تشرين1/أكتوير 10
   
الحياة المزدوجة لجيمس بيكر
المبعوث الرئاسي لبوش ومصالحه الخاصة في ديون العراق البغيضة
 
عندما عين بوش وزير الخارجية السابق جيمس بيكر كمبعوث رئاسي له في 5 كانون الأول 2003، سمى وظيفة بيكر ب "المهمة النبيلة". ولكن مع الاهتمام الكبير والقلق فيما إذا كانت تعاملات وعلاقات بيكر الواسعة في الشرق الأوسط تتعارض مع هذه المهمة أم لا! اذ انه سيقابل رؤساء الدول ويطلب منهم إعفاء ديون العراق. والمثير للقلق والاهتمام هذا، هو في واقع ارتباطاته بالبنوك التجارية ومقاولي وزارة الدفاع وأبرزهم مجموعة كارليل، حيث هو مستشار كبير فيها وشريك مساهم له حصة في حوالي 180 مليون دولار في هذه المجموعة.
 وحتى الوقت الحاضر ليست هناك من ادلة مؤكدة في انقسام ولائه أو أن نفوذه كمبعوث رئاسي – وظيفة بدون أجر – قد استخدمت لمنفعة أي من شركاته والعاملين فيها.   لكن وفقا لوثائق حصلت عليها الوطن يثبت ما قد حصل هذا بالتأكيد. ان مجموعة كارليل عملت لضمان الحصول على استثمارات غير اعتيادية بقيمة واحد مليار دولار من الحكومة الكويتية، باستخدام نفوذ بيكر مبعوثا عن الديون كوسيط أساسي.
 أن الصفقة السرية تتضمن معاملات معقدة لتحويل ملكية ما مقداره 57 مليار دولار امريكي من ديون العراق غير المدفوعة.  هذه الديون ستعود ملكيتها للحكومة الكويتية، يتم وضعها في صندوق يتم خلقه ويخضع لإشراف "اتحاد" مؤسسات مالية (كونسورتيوم) يكون الدور الرئيسي فيه لمجموعة كارليل، ومجموعة أولبرايت ترأسها وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت وشركات عديدة أخرى ذات صلة بهذه المجموعات. 
وفقا لهذه الصفقة، فإن حكومة الكويت سوف تعطي "الاتحاد" 2 مليار دولار مقدما لاستثمارها في صندوق خاص يشرف عليه "الاتحاد"، ونصفه يكون من نصيب كارليل.  ان "الوطن" حصلت على نسخة من خمس وستين 65 صفحة سرية بعنوان " مقترح لمساعدة الحكومة الكويتية لحماية وتحقيق مطالباتها من العراق".
 أرسل هذا في كانون الثاني / يناير من "الاتحاد" إلى وزارة الخارجية الكويتية، مع رسائل متبادلة بين الطرفين.  في رسالة مؤرخة في 6 يناير 2004 أبلغ "الاتحاد" وزارة الخارجية من ان الديون الغير مدفوعة للبلاد من العراق هي معرضة لخطر داهم وشيك. إذ أن الرأي العام العالمي يميل لصالح إعفاء الديون، ورسالة أخرى تحذر من دور بيكر كمبعوث للتفاوض لإعفاء الديون العراقية.  هذا وقد اعطى "الاتحاد" تفصيلا للتهديد المحتمل: من أن الكويت من غير المحتمل أن ترى أي مبلغ من ال 30 م د أ من العراق كديون سيادية، لكن الـ 27 مليار دولار امريكي كتعويضات عن الحرب والتي يدين بها العراق للكويت "يمكن ان تكون ضحية للجهود الأمريكية لإعفاء الديون".
