كانون1/ديسمبر 05
   
 تأثير الديمقراطية وعدم الاستقرار السياسي والاستقطاب على النمو الاقتصادي: رؤى نظرية
 ما دفعني لترجمة هذه الرؤى النظرية هو أنها تلامس الوضع في العراق على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي خصوصا بعد عام 2003، حيث تتحدث الحكومات المتعاقبة منذ عشرين سنة عن التنمية والاستثمار، ولكنها تخلق في الوقت نفسه بيئة طاردة للتنمية والاستثمار الداخلي فما بالك بالاستثمار الخارجي، نتيجة عدم وضوح سياستها التنموية وتبني نهج المحاصصة الطائفية - الإثنية المولد للفساد المالي والإداري والمعيق الأكبر للتنمية بأبعادها الشاملة.
 
1- الديمقراطية
    طُرحت العديد من وجهات النظر بشأن العلاقة بين الحريات الديمقراطية والنمو الاقتصادي. فبعد سيروي وإنكيليس نحن نصف المواقف النظرية المختلفة مثل رؤى "الصراع"، و"التوافق" و "الشك" على النحو الاتي.
     الشيء الأساسي بالنسبة إلى رؤية الصراع هو الادعاء بأن النمو الاقتصادي يُعاق من قبل المؤسسات الديمقراطية للدولة. بكلمات أخرى، تعد الديمقراطية والنمو الاقتصادي ذات اهتمامات متضاربة. وعلى حد تعبير بهاجواتي: "يطرح الاقتصاد السياسي للتنمية اختيارا قاسيا بين التطوير السريع (الذاتي) والعملية الديمقراطية". من وجهة النظر هذه، يتطلب النمو الاقتصادي السريع نظاما سلطويا يقمع الحقوق المدنية والسياسية الأساسية. إن الحجج التي تم طرحها لدعم وجهة النظر هذه  تتلخص بالاتي:
    يجادل هنتنغتون أن المؤسسات السياسية في البلدان النامية تكون ضعيفة وهشة. أضف إلى ذلك، الضغط الهائل على الحكومة التي أنشأها نظام ديمقراطي وتضخم مصادر عدم الاستقرار الحالية. وبسبب توفر قدر أكبر من القنوات التي من خلالها يمكن لمجموعات الضغط أن تعبر عن مطالبها، وبسبب أن السياسيين يجب أن يلبوا هذه المطالب للبقاء في السلطة، لذلك يذهب الجدل الى أن النظام الديمقراطي يصبح بسرعة مثقلا بالأعباء. إضافة إلى ذلك، أن كثيرا من المجتمعات النامية محاصرة بالصراعات الداخلية الناتجة من عدم التجانس المناطقي والديني والإثني والطبقي والتي سوف تظهر إلى العلن في الديمقراطيات. النظم السلطوية هي أكثر قدرة على كبح المعارضة والصراع التخريبي.
    ليست الحجة الأولى موجهة حقا ضد الحريات الديمقراطية، لكنها مجرد دعوة إلى الاستقرار السياسي. في الواقع، هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن عدم الاستقرار السياسي قد يُعيق النمو الاقتصادي. فقط إذا كان من الممكن إثبات أن الدول الديمقراطية هي أكثر عدم استقرار من الناحية السياسية. ليست الحجج الأخرى ضد الديمقراطية هي بالضرورة قاطعة. أولا، قد يُجبر الطغاة أيضا على اتباع سياسات انتهازية إذا كان بقاؤهم في المنصب مهددا. ثانيا، لا تكون النظم السلطوية متجانسة. في حين أن الارتباط الواضح للنمو الاقتصادي المرتفع بنظم سلطوية قد اقترح من تجربة عدد من النظم غير الديمقراطية "تكنوقراطية" (مثل كوريا الجنوبية وتايوان)، من الواضح أن هناك الكثير من الأمثلة المعاكسة مثل "كلبتوقراطية"* و| أو نظم سلطوية غير كفوءة قاد حكمها إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي. ثالثا، يمكن أن يعني الاستبداد الحكم التعسفي والتدخل غير المبرر، مما قد يعوق النمو الاقتصادي. أخيرا، من الملاحظ في ما يتعلق بالحجة الأخيرة، قد يتم الرد عليها، بأن الدولة القوية والدولة السلطوية لا تكون بالضرورة الشيء نفسه.
