مفتتح:
على الرغم من سعة تداول مصطلح (النخبة) في العلوم الاجتماعية والسياسية الحديثة، إلا أن هذا المصطلح يظل يمثل واحداً من المصطلحات والمفاهيم الخلافية الإشكالية الكثيرة، إذ يرتبط هذا المفهوم بآلية تحديد تراتب الطبقات والشرائح والفئات الاجتماعية المختلفة في السلم الاجتماعي، ويذهب علماء الاجتماع الى النظر للنخبة بوصفها تمثل صفوة أو طليعة أو شريحة منتقاة محدودة بالتأكيد، تمتلك مؤهلات فكرية وإدارية.
إن دراسة إشكالية علاقة المثقف بالجماهير لا يستقيم أمرها من دون المرور بإشكالية الأول بالسلطة، فمنذ بدايات عصر النهضة العربية كانت مسألة الهوية ذات طابع متميز ووضع اهتمام خاص وطبيعي لدى مفكري ذلك العصر من جمال الدين الأفغاني (ت1897م) ومحمد عبده (ت1905م) وعبد الرحمن الكواكبي (ت1902م) ومحمد رشيد رضا (ت 1935م) إلى عوامل مسيحية ذات أجيال متتابعة مثل البستاني (ت1883م) والشدياق (ت 1887م) واليازجي (ت1871م) والكرملي (ت 1947م) الى مفكري ما بعد النهضة أمثال شكيب أرسلان (ت1946م) ومحمد كرد علي (ت1953) وشبلي شميل (1917م) وفرح أنطوان (ت1922م). وكانت العروبة موضوع إجماع واهتمام هؤلاء وإن تخللها حرص على الإسلام السياسي – لدى المسلمين منهم – وفاءً للرابطة العثمانية من ناحية، وجزعاً من المطامع الإنكلو – فرنسية من ناحية أخرى، فكان سقوط الدولة العثمانية وقيام أتاتورك، أسقط حاجزاً مهماً أمام المزيد من النضج للهوية القومية العربية التي كان الحرص (المشروع) على دولة الإسلام يعيق نموها – أحيانا - للوصول إلى نتائجها المنطقية والضرورية. ويشهد الجزء الثاني من العشرينات حتى أوائل الخمسينات من القرن الماضي حواراً فكرياً خصباً بين دعاء العروبة و(المذاهب) الأخرى من (مصرية) سواء كانت فرعونية أو متوسطة أو إقليمية و(سورية) سواء كانت هلال خصيبية بي أو (فينيقية) والأممية سواء كانت إسلامية أو ماركسية. وهذا الجدل الفكري الخصب والحيوي توّج المد الخمسيني الذي شهد استقلال بعض الدول العربية من استبداد الهيمنة الاستعمارية.
والثقافة هي انعكاس لحركة المجتمع في وعي تراكمات الماضي وتفاعلات الحاضر وتوقعات المستقبل، وهي نتاج حقيقي لكل أنشطة الحياة المختلفة، والنظام السياسي عجز عن استيعاب مفهوم الثقافة ودورها في بناء الإنسان؛ إذ أن العجز هذا يؤدي إلى انقطاع طرق التواصل بين السلطة والمجتمع، ففي الدول العربية ما زال النظام السياسي يبتلع المجتمعات من دون أن يستفيد من تجارب التاريخ وتراكمات التجربة الإنسانية، وهو ما أدى إلى انحسار الثقافة وحتى تقاطعها وتباعدها عن حركة المجتمع وفعاليته في تطور معايير العمل السياسي، فالثقافة ليست سلطة سياسية تسن القوانين، وتطالب الناس بالإذعان لشروطها، أنها إنتماء أخلاقي للإنسان والمجتمع على حد سواء، تتم تنميته داخل الإنسان من خلال فهم السلطة لمتطلبات الثقافة وضرورة إشاعتها لخلق رأي حر يساعد على استمرار السلطة السياسية نفسها وترسيخ أمنها، وليس من حق السلطة السياسية اقامة حواجز أمام الثقافة عن طريق تحجيهما أو احتوائها أو تعطيلها أو مناصرة فكر على آخر.
إن اختياري للشهيد كامل شياع لم يأت اعتباطا وإنما لدوره الهام في إرساء ثقافة وطنية تحمل هوية جامعة لعراق ما بعد 2003، ومن خلال الفكر التنويري الذي كان يحمله استطاع ان يؤسس لثقافة وعلاقة مع الجماهير مع غرس روح المواطنة وإعلاء شأن الهوية الوطنية على حساب كل الانتماءات الفرعية والتشجيع على التمسك بالوحدة الوطنية.