وفي ظل هذا التهديد، فإن "الاتحاد" يعرض هنا خدماته. وان قائمة من كبار المسؤولين السياسيين الامريكان والاوربيين لهم علاقات وئام شخصية مع حاملي الأسهم في المفاوضات المتوقعة القادمة" وقادرين " للوصول الى اهم متخذي القرارات في الأمم المتحدة والعواصم الرئيسية الكبرى" هذا ما بينه المقترح.  وإذا ما وافقت الكويت على تحويل الديون إلى صندوق "الاتحاد"، فإنه سيستخدم هذه الوساطات لدفع قادة دول العالم على إجبار العراق لتعظيم مدفوعات ديونه للكويت، والتي من الممكن أن يحصل على الأموال خلال 10 أو 15 سنة. وكلما حقق "الاتحاد" في الحصول على أموال أكثر يدفعها العراق خلال هذه الفترة كلما حصل الكويت على الكثير، مع أخذ "الاتحاد" على عمولة بنسبة 5% أو أكثر.
 ومع تضارب تعظيم مدفوعات الديون مع السياسة الامريكية لتخفيف عبء الديون، تقول كاثلين كلارك أستاذة القانون في جامعة واشنطن والخبيرة المعروفة في سلوكيات الحكومة والأنظمة، ان هذا يمثل "تضارب تقليدي للمصالح" بوجود بيكر في كلا الجانبين من هذه الصفقة، وأطلقت عليه حالة استثنائية غير مألوفة وقالت "كارليل والشركات الأخرى استغلوا وظيفة بيكر الحالية لتحقيق صفقة مع الكويت تضر بمصالح الحكومة الامريكية". كذلك اطلعت "الوطن " هذه الوثيقة على جيروم ليفنسن المحامي الدولي والخبير في انشطة الفساد السياسي والتجاري في الجامعة الامريكية. والذي دعاها " واحدة من أعظم عمليات الغش والخداع في كل زمان".
"الاتحاد" يقول للحكومة الكويتية، من خلالنا فقط تتاح لكم الفرصة للحصول على معظم ديونكم. لماذا؟ لأننا نحن هنا ونحن من يعرف مع من يتعامل. أن نفوذ "الاتحاد" قويا مثل النجاح في ركوب نوع من أمواج عالية.  
في الوثيقة السرية كان “الاتحاد" على دراية تامة من حساسية دور بيكر كشريك لكارليل ومبعوث للديون. ومباشرة بعد نشر قائمة بأسماء اللاعبين الكبار مع كارليل – تشمل الرئيس السابق جورج بوش، جون ميجور رئيس الوزراء البريطاني السابق، مادلين اولبرايت بما فيهم بيكر نفسه – بينت الوثيقة بالنص "إن المدى الذي يمكن أن يلعبه هؤلاء الأفراد بدور في صياغة استراتيجيات أصبح الآن أكثر تحديدا. بسبب التعيين الأخير لبيكر كمندوب رئاسي حول الديون وللحاجة لتجنب تضارب واضح للمصالح"...
 وتتواصل الوثيقة لبيان أن هذا الوضع سوف يتغير قريبا جدا، " نعتقد أنه مع تقاعد بيكر من وظيفته المؤقتة، فإن كارليل وأولئك الأفراد الرئيسيين المرتبطين مع كارليل سيكونون حينئذ أحرارا للعب دور حاسم في القضية".
 قال نائب الرئيس والمتحدث باسم كارليل كريس اولمان من انه " ليس لكارليل أو بيكر علاقة بكتابة او تحرير او اجازة هذه الوثيقة الى الحكومة الكويتية" لكنه اعترف بأن كارليل على علم بمقترح قدم للحكومة الكويتية للحصول على استثمار بمليار دولار. " كنا على علم بذلك لكننا لم نلعب أي دور في تحصيل ذلك الاستثمار".  وعندما سئل إذا ما كانت كارليل " راغبة في أخذ مليار دولار لكنها لم تحاول الحصول عليه!! " أجاب ولمان " صحيح".  
 في حينها كان العراق من أكثر دول العالم مديونية (200 م د أ) ولو فرض عليه دفع ¼ ربع هذه المطالبات، يبقى الدين ضعف حجم الناتج المحلي الإجمالي، وبذلك تضعف قدرته لإعادة البناء. " هذا الدين يضع مستقبل العراق في خطر من أجل تحقيق تحسين الوضع السياسي والرخاء الاقتصادي" هكذا قال بوش عند تعيينه لبيكر.  النقاد عبروا عن قلقهم حول مدى ملاءمة بيكر واختياره لهذه الوظيفة: على سبيل المثال، السعودية من أكبر الدائنين للعراق: مجموعة كارليل لها أنشطة تجارية مع العائلة المالكة، كما أن شركة بيكر القانونية –  والتي تدافع عنهم في القضية المرفوعة من عوائل ضحايا 11 سبتمبر، وتطالب بتعويضات بقيمة 1 واحد ترليون دولار. وقد نشرت نيويورك تايمز مقالا افتتاحيا في 12 ديسمبر/ كانون الأول تدعو بيكر للاستقالة من موقعه في كارليل وبوتس للحفاظ على نزاهة موقعه كمبعوث رئاسي.