     لا يتوقف بعض مؤيدي رؤية التوافق عند مجرد مناقشة رؤى أتباع منظور الصراع، ولكن على العكس من ذلك يجادلون بأن الحكومة الديمقراطية هي الأنسب لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة والمنصفة. ومن وجهة نظرهم، أن العمليات الديمقراطية ووجود الحريات المدنية والحقوق السياسية تولد ظروفا أكثر ملاءمة للنمو الاقتصادي. وتكون التعددية الاقتصادية ضرورية للنمو الاقتصادي، وتكون التعددية السياسية شديدة الأهمية لبقاء التعددية الاقتصادية وقابلية نموها. على الرغم من أن (بعض) أنصار وجهة نظر التوافق يدركون بأن الحكم الاستبدادي يمكن أن يُحدث في بعض الحالات معدلا أعلى للنمو الاقتصادي في المدى القصير، لكن يُنظر إلى الحكم الديمقراطي على أنه أكثر ملاءمة للنمو المستدام والمنصف على المدى البعيد.
    أخيرا، يشك المؤلفون الذين يشتركون في ما يمكن تسميته بالرؤية المتشككة، في وجود أي علاقة نظامية بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية. وبكلمات أخرى، أن السياسة وحدها لا تهم كثيرا. الأهم من ذلك، ربما، نوع السياسات المتبعة والترتيبات المؤسسية مثل طبيعة النظام السياسي الحزبي (حزبين إزاء التعددية الحزبية) والاستقرار السياسي الذي قد لا يكون مرتبطا بمسألة الديمقراطية في حد ذاتها.
   
2- عدم الاستقرار السياسي والاستقطاب
     حديثا، جرى إثراء الأدب الاقتصادي بدراسات فحصت التأثيرات السلبية لعدم الاستقرار السياسي على النمو الاقتصادي. هناك العديد من التفسيرات النظرية التي تفترض وجود علاقة سلبية بين عدم الاستقرار السياسي ونمو الناتج الوطني. ويمكن تقسيم هذه النظريات أساسا إلى مجموعتين رئيستين: تسمى الأولى برؤية "السياسات المعاكسة"، وتتميز الثانية ببـرهان "الاضطرابات الاجتماعية".
     يتمثل الجانب المركزي في دراسات المجموعة الأولى في الادعاء بأن سياسات اقتصادية معينة يمكن أن تضر النمو الاقتصادي. وفي ما يتعلق بأصل السياسات المعاكسة هذه، يمكن تمييز مدرستين فكريتين. تشدد المدرسة الأولى على الأفق الزمني للسياسيين ودرجة الاستقطاب في المجتمع (رؤية قصر النظر والاستقطاب)، بينما تركز المدرسة الأخرى على الخلافات داخل الحكومة (ضعف المنهاج الحكومي).
     وفقا للدراسات القائمة على "رؤية قصر النظر والاستقطاب" يكون السياسيون على استعداد لتعزيز السياسات التي تخدم مصالحهم أو مصالح مؤيديهم، والتي قد تكون أقل فائدة لرفاهية مواطنيهم. وتعتمد أرجحية هذه السياسات السلبية على الأفق الزمني للسياسيين ودرجة الاستقطاب في المجتمع. ويمكن ذكر العديد من الأمثلة.
    عرض أليسينا وتابيليني نموذجا من حزبين مفاده أن عدم اليقين بشأن السياسات المالية للحكومات العمالية والرأسمالية المتعاقبة يؤدي إلى هروب رأس المال الخاص مما يقلل من الاستثمار المحلي، وبالتالي النمو الاقتصادي في البلدان النامية.  ويؤدي عدم اليقين هذا إلى تصاعد أرجحية تغيير الحكومات ودرجة عالية من الاستقطاب بين الأحزاب السياسية.