كلمات مفتاحية:
1- الثقافة:
لغةً: تَقُفَ يثقُفُ: صار حذقاً فطناً
أ - الشخص: صار حاذقاً
ب – العلم: حذِقة
ج – الشيء: ظفر به
ثقافة مصدر ثقفَ، الجمع ثقافات(1)
اصطلاحا: الثقافة حسب ما جاء في المصطلحات العلمية والتقنية أنها:
(كل ما فيه استشارة للذهن، وتهذيب للذوق وتنمية لملكة النقد والحكم لدى الفرد أو المجتمع)(2)
2- الهوية:
إن لفظ (الهوية) بضم الهاء في اللغة العربية مصدر صناعي مشتق من الضمير (هُوَ)، فالهوية مأخوذة من الهُوَ هُوَ وهي في مقابلة الغيرية(3)، ويدل مفهوم الهوية عند الشريف الجرجاني على معنى ذات الشيء وجوهره المعبر عن وجوده مجرداً من الزمان. قال الجرجاني في تعريفاته: (الهوية الحقيقية المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب المطلق) فالهوية بهذا المعنى مطابقة للماهية والذات.
3- التنوير:
لغةً: نَوَّرَ يُنَوّرُ تنويراً: الصبح: أسفر وظهر نورُه. الشَجرُ: خرج نوره، المكان: أضاءَهُ، الرأي: أوضحه، على فلان: أرشده وبين له أمراً.
استنار يستنير استنارة: الشيء أضاء به: استمد نوره منه، استنار الشعب: صار مثقفاً واعياً(4)اصطلاحاً: حركة فلسفية بدأت في القرن الثامن عشر الميلادي تتميز بفكرة التقدم وعدم الثقة بالتقاليد وبالتفاؤل والإيمان بالعقل(5).
4- المثقف:
شاع استخدام مفردة المثقف في اللغة العربية في الأدبيات الاجتماعية والسياسية، ولفظة مثقف مشتقة من فعل (ثقف) بمعنى حذف وفهم وأدرك، أما في اللغات الأدبية الحديثة، فقد استخدمت مفردات عديدة للإشارة إلى مفردة المثقف منها المتعلم والدارس والمتمرس والمثقف المطلع والمفكر النشط، فقد عرف (ماكس فيبر) المثقفين أنهم: "مجموعة من الأشخاص الذين تمكنهم صفاتهم الخاصة من النفاذ إلى منجزات لها قيمة ثقافية كبرى"(6)، أما مفهوم المثقفين في الإطار الماركسي: "هم نتائج الطبقات السائدة في المجتمع، فيعملون على خلق أيديولوجية طبقاتهم التي تعكس نمط تفكير وأسلوب حياة هذه الطبقات"(7)، ويرى الماركسي الإيطالي انطونيو غرامشي (1891–1937م) في المثقف، وهو ما تداوله المثقفون العرب كثيراً: "أن المثقفين ينقسمون من الناحية الوظيفية إلى جماعتين: جماعة المثقفين التقليديين كالأدباء والعلماء وأساتذة الجامعة والصحافين والإداريين، وهم الذين يتبنون موقفا حيادياً من الطبقات ولا ينتمون إلى طبقة بعينها، وهناك جماعة من المثقفين العضويين وهم العنصر المفكر والمنظم في طبقة اجتماعية معينة، ويرون أنهم مكلفون بالدفاع عن أفكار هذه الطبقة ومصالحهم وتطلعاتهم".
5- المواطنة:
لغةً: وطَنَ يطن وطناً فهو واطِنْ: الشخص بالمكان: أقام به.
وطن يوطَّن توطيناً: أ – الشخص بالبلد: اتخذه وطناً وسكناً يقيم به.
ب – الشخص: أنزله سكناً يقيم به.
وطن يواطن مواطنة: القوم: عاش معهم في وطن واحد.
مواطنة: مصدر واطن: نزعة ترمي الى اعتبار الإنسانية أسرة واحدة وطنها العالم وأعضاؤها أفراد البشر جميعاً.
وطن: الجمع أوطان، بلد الآباء والأجداد ومكان إقامة الإنسان ومقره.
وطنية: مصدر صناعي، حب الوطن والإخلاص والتضحية من أجله(8).
مدخل معرفي:
- ولد الشهيد كامل شياع في بغداد في الخامس من شباط سنة 1954م.
- من عائلة بغدادية كبيرة وهو الثاني في تسلسل الأبناء.
- في مدينة بغداد درس وتعلم وتخرج مدرساً للغة الإنجليزية.
- رفض الانتماء إلى حزب البعث الحاكم إثر سياسة تبعيث التعليم فاختار الرحيل ومغادرة العراق سنة 1979م.
- إقام في الجزائر أول الأمر وعمل مدرساً للغة الإنجليزية وكذلك إيطاليا التي نشر فيها قاموساً للمسافرين ورجال الأعمال (إنجليزي - إيطالي - عربي).
- استقر في مدينة لوفان البلجيكية سنة 1983 م.
- حصل على شهادة الماجستير في الفلسفة من جامعة لوفان الكاثوليكية عن رسالته (اليوتوبيا معياراً نقدياً) والتي حاز بها درجة الامتياز.
- دار المدى للنشر والطباعة طبعت رسالة كامل شياع ككتاب وأصدرته سنة 2012 م.
- في المنفى وسع الشهيد كامل شياع اهتماماته بالثقافة والفلسفة الأوربية لتشمل الرسم والسينما والمسرح وفن الفوتوغراف.
- ولأنه موسوعي الثقافة فقد حاضر في مواضيع كثيرة وأكسبه ذلك مكانة مرموقة بين أبناء الجالية العراقية في المنفى.