البيت الأبيض رفض الدعوة هذه، وإن لبيكر حق الاختيار."لم اقرأ هذا المقال الافتتاحي" هكذا أجاب بوش للصحفيين " نحن محظوظون لأنه وافق على القيام بهذه المهمة.... لكي يخدم أمريكا". كريس ألمان قال أيضا نيابة عن كارليل " أن بيكر بمهمته هذه ليس لها تأثير مهما كان على أنشطة كارليل. 
في الواقع قبل عدة أشهر في 16 تموز/يوليو 2003 كارليل حضرت اجتماعا على مستوى عال مع رسميين كويتيين في لندن حول هذه الصفقة وفقا للوثيقة أعلاه. حيث طلب الكويتيون منهم تقديم مقترح تفصيلي ماليا لضمان إسباغ الصفة النقدية لمطلوبات ديونهم من العراق. لكن في وقتها جرى تعيين بيكر للمهمة. ولم تقدم كارليل المسودة المطلوبة للكويت. ومع ذلك فإنهم إن كانوا فعلا جادين فيما يقولون لقررت كارليل الانسحاب من المجموعة لتضارب المصالح، لكنها بقيت.  وهنا برز اسم لهذه الشركة التي خلقها "الاتحاد" لإدارة الصفقة باعتبارها شركة اعمال وليست شركة لجماعة ضغط، كذلك كحلقة وصل "الاتحاد" مع الشركة في واشنطن والتي وقعت معهم كرائدة للاستراتيجيات السياسية ولمناصرة ودعم "الاتحاد".
 ولم تكن كارليل صادقة في موقفها هذا، إذ قدم جون هاريس المدير العام والمشرف المالي لكارليل بيانا مكتوبا للبيت الأبيض من أن كارليل " ليس عندها أي مصلحة أو استثمار في الديون العامة والخاصة للعراق" ولكنه لم يشر الى المفاوضات التي أجرتها كارليل من أشهر عديدة مع الكويت لمساعدته في الحصول على ديونه من العراق. 
 وفقا لكاثلين كلارك فيما إذا كان بيكر يتقيد أو يراعي التزامه بالتعليمات الإدارية والاجرامية للحكومة الاتحادية والتي تمنع الموظفين الحكوميين من المشاركة في معاملات لهم فيها مصلحة خاصة، بما فيها إن كان له صلة بشركة وتستخدم الموظف الرسمي. أن كارليل تستخدم وظيفة بيكر الحكومية لمنفعتها، وبالتالي على " كارليل والبيت الأبيض أن يظهروا نظافة أيديهم " تقول كلارك" هناك حاجة هائلة للشفافية هنا ". طبعا لم يرد كل من البيت الأبيض او مكتب بيكر او يعلقوا على الموضوع. 
ومع كل هذا وبعد تعيين بيكر، ظهر اسم بيكر بوضوح في الوثيقة " أن دور السيد بيكر الجديد وما يتبعه من جولات مفاوضات عالمية حول ديون العراق سيلقي الضوء على هذه " الأمور" ويعطيها بعدا هاما وعاجلا. جاء ذلك في رسالة وقعتها مادلين أولبرايت مع كل من ديفيد هيوبنر – عضو " الاتحاد" وشاهمين شيخ.  وبعد تعيينه وما قد ينجم عنها من " تهديد " لخسارة الكويت يتواصل المقترح " من ان لدى الاتحاد" افرادا ذو نفوذ عال في الحكومة الأمريكية وفي مجلس الأمن للأمم المتحدة.