     بصورة مماثلة، عرض أليسينا وتابيليني في نموذج الحزبين ما يتعلق بقرارات الموازنة الحكومية، حيث يكون مستوى عجز الميزانية مرتفعا في حالة سرعة تغير الحكومة وفي المجتمعات شديدة الاستقطاب. وفي نموذج مماثل بشأن الدَّين العام، عرض بيرسون وسيفنسون كيف أن الحكومة المحافظة التي تفضل تقليل الإنفاق العام لكن تعرف أنه من المحتمل أن يتم استبدالها من قبل حكومة عمالية مع أولويات مختلفة، سوف تزيد من الاقتراض العام، وبالتالي الحد من مساحة المناورة لخليفتها. وقد أشار بلانشارد وفيشر الى أن التخفيضات الضريبية خلال إدارة ريغن في الثمانينيات كانت أيضا مدفوعة من قبل هذه الاعتبارات. مهما كان السبب، قد يؤدي العجز المرتفع والدائم إلى إعاقة النمو الاقتصادي.  كما أشار فيشر، من المحتمل أن يكون عجز الميزانية المرتفع مرتبطا بشكل سلبي مع التراكم الرأسمالي، وبالتالي النمو الاقتصادي، لسببين؛ الأول هو المزاحمة. والثاني هو أنه، مثل معدل التضخم، يشير العجز إلى أن الحكومة تفقد السيطرة على اجراءاتها. في الواقع، ذكر ايسترلي وريبيلو أن هناك علاقة متينة بين فائض الميزانية الحكومي والاستثمار الخاص والنمو الاقتصادي.
        قد تعود جذور مستويات التضخم المرتفعة أيضًا إلى عدم الاستقرار السياسي والاستقطاب. فقد قال إدواردز وتابيليني: "ليس هناك شك في أن السلطات الأرجنتينية، على سبيل المثال، لديها فكرة واضحة عن عواقب تسريع نمو الائتمان المحلي على التضخم وميزان المدفوعات وهروب رأس المال وهلم جرا. فهم ما زالوا يعرفون هذه العواقب واختاروا المضي قدما. لماذا؟" يعتمد جوابهم على نموذج الشهرة العائد إلى بيرسون وتابيليني وكما يأتي: أولا، تواجه الحكومات في المجتمعات المستقطبة صعوبات كبيرة في تخفيض التضخم من خلال زيادة مكافحته المقرون بسمعتها. ثانيا، سيكون التضخم أعلى عندما يكون احتمال إعادة انتخاب الحكومة الحالية قليلا. لماذا ينتهج السياسي بعد كل ذلك سياسات مؤلمة إذا كانت فرصة جني الثمار ضئيلة؟ على نفس المنال، عرض كوكيرمان وإدواردز وتابيليني أن كثرة تكرار تغير الحكومة مقرونا بالاستقطاب السياسي لهما تأثير سلبي على فعالية الحكومة في رفع الضرائب. وجادل هؤلاء الكتّاب أن إصلاح النظام الضريبي غير الفعال يحتاج إلى الوقت والجهد. سوف لا تحاول الحكومة الحالية تنفيذ هذا الإصلاح إذ هي تعرف بأن منافسيها السياسيين سيستفيدون من تحسن جمع الضرائب في المستقبل القريب. ومع ذلك، تعتمد الحكومة بشدة على "ضريبة التضخم" لتمويل نفقاتها. وفيما إذا تكون المستويات العالية للتضخم ضارة بالنمو الاقتصادي، هذا الأمر ليس مؤكدا في المرحلة الحالية من النقاش. لكن ما زال فيشر يجال بقوة بأن النمو الاقتصادي يرتبط بعلاقة سلبية مع التضخم.
    المدرسة الثانية، تؤيد ما يعرف في الأدب بفرضية "الحكومة الضعيفة"، إذ تختلف عن المدرسة الأولى بناحيتين؛ الأولى، تركز هذه الدراسات على التأثير السلبي للصراعات داخل الحكومة بدلا من التركيز على العواقب السلبية للصراع السياسي بين الحكومات المتعاقبة. الثانية، تعتبر معرفة الترتيب المؤسسي للتمثيل الانتخابي أساسية في تفسير جزء من السلوك السلبي للسياسيين. ويجادل بوبر أن النظام الانتخابي التمثيلي النسبي يقود إلى حكومات ضعيفة هي أكثر عرضة لتقديم التنازلات أمام الضغط السياسي لجماعات المصالح الخاصة. وهو يجادل بأن هذا النظام يُمَّكن العديد من الأحزاب الصغيرة أو جماعات المصالح من أن تتمثل في البرلمان، حيث "يمكنها أن تمارس تأثيرا كبيرا - وحاسمًا في كثير من الأحيان - بصورة غير مناسبة على تشكيل الحكومة واستقالتها وهكذا على كل قراراتها". وجادل روبيني وساكس أن ارتفاع عدد الأحزاب المؤتلفة في الحكومة يجعل المفاوضات على نحو متزايد أكثر صعوبة للتوصل إلى قرارات سياسية، وسينتج هذا سياسات تكون بشكل متزايد دون المستوى الأمثل. علاوة على ذلك، يذهب الجدل، الى أن هذه السياسات ستواجه مخاطر أكبر لتكون دون المستوى الأمثل في فترة الصعوبات الاقتصادية. وفقا لروبيني وساكس، يمكن أن يفسر هذا لماذا استغرق الأمر من معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي لديها حكومات ائتلافية متعددة الأحزاب وقتا أطول بكثير لتقليل عجز الميزانية الحكومية في الثمانينيات مقارنة بالبلدان ذات أغلبية الحزب الواحد أو الحكومة الرئاسية.