- أقام علاقات صداقة واسعة مع مواطنين من جنسيات مختلفة.
- المنفى ظل شاغله وعمله الأكبر، فقد عمل صحافياً خلال إقامته في مدينة لوفان وكتب في مواضيع متنوعة في صحيفة (الحياة) اللندنية وكذلك مجلة (الوسط) ومجلة (مواقف) الفصلية ومجلة (الثقافة الجديدة) الشهرية الصادرة في بغداد، وراديو (في. آر. تي) الدولي القسم العربي/ بروكسل، وقسم التلفاز الدولي في بروكسل.
- عاد إلى بغداد سنة 2003م ليسهم في بناء عراق جديد وعين مستشاراً لوزارة الثقافة.
- كان الراحل نشيطاً في محاولة استعادة الثقافة العراقية لدورها الريادي والإيجابي في المجتمع.
- نظم مؤتمراً للمثقفين العراقيين سنة 2005م، وكان مؤتمراً ناجحاً على الصعد كافة.
- اغتيل في بغداد على يد مسلحين مجهولين وكان حادثا مفجعاً في 23 / 8 / 2008.
- رحل الشهيد كامل شياع وهو يحمل مشروعاً وطنياً للثقافة العراقية.
المبحث الأول
راهنية المناخ الفكري والثقافي والسياسي والاجتماعي
خرجت الدولة الوطنية في العالم العربي من قبضة الاحتلال الأجنبي إنجليزياً كان أو فرنسياً بعد كفاح طويل ضد الاستعمار، شاركت فيه كل الطبقات باستثناء تلك التي اختارت الارتباط بالاستعمار، وفيه مصالحها الضيقة، وعزلت نفسها عن التيار الوطني الشعبي العارم المعادي للاستعمار، ولكن التحالفات الواسعة المنظمة أو العفوية التي تشكلت في مواجهة الاستعمار الأجنبي سرعان ما تآكلت تحت ضغط الصراع الطبقي في ظل الدولة الوطنية. ولم تفلح الطبقات البرجوازية في إدارة السلطة المنفردة نتيجة لضعفها التكويني من جهة وغلبة الطابع الزراعي الإقطاعي على التشكيل الاجتماعي، فضلا عن قوة ونفوذ القبائل والعشائر استمراراً لتراث وتقاليد ما قبل الحداثة من جهة أخرى، وأن هذا الواقع سبب في تقدم الجيوش بوصفها القوى المنظمة والعصرية للاستيلاء على السلطة في عدد من البلدان، ومن ثم نشوء الدولة العسكرية في عدد من بلدان الوطن العربي(9).
بدأت المرحلة الأولى من النهضة العربية والتي أسماها برهان غليون (التحديثات الإسلامية)، والتي عملت على جمع الفكر العربي آنذاك بطابع نقد الذات، إذ وجد الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد) نقداً لاذعاً للتقاليد السلطانية الاستبدادية والتي سارت باسم الإسلام. كما نقد علي عبد الرزاق مفهوم الخلافة في الإسلام وارتباطها بمبدأ القوة والاستبداد في كتابه (الاسلام وأصول الحكم)، هذه الحقبة التي استغرقت النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين لم تكن حقبة إبداع بقدر ما كانت محاولة نقد الذات؛ فقد نادى متنورو هذه الحقبة بضرورة التجديد، ولكن من داخل الثقافة والفكر العربيين "كتجديد الفكر الإسلامي وفقهه وتجديد مفاهيمنا عن الدولة والسلطة في الإسلام". طمح هذا الفكر أن يغرس البذرة الأولى لإعادة تشكيل الوعي العربي بحتمية التقدم بمواجهة التخلف، غير أن التدخل الاستعماري أجهض هذه النية الغضة وتركها معلقة في الهواء، من دون أن يكتب لها التطور المنشود. ويعد جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده من أكبر فرسان هذا الفكر.
أما المرحلة الثانية (مرحلة الأيديولوجيات) التي تكونت معالمها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي تناغمت مع سلسلة الإستقلالات الوطنية العربية، وأفضت إلى اشتداد عود حركات التحرر العربي واشتداد المد القومي، إضافة إلى نمو الفكر الماركسي والطروحات الليبرالية. وقد ألّف المد القومي الكبير (مرحلة التفكير في إعادة هيكلة النظام العربي يمكن أن يتم عن طريق الأيديولوجية القومية)، وبرغم ما رافق هذه المرحلة من قيام (دولة إسرائيل) والهزائم المنكرة التي حلت بالعرب، وأشرت اغتيال العقل العربي، وأبرزت فجاجة الفكر التقليدي، وما جاء بعد ذلك من تصدع الأنظمة القومية والوطنية إلا أن ما انجزته هذه الحقبة هو الهوية العربية - كمعطى ثقافي-إذ تم ترسيخ هذه الهوية لدى الشعوب العربية كافة. ويعد ذلك من المكاسب الكبرى في التاريخ العربي الحديث.