في 21 كانون الثاني / يناير 2004 حط بيكر في الكويت، قابل رئيس الوزراء ووزير الخارجية وغيرهم " وطالبهم " بإعفاء ديون العراق لمصلحة الأمن والسلم الإقليمي، وبنفس اليوم اختار فريق " الاتحاد" تسليم مقترحها إلى وزير الخارجية محمد صباح السالم الصباح – الذي قابله بيكر- "وخطاب إحالة موقعة من أولبرايت وهيوبنر وشيخ" – الذين علموا بمفاوضات بيكر- أنه إذا وافقت الكويت على عرض "الاتحاد" فإنهم سوف يميزوا مطالبات الكويت – قانونيا ومعنويا من الديون السيادية التي تطالب الولايات المتحدة الآن بإعفائها". 
ما هذه الصدفة بنفس اليوم يطالب بيكر بالإعفاء و " الاتحاد" يقدم عرضه للكويت !!!، ومن سيختار الكويتيون جيمس بيكر المبعوث الرئاسي او رجل الاعمال! احمد الفاضل " نائب" لرئيس الوزراء الكويتي أخبر "الوطن" أنا رأيت " المقترح" وانا واع كليا لهذه المسالة" ولكن لما سئل عن دور بيكر المزدوج أجاب " انه من الصعب التعليق على هذه المسألة، خاصة في الوقت الحاضر، وآمل أن تفهموا ذلك جيدا".  شاهمين شيخ رئيسة " الاتحاد" قالت عن التوقيت انها مصادفة " ليس لها علاقة بزيارة بيكر، كنت في المنطقة ورأيت أن أتوقف وأسلم المقترح وانا في طريقي إلى أوروبا ". 
وبعد ثلاثة أيام من عودة بيكر ادلى بتصريح لأول مرة حول الموضوع " ان وظيفتي تتعلق بديون العراق السيادية وليس بتعويضات الحرب، وردد ما قالته الحكومة الكويتية من أن التعويضات هي خارج مهمته باعتبارها تحت وصاية الأمم المتحدة ومجلس الامن. ان هذه التصريحات مثيرة للدهشة لماذا لا توضع كل المطالبات على العراق موضعا للنقاش؟ فالكل يعلم ان التعويضات تمثل أكثر من نصف الديون الخارجية.  وهو بيكر يقول إن أي " تخفيض للديون يجب ان يكون كبيرا، او الجزء الأعظم من الدين". والمركز الذي استضاف بيكر لإلقاء كلمته مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية قال " ان من غير المعقول عمل أي إعفاء للدين لا يشمل التعويضات". 
ان تصريحات بيكر وصفقته على خلاف مع عدد آخرين من إدارة بوش بما فيهم بريمر الذي قال " انه يرى الحاجة الماسة للنظر في كل مسالة الديون والتعويضات"، حيث قارن الحالة في العراق بألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى عندما فرضت لجنة التعويضات في سنة 1921 بمبلغ 33 م د أ على جمهورية فايمار   وهذا ما ساهم الى حد كبير في عدم الاستقرار والاضطرابات في ألمانيا وجاءت الانتخابات بأدولف هتلر إلى السلطة. 
وتواصل دفع العراق للتعويضات عن غزو الكويت في 1990. وخلال الثمانية عشر شهرا منذ الغزو الأمريكي، دفع العراق 1.8 م د أ كتعويضات وهو أكثر مما وضع لميزانية الصحة والتعليم. وأغلب هذه المدفوعات ذهبت للكويت، والتي تحقق ستة من ميزانيتها فائضا. وحيث تصل القوة الشرائية للفرد الواحد 19,000 دولار، في حين يعيش المواطن العراقي بما يزيد قليلا عن 2 دولار يوميا. 
