أيار 18
 ثم يكفي ان تحب وان تموت على هواك
كأن القيروان حبيبة اخرى من الآجر والاسمنت والطرق الخفيضة
ثم يكفي ان تخاطبها وتطرح عندها حقلا من الشوفان والنعناع
كي تزهو معا بعرار نجد
او تلال طرفة حين يبكي او ينام
كأن مكة لم تكن يوما مدينة من يعاف حجارها
ليضيع في وديان يثرب باحثا عن نخلة في الشام يعصر تمرها دبسا لاطفال القرى
هذا الطريق كأنه يمشي الهوينا دون ان يدري بأن السالكين تعودوا
ان لا يؤوبوا مرة اخرى
سألتك أخر الشعراء عفوا اخر الفقهاء ما جدوى الخلافة بين مكة والشآم
وبعدها في القيروان وثم اندلس هناك تؤازر الاحياء والموتى معا
وتلم اطراف الكلام
ثماره زهر لالباب اليتامى
غادر الشعراء كل قريضهم واستوطنوا ارضا تساكنها الشياطين العدوة والشياطين الصديقة
ثم تكبو كي تفيق وان تفيق لأن قافلة النعاس تمددت من امرؤ القيس الحزين على الرئاسة
وانتهاء الامر في سقط اللوى والحومل العالي
وصولا نحو هارون الرشيد ابي الغمامة حيث تمطر تعتلي بخراجها الارض اليباب
وليعش من شاء ان يسعى وحيدا في رحاب الارض
من اجل العيال و امهم و بنات آوى و السراب
                                                                      ***
لا مالك ابن الريب يشفى من سموم عقاب الجيش العرمرم لا المثنى
انت وحدك تقتفي اثر النبي الكاهن العملاق
لكن المعري اغلق الباب الكبير
و لم يدع تحت اللزوميات منها فتحة تسطيع من خلالها ان تنحني
تلج الجنان الباسطات نخيلها بين الشواطئ
ثم يكفي ان تحب و ان تموت على هواك
هذا اوان الشد فاشتدي وسيري في البطاح وعللي ما تشتهين من الفرائد
و اقرأي في فلسفات الروم ما لا تبتغين
وكرري كل العبارات التي ما قالها بعد الفلاسفة العظام
لأن افلاطون مزق كل جمهورية الورق الصقيل مداعبا اطفال من لم يغتني بطفولة خرقاء
مثلك ايها الملعون يا من لم تصل على الشفيع أدم لم تغني مثلما غنى سواك
لأنه الرمق الاخير لهذه الدنيا التي تفنى ويفنى دونها الشعراء
يكفي ان تحب وان تموت على هواك
وثم يكفي ان تحارب بالسيوف وبالخناجر و الحصى
او بالرماح قوافل الغازين ممن يبتغون موتك تارة
او يبعثون جرادهم وبعوضهم نحو الديار
ديار ليلى الاخيلية او بثين
ديار عزة او ديار خولة
فلتكن ايامك الاحلى شهودا كي تسير تعللا في المشرقين
و ترتمي في حضن دجلة مرة او في شواطئها و تختزل القصائد والشواطئ،
ها هنا المنصور دق سطوعه كي يبتني ام العواصم
تارة تأتيك كالانثى و اخرى فارسا يقتاد جيشا من بني العباس يفتتح البلاد، بعيدها و قريبها ،
ويصيح هارون الرشيد بغيمة فلتمطري فبأي مصر تمطرين يكون خراجك الاوفى
لبيت المال او بيتي
ويكفي ان تحب و ان تموت على هواك
***
لرسالة الغفران بعض من دم الاعمى
ومن وحي البصيرة مذعنا لفرادة الرؤيا
وتنام في ليل المعرة باحثا عن نجمة تأتيك من افق الكلام لتفتح الابواب اجمعها
فتشرب خمرة بالسر كي لا يفتح الواشون دفتر حقدهم فتقاد للحبس الشديد
تعيد رسالة الغفران تجهل محتواها وتقول من ذا يكتب الدرر الثمينة في بيوت ليس يدخلها
سوى الشعراء اصحاب الكلام، شواهد العصر الحديث،
دلالة العميان في زمن البصيرة والتبصر
ثم يكفي ان تحب وان تموت على هواك
***
هذا ابن خلدون الذي هجر الكتابة منذ ان شد الرحال الى الحقيقة
طامعا بحقيقة اخرى .
***
القيروان صديقة الساعين نحو تعدد الافكار
نحو تمرد الافكار
نحو تعلم الحمع الوفير من الكلام الحق
ان طباعها كطبائع النساك كانوا يأكلون الحصرم، الزيتون ، اعناب البساتين القريبة و البعيدة
انها كالجنة الاولى التي نشأت بها ذرية الانسان قبل تمرد الشيطان
فاكتب ما ترى في اللوح
أخر لوحة في العرش وارحل
ثم يكفي ان تحب و ان تموت على هواك .