يحل عيد العمال العالمي في 1 أيّار من هذه السنة، والطبقة العاملة العراقية لا تزال تعاني من أوضاع صعبة، منها المعيشية التي لم تتحسن طيلة الفترة الماضية بما يتناسب مع ارتفاع معدلات التضخم والأسعار، ومن ثم باتت دخولها الحقيقية تتراجع. وارتباطا بذلك يعاني العمال والكادحون عموما من مشكلات أخرى تتعلق بنقص السكن وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، والتي أصبحت مصدرا لجني الأرباح الفاحشة. وهناك مطالبات أخرى تتعلق بتحسين أوضاع الطبقة العاملة منها: ضرورة تطبيق قانون العمل والضمان الاجتماعي، وإقرار حق تشكيل النقابات في القطاعين العالم والخاص، كي يتسنى للعمال الدفاع عن حقوقهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية المشروعة في ظل استمرار الازمات الطاحنة التي لم تجد "الطبقة" السياسية لها حلولا؛ لأن هذه "الطبقة" تفكر ببساطة في مصالحها السياسية والاقتصادية الضيّقة. تحية إكبار وإجلال للطبقة العاملة العراقية والعالمية في عيدها الأغر الذي وسمته بالنضال والتضحيات الجسام، والتي ارتبطت أيضا بمصالح الوطن والشعب.
تتصاعد موجة الاحتجاجات في عموم محافظات بلادنا، وتشمل شرائح مختلفة: التربويين والعاطلين عن العمل من حملة الشهادات، الفلاحين ...، وعلى الرغم من إقرار مجلس النواب ومجلس الوزراء لبعض مطالب التربويين العادلة نتيجة إضرابهم عن العمل لفترة محدودة، إلا أنها تبقى دون ما طالبت به هذه الشريحة النيّرة التي تقود عملية التربية والتعليم؛ إذ لا يمكن لأي بلد أن يحرز تقدما في ناصية العلم والمعرفة والتقدم إذا كانت هذه الفئة تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية، لا تليق بها، والتي ستنعكس سلبا على مستوى أدائها، وعلى مجمل العملية التربوية.
إنّ غياب رؤية علمية استراتيجية لعملية التنمية الاقتصادية - الاجتماعية بأبعادها الشاملة في بلادنا، من قبل الحكومات المتعاقبة التي سارت على ذات النهج الفاشل، جعل الاقتصاد الوطني هشّا ومعرّضا للصدمات الداخلية والخارجية. وبدون أن يتحول الاقتصاد الوطني من الطابع الريعي المعتمد على النفط إلى اقتصاد منتح متنوع، فإن مسألة القضاء على البطالة أو الحد منها تصبح بعيدة المنال، بل تسير في منحىً تراكمي. لكن يبدو أن "الطبقة" السياسية التي تحكم وفق نهج المحاصصة الطائفية الإثنية لا يناسبها هكذا اقتصاد، لأنه يُسهم في تجفيف منابع الفساد المالي والإداري الذي انغمست فيه وتتغذى عليه كي تستمر في التحكم في مفاصل السلطة مهما كان حجم الأزمات التي يواجهها البلد، وعلى الرغم من علمها أنها باتت معزولة عن الشعب، وأن ساعة تغيير هذا النهج لا بد أن تحل.
أما وضعية الكهرباء فتسير نحو الأسوأ على الرغم من صرف مليارات الدولارات على هذا القطاع طيلة أكثر من عشرين سنة. وعلى الرغم من أن الصيف على الأبواب لكن لا يبدو أن الحكومة تمتلك حلولا جذرية لمواجهة هذه المشكلة المستعصية، بل نرى أن هناك تراجعا على مستوى عدد ساعات التزود بالكهرباء بدأ من الآن. هذه الوضعية لا تؤثر فقط على حياة المواطنين في الصيف اللاهب، بل على مجمل مفاصل الاقتصاد والخدمات، وتجعل أي حديث عن جذب الاستثمارات الأجنبية في بلد يعاني أصلا من أزمة خانقة في هذا القطاع مجرد أمنيات مضللة لا يسندها الواقع.
حُدد تاريخ 11 تشرين الثاني من هذا العام، موعدا لإجراء انتخابات مجلس النواب، ونشطت التحركات المحمومة للأحزاب والشخصيات السياسية المتنفذة لتشكيل تحالفات انتخابية مفصلة على مقاسها، كي تتناسب مع مصالحها الضيقة، مستخدمة المال والنفود وسلطة الدولة وامتلاك السلاح. علما أن الأصوات تتعالى منذ زمن من أجل تطبيق قانون الأحزاب الذي أُقر وبقي حبرا على ورق، لأن تطبيقه لا يناسب الكتل والأحزاب المتنفذة في اقتسام غنيمة الدولة. هذا القانون الذي لا يسمح للأحزاب باستخدام المال السياسي الفاسد، ولا يسمح أيضا للأحزاب التي تمتلك أذرعا مسلحة بالمشاركة في الانتخابات. وهنا يُفترض أن يُفعل دور القضاء وأن لا يبقى صامتا من أجل تطبيق هذا القانون المفصلي الذي يُسهم لو طُبق في إضفاء نوع من الشرعية القانونية للفائزين في الانتخابات، ويكسبهم ثقة الناخبين التي تآكلت طيلة الدورات الانتخابية السابقة ما جعل نسبة المشاركة في الانتخابات تصل إلى أدنى مستوياتها. لذلك هناك حاجة ملحة لتشكيل تحالف انتخابي مدني ديمقراطي ليسهم ولو تدريجيا في تغيير موازين القوى في الانتخابات القادمة ليخدم في نهاية المطاف شعار التغيير الشامل في منظومة الحكم.
هناك مطالبات أخرى ملحة تتعلق بضرورة ضبط الواردات في المنافذ الحدودية، وخصوصا من السلع الاستهلاكية، والتأكد من بلد المنشأ وجودة هذه السلع، حيث هناك الكثير من السلع خصوصا الغذائية منها ذات الجودة السيئة تدخل الأسواق دون رقيب، وتشكل خطرا على صحة المواطنين. إضافة إلى ذلك، هناك منتجات زراعية تُنتج في العراق ويجري استيرادها، وبالتالي تنافس المنتجات الوطنية في الوقت الذي يتطلب من الحكومة توفير الحماية لهذه المنتجات لتشجيع استمرار إنتاجها لرفد الاقتصاد الوطني ودعمه.