في آب (أغسطس) 1921 جرى إعلان الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق. وبذا تكون هذه السنة هي السنة الثمانين لقيام الحكم الملكي الذي استمر 38 عاماً. وانهار في 14 تموز (يوليو) 1958.
فما هي ظروف قيامه؟ وما هو سبب انهياره السريع نسبياً.
في العام 1916 أعلن الشريف حسين بن علي "الثورة العربية" على الدولة العثمانية، بناء على وعود الإنجليز له بإقامة دولة عربية مستقلة بعد الحرب يكون هو ملكها.
وبعد حوالي السنة من هذه الوعود صدر وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وعقدت معاهدة سايكس - بيكو التي قضت بتقسيم أراضي العرب بين الدولتين الاستعماريتين: بريطانيا وفرنسا، إذ بدت بوادر انتصار الحلفاء ضد ألمانيا وحليفتها الدولة العثمانية، التي كانت تسيطر على الأرض العربية.
وعندما احتل الإنجليز بغداد عام 1917 أعلن الجنرال مود قائد القوات البريطانية بيانه إلى الشعب العراقي، الذي قال فيه: "جئنا محررين لا فاتحين". وفي عام 1918 أعلن الرئيس الأمريكي ودرو ويلسون مبادئه الداعية للحرية والاستقلال وتقرير المصير للشعوب.
غير أن "المحررين" الإنجليز سرعان ما كشفوا عن أنفسهم محتلين استعماريين يستهدفون السيطرة على العراق لأهميته الستراتيجية على طريق الهند، "درة التاج البريطاني" يومذاك، وطمعاً بثرواته.
وقد جوبهت إدارتهم العسكرية للبلاد بمقاومة من جانب الشعب العراقي الذي كان يطمح إلى اقامة دولة مستقلة دستورية. وكان من إرهاصات هذه المقاومة ثورة النجف في ربيع عام 1918، التي جوبهت بالحديد والنار وأعدم قادتها الأماجد، وفي مقدمتهم الحاج نجم البقال.
وثورة الشيخ محمود الحفي في السليمانية عام 1919، التي جوبهت باجراءات قاسية من جانب المحتلين.
وتصاعدت المقاومة لتبلغ ذروتها في ثورة العشرين المجيدة، التي توحد فيها الشعب العراقي في النضال ضد الإدارة الاستعمارية من اجل الاستقلال. وكان جيش الثورة يتألف، بالأساس، من الفلاحين بقيادة شيوخ العشائر العراقية في الفرات الأوسط والجنوب، الذين كانوا ينفذون توجيهات المرجعية الدينية للشيعة في كربلاء والنجف. هذه المرجعية التي استقطبت، وقتها، غالبية الأوساط الوطنية في بغداد والمدن العراقية الأخرى.
استمرت الثورة بضعة أشهر (من 30 حزيران 1920 حتى تشرين الثاني من نفس العام). واستطاعت الإدارة الاستعمارية إخمادها بفعل التفوق العسكري. إذ كانت تملك الجيش المنظم والأسلحة الحديثة، بما فيها المدفعية والطيران الحربي، مقابل أسلحة الثوار البدائية والبسيطة، من مكاوير (جمع مكوار، وهو عصا في أحد طرفيها كتلة من القير) وفالات (جمع فالة، وهي أداة حديدية ذات عدة رؤوس حادة تستعمل لصيد السمك) وبنادق قديمة.
ولئن فشلت ثورة العشرين في تحقيق مطلب الاستقلال الناجز، فإنها حسمت نقاشاً كان يدور في أوساط الإدارة البريطانية في العراق، وفي وزارة المستعمرات والحكومة البريطانية. عن الكيفية التي يجب أن يكون عليها الحكم في العراق. إذ حسمته لصالح المدرسة التي تقول بأن هذا الحكم يجب أن يكون بإدارة ذات واجهة محلية تؤَمِن المصالح البريطانية على الضد من مدرسة الهند التي كانت تريد حكم العراق حكماً استعمارياً مباشراً كما هو الحال في الهند يومذاك.
وبعد فشل الثورة في طرد القوات البريطانية من البلاد، طالبت النخب السياسية التي قادت ثورة العشرين، بأن يكون النظام في العراق ملكية دستورية. وتنصيب أحد أنجال الشريف حسين ملكاً، واتجهت الأنظار في البداية إلى الأمير عبدالله غير أن الإنجليز أرادوا الأمير فيصل بعد الاتفاق معه على رعاية مصالحهم. ولا بد أنهم كانوا يرونه الأقدر على ذلك من أخيه عبدالله وكذلك كان ميل الشريف حسين إلى فيصل.
وقد حسم مؤتمر القاهرة الذي ترأسه ونستون تشرشل، وزير المستعمرات يومذاك، والذي عقد بعد إخماد الثورة بعدة أشهر، حسم الأمر باتخاذ قرار تنصيب الأمير فيصل ملكاً على العراق. ولذر الرماد في العيون قيل وقتها "على أن يحظى بتأييد العراقيين".