 وهذه الترتيبات تعود الى نهاية حرب الخليج الأولى. كشرط لوقف إطلاق النار وافق عليه صدام لتعويض كل الخسائر التي نجمت عن غزوه واحتلاله للكويت لسبعة أشهر. وبدأت المدفوعات في 1994 وتسارعت في 1996، مع بدء برنامج النفط مقابل الغذاء وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 986 الذي خلق هذا البرنامج، حيث باستطاعة العراق تصدير النفط على أن تصرف العائدات على واردات الغذاء والدواء وعلى ان تحول 30% من عائدات النفط الى لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة (UNCC).  وبعض التعويضات التي منحت كانت كبيرة جدا، مثل تنظيف سواحل الكويت والسعودية من النفط والحرائق، أو ما منح لشركة نفط الكويت بمبلغ 15.9 م د أ عن خسائر من عائدات النفط. والى حد ذلك دفعت اللجنة 18.6 م د أ ومنحت 30 م د أ إضافي لم تدفع لعدم توفر أموال عراقية. وهناك أيضا 98 م د أ مطالبات لم يجري حسمها بعد، ولذلك فالأرقام تتصاعد بشكل مضطرد. ولهذا لا توجد تقديرات دقيقة عن التعويضات التي قد تصل الى 130 م د أ. 
 في 22 مايس/ أيار 2003 بعد شهرين من غزو العراق قرر مجلس الأمن تخفيض نسبة القطع من عائدات العراق النفطية الى 5 %. وفي مايس/مايو الماضي كان هناك وفد عراقي يطالب بتخفيض أكثر في هذه النسبة. وكان هناك تعاطف كثير لهذا المطلب. جوستين ألكسندر من اليوبيل العراقي قال "إن معظم هذه المطالبات أمام اللجنة مبالغ فيها وغير واقعية، وأن هذه من مسؤولية صدام، وليس الشعب العراقي الذي عانى أكثر من غيره". 
وهنا حيث يأتي دور " الاتحاد" لمجموعة كارليل/ اولبرايت. اذ جاء في مقدمة العقد المقترح من ان الديون الغير مدفوعة للكويت ليست مشكلة مالية فحسب بل سياسية ومشكلة علاقات عامة كذلك. ان الرأي العام العالمي ليس بجانب ما تم وعد الكويت به من تعويضات كاملة، بل يركز العالم الآن على إعادة إعمار العراق وإعفاءه من ديونه. وإذا ما أرادت الكويت الحصول على تعويضاتها، يبين خطاب الإحالة المشار إليه، أن عليها إعادة صياغة تعويضاتها ليس على أنها عبء على العراق بقدر ما هي "عنصر أساسي في العمل من أجل الاستقرار الإقليمي والمصالحة".
أن عدة أطراف في " الاتحاد" قد أكدوا بأن المقترح يهتم او يعطي الأولوية فقط لديون التعويضات. إذ قال المتحدث باسم مجموعة أولبرايت، جيمس سميث ( Jamie Smith) " لقد طلب منا المشاركة بهذا المقترح على أنه يضمن العدالة لضحايا غزو صدام للكويت، وللتأكد من أن التعويضات لضحايا الكويت – والتي دعمتها الحكومة الامريكية والأمم المتحدة -  تستخدم لدعم عملية المصالحة بين البلدين، وتحسين الظروف البيئية ولتشجيع الاستثمار في الكويت والعراق والاقليم.
 وفي الواقع، فإن المقترح لم يقيد نفسه بديون التعويضات. " فالاتحاد" طلب من حكومة الكويت اعطاءه إشرافا على 30 م د أ في شكل ديون سيادية متعثرة (   defaulted sovereign debts) لأجل استخدامها كأداة للتأثير او للرفع سياسي (     political leverage)   لتأمين الحصول على مطالب التعويضات. إضافة إلى ذلك فإن أغلب الخبراء في إعادة هيكلة الديون يتفقون على أن ديون العراق يجب أن ينظر إليها ككل: إذ لا معنى من اعفاء الديون السيادية إذا ما كان سيربط بأعباء تعويضات خيالية لا يمكن تصورها. ومثل هذا الفهم انعكس في الوثائق، والى تكرر بيان ان مدفوعات تعويضات الكويت تكون في خطر في أي تحرك لإعفاء ديون العراق. 
