أيار 18
 
 
  الى عبد العزيز المقـالح
   
في المقيلِ الذي لا يظلُّ مقيلاً ..
أرى البعض يمعنُ في الصحوِ، بل يتمادى به سكرُهُ،
حيث يُفني ويَفنى، وحيث الحقولُ هشـيمٌ يحدّق فيَّ :
 بلادٌ تطاردني، وأطاردهـا
حـدَّ أنْ نتماهى معـاً
 أو نضيعْ
خوذةً لأسـيرٍ بكى ندماً
أو جثامينَ تزهرُ وقتَ الربيعْ ..
غير أنّ هنالك مَن يتعذّبُ في الحـالتينْ
واضعاً في مهبِّ القصيدةِ
كلتا اليدينْ ..
في المقيل الذي لا يظلُّ ..
 بروجٌ من الطينِ، منحنياتٌ وظلُّ
لأوديةٍ من بَهـار المسرّاتِ ..
ثَـمّ جموعٌ تجوعُ فتمضغُ أيامها،
وتغنّي لتصنع لله قهوتَهُ ..
هذه قهوةُ اللهِ تغليْ ..
وتغلي السماواتُ والأرضُ حوليْ
وثَـمّ شـذى دلّةٍ لا تُملُّ ..
     مرَّ بيْ واحدٌ من أعالي الصحابةِ
     مبتهجاً حافيَ الروحِ، يصغي الى وطنٍ 
     يتقلب ما بين مـاءيـن من تخمةٍ وعذابْ ..
    انحنى، كنبيِّ، فأورق بين يديه الترابْ
    وأشـار الى الأرضِ:
-       " يا وردة الضوءِ مرحى ..
   هلُمّي الى وحشة الواسطيِّ
    وزيدي حنين المغنّي دموعـاً وملحـا .. "
   ثم لوّحَ لي ، وترجَّلَ عن ضوئه ، ودنا
   فصحا في حنايايَ نايٌ كسيرٌ،
   وأيقـظ روحيَ جرْحـاً فجرْحـا.. 
كان يمسحُ حزنَ القصيدةِ
إذ تتصلّبُ قشرتُها مثلما السلْحفاةُ
ويجلسُ بينيْ وبينيْ
يذودُ التجـاعيدَ عن لغتي،
وينقّيْ من الحَسَكِ المرِّ حـزْنيْ ..
مراراً بكينا، مراراً بكى البنُّ من حرقةٍ،
ومراراً نرى القاتَ يسترخي على المتّكأْ
ونحن في سؤالنا الحائرِ:
-       " لو هـدهـدٌ
 يقبلُ من بغدادَ  أو من سبأ ! "
مقاطع من قصيدة طويلة
 
 
 
علي جعفر العـلاق: شاعر وناقد اكاديمي عراقي يقيم في الإمارات. والنص اعلاه هي مقاطع من قصيدة طويلة لم تنشر بعد
 
حرصاً منا على الاهتمام بالمبدعين ومنجزاتهم الجديدة، نقدم هنا الشاعر والناقد د. علي جعفر العلاق وذلك بنشر آخر قصيدة له إلى جانب مراجعة نقدية لأحدث كتاب أصدره مؤخراً (محرر ادب وفن).