وكانت الإدارة العسكرية البريطانية قد أفلحت بعد قمع ثورة العشرين في تشكيل حكومة أهلية برئاسة عبد الرحمن الكيلاني، نقيب أشراف بغداد الممالئ للإدارة البريطانية لدرجة أنه كان يطالب الإنجليز بالاستمرار في حكم البلاد من قبلهم مباشرة. ويتمنع عن ترؤس الوزارة التي أرادها الحاكم البريطاني السير برسي كوكس، وتمت موافقته بعد إلحاح من هذا الأخير عليه(1).
ولإظهار "تأييد" العراقيين لتنصيب فيصل ملكاً، نظمت الإدارة البريطانية وحكامها العسكريون ما سمي "استفتاء" للشعب العراقي، قيل في إعلان نتائجه أن 97% من الشعب يؤيدون هذا التنصيب. في حين لم يكن هناك غير تدبيرات قامت بها الإدارة البريطانية عن طريق الحكام العسكريين في مختلف انحاء العراق لتنظيم مضابط يجمعون عليها تواقيع ما يسمى بالوجوه الاجتماعية التي تأتمر غالبيتها بأوامر هؤلاء الحكام تطالب بتنصيب فيصل ملكاً على العراق. كما نظمت مضابط تطالب بالإدارة البريطانية!
ومن الجدير بالذكر أن الأكراد الذين يشكلون حوالي 20% من السكان لم يشاركوا في "الاستفتاء" بأي شكل، وكان موقف التركمان الرفض لأنهم كانوا يطمعون بضم ولاية الموصل التي كانت تشمل كركوك والمناطق التي يوجد فيها التركمان إلى تركيا، لا أن تكون جزءاً من دولة العراق.
وكانت مبايعة أصدقاء الإنجليز لفيصل تنفيذاً لما أرادته الإدارة البريطانية، والمثل الصارخ لهذا كان الشيخ علي السليمان رئيس عشائر الدليم، الذي قال لفيصل، وجها لوجه، "إننا نبايعك لأن الإنجليز يريدون ذلك".
أما مبايعة القادة الوطنيين من ساسة ورجال دين من أمثال الشيخ مهدي الخالصي والزعيم الوطني جعفر أبو التمن، فقد كانت مبايعة مشروطة بأن يكون فيصل ملكاً لحكومة دستورية مستقلة ترفض الانتداب. ولذلك اعتبروا استمرار الانتداب والمعاهدات التي فرضها المحتلون الإنجليز وقبلها فيصل الأول وحكومته، نفياً للاستقلال وإخلالاً بشرط البيعة يلغي الالتزام بها. وهو ما أعلنه الشيخ مهدي الخالصي، الأمر الذي أدى إلى اعتقاله ونفيه إلى إيران، وجعفر أبو التمن وعدد آخر من نشطاء الثورة إلى جزيرة (هنجام).
لقد كان الملك فيصل يطمح إلى بناء دولة وتكوين "أمة عراقية" في ظل توازنات داخلية وخارجية، الثقل الأكبر فيها للإرادة البريطانية، ولذلك شهدت سياسته نوعاً من الازدواجية، كانت تنتهي في الغالب، بالتراجع أمام ما تريده الإدارة البريطانية وتنفيذ ما تطلبه.
وهكذا كبلت الحكومة البريطانية العراق وفيصل بالمعاهدات التي تحفظ جوهر الانتداب، وتضمن المصالح البريطانية قبل إقرار الدستور عام 1925.
وكان للضباط الشريفيين، وكل أنصار التعاون مع بريطانيا، وفي مقدمتهم عبد الرحمن الكيلاني وجعفر العسكري، الذي حضر مؤتمر القاهرة الذي قرر تنصيب فيصل ملكا على العراق، ونوري السعيد وعبدالمحسن السعدون، ومن على شاكلتهم، الأغلبية في التشكيلات الوزارية طيلة فترة العشرينات، وصولاً إلى فرض معاهدة 1930 الاسترقاقية بين العراق وبريطانيا، وهي المعاهدة التي مهدت لانضمام العراق إلى عصبة الأمم كدولة "مستقلة" بدعم من بريطانيا.
فقد كان المستشارون الإنجليز في كل الوزارات والإدارات الهامة هم الحكام الحقيقيين في البلاد، إذ لم يكن يتقرر شيء دون موافقتهم. وقد جسد هذه الحالة الشاعر باقر الشبيبي، وهو من نشطاء ثورة العشرين ببيت، شعر، ذهب مثلا، يقول:
المستشار هو الذي شرب الطلا
فعلامَ يا هذا الوزير تعربد
ودخل العراق عصبة الأمم عام 1932 باعتباره دولة مستقلة، ولكنه مكبل بقيود معاهدة 1930 التي تجعل هذا الاستقلال اسماً بلا مسمى. وهو ما عبر عنه الشاعر معروف الرصافي عندما قال في قصيدة مشهورة له:
علم ودستور ومجلس أمة
كل عن المعنى الصحيح محرف
ومات الملك فيصل الأول عام 1933. وخلفه ابنه غازي الشاب عديم الخبرة السياسية. وبدأت فترة اضطراب سياسي وصراعات بين النخب السياسية استخدمت فيها العشائر تارة ومن ثم الجيش لفرض ما تريده هذه المجموعة أو تلك من السياسيين.