ولتجاوز مثل هذا التهديد هناك ثلاثة استراتيجيات متشعبة اقترحت من قبل " الاتحاد" : عمل لجماعة الضغط من وراء الكواليس، حملة علاقات عامة ذكية واستحداث عملية استثمار وتمويل خلاقة. وان " أي حل لدفع تعويضات غير متحققة يجب ان يكون ترويجها مقبول سياسيا مثل توطيد ودعم الاستقرار والنمو في الخليج والعراق. ان هذا المقترح يقدم الاستراتيجية، التصميم الهيكلي والموهبة الذكية لتحقيق هذا الهدف". هذا ما تبينه الوثيقة.  بعدها يقدم المقترح تفصيلا لعمل وتنفيذ الاستراتيجيات الثلاث المشار إليها كالتالي:
جماعة الضغط:  
بما ان لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة(  UNCC) تقع تحت تصرف مجلس الأمن الذي يمكنه التصويت لتخفيض، ايقاف او الغاء التعويضات في أي وقت، فإن الجزء الذي يتعامل به المقترح هو بوساطة قوية مباشرة: إذ يطرح ويشير الى عمل موسع وهجومي لجماعة الضغط موجهة مباشرة إلى أعضاء مجلس الأمن باستخدام اتصالات مادلين اولبرايت ولكن أيضا اشخاص بارزين لهم صلة " بالاتحاد" مثل السناتور السابق غاري هارت ( Gary Hart)  ومندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة جين كيركباتريك ( Jeanne Kirkpatrick) .  " سوف نعمل أولا على ابقاء نسبة الـ 5% من عائدات النفط العراقي تخصص لتمويل مدفوعات ما تمنحه لجنة التعويضات" يقول المقترح نصا.
ولتحقيق هذا، سيقوم " الاتحاد" باتصالات سرية رصينة على مستوى عال في عواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومع المندوبين ذوي النفوذ" و " التدخل مع كبار موظفي الأمم المتحدة المسؤولين عن صياغة ما يقدم من مسودات لمجلس الأمن. وبين المقترح كذلك من أن " ألمانيا ورومانيا سيكون لهم دور جوهري، وان مجموعة أولبرايت لها علاقات وطيدة مع كل من هاتين الدولتين الأعضاء في مجلس الأمن حينذاك.  
العلاقات العامة:
 لقد كان لدى "الاتحاد" خطة تفصيلية لمواجهة المعرفة في فهم أن التعويضات تمثل " تحويل الموارد من عملية إعادة البناء في العراق الى جار أكثر ثراء". أولا، على الكويت أن يخصص ديونه غير المدفوعة من العراق الى صندوق يؤسس خاص يشرف عليه " الاتحاد".
والصندوق المؤسس يدير أموالا استثمارية لجزء من مدفوعات التعويضات من العراق إلى الكويت وإعادتها الى العراق!!!. وكمثال على أنواع الاستثمارات التي سيقوم بها الصندوق، كما اقترحت أولبرايت و هيوبنر وشيخ في الخطاب المقدم للكويت، أن أموال التعويضات يمكن استخدامها لشراء شركات القطاع العام العراقي. في المستقبل القريب 40 من مؤسسات القطاع العام العراقي في مختلف القطاعات سوف تتاح للبيع أو الإيجار الطويل الأمد او بعقود الإدارة ، هكذا كتبوا في رسالتهم. ومن خلال برهنة ان الكويت سوف تستثمر جزءا مما تحصله من تعويضات سيعود بالفائدة على الاقتصاد العراقي،  " فالصندوق المالي الذي سيديره "لاتحاد" " سوف يقدم أساس مبدأ إنساني إلى الولايات المتحدة والدول الأخرى لمواصلة دعمهم" للتعويضات.  ومن الظاهر أن " الاتحاد" يرى أن عملية الخصخصة – والتي تعد بالنسبة للعراق مقترحا مثيرا للخلاف – هي جزء من المهمة الإنسانية لجهودهم.