وحصل الانفصال بين سوريا ومصر سنة 1961م، والذي مهد لهزيمة الخامس من حزيران سنة 1967م لتعلن خيبة الفكر القومي العروبي، وكرد فعل على هزائم وخيبات الفكر العربي بتنوعات دشنت المرحلة الثالثة (وهي سبعينات القرن الماضي) في مسيرة النهضة العربية البائسة، إذ اتصلت هذه الحقبة بقوة التطرف وتمايز الانشطار؛ فمن جهة ظهرت إشارات لإعادة إنتاج الاصولية الدينية تحت يافطة (الصحوة الإسلامية)، وقد شجعت الأنظمة العربية والغرب ولاسيما أمريكا على إعادة إنتاج الأصولية السلفية (كمضاد نوعي) لمواجهة الأصول الدينية الشيعية المتصاعدة في إيران، فكان الخطأ التاريخي/ الكارثة الذي لم يلحق الأذى بالشعوب العربية والإسلامية وحسب، بل جر الويلات على الشرق والغرب على السواء. ومن جهة ثانية ظهرت دعوات تعلن بكل صراحة ومنتهى التطرف وتدعو إلى الارتماء بأحضان الغرب والخضوع التام له(10).
إن إشكالية تمثل الغرب في الثقافة العربية تنهض أساساً من الانبهار العربي المستمر بالتفوق الأوروبي منذ القرن التاسع عشر وبالتفوق الأمريكي اللاحق والحالي، نتيجة قناعة صارت تترسخ في كثير من ميادين الثقافة العربية، وقد أشار إلى هذه القناعة الدكتور صادق جلال العظم في كتابه (ذهنية التحريم) عندما أسماها (متيافيزيقيا الاستشراق) بسبب إرجاعها (التفوق بين ثقافة وأخرى وبين شعب وآخر ...الخ إلى طبائع كابتة وليس إلى صيرورات تاريخية متبدلة)، ولدت هذه الرؤية الجامدة الى الغرب، تيارين فكريين هما:
1- التيار السفلي: الذي يدعو إلى تقليد الماضي بما يمثله من إيمان بالمسبقات ويعتقد بقدرة الدين على النهضة.
2- التيار التغريبي: الذي يدعو إلى تقليد الآخر - الغرب الحداثي - لانبهاره بامتلاك الغرب القوة والسيطرة، وعد ما يصدر فيه مناسباً لنا بالضرورة، وبالتالي عد الغرب القدوة التي ينبغي على النهضة أن تتأسس عليها(11).
أما المرحلة الرابعة في مسيرة النهضة المتعثرة، فهي هذه الإرهاصات والرؤى والأفكار التي من المؤمل ترى النور وتتحول إلى تيار فاعل، والتي يمكن استقراؤها مما يحصل من تطور في مفهوم الديمقراطية، وحقوق الإنسان لدى العرب، إذ بدأ يدخل الوعي السياسي العربي ليشكل منارة هادية موجهة لجزء لا يستهان به من السلوك العربي - وهي جزء من فكرة المواطنة - كما شهد العالم العربي عملية تجاوز لمفهوم القومية كدعوة وكأيديولوجية متخطياً إشكالية التعارض بين القومية والوطنية المحلية، بعد ما أتضح للوعي العربي وجود تكتل بشري عملاق يضمه الوطن العربي مع الاحتفاظ بالخصوصيات المحلية والتكوينية الفرعية، هذه الخصوصيات لا تتعارض مع تكاتف مكونات هذا التكتل وتلاحمها بشتى السبل والوسائل المتاحة بوصفها شرطاً موضوعياً لقيام تنمية اجتماعية واقتصادية وسياسية شاملة للاندفاع نحو التقدم والحداثة(12).
إنّ المفكرين الرواد والجيل الذي جاء بعدهم يبحثون عن مشروع حضاري عربي يقفون عنده، وحتى لا يظل مصطلح المشروع الحضاري العربي مصطلحاً ضبابياً ويصب في خانة عشرات المصطلحات الملتبسة التي تملأ الساحة العربية ولكي لا يأخذ هذا المصطلح أيضا شحنة يوتوبية خالصة، فإن من الضروري القيام بفحص ابستمولوجي للمصطلح لتحديد دلالاته ووحداته الدلالية وأسباب وغايات استعماله وسياقه التداولي(13).
لقد بدأ هذا المصطلح بالتداول في السوق الثقافية والسياسية العربية في العقود الأخيرة، للدلالة على مشروع النهضة العربية في مختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكما تدل على ذلك التسمية نفسها فإن مجرد مشروع استشراق المستقبل يعكس طموحات العرب النهضوية، كما عبرت عنها نخبهم السياسية والثقافية، ويتسم هذا المشروع بأنه تعبير عن طموح أكثر مما هو تقرير عن الحاضر، إضافة إلى ذلك فهو يتسم ببعده الشمولي من خلال إطلاق كلمة حضاري عليه(14).
سارعت النخب العربية إلى المطالبة بالديمقراطيات والحريات العامة والفردية، ورفعت شعارات الحرية، والمساواة والعدالة الاجتماعية والتمثيل الشعبي والنظم الدستورية وحرية الصحافة والتعليم والليبرالية والاقتصادية وغيرها، وتعددت تسميات الدولة الحديثة في فضاء المشرق العربي بعد الحرب العالمية الأولى، واتخذت أوصافاً عامة لم تحدد بدقة مكوناتها وركائزها ومصادر شرعيتها.