وشهد العراق أول انقلاب عسكري في البلدان العربية عام 1936. وهو الانقلاب الذي قام به بكر صدقي، حاملاً الشعارات التقدمية، بفعل مشاركة الزعيم الوطني جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي في الوزارة التي جاء بها الانقلاب.
ولكن سرعان ما تحول الانقلاب الى دكتاتورية. ولذا انسحب الوزيران الوطنيان احتجاجاً على تدخلات قائد الانقلاب بكر صدقي في شؤون الحكومة. وانتهت حكومة الانقلاب بعد حوالي السنة باغتيال بكر صدقي على يد ضباط في الجيش.
وكان الملك غازي ذا مشاعر وطنية ولذا كسب شعبية واسعة لما شاع عنه انه ضد الانجليز، وطالب، بشكل طفولي، من اذاعة خاصة أقامها في قصر الزهور بضم الكويت الى العراق.
واختفى غازي عن المسرح وكان غالبية ابناء الشعب تعتقد بأنه قتل على أيدي عملاء الانجليز: نور السعيد وعبد الإله، الذي جرى تنصيبه وصياً على العرش، لأن فيصل الثاني لم يكن قد تجاوز الرابعة من عمره.
واندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939. وفي العام 1941عاد الجيش الى المسرح السياسي بقوة. وكان العقداء الأربعة، صلاح الدين الصباغ، محمد فهمي سعيد، محمود سلمان وكامل شبيب، ومعهم الشخصية القومية يونس السبعاوي وراء حركة رشيد عالي الكيلاني، وما سمي وقتها بحكومة الدفاع الوطني في أيار (مايو) 1941. وهي الحركة التي أدت للاصطدام بالقوات البريطانية من منطلقات ذات طابع وطني معاد للإنجليز.
غير ان الحركة كانت قصيرة النظر في قراءتها للواقع السياسي الداخلي والعالمي. رغم ما كسبته من تأييد وتعاطف شعبي.
هرب عبد الإله بمعونة القوات البريطانية، وجرى تنصيب الشريف شرف مكانه وصياً على العرش، وهو من العائلة المالكة أيضاً.
وسرعان ما انهارت الحركة تحت ضربات الجيش الإنجليزي، وحدث الاحتلال الثاني للعراق. وأعيد عبد الإله إلى وصاية العرش من قبل القوات البريطانية مملوءاً بالحقد على الضباط الوطنيين وجموع الشعب التي أعربت عن مشاعرها الوطنية أثناء حركة رشيد عالي. وأقدم بشكل أرعن على إعدام الضباط الأربعة ويونس السبعاوي، قادة الحركة الحقيقيين، واستفز مشاعر الشعب بعنف. وجرى اعتقال المئات من الوطنيين المعادين للاستعمار بتهمة النازية وسيقوا إلى معسكرات الاعتقال بعد محاكمات عرفية أمام محاكم عسكرية.
وأصبح عبد الإله ونوري السعيد العنصرين المقررين للسياسة العراقية التي ترسم بالتعاون الوثيق مع الإنجليز وسفارتهم في بغداد.
إن مجريات الحرب، وانتهاءها بانتصار القوى المعادية للفاشية، والدور الكبير الذي لعبه الاتحاد السوفيتي في هذا الانتصار، ونشاط القوى الوطنية الديمقراطية واليسارية نجح في تأسيس حركة وطنية ديمقراطية واسعة تطالب بالحريات الدستورية وإنهاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية والتمتع بالحريات النقابية والحياة الحزبية وتحقيق الاستقلال الناجز للعراق بإلغاء معاهدة 1930 وتحقيق مطامح الغالبية الساحقة من أبناء الشعب في الحياة الحرة الكريمة.
كما انتعشت الحركة القومية الكردية، وحدثت انتفاضة بقيادة الزعيم الكردي ملا مصطفى البارزاني. وجوبهت نضالات الشعب الكردي بالقمع الشديد الذي وصل حد إعدام عدد من الضباط الأكراد الذين ساهموا في النضال القومي الكردي عندما ظفر بهم النظام الملكي وهم: محمود قدسي ومصطفى خوشناو وعزت عبد العزيز وخير الله عبد الكريم.
ووعد خطاب العرش في نهاية العام 1945 بعد انتهاء الحرب، بستة أشهر بتلبية بعض مطالب الحركة الوطنية.
وفي آذار (مارس) تألفت وزارة توفيق السويدي، وكان وزير الداخلية فيها الوطني الغيور سعد صالح. وأطلقت الحريات بحدود لا بأس بها، وأجازت خمسة أحزاب وطنية وعصبة مكافحة الصهيونية، ولم تجز "حزب التحرر الوطني" لوجود قادة شيوعيين معروفين في هيئته المؤسسة وفي مقدمتهم الشهيد حسين محمد الشبيبي الذي كان رئيس الهيئة المؤسسة للحزب. ومنحت الأحزاب والعصبة امتيازات إصدار صحف يومية تعبر عن كل منها.
وارتعب البلاط ونوري السعيد وكل الفئة الحاكمة الرجعية الممالئة للإنجليز، ومن ورائهم الدوائر الاستعمارية، من انطلاق الحركة الوطنية الديمقراطية، وصحافتها الحرة التي تطالب بالسير قدماً في تثبيت الحياة الدستورية وتخليص البلاد من آثار السيطرة البريطانية وقيودها، خصوصا معاهدة 1930 الاسترقاقية.
ولمنع تطور الأحداث باتجاه لا يرضى عنه الإنجليز والبلاط والفئة الحاكمة الرجعية جرى تنظيم إضراب مجلس الأعيان الذي أجبر وزارة توفيق السويدي على الاستقالة، في آيار (مايو) 1946، وليس لها من العمر سوى ثلاثة أشهر!
وجيء بوزارة أرشد العمري لتصفية الحركة الوطنية الديمقراطية. فكان صيف 1946 ساخناً جداً . اذ جرى فيه:
- حل عصبة مكافحة الصهيونية واغلاق جريدتها" العصبة" وتقديم قادتها الى المحاكم.
- مضايقة الأحزاب الوطنية وتقديم المدراء المسؤولين عن صحافتها الى المحاكم: كامل الجادرجي عن (الأهالي) لسان حال الحزب الوطني الديمقراطي. وناظم الزهاوي عن (السياسة) لسان حال حزب الاتحاد الوطني. وعزيز شريف عن (الوطن) لسان حال حزب الشعب. وكلها أحزاب يسارية. والمدير المسؤول عن جريدة (لواء الاستقلال) لسان حال حزب الاستقلال وهو حزب قومي.
- قمع مظاهرة 28 حزيران (يونيو)1946 المناصرة للقضية الفلسطينية والمطالبة بالحريات الديمقراطية والغاء معاهدة 1930. وذلك باطلاق النار وجرح العشرات من المتظاهرين واعتقال الكثيرين منهم.
- قمع اضراب عمال النفط في كركوك المطالبين برفع الاجور وبحقهم في التنظيم النقابي، وذلك في مجزرة كاورباغي في 12 تموز (يوليو)1946. حيث قتل وجرح عشرات العمال المضربين اثناء هجوم غادر من الشرطة عليهم خلال اجتماعهم اجتماعاً سلمياً للتداول في شؤون الاضراب.
وغير ذلك من أعمال التعسف والإرهاب التي استثارت سخط الأوساط الشعبية الواسعة.
وبعدما قامت به وزارة أرشد العمري من اجراءات لتصفية الحركة الوطنية الديمقراطية جاء نوري السعيد متظاهراً بأنه ينوي اجراء انتخابات نيابية حرة. واستدرج للمشاركة في وزارته حزبي الوطني الديمقراطي والأحرار بوعود سرعان ما ظهر انها مزيفة. اذ ان التدخلات الحكومية ضد مرشحي المعارضة كانت واضحة، فانسحب ممثلا الحزبين: الوطني الديمقراطي والاحرار من الوزارة احتجاجاً على ذلك.
وكان مجلس النواب الذي جاء به نوري السعيد مهيئاً لإقرار تعديل أو تبديل معاهدة 1930 التي تطالب القوى الوطنية بالغائها، بمعاهدة تبقي الهيمنة البريطانية على شؤون العراق.
ومن الطريف في هذا الشأن ان جريدة الرائد نشرت قبل يوم واحد من الانتخابات قائمة بأسماء النواب أعدتها وزارة الداخلية للمجلس الجديد.
وكانت نتائج الانتخابات بعد اجرائها مطابقة لما نشرته الجريدة قبل اجرائها، مع فارق صغير مضحك، هو "فوز" سلمان الشيخ داود – وهو مرشح حكومي – بالنيابة عن مدينة العمارة بدلاً من الرمادي! علماً بأنه لا علاقة له بالدائرتين الانتخابيتين! كما ذكر الوزير السابق عبد الكريم الازري في مذكراته انه انتخب نائباً دون علمه، اذ انه لم يسبق له ان رشح نفسه للانتخابات!
وبعد ان انجز نوري السعيد مهمته في تشكيل المجلس النيابي الجديد جيء بصالح جبر ليؤلف الوزارة الجديدة أوائل العام 1947. وهو أول رئيس وزراء شيعي، حتى ذلك الوقت، بأمل كسب جماهير الشيعة للطبخة التي اعدها عبد الإله ونوري السعيد وصالح جبر بالتعاون مع السفارة البريطانية لتمشية المعاهدة الجديدة.