  كذلك يقترح استراتيجية لعلاقات عامة مباشرة. فهو يدعو الكويت الى تخصيص مليار دولار من التعويضات التي منحت إياه لجنة التعويضات الأممية الى " صندوق إحياء الظروف البيئية الكويتي، والذي سوف يخلقه "الاتحاد". والغرض من خلق هذا الصندوق لتذكير العالم بمدى خطورة ما ورثه الكويت من كارثة بيئية" وأيضا تقديم الكويت " كأنها المدافع الأول عن حماية البيئة". وهذا الصندوق سوف يرأسه كارول براونر ( Carol Brawner) الرئيس السابق لوكالة حماية البيئة الأمريكية وأيضا مسؤول رئيسي في مجموعة أولبرايت.   الاستثمار/التمويل:
  يتنبأ المقترح بأنه لوحدهم وعلى الرغم من تفعيل جماعة الضغط والعلاقات العامة فإن ذلك لن يكون كافيا لضمان حصول الكويت على ما تأمله من تعويضات. و لقيام "الاتحاد" " لتعظيم قيمة التعويضات للكويت “، على الكويت ان تضع على جانب ، المزيد من التعويضات التي استلمتها. فبالإضافة إلى ال 1 واحد مليار في صندوق البيئة، المقترح يدعو الى وضع 2 مليارين من الدولارات لتستثمر في " صندوق خاص لأسهم رأسمالية شرق أوسطية". من هذين المليارين، مليار يستثمر من خلال اتفاقية خاصة، في " صندوق مجموعة كارليل المساهمة" لمدة تتراوح على الأقل بين 12 و15 سنة. وفي نهاية الفترة ستحصل الكويت على العائدات من هذا الاستثمار إضافة الى ما سوف يقدر " الاتحاد" الحصول عليه في تفاوضه من أجل مدفوعات لتعويضات أكثر.
  بالنسبة "للاتحاد" انها صفقة مثالية: أعضائه يحصلوا عن إدارة ملياري دولار، ويجمعوا رسوم الإدارة إضافة الى نسبة من الفوائد. كذلك تدفع لهم أتعاب (retainer) وقد يقصد بها اكرامية مع نسبة 5% من أي مبلغ ديون يحصل عليها " الاتحاد" للكويت، كذلك نسبة يتفق عليها على قيمة كل ما سيتجاوز ما سبق وإن وعدوا به الكويت.  ومن الأعضاء الآخرين في " الاتحاد" والذين سيشتركون في الحصول على المزايا المشار إليها: فيديليتي للاستثمارات (Fidelity Investments ) . بي ان بي باريباس (BNP Paribas) بنك أوربي متورط في فضيحة برنامج النفط مقابل الغذاء . جافني كلاين وشركاه (Gaffney, Cline & Associates) شركة للطاقة متخصصة في عمليات خصخصة مشروعات الغاز والنفط.  نيكسيجين للحلول الماليةNexGen Financial Solutions ) شركة هندسة مالية تمتلك الحكومة الفرنسية  حصة فيها. اميرجين ماركت بارترنارشيب (Emerging Markets Partnership) شركة تابعة لل ( AIG) يرأسها النائب السابق لرئيس البنك الدولي موين قرشي ( Moeen Qureshi) .
 بالإضافة الى المكاسب والارباح الاستثنائية، فإن الترتيبات المعدة ستعطي هذه المجموعة من الشركات الخاصة قوة وسلطة هائلة. فأي من يتحكم بديون العراق يكون له القدرة المؤثرة على السياسة في العراق خاصة في ظل التوترات السياسية الحادة. لكن بالنسبة لحكومة الكويت فإن هذه الصفقة المقترحة تكاد تكون محفوفة بالمخاطر. اذ ان من الصحيح كون مصير تعويضاتها من العراق يبدو كئيبا (looks grim). إذ يقدر " الاتحاد" ان الكويت لو حاولت بيع هذه الديون في السوق، فإن الـ 27 م د أ لا تثمن إلا ب 1.5 م د أ فقط. لكن "الاتحاد" يطالب الكويت بالمخاطرة ب 3 م د أ من التعويضات التي استلمها على امل استخدامها كرافعة مالية (Leverage) للبعض الباقي من مطالباتها.  ومع ذلك فإن جيروم ليفينسون( Jerome  Levinson) أشار إلى "انه ليس هناك من ضمانات حتى مثل ذلك".