      الحجر الأساس في رؤية "الاضطرابات الاجتماعية" هو الادعاء أن النمو الاقتصادي يتأثر سلبا نتيجة الاضطرابات الاجتماعية - السياسية. ويشير الجدل النظري في هذه الدراسات إلى أن الاضطرابات الاجتماعية - السياسية تخلق حالة من عدم اليقين والتي يفترض أن يكون تأثيرها سلبيا على النمو الاقتصادي المستدام. وفي أوقات الحروب الأهلية والثورات والانقلابات العنيفة يمكن للمرء أن يتوقع خسارة الممتلكات. علاوة على ذلك، من المحتمل أن يكون هناك نزوح سكاني. وفي مناقشة كواسي فوسو لتأثيرات الانقلابات العسكرية في أفريقيا جنوب الصحراء، ذكر: "من المعتاد أيضا أن تتولى حكومة جديدة السلطة من خلال الوسائل القسرية لإخضاع أعضاء النظام القديم أو حتى أولئك المرتبطين به عن بُعد، للتحقيق باسم القضاء على الفساد، أو مصادرة الكثير من ممتلكاتهم أو سجنهم لفترة وجيزة أو ربما إعدامهم. وبالتالي، فإن غياب سيادة القانون والحريات وحماية الممتلكات الخاصة والتبادل السوقي من المرجح أن تصاحب عدم الاستقرار السياسي". وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه عند انتهاء الحرب الأهلية و/ أو الملاحقات القضائية، ستكون هناك حاجة إلى الوقت لبناء الثقة في الحكومة بحيث لن تتكرر أشكال مماثلة من الانتهاكات في المستقبل. ومع ذلك، فإن الاضطرابات الاجتماعية والسياسية الأقل عنفا مثل الإضرابات وأعمال الشغب والمظاهرات السياسية يتم تنفيذها للإضرار بأداء النمو، لأنها تخلق حالة من عدم اليقين. وعلى الرغم من أن الأدب المتعلق بالاضطرابات الاجتماعية-السياسية اجمع على الادعاء بأن الاضطرابات يكون لها تأثير سلبي، لكن لا توجد نظرية متفق عليها تشرح لماذا وكيف يقلل عدم اليقين من اتجاهات الإنتاج الوطني.
     يناقش كواسي فوسو بأن الاضطرابات الاجتماعية وانتهاكات "الحقوق المدنية" تجعل الناس ومعظمهم من المثقفين يقررون مغادرة البلد، مما يتسبب في حدوث ما يسمى "نزف الأدمغة". وتجدر الإشارة إلى أنه وفقا لنظرية النمو الكلاسيكية الجديدة القياسية (المعيارية) سيكون لهذا الأمر تأثير مهم على النمو فقط إذا غادر عدد كبير من العمال أو نزحوا داخل البلد. ومع هذا، وفقا لنظرية النمو الجديدة فإن أعدادا قليلة ولكنها ذات نوعية مهمة، فقد يكون لنزف الأدمغة تأثيرات سلبية مهمة على النمو.
