافي تثبت من أنا، واجهوا حقيقتي بشجاعة.
الشاب: كن ما شئت، من منعك من الاستمرار بحياتك؟
الرجل الأول: هربت من نفسي، تطاردني لعنة عجزي.
الشاب: صالح نفسك، وأصلح عجزك.
الرجل الأول: كيف؟  والحاضر يرفضني يمنعني من العودة لزوجتي.
الشاب: المرأة انتظرت عودتك، ولكن بلا جدوى، ارتبطت برجل آخر، وهو الآن زوجها.
الرجل الأول: اليوم عدت لأعيش سنوات عمري الضائعة.
الشاب: ابحث عن حياة أخرى تصنعها لنفسك.
الرجل الأول: من يستطيع صنع حياته؟ أنت، أنا، أم الآخرون، حاضرنا مختطف ومستقبلنا مجهول، تشبثت بالماضي لأعيش بقية عمري.
الشاب: ماضيك قادك لمأزق حاضرك.
الرجل الأول: كلنا في مأزق، خلاصي بالعثور على صورة زفافي.
الرجل الثاني: الرائحة لا تطاق، أيرضيكما بقائي في سريري، سأموت غرقا بالمياه القذرة.
الرجل الأول: دعه يدفع ثمن آثامه.
 الشاب: الرجل بريء لم يرتكب جرما عندما أصبح الزوج الثاني لأمرأه تركها زوجها الأول، وغاب سنوات طويلة.
الرجل الثاني: (مخاطبا نفسه) انهض ازحف، لا تطلب الرحمة من هؤلاء.
الشاب: (يحاول مساعدة الرجل الثاني) قواك تخونك.
الرجل الأول: اتركه في مكانه، أخبره من أنا، اكشف له الحقيقة.
الشاب: يا رجل ارحم حاله اعطه عكازه.
الرجل الأول: فات الأوان (يرمي العكاز خارج الغرفة) ليزحف نحو عكازه.
الشاب: سلوك أحمق لا تكن جلاداَ لرجل بريء.
الرجل الأول: اجلب عكازه إن استطعت، هيا اخرج وواجه من ينتظرك في الخارج.
الشاب: القسوة لا تمنحك القوة، عجزك رافقك في ماضيك وهيمن على حاضرك. عرفت حكايتك منذ كنت صغير السن، عودتك المتأخرة لا تعني استعادة حياتك السابقة، لا تستطيع اعادة الزمن إلى الوراء.
الرجل الثاني: أسرع واجلب عكازي.
الشاب: (يكتب على اللوح) لا أستطيع.
الرجل الثاني: ماذا تنتظر؟ اخرج واجلب العكاز.
الشاب: أنت لا تسمع، ولا ترى ما يجري في الخارج.
الرجل الثاني: عكازي على بعد خطوات، كن شجاعا وساعدني.
الرجل الأول: في مثل هذه اللحظة قررت الهروب، استسلمت لعجزي وتواريت عن الأنظار.
الشاب: حكايتك باختصار، أنك فشلت في ليلة زفافك وقررت الهروب.
الرجل الأول: هربت من كلمات وأوصاف أحالت حياتي الى جحيم يستعر.
الشاب: جحيمك صنعته بنفسك. اليوم جحيمنا يصنعه الآخرون، وأنت واحد من هؤلاء.
الرجل الأول: اخرج واجلب عكازه أنقذه من الجحيم، أعرفت معنى العجز الآن، إنه الفشل الخذلان الهروب.
الشاب: شجاعة الأعزل لا تحميه من حامل السلاح.
(أصوات استغاثة مصحوبة بأطلاق الرصاص)
الرجل الثاني: تحرر من خوفك، اطرحه على الأرض واجلب عكازي، بقوتك تتحدى المستحيل.
الرجل الأول: طلق زوجتك وخذ عكازك (يكتب على اللوح كلمة طلقها) طلقها.
الرجل الثاني: لن أخضع لمطالبك.
الشاب: أنت تسلب كرامة الرجل، تطلب منه المستحيل.
الرجل الأول: هو من سلب حياتي، حان موعد رد الحساب.
الرجل الثاني: استعن بأي شخص في الخارج، هيا أسرع ساعدوني.
الرجل الأول: لا يستطيع الخروج الموت بانتظاره (يستطلع ما يجري في الخارج عن طريق الباب ثم يغلقه).
الشاب: المروءة شجاعة، دعني اخرج سأضع حداَ للمهزلة.
الرجل الأول: قف في مكانك، لا تغامر بحياتك، إنهم ينتظرون لحظة خروجك.
الشاب: دعني اخرج سيكون مصيرنا الغرق في مياه قذرة.
الرجل الثاني: اتصل بزوجتي، أخبرها بما يجري.
الشاب: لا أحمل هاتفي تركته في بيتي. (يكتب على اللوح) لا أحمل الهاتف.
الرجل الثاني: استخدم هاتفي اتصل بها.
الشاب :(للرجل الأول) لنجرب الاتصال.
الرجل الأول: (يجرب الاتصال) هاتفها لا يرد.
الشاب: (يكتب على اللوح) الهاتف لا يرد.
الرجل الثاني: حاول مرة أخرى، الرائحة الكريهة تقتلني، سوف نغرق بالمياه القذرة. ساعدوني.
الرجل الأول: (ينظر من النافذة الى الخارج) اغلق فمه، إنهم يقتربون، وأنت تقترب من نهايتك.
الرجل الثاني: أنا لا أسمع ولكنني أشم رائحة المياه القذرة.
الشاب: اهدأ، اهدأ أرجوك.
الرجل الأول: لا خلاص من المياه القذرة، سوف تنتشر، وأنتم غرقى في مستنقع أفعالكم وآثامكم.
الشاب: لا تحملنا آثام غيرنا، لم نقترف الذنوب ليكون مصيرنا معلقا بين حياة رثة، موت يطرق أبواب الجميع.
الرجل الأول: الآثام تراكمت، وضاعت فرص النجاة.
الشاب: امنحه طوق النجاة، لا تحمله أسباب هروبك، أنت عدت لتنتقم من عجزك وفشلك، الرجل كما تراه لا يقوى على النهوض من سريره.
الرجل الأول: طوق نجاته بيده، يطلق زوجتي ويرحل.
الشاب: لا تحمله أخطاء ماضيك، عش الحاضر واخضع لواقعه.
الرجل الأول: يطلقها ويرحل، وإلا سيكون مصيره الغرق بالمياه القذرة.
الشاب: القذارة تهدد الجميع.
الرجل الأول: (تصله رسالة نصية عبر الهاتف) وصلت رسالة منها.
الشاب: ماذا تقول؟ اقرأها.
الرجل الأول: (يسلم الشاب الهاتف) انظر، اقرأ.
الشاب :( يكتب على اللوح) ماتت.
الرجل الثاني: اجلب عكازي.
الرجل الأول: (يحمل ساق الرجل الثاني الصناعية) حذار من الخروج.
الشاب: لا أطيق الرائحة الكريهة.
الرجل الأول: إنها خيارك الوحيد للحفاظ على حياتك (يخرج حاملا ساق الرجل الثاني الصناعية، فيما ترتفع أصوات الرصاص في الخارج)
                              إظلام تدريجي مع موسيقى الختام