وكان الموروث الديني حاجزاً بقوة في تلك التسميات من دون أن يعرف العالم العربي الدولة المدنية، فتحولت دولة الخلافة الى (ملك) بحسب توصيف ابن خلدون في زمن الدولة الأموية وما تبعها من دول عباسية ومملوكية وبويهية وعثمانية ودولة العصبية القبلية وأطوارها بالمفهوم الخلدوني(15).
على جانب آخر توصف غالبية الدول العربية الحديثة بأنها دولة تسلطية لا تمت بصلة إلى مواصفات الدول المدنية في الدول المتطورة، فقد اعتمدت الديمقراطية الشكلية في الفكر والممارسة، لكنها حافظت على كثير من تقاليد القمع الموروثة من مراحل الحكم العثماني والسيطرة الأوروبية بأشكالها المتعددة كالاحتلال المباشر والوصاية والحماية والانتداب، فكانت تلك الدول الوريثة الشرعية لتلك التقاليد من حيث احتكار أسر معينة أو قيادات عسكرية أو حزب واحد مقاليد السلطة في الدول العربية الحديثة وهمينتها على مؤسسات الدولة ورعاياها(16).
المبحث الثاني
كامل شياع وراهنية الوعي في الثقافة العراقية
إن المثقفين الوطنيين والديمقراطيين العرب ليسوا خارج الصراع الحاصل في الأمة العربية بل هم في القلب منهم، هم العصب المستنير لقواه السياسية، وهم المضمون المعرفي والمخزون المعرفي للحركة النضالية من أجل التغيير وبناء الديمقراطية والعدالة، فالدور الطبيعي الطليعي والضروري للمثقفين الديمقراطيين هو: نشر الوعي بتخلف الأنظمة العربية الراهنة وبضرورات التغيير وبالأخص ضرورات النضال العملي من أجل التغيير وإعادة تكوين القوى والأحزاب والتنظيمات السياسية والاجتماعية المعبرة عن هذه الطموحات عبر مختلف وسائل النشر والإعلام والاجتماع والتظاهر من حيث کون هذه القوى تؤلف عناصر الضغط الشعبي من أجل التغيير.
والشهيد كامل شياع تشبث بالثقافة وازداد تشبثه بها مع التجاهل والإهمال والاستهانة في ظل غياب إدراك النخب السياسية الممسكة بمقدرات البلاد لأهمية الثقافة وأهمية دورها وحضورها في حياتنا، وفي إعادة بناء الإنسان والمجتمع والبلاد والنهوض به وبهما، خاصة أن الوطن يخوض معاركه القاسية المتزامنة ضد العنف والإرهاب والتطرف والتعصب والاحتلال والفساد، ومن أجل رص قوى المجتمع الحية في مواجهة قوى الظلام والخراب والانهيار، لقد أدرك كامل شياع مبكراً لا إعمار للوطن من دون إعمار للثقافة - مؤسسات وبنى تحتية ومنابر ومرافق وموروثاً عمرانياً وثقافياً، ومن دون صيانتها وتطوير فاعليتها وتأثيرها في الجميع، ونشر المزيد منها في عموم البلاد، وتحويلها إلى جزء أساس لا يتجزأ من حياة المواطنين اليومية، ووضع حد للإهمال المحيط بمنتجي الثقافة، ومطوري ومكثري إنجازها ونشطائها، من المثقفين الذين يضعون إبداعهم ومواهبهم وجهدهم ووأنفسهم في خدمة شعبهم ووطنهم.
لقد ألفت أزمة المواطنة والهوية والانتماء والولاء هماً كبيراً للشعب والطبقة المثقفة فيه، كونها تؤلف جزءاً مهماً من أرصدة القوة والمنعة للعراق، والتي جرى تشظيها وتسييلها وتفكيكها، وبدلاً أن يكون الجامع المانع هو الهوية الوطنية، جرى التوزع على هويات فرعية تتمحور حول القومية والمذهب والقبيلة والمنطقة، وهو ما أسهم للاحتلال الأمريكي في ايصال المجتمع له، عندما بدأ بتشكيل صورة الدولة العراقية الجديدة على وفق معطيات (مذهبية-وقومية) في مجلس الحكم سيئ الصيت، وهو ما قبلته الطبقة السياسية التي حلت بسرعة على أرض الوطن، للمشاركة مع المحتل في الإدارة والحصول على المغانم، من دون أي موقف حقيقي تجاه ما تخفيه أجندة هذا الاحتلال، ولذلك كانت هذه الطبقة وأحزابها سلبية تماماً، بإزاء ما كان يجري، بل أنها غضت الطرف وأشاحت بوجهها عما يحدث، وبذلك سمحت بأن يتم استنبات عوامل جديدة للتشرذم في المجتمع وإعادة دورة الثأرية والضعف(17).