إن من الواضح أن "الاتحاد" حريص جدا لتوقيع صفقة مع الكويت. وان المديرة التنفيذية "للاتحاد" شاهمين شيخ قد كتبت من انها قامت ب 5 رحلات إلى الكويت خلال أربعة أشهر، وإن أولبرايت اجتمعت مع وزير الخارجية الكويتي في 4 نيسان/أبريل 2004، وان كارول براونر ( Carol Brawner) من مجموعة أولبرايت قد اشارت الى انها سلمت شخصيا نسخة " من المقترح إليه في فندقه عندما كان في واشنطن.  ومع هذا فقد ظهر أن الكويت كان مترددا: إذ أخذ من الوقت أربعة أشهر للرد على المقترح برسالة مؤرخة في 10 آب/أغسطس بالقول " من انه سوف يؤخذ المقترح بنظر الاعتبار جديا، و جاري الان دراسته من قبل السلطات المختصة".  وتبعا لما قاله أحمد الفهد " ان القضية الان بيد نائب وزير الخارجية" والذي لم يكن متاحا لنا للتعليق. لكن سالم عبد الله الجابر الصباح السفير الكويتي في أمريكا قال" بقدر ما يتاح لي من معلومات لحد الآن، فإن حكومتي لم تقرر بعد على هذا المقترح".
  وحتى اذا لم تقر هذه الصفقة، فالحقيقة ان مجموعة كارليل ومجموعة اولبرايت كانت قد ارتبطت بمفاوضات حولها ويمكن ان تكون قد أساءت الى جهود اعفاء ديون العراق، و مضرة بمصالح الولايات المتحدة والعراق. وكان ليفينسون قد أشار إلى أن إدارة بوش قد قدمت التزاما من ان عائدات النفط العراقية سوف توجه نحو إعادة الإعمار. وبهذا فإن الفشل في التعامل مع مسألة التعويضات يعني " ان جزءا من هذه الموارد قد تحول للكويت. ومن دفع ذلك؟ بالطبع إنه الشعب العراقي الذي استمر في دفع هذه التعويضات، وأن على دافعي الضرائب الأمريكيين الذين سيطلب منهم لتحمل فاتورة إعادة الاعمار، لا أموال العراق التي ستوجه لدفع الديون.
  يقول ليفينسون ان هذا لهو الامر الأكثر غرابة أو غير مألوف بسبب ان من شارك فيه" إنك تجد اثنين من وزراء الخارجية يظهر أنهم يقترحون استخدام اتصالاتهم والمعلومات الداخلية لإضعاف وتقويض سياسة الحكومة الأمريكية". بينما تقول كاثلين كلارك من جامعة واشنطن أن المقترح " قد كشف حقيقة كيف أن كبار المسؤولين الحكوميين يستخدموا نفوذهم من اجل جني او كسب أموال طائلة". إذ يمكن بالتأكيد من القول أن جيمس بيكر ومادلين أولبرايت كان لهم تأثير مباشر على مدفوعات العراق من الديون والتعويضات أكثر من أي سياسي خارج العراق، باستثناء ممكن وهو الرؤساء الأمريكيين الواحد والأربعون والثالث والأربعون. 
وزير الخارجية، بيكر لعب دورا في مسيرة تجميع الديون الخارجية في المقام الأول، إذ تدخل شخصيا في 1989 لضمان حصول صدام حسين على قرض ب 1 مليار دولار بمثابة ائتمان تصدير. وكان أيضا له دور رئيسي في التوجيه والتخطيط لحرب الخليج الأولى، وكذلك في وقف إطلاق النار الذي فرض على صدام دفع تعويضات شاملة. في مذكراته سنة 1995 " سياسة الدبلوماسية" كتب من أنه بعد ما شاهد حرق آبار النفط في الكويت اتصل بالرئيس جورج بوش وقال له " على العراق أن يدفع ثمن ذلك".  والآن من خلال "الاتحاد"، كارليل يمكن أن يكون مشرفا على إدارة مليار دولار من هذه المدفوعات.
 وكذلك يثير دور مجموعة أولبرايت نفس تلك التساؤلات. كوزيرة خارجية وممثلة دائمة في الأمم المتحدة، مادلين أولبرايت ساهمت شخصيا في إعداد مسودة القرار 986 الذي خلق برنامج النفط مقابل