أيار 18
 
-الى روح صادق هدايت -
 
عندما أَصبحَ هواءُ العالمِ
فاسداً وخانقاً وقبيحاً
قرّرَ ( صادق هدايت )
الساردُ الفارسيُّ الامهرُ والاخطرُ
في فضاءِ الحكاياتِ
والرواياتِ والمهازلِ الأرضية
قلتُ : كانَ الصادقُ قدْ قرَّرَ :
أَن يستحمَ بجرّةِ غازٍ وطني
حتى يشتعلَ جسدُهُ المقهورُ
كطائرِ فينيقٍ عنيدٍ
دائماً ينهضُ من رمادِهِ
ويستحيلُ شعلةً وهّاجَةً
تُضيءُ ظلامَ الشرقِ الكئيب
وبلادَ فارسٍ المُحترقة
من هولِ الفتنِ والمآربِ
والذرائعِ والفجائعِ
والحروبِ المريرةِ
التي جعلتِ الناسَ
يكرهونَ أَنفسَهم وبلدانَهم
وكلَّ شيءٍ فيها
لمْ يروا من جوهرهِ الغامضِ
أيَّةَ نافذةٍ للأمل
أَو باباً للخلاصِ
أَو كوّةً لتنفسٍ هواءٍ
ليسَ فاسداً ولا خانقاً
ولا قاتلاً مثلَ هواءِ البلادِ
وجرارِ غازاتِها غيرِ الصالحة
للاستحمامِ والتنفّسِ
والموتِ العميقْ
وأَعْني : الموتَ السعيد
الذي اختارَهُ " صادقُ هدايت"
بمحضِ رغبتِهِ الباسلةِ
وإرادتِهِ الحديديةِ
 للتحرّرِ والتحليقِ من بلادٍ
لا رغبةُ فيها ولا أيّ مزاجٍ
لإنسانٍ مثل " هدايت"
و " فروخ فرخ زاد"
الشاعرةُ السينمائية المغدورة
و لا " كَوكَوش " الجميلة
و " قاسملو " الشاعرُ العنيد
وغيرهم الكثيرون جداً
نعم، ليس لأَيٍّ من هؤلاءِ
الطاقةُ والقدرة
على العيشِ في تلكَ البلادِ
التي ينبغي أَنْ تُسَمّى
بلادَ النارِ
 وبلادَ الموتِ:
حرقاً
وشنقاً
وخنقاً
وبلادَ الغيابِ الاختياري
سواءً بالغازِ الوطني
او بأحزمةِ الضحكِ الانتحاري
 
آآآآآهٍ …
 يا الصادق بن هدايتْ
لقدْ جارتِ الدنيا عليكَ
وأَطبقتْ علينا بفخاخِها
ومخالبِها ورحاها
ثمَّ عاثتْ بمصائرِنا
 وعلى رؤوسِنا الجريحةِ
غارتْ ثمَّ داسَتْ
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآهِ
ياصادقَ هدايَتْ
 

 

سعد جاسم: شاعر عراقي يقيم في كندا