إن الهوية والانتماء والمواطنة مواضيع إشكالية، والبحث فيها هو الآخر إشكالي أيضاً، وتكمن الإشكالية ليس كونها نتاجا ابستمولوجيا/ معرفيا بامتياز، بل كون لغة الحوار لا تستقيم بين مواريث وايديولوجيات لا تؤمن بهذه المفاهيم، إلاّ في حدود الاستخدام المنفعي الضيق، وبين حركة تغير وثقافة وارتقاء إنساني جديد، يتطلع إلى قبول التنوع والتعدد والحوار الإنساني مع الآخر، فالإنسان على الأرض مهما اختلف شكله ودينه ومشاربه (إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
كامل شياع المثقف:
مع ان المفهوم الدلالي لكلمة (المثقف) يشير إلى الحاذق والماهر فكرياً وبما ينعكس أيضاً على حرفة أو صنعة ما، إلا أن المفهوم أخذ أبعاداً أخرى واتسع مداه في التعريف وأصبح محط خلاف واضح، تبعاً لمواقف موضوعية وذاتية وأيديولوجية وسياسية لمفكرين وفلاسفة، جاك لوكوف: يعد المثقفين "أولئك الذين يشتغلون بالثقافة إبداعاً وتوزيعاً وتنشيطاً، كونها عالما من الرموز يشمل العلم والفن والدين"(18).
أما عبد الله العروي فيرى: "أن كلمة المثقف تطلق على المفكر والمتأدب أو الباحث الجامعي وفي بعض الأحيان حتى على المتعلم البسيط، بيد أن المفهوم لا يكون أداة للتحليل في العلوم الاجتماعية، الا اذا أطلق على شخصية تظهر في ظروف خاصة"(19). ويصف جون بول سارتر المثقف بأنه: "إنسان يتدخل ويدس أنفه فيما لا يعنيه". أما غرامشي فهو يميز بين نوعين من المثقفين هما المثقف العضوي والمثقف التقليدي فلديه أن المثقف العضوي "هو الذي يعمل على إنجاح المشروع السياسي والمجتمعي الخاص بالكتلة التاريخية في الوقت عينه يأخذ المثقف التقليدي بتوظيف أدواته الثقافية للعمل على استمرار هيمنة الكتلة التاريخية السائدة".
في حين يرى ماكس فيبر أن المثقف هو "المفكر المتميز والمسلح بالبصيرة" وفي مفهوم بارسوتر هو "المفكر المتخصص في أمور الثقافة والفكر المجدد البعيد عن أمور الحياة" وبمفهوم الأفغاني هو "المتعلم، المتعلم فقط"(20).
في حين أن المثقف مرتبط بصيرورة كونية من الرموز الأعم والأشمل ومع واقع حياته العملية والفكرية، وان النفاذ إلى أسرار هذه الرموز والتعبير عن معانيها هو الذي يميز المثقفين والمفكرين في كل مجتمع.
آمن كامل شياع بالسياسة الثقافية الوطنية الديمقراطية التي تخدم السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في بلادنا، وتضمن حرية التعبير وتأكيد الذات على المستويين الجمعي والفردي والمساواة واحترام الخصوصيات الثقافية وفتح مسالك التفاعل فيما بينها. وبحسب تعبير (غرامشي) كان كامل شياع مثقفاً عضوياً بامتياز، فلم يكتف بتفسير العالم، بل عمل بكل ما في وسعه من أجل تغييره، فهجر المنفى المريح وعاد الى الوطن الجريح، ليساعد في إحيائه وفي إعادة بنائه ديمقراطياً، وكانت القضية بالنسبة له تعني الحياة وليس الموت، رغم أنه كان يعي تماماً بأنه سيكون هدفاً لقتلة لا يعرفهم ولا يظنهم يبغون ثأراً شخصياً منه، كما عبر عن ذلك في إحدى كتاباته.
كامل شياع والمشروع الثقافي الوطني:
كان كامل شياع من رواد المشروع الوطني الديمقراطي والثقافة الوطنية الديمقراطية لأنهما لا ينكران وجود الهويات الفرعية (العرقية أو الطائفية) لكنهما بالمقابل لا يكرسان هذه الهويات بديلاً تتماهى في كنفه الهوية الوطنية والتضامن الجمعي والرغبة في العيش المشترك. ثقافة كامل شياع الوطنية الديمقراطية قامت في مقامها الأول على قاعدة هدم النظام (التفاضلي) الموروث ليحل محله نظام يحترم حق المواطنة والانتماء للوطن وحق الفرد في اختيار وجوده، وإشاعة وتكريس ثقافة الحوار والتسامح ونبذ ثقافة الإقصاء والتعصب والعنف، وتحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة في الفعاليات والأنشطة المختلفة للمجتمع، سبيلاً لتوسيع مساحة المشاركة السياسية كرافد حيوي للمشروع الوطني الديمقراطي، وتعريف المواطنين بحقوقهم وحرياتهم وواجباتهم وحثهم على التمسك بها والدفاع عنها وتكريسها في سلوكهم اليومي أي توفير الوقود المجتمعي للمشروع الوطني الديمقراطي، وترسيخ مبدأ المساواة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والطائفية أو الطبقية والسعي الى نبذ ثقافة التعصب والاستعلاء، وغرس روح المواطنة وإعلاء شأن الهوية الوطنية على حساب كل الانتماءات الفرعية والتشجيع على التمسك بالوحدة الوطنية(21).
