أيار 15
                                        
ونحن نودّع عاما من عمر مجلتنا (الثقافة الجديدة)، نفتح نافذة على مستقبل ثقافتنا الوطنية عن طريق صفحات هذه المجلة الرائدة.
إنّ عمر الإنسان وخطاباته، لا تقاس بالزمن إنما بما يحققه من إنجازات على صعيد مبدئية هذا الخطاب وتجلياته وتأثيراته في وعي المجتمع.
وما دمنا نتحدث عن الثقافة الوطنية التي ننشدها ونعمل على وفقها ومد آفاقها على أوسع نطاق، نتبين إلى جانب ذلك، أن هناك (ثقافات) سلبية عديدة ما زالت تزرع في مسيرة شعبنا.
نعم.. ما زال خطاب التطرف والعنصرية والرجعية والطائفية.....، يأخذ حيزا واسعا في الإعلام الذي تحركه أيادٍ لم تعد خفية، انما هي تعمل في العلن على نشر الحقد والثأر والضغينة ومعاداة الرأي الآخر.. وبشتى السبل من أجل إيقاف عجلة الحياة عن التطور ومراعاة حقوق الإنسان في التعبير عن قيمه وافكاره ومبادئه، من دون المساس او الإساءة إلى حقوق الآخرين.
إنّ الجمود العقائدي والتطرف والمغالاة في رفض معطيات الفكر الإنساني النيّر، من شأنه ان يبقي البلاد في حالة تخلف وانكسار، وليس بوسعها اللحاق بركب العالم المتحضر الذي وجد في الفكر العلماني، السبيل الوحيد في تخطي الأفكار والممارسات الظلامية التي تعمل على تكميم الافواه، ونشر سياسة البطش والقوة وتغييب العدالة والمساواة في حياة المجتمع.
كذلك.. نجد أن الإلحاح على التعامل مع العراقيين على وفق: المحاصصة، والمكونات، والتوافقات والتوازنات..، كلها لا يمكن أن تؤدي الا إلى سبيل واحد، هو التعامل مع كل عراقي على هذا الأساس الذي يفرق العراقيين، بدل ان يوحدهم ويرص صفوفهم ضمن توجه وطني سليم، بعيد عن كل ما من شأنه النظر إلى الإنسان العراقي، مثل هذه النظرة الأحادية الضيقة.
صحيح.. ان العراقيين، مجتمع متنوع، لا يحول دون تآزره وتعاونه وتفاعله في ظل وطن آمن، يكفل لجميع العراقيين حقوقهم في العيش، عيشة كريمة، تكفل لهم الحياة المستقرة، وتضمن لهم كل ما يعزز وجودهم وسلامتهم من الأمراض والجهل والفاقة.
من هنا.. نتواصل في خطابنا نحو بناء وتعزيز مسيرة الثقافة الوطنية، التي لا تفرق بين العراقيين، ولا تتعامل معهم الا على وفق ما يقدمونه للوطن وتعزيز إرادته الخلاقة.

وفي صفحات (أدب وفن) نسعى إلى تقديم كل ما هو جديد وبنّاء وجاد ورصين، لكي يكون نبراسا أمام شعبنا. ونعمل على تكريس صفحاتنا من أجل ضخ المعلومة العلمية الصحيحة، والادب الرفيع والفن الراقي.. وذلك بالاعتماد على كتّابنا وفنانينا، وهم يرفدون مجلتهم (الثقافة الجديدة) بكل ما من شأنه الاسهام مساهمة فاعلة تعمل على توعية المجتمع بالخطاب العلمي التقدمي، والثقافة الحية والأصيلة والجديدة.. فهذا الخطاب زادهم نحو الرقي والرفعة والسلام.