     لا يزال يركز معظم الأدب المتعلق بعواقب الاضطرابات الاجتماعية - السياسية على التأثيرات السلبية في تكوين رأس المال. يجادل بارو بأن الزيادة في تعزيز حقوق الملكية، من وجهة نظر المستثمرين، تبدو مثل تخفيض معدلات الضرائب الهامشية. إذ يؤدي هذا التخفيض في معدلات الضرائب الهامشية إلى زيادة في معدلات النمو والتوفير. وبطريقة مماثلة، يجادل فينيريس وجوبتا بأن عدم اليقين بشأن الحق في التمتع بالدخل المستقبلي المتأتي من الادخار يقلل الحافز لدى الجمهور لادخار الدخل الحالي. وبالتالي، فإن الاضطرابات الاجتماعية - السياسية التي تزيد من عدم اليقين بشأن حقوق الملكية المستقبلية لديها تأثير سلبي على الادخار ومن ثم الاستثمار.
     وفقا لنظريات تمويل الشركات المعيارية المتعلقة بالاستثمار، فإن مزيدا من عدم اليقين بشأن صافي العائدات المستقبلية، الذي ينتج في هذه الحالة من الاضطرابات الاجتماعية، يجعل المستثمرين يطلبون عائدات أعلى على استثماراتهم. وإذا افترض المرء في الوقت الحالي أن العدد الإجمالي لفرص الاستثمار سيكون ثابتا مع مرور الوقت، فإن الطلب على عائدات أعلى يعني ضمنا عددا أقل من المشاريع الاستثمارية المجدية اقتصاديا. في الواقع، يذكر شنايدر وفراي بأن الاضطرابات السياسية تقلل بشكل كبير من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتكون التأثيرات السلبية للاضطرابات الاجتماعية على الاستثمار مهمة، بسبب أن الارتباط بين النمو والاستثمار هو على الأرجح أقوى علاقة ارتباط تم اكتشافها في أدبيات النمو التجريبية. يقول بلومستروم وليبسي وزجان: "يمكن أن يتفق بشكل عام الاقتصاديون والمؤرخون الاقتصاديون على افتراض أنه على المدى البعيد، لا يحدث نمو اقتصادي سريع دون استثمارات كبيرة في رأس المال الثابت". ويقود مباشرة الافتراض القائل إن الاضطرابات الاجتماعية-السياسية تكون ضارة بالنسبة إلى الاستثمار، إلى الافتراض بأن ذلك يكون أيضا ضارا بالنسبة إلى النمو.   
     مع ذلك، قد لا يزال يجري التقليل من شأن تأثير الاضطرابات الاجتماعية - السياسية على الاستثمار ومن ثم على النمو، من قبل الأدبيات المعيارية. وفقا لبينديك وسوليمانو يكون الاستثمار الكلي حساسا جدا لحالة عدم اليقين، بسبب عدم تناسق رد فعل الاستثمار على الصدمات. ويجادل هؤلاء الكتّاب أن الصدمة الإيجابية يتبعها دخول شركات جديدة إلى السوق، ومشاركة الأرباح بين جميع الشركات، ولكن في الصدمات السلبية تعاني فقط الشركات القائمة. وبالنظر إلى أن الاستثمار في الغالب لا رجوع فيه، ينبغي للمرء أن يستنتج أن دخول السوق يكون فقط مجديا اقتصاديا عندما تكون العائدات المتوقعة إيجابية. وعلى المستوى الإجمالي، من شأن ذلك أن يؤدي إلى حساسية عالية للغاية للاستثمار في ما يتعلق بحالة عدم اليقين، يتضمن ذلك عدم اليقين الناشئ من الاضطرابات الاجتماعية - السياسية.
 
* كلبتوقراطية، مصطلح يوناني يقصد به الحكومة التي يستخدم قادتها الفاسدون السلطة السياسية لمصادرة ثروة الناس والأراضي التي يحكمونها، عادة عن طريق اختلاس الأموال الحكومية أو اختلاسها على حساب أوسع السكان. وتعني الثيفوقراطية حرفيا حكم السرقة وهو مصطلح يستخدم بشكل مرادف للكلبتوقراطية. وتتمثل إحدى سمات السرقة الاجتماعية والاقتصادية السياسية في أنه لا يوجد في كثير من الأحيان إعلان عام يشرح أو يعتذر عن الاختلاس، ولا يجري توجيه أي تهم أو عقوبات قانونية ضد الجناة. (المترجم) عن  Kleptocracy - Wikipedia
 
الترجمة عن كتاب: Jakob de Haan and Clemens Siermann, The Impact of Democracy and Political Instability on Economic Growth: a Review (Holland: University of Groningen, 1994).