إنّ ثقافة كامل شياع الوطنية الديمقراطية حفزت الصحوة (المدنية) وعودة الوعي (المدني) واستيقاظ الضمير (المدني) وتراجع الأفكار والمواقف الدينية المتشددة في عراق المحبة والخير والسلام.
كان كامل شياع يؤسس لما هو استراتيجي وبعيد المدى، وليس لمكاسب اللحظة الآنية والعابرة، ولإنجاز مشروعه النبيل هذا، عمل بدأب الفيلسوف وبتواضع العالم واستطاع خلال السنوات الخمس قبل استشهاده أن ينسج علاقات وصداقات ثقافية واسعة جدا، كان شفيعه في نجاحها بالرغم من الخراب الذي يحيطه خصاله وسجاياه الشخصية وثقافته الموسوعية التي وفرت له مكانة رفيعة في الوسط الثقافي والإعلامي خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
إن التنوع الثقافي والديني والقومي في العراق هو حقيقة لا جدال فيها، ولا بد من الحوار والتفاعل والتنافذ بين مكونات أي مجتمع حاضن لهذا التنوع، يقول جاك لاكان: "إما الحوار تحت مظلة نظام الكلام الرمزي والاعتراف المتبادل بين ذاتين، والا فهو العنف"(22)، وبحسب كولن ماك كابي: "فإن قانون الكلام هو المؤسس للكلام، وهو ملزم للطرفين والناظم للعلاقات بينهما"(23)، فالتعددية المجتمعية ظاهرة ملازمة للمجتمعات البشرية، منذ أن عرفت هذه المجتمعات ظواهر التبادل السلعي والتنافذ المعرفي والحضاري، وفي مكنونات الخلق أريد أن تكون هذه التمايزات ملازمة لطبيعة البشر، وعنواناً للإثراء الفكري والثقافي والإنساني لا للتشاحن والصراع.
والتعددية تعني: "تعدد أشكال الروح الاجتماعية في نطاق كل جماعة، وتعدد الجماعات داخل المجتمع وتعدد الجماعات نفسها"(24)، أما معجم المصطلحات السياسية فيعرف التعددية على أنها: “توزيع القوة بصورة واسعة في مجتمع ما على جماعات متعددة، ومرتبة تبعاً لحالة التعايش بينها، )الصراع-المنافسة– التعاون("(25).
إن المشروع الثقافي الذي أراد أن يرسخه كامل شياع في المنظومة القيمية للمثقفين والسياسيين العراقيين هو تعزيز الهوية الوطنية، إذ أن شعور الفرد بالانتماء وبمواطنته يرتبط بتحقيق العدالة والمساواة والحقوق التي يحصل عليها، والتي لا بد أن يتضمنها الدستور والقوانين المفسرة له، وهو ما يشعره بالمواطنة الكاملة بعيداً عن انتماء هذا الفرد لطائفة أو قومية معينة. وبهذا فإن الهوية الحقيقية وبلا عكازات ذرائعية لأزمة كبرى للإحالة إلى التطور والصيرورة التاريخية تستدعينا أن لا نقف حيال مثل هذا الأمر موقف المتفرج فحسب إنما نستدرك الدخول لفضاء العصر وبجدارة وعي فاعلة لا منفعلة مع الهويات الثقافية الأخرى التي تحمل خصوصيتها وكينونتها واحساسها بقدرة العطاء الإنساني. ويعرف أحد الباحثين الهوية قائلاً: "إن الهوية في معناها المجرد هي جملة علامات وخصائص من أجناس مختلفة تستقل بها الذات عن الآخر، فبغیاب هذه العلامات والخصائص تغيب الذات وتذوب في الآخر وبحضورها تحضر"(26).
آمن كامل شياع بمخاطر الترهب في صوامع الثقافة ومحراب الفكر، وبأهمية توثيق العلاقات بين اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة للإسهام المشترك في تفعيل الحياة الثقافية وبناء العراق الديمقراطي الجيد، اتحاد الأدباء كمنظمة غير حكومية وأحد أهم لبنات الحركة الاجتماعية في العراق وممثل مهني للأدباء والكتاب العراقيين، ووزارة الثقافة كمؤسسة ثقافية رسمية يقع عليها العبء الأكبر في رسم استراتيجية ثقافية وطنية شاملة للنهوض بمستوى النشاط الثاني في البلاد، إذ كان الحضور البهي لمشروعه الثقافي الذي كان يمارسه بطريقة رسمية كمستشار ثقافي في وزارة الثقافة وبطريقة مدنية أنيقة وباذخة توحى بأنه الأكثر قرباً لقبائل المثقفين المنسيين، والمحاصرين بكل (نسيانات) الحكومات والأيديولوجيات والباحثين عن أحلامهم القديمة، وكان كامل شياع مواطناً استثنائيا وحالماً غرائبياً بقدرة الثقافة على إزاحة جبل البارود، كان يقف مدهوشاً عند خفة موته، ورغم كل الغربات الاضطرارية وكل فجائع اليوميات العراقية وحروب محاربي الطوائف العالقين بأوهامهم، كان يصنع وطناً على مقاس أحلامه، يستعيد له شوارع أكثر إنافة ومكتبات لا تروج ثقافات الموت، كان وطنه المقترح هو الوطن الأبيض المؤثث بكل تفاصيل الحريات وكل الجرعات العالية من الحق والأمل والوعي والمسؤولية.