وفي تلك الاثناء جرى سحب اجازة حزبين يساريين هما حزب الاتحاد الوطني وحزب الشعب. واعتقال وتقديم قادة الحزب الشيوعي وعدد كبير من كوادره الى المحاكم، واصدار أحكام ثقيلة عليهم بما فيها حكم الاعدام على عدد منهم في مقدمتهم يوسف سلمان (فهد) سكرتير عام الحزب. بعد محاكمة نشرت وقائعها في الصحف اليومية، وكانت دعاية كبيرة للحزب.
ومنذ صيف 1947 شرعت الوزارة الجديدة باجراء مفاوضات سرية مع الحكومة البريطانية شارك فيها الوصي عبد الإله لإعداد المعاهدة الجديدة. وهو الذي يفترض أن يكون مصوناً غير مسؤول، وان لا يتدخل في شؤون الحكم.
غير ان المعاهدة التي ساهم عبد الإله ونوري السعيد وصالح جبر ومحمد فاضل الجمالي في إعدادها مع الحكومة البريطانية لقيت معارضة شعبية واسعة ومظاهرات صاخبة سقط فيها قتلى وجرحى على مدى حوالي الاسبوعين، وانتهت بمجزرة يوم 27 كانون الثاني (يناير) 1948، وسقوط عشرات القتلى والجرحى، وهو اليوم الذي يعرف بالوثبة، الذي اضطر فيه عبد الإله للتنصل من المعاهدة ومطالبة صالح جبر بتقديم استقالته.
وشهد صيف 1948 – بعد اعلان الاحكام العرفية في أيار (مايو) من نفس العام بحجة حماية مؤخرة الجيش الذي أرسل الى فلسطين لمنع تقسيمها وفقاً لقرار الأمم المتحدة، ومنع قيام اسرائيل، كما زعمت الحكومات العربية، وظهر في الواقع ان المهمة كانت ليس منع قيام اسرائيل، بل منع الشعب الفلسطيني من اقامة دولته الوطنية الى جانب اسرائيل، وفقاً لقرار التقسيم، وضم الضفة الغربية الى دولة شرق الأردن التي يحكمها الملك عبد الله، وقطاع غزة الى مصر الملك فاروق.
وشهد ذلك الصيف حملة ارهابية شرسة ضد القوى الديمقراطية في العراق شملت الالوف من نشطاء الحركة الوطنية والحكم على المئات منهم بأحكام ثقيلة بالاشغال الشاقة. وتوجت هذه الحملة باعدام قادة الحزب الشيوعي: يوسف سلمان ( فهد) وزكي بسيم وحسين محمد الشبيبي في شباط 1949 باشراف مباشر من عبد الإله ونوري السعيد.
وبسبب من مواقفه المناهضة لمصالح الشعب ومشاعر جماهيره منذ اعدام الضباط القوميين العرب والاكراد والمجازر ضد العمال في اضراب كاورباغي ووثبة كانون وأخيراً اعدام قادة الحزب الشيوعي، حظي عبد الإله بكره شديد من جانب جماهير الشعب العراقي. وكان هو من جانبه يحقد على أبناء الشعب. وتصاهر مع الاقطاعيين المكروهين، ودعم ظلم الاقطاع المسلط على الفلاحين، وتجاهل القوى الوطنية وأحزابها، وأهان بعض ممثليها عام 1952 في البلاط، وجهاً لوجه، قبل انتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) 1952.
وعندما بلغ الملك فيصل الثاني سن الرشد، وتأهل للتويج عام 1953 كانت جماهير الشعب تطمح أن يكون هذا نهاية لسلطة عبد الإله وتدخلاته المنافية للدستور في شؤون الحكم.
وكانت جمهرة واسعة من أبناء الشعب تنظر للملك فيصل بود، اذ كانت ترى فيه طفلاً يتيماً قبل أن يبلغ سن الرشد. وكانت تأمل أن يكون تنصيبه على العرش بداية لعهد جديد. وقد رددت جماهير بغداد أيام التتويج أهزوجة تقول: "شيل يابة شيل، شيل غراضك شيل" (أي احمل امتعتك وارحل) وكانت تقصد عبد الإله. الأمر الذي زاد من حقده على الشعب.
غير ان شيئاً مما أراده الشعب لم يحصل. فقد استمر عبد الإله في التحكم بشؤون الدولة والحكم. وارتكبت في تلك الفترة – أي العام 1953 – مجازر السجون في بغداد والكوت حيث قتل العشرات من السجناء السياسيين العُزَل.
تعرضت علاقة الوصي عبد الإله بنوري السعيد لبعض الفتور في العام 1954 لأن الوصي عهد بتأليف الوزارة مرة لأرشد العمري واخرى لمحمد فاضل الجمالي، دون استشارة نوري السعيد. بل وعلى الضد من رغبته.
وجرت في العام 1954 انتخابات للمجلس النيابي الجديد جاءت بعشرة نواب يمثلون الجبهة الوطنية الانتخابية التي ضمت يومذاك كل قوى المعارضة الوطنية من القوميين والوطنيين الديمقراطيين والشيوعيين. ولذا تدخلت الدوائر الاستعمارية التي أقلقتها نتائج الانتخابات، وخشيت أن يتكرر في العراق ما حدث في ايران، عندما قاد الدكتور مُصَدَق، زعيم الجبهة الوطنية في ايران، الحكومة وأمم النفط الايراني. وتمثل هذا التدخل في مطالبة هذه الدوائر لعبد الإله بمصالحة نوري السعيد، وتكليفه تأليف الوزارة الجديدة. وأذعن عبد الإله لما أرادته هذه الدوائر.
وهكذا كان. وجاء نوري السعيد ليحل مجلس النواب بعد عقده لأول جلسة له دون مواجهة المجلس ويحل الأحزاب ويلغي امتيازات المئات من الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية التي كانت تصدر في جميع انحاء العراق – ولم يبق غير سبعة منها تسير في ركاب الحكومة. كما جرى حل كل النقابات والجمعيات والنوادي ودور التمثيل والمنظمات الاجتماعية والمهنية (2) . وأصدر نوري السعيد المراسيم الملكية التي تحرم حتى العمل من أجل السلم "وما شاكل ذلك"! وتفرض على المناضلين الوطنيين المحكومين بتهمة الشيوعية التبرؤ من مبادئهم، والتعهد بخدمة الملك! تحت طائل التهديد بإسقاط الجنسية عنهم ان هم امتنعوا عن ذلك. وأسقطت الجنسية بالفعل عن المحاميين الوطنيين كامل قزانجي وتوفيق منير. وجرى نفيهما الى تركيا. كما أسقطت الجنسية عن المناضلين الوطنيين: عزيز شريف ود. صفاء الحافظ وكاظم السماوي وعدنان الراوي الذين كانوا خارج العراق وقتذاك (3).
وأجرى نوري السعيد انتخابات مزورة لمجلس نيابي جديد "فاز" غالبية النواب فيها بالتزكية بعد أن قامت دوائر الشرطة والأمن باعتقال العديد المرشحين غير الحكوميين والنشطاء من مؤيديهم(4) وكان كل ذلك تمهيداً لزج العراق في حلف بغداد العسكري المعادي لمصالح شعوب المنطقة ولحركة التحرر الوطني العربية المتصاعدة يومذاك في اعقاب انتصار ثورة يوليو(تموز) المصرية عام 1952.
وكان موقف نوري السعيد وعبد الإله مشيناً أيام العدوان الثلاثي الانكلوفرنسي الصهيوني على مصر عام 1952، استفز مشاعر أبناء الشعب العراقي الذين خرجوا للتظاهر تأييدا للشقيقة مصر ضد العدوان في أكثر من 200 فعالية نضالية. قمعت بالحديد والنار، واستشهد فيها عدد من أبناء الشعب، وجرت فيها اعدامات للمناضلين الوطنيين في مدينة الحي التي انتفضت دعماً لمصر، وضد نهج الخيانة والاقطاع.
وبذلك اغلق الحكم الملكي بقطبيه عبدالاله ونوري السعيد، وسائر أعوانه وأجهزته القمعية كل إمكانية لتطور الأوضاع سلمياً.
وجرى بعد ذلك فرض حلف بغداد على الضد من إرادة الشعب لتكبيل هذه الإرادة ومنعها من ازاحة كابوس الحكم الرجعي الممالئ للاستعمار. وزج قائد الحزب الوطني الديمقراطي كامل الجادرجي في السجن بتهمة ملفقة.
ومن الجدير بالذكر أن الوضع العالمي والإقليمي شهد في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات تطورات هامة تستثير نضال الشعب العراقي في سبيل الديمقراطية. فقد انتصرت الثورة الشعبية في الصين وقضي على حكم (تشان كاي تشك) عميل الأمريكان. وجرى تأميم النفط الإيراني من قبل حكومة الدكتور محمد مصدق. واستثار هذه المطالبة بتأميم النفط في العراق. وقدم عدد من النواب في البرلمان مذكرة بذلك. وسارت مظاهرة في الشارع تحمل نفس المطلب في يوم شهد إضرابا عاما في بغداد.
وانتصرت الثورة المصرية في تموز (يوليو) 1952 وقضت على الحكم الملكي. وحدثت في أعقابها في خريف 1952 انتفاضة الشعب العراقي ضد الأحلاف العسكرية ومن أجل الحريات الديمقراطية، والمطالبة بانتخابات حرة نزيهة وعلى درجة واحدة. وجرى في هذه الانتفاضة المعروفة بانتفاضة تشرين (نوفمبر) رفع شعار الجمهورية لأول مرة في تاريخ الحكم الملكي تعبيراً عن كره الشعب لعبدالإله والنظام الملكي حليف الإقطاع، الممالئ للإمبريالية.
وقد اثرت هذه العوامل مجتمعة ليس فقط على جماهير الشعب، بل وفعلت فعلها بين صفوف الضباط الوطنيين، وخصوصاً أولئك الذين أرسلوا إلى فلسطين عام 1948 وشهدوا بأم اعينهم خيانة الحكام العرب، وفي مقدمتهم حكام العراق والأردن للشعب العربي الفلسطيني وتواطؤهم مع الصهاينة بدفع من الأمبرياليين.
ولذا تعددت نشاطاتهم السرية لبناء منظمات الضباط الأحرار، اقتداء بحركة الضباط الأحرار في مصر. وراحوا يبحثون عن حلفاء لهم بين القوى الوطنية المنظمة في الأحزاب، ينسقون نشاطاتهم معها للإجهاز على النظام الملكي.
وإن القمع الشرس لانتفاضة الشعب العراقي في خريف 1956 التي انطلقت دعماً لمصر ضد العدوان الثلاثي، عمل على توحيد القوى الوطنية المعارضة، التي كانت، كلها، تعمل سراً بعد أن سد الحكم الملكي منافذ العمل العلني "الشرعي". وجرى هذا التوحيد في جبهة الاتحاد الوطني في آذار (مارس) 1957. وكان هذا القمع الشرس سبباً في اقتناع القوى الوطنية بضرورة استخدام العنف لإسقاط النظام بعد تعذر ممارسة النشاط السلمي، ومن الجدير بالذكر أن القوى الوطنية الأكثر جذرية كانت تجهر بتأييد الطريق السلمي للتغيير حتى خريف 1956 قبل انتفاضة دعم الشعب المصري. فقد ورد ذلك في قرارات المجلس الوطني الحزبي الثاني للحزب الشيوعي العراقي في أيلول 1956. وسرعان ما تخلى الحزب عن هذا الأمر في تشرين الثاني 1956 في أعقاب القمع الوحشي للانتفاضة.
ولما تمت الوحدة بين مصر وسوريا في ظل زخم جماهيري كبير في شباط 1958 قام الحكم الملكي في العراق والأردن باعلان الاتحاد الهاشمي بأمل أن يتساند الحكام في البلدين في مواجهة أي تصاعد للنشاط الوطني الديمقراطي في كل منهما.
وفي تلك الأيام كان نوري السعيد وعبد الإله يعتقدان ان نظامهما متين ومستقر وظهر نوري السعيد في اذاعة وتلفزيون بغداد وهو منتش ليهوس هوسته (أي يهزج اهزوجته) المشهورة "دار السيد مأمونة" ولم تكن الدار مأمونة كما أثبت الواقع. اذ لم تمض سنة واحدة على هوسته هذه حتى انهار النظام الملكي تحت ضربات لواء واحد من ألوية الجيش العراقي، مدعوماً بالملايين من أبناء الشعب الذين هبوا الى الشوارع معلنين فرحتهم الغامرة بنهاية الحكم الملكي. ولم يكن ما ناله عبد الإله ونوري السعيد على أيدي الجماهير – رغم بشاعته – محظ مصادفة. بل هو تعبير عما تكتنزه هذه الجماهير من غضب عليهما.
الهوامش
(1) كان السير برسي كوكس الحاكم السياسي البريطاني سابقاً في العراق قد نقل الى طهران قبل اندلاع ثورة العشرين. واعيد الى العراق ليتولى مهمة المندوب السامي البريطاني والثورة توشك على الانتهاء، لينظم اقامة حكم اهلي من العراقيين يكون واجهة للحكم البريطاني. أو كما سمته المس بل، وهي الساعد الأيمن لبرسي كوكس "حكم وطني بعقول بريطانية".
وقد حرص كوكس قبل تشكيل الوزارة الأولى التي شكلها برئاسة عبد الرحمن الكيلاني نقيب اشراف بغداد، على تثبيت واقع هو المرجع الأعلى في الحكم في البلاد. وان جميع ما يتخذ من إجراءات يجب ان يحظى بموافقته. ففي بلاغ له أصدره في 26 تشرين الأول (أكتوبر) 1920 على شكل منشور إلى جميع طوائف العراق وعشائرها قال: ان حكومة بريطانيا العظمى انتدبته ليعود إلى العراق لتنفيذ مقاصد الحكومة الثابتة بمساعدة رؤساء الامة، ولتشكيل حكومة وطنية في العراق بنظارة بريطانية.
وفي كتاب تكليفه لعبد الرحمن الكيلاني يقول: "وبمقتضى صلاحياتي، كمندوب سامي، وجدت من الضروري والمناسب إقامة مجلس للدولة لتدوير شؤون الإدارة تحت إشرافي، إلى أن يتم جمع مجلس تأسيسي يقرر الشكل النهائي للحكومة في المستقبل".
وقد التزم الكيلاني بما قرره كوكس، وظهر ذلك في رسائله إلى من أراد استيزارهم في وزارته الأولى إذ ورد فيها أن طلب الاستيزار قد تم "بموافقة فخامة المندوب السامي المعظم".
وظلت هذه النغمة تتكرر في برقيات التهنئة من الحكومة البريطانية ومن نائب الملك البريطاني في الهند إلى عبدالرحمن الكيلاني التي وصلته بواسطة سير برسي كوكس، وفي أول بلاغ للمندوب السامي الذي حدد وظيفة مجلس الوزراء و"القيام بالواجبات العمومية بإرشاد فخامة المندوب السامي". وفي "لائحة تعليمات لهيئة الادارة العراقية" التي ورد فيها : 1- ليعلم حضرات أعضاء مجلس الوزراء، اني بصفتي مندوب سامي تقع مسؤولية إدارة شؤون البلاد على عاتقي، وعلى شخصي وأنا المسؤول عنها أمام حكومة جلالة الملك (ملك بريطانيا).. وبناء عليه سيكون الفصل في المسائل المقررة لي عند اختلاف الآراء بيني وبين الهيأة الوزارية". والزمت اللائحة "كل وزير إخبار السكرتير عن كل مسألة يريد رفعها إلى مجلس الوزراء، وعلى السكرتير .. أن يرسل نسخة من هذا، على الأقل 24 ساعة قبل انعقاد المجلس أولاً إلى فخامة المندوب السامي، وثانياً إلى جميع الوزراء". ولا تعتبر قرارات مجلس الوزراء قاطعة إلا بعد موافقة المندوب السامي عليها، إذ من حقه "رد أو تعديل أي قرار من قرارات مجلس الوزراء".
وقد استمر هذا الأمر، أي كون المندوب السامي البريطاني هو المرجع الأعلى للحكم في العراق حتى بعد تتويج الأمير فيصل ملكاً على العراق في آب (أغسطس) 1921. إذ أن ونستون تشرشل، وزير المستعمرات البريطانية، قد حدد النقاط الرئيسية في خطاب الملك فيصل الأول في حفلة تتويجه وكلف برسي كوكس بإعداده من أجل النص على تصريح من فيصل بالاعتماد على بريطانيا فقط. وثبّت فيصل ذلك فعلاً في خطاب التتويج الذي رتل فيه "آيات الشكر للأمة البريطانية.. ولفخامة المندوب السامي.." وأكد أنه صرح مراراً بأن ما نحتاج إليه لترقية هذه البلاد، يتوقف على معاونة أمة تمدنا بأموالها ورجالها. وبما أن الأمة البريطانية أقرب الأمم لنا، وأكثرها غيرة على مصالحنا، فإننا سنستمد منها، ونستعين بها وحدها على الوصول إلى غايتنا المنشودة في أسرع وقت".
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) تشكلت وزارة جديدة برئاسة جعفر العسكري، وذهب أعضاؤها لتقديم مذكرة ... "كانت عادة الإنجليز أن يحكموا مستعمراتهم بواسطة رجالهم مباشرة. أما الآن فصاروا يحكمونها بواسطة أبنائها".
(2) بلغ عدد الجمعيات والنوادي الملغاة 465 مؤسسة كانت منتشرة في بغداد والحلة والديوانية والبصرة وكركوك والموصل وغيرها من المدن (تاريخ الوزارات العراقية لمؤلفه عبد الرزاق الحسني، الجزء التاسع، ص 150).
(3) احتجت على إصدار مرسوم إسقاط الجنسية أحزاب الوطني الديمقراطي والاستقلال والأمة الاشتراكي. وأصدرت بيانات ضده. وكانت نتيجة إصدار بيان الحزب الوطني الديمقراطي في 1/9/1954 أن ألغيت إجازة الحزب في اليوم التالي لصدور بيانه وعطلت جريدته. (المصدر نفسه).
(4) كما أصدرت وزارة نوري السعيد مرسوما خاصاً بالاجتماعات والمظاهرات الذي حصر حق إجازة التظاهر والتجمع بوزارة الداخلية، كما أعطى للموظفين الإداريين حق تفريق المظاهرات "إذا كان المتظاهرون، أو قسم منهم يهتفون هتافات معادية ضد نظام الحكم أو يحملون لافتات من هذا النوع". (المصدر نفسه).
(5) يقول الحسني في تاريخ الوزارات عن هذه الانتخابات ما يلي: "انتهت الانتخابات الجديدة بمأساة لم يشهد تاريخ البرلمان العراقي نظيراً لها. لعل أغربها أن الشرطة كانت تعتقل كل مرشح غير مرغوب فيه من قبل الحكومة. وعلى هذا فاز بالتزكية مئة وواحد وعشرون نائباً من أصل مئة وخمسة وثلاثين. أما الباقون وعددهم اربعة عشر نائبا فقد فازوا بالانتخاب الصوري". (المصدر نفسه).
المصادر
- تاريخ الوزارات العراقية (عشرة أجزاء لعبد الرزاق الحسني).
- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث (ستة مجلدات) للدكتور علي الوردي.
- شهادة سياسية، لحسين جميل.
- جعفر أبو التمن (دراسة في الزعامة السياسية في العراق)، أطروحة دكتوراه للدكتور خالد التميمي.
- مذكرات ورسائل المس بيل.
- مذكرات عدد من السياسيين العراقيين.
- التطورات السياسية في العراق (جزءان)، أطروحة دكتوراه للدكتور جعفر عباس حميدي.
- .. وغيرها .
* الثقافة الجديدة/ العدد 303 / تشرين الثاني – كانون الاول 2001