إن مأثرة كامل شياع ومشروعه التنويري الديمقراطي الإنساني الذي أضاء سماء الثقافة الديمقراطية في العراق، ونجح في إيقاد مصابيح ثقافية واعدة ستظل أمثولة لكل المثقفين الحقيقيين ولكل من جعل الوطن وثقافته الديمقراطية بمنزلة حدقات العيون.
خاتمة البحث:
لا شك في أن الكتابة عن الرموز أو الشخصيات ذات التفكير الخلاق والمؤثر التي ألفت قيمة عليا في مجال اختصاصها الإبداعي الفكري أو الديني أو السياسي، الكتابة عنهم من القضايا الشائكة التي قد لا تتوافر إلا للقلة من الباحثين والمختصين في هذا الشأن، وها أنا ولجت هذه الكتابة وعن كاتب ومثقف وطني عراقي لم يتلوث بمآدب ومغانم ومكارم النظام البعثي الفاشي المنهار، ولم يهادن أو يساوم أو يتلاءم مع توجهات السلطة القمعية المنحلة، لأنه حسم انحيازه إلى القيم التقدمية والثوابت الوطنية - الديمقراطية في سلوكه وتوجهاته الثقافية ومنهجه العلمي ودأب في كتاباته على كشف الحقائق وايصالها للقراء - البسطاء بالذات - عبر لغة مطواعة عميقة ثرة.
كان كامل شياع يحلم بالمستقبل ويخطط لخارطته المضيئة لأنه يؤمن بالعلم وسط تداعيات وانهيارات للقيم بين بشر لا يؤمنون الا بالثواب والإفلات من الجحيم، جاء إلى وطنه وهو يحمل سفراً من الرؤى وألف فكرة وحلما، حقق بعضها وتأجل الآخر لأن القتلة المأجورين أنهوا الأفكار والأحلام عنده.
سيبقى كامل شياع مع غيابه الأبدي دفقاً وعقلاً نيراً في سفر ثقافة الوطن العراقي القادم الناهض من رماد الحروب والجوع والاغتيالات والمليشيات وفرق الموت.
المادة هي النص الكامل لبحث ألقي ملخص عنه في مؤتمر (بناء الثقة وتعزيز الهوية الوطنية) الذي عقده (بيت الحكمة) في شهر كانون الأول – ديسمبر .
الهوامش
- المعجم العربي الأساسي، تأليف جماعة من كبار اللغويين العرب، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، لاروس، 1988، ص214
- مجلة المستقبل العربي، ع 300، شباط/ 2014، ص49
- عبد النبي عبد الرسول الأحمد، دستور العلماء ترجمة: حسن هاني فحص، ج 3، 2000، ص330.
- المعجم العربي الأساسي ص1240
- المصدر السابق ص1240
- نقلاً عن: أدوارد سعيد، المثقف والسلطة، ترجمة: الدكتور محمد عناني، ط 1، 2006م، ص23
- كارل ماركس، نقد الاقتصاد السياسي، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1970 ص87.
- المعجم العربي الأساسي ص1318
- مجلة الطريق، ع 4، س72، 2013، ص88
- سعد محمد رحيم، رافد النهضة والتنوير، مرويات فكرية، بغداد، ص54
- صادق جلال العظم، ذهنية التحريم، دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد، ٢٠٠٧ م، ص 56.
- مجلة مقابسات، ع6، 2008، ص21
- محمد سبيلا، الحداثة وما بعد الحداثة، دار توبقال للنشر، 2007، ص150
- المصدر السابق ص 151
- مجلة الطريق، ع 14 –15، س74، ص65
- المصدر السابق ص66
- مجلة حمورابي للدراسات، ع 8، س2، 2013، ص138 – 139.
- محمد عابد الجابري، المثقفون في الحضارة العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 3، بیروت، 2008، ص
- العروي، عبد الله، ثقافتنا في ضوء التاريخ، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء –بيروت، ط6، 2002، ص172
- أحمد مجدي حجازي، المثقف العربي والالتزام الأيديولوجي- دراسة في أزمة المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،1989، ص 146
- الطريق الثقافي: ملحق صحفية "طريق الشعب"، ع33، 2010
- أحمد زكي بدوي، معجم المصطلحات الاجتماعية، بيروت، ط 2/ 1986، ص 317
- المصدر السابق ص64
- المصدر السابق ص321
- علي الدين هلال ونيفين عبدالمنعم، معجم المصطلحات السياسية، مركز البحوث والدراسات السياسية جامعة القاهرة، 1994، ص109
- عبد علي الود غيري، اللغة والدين والهوية، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الحديثة، 2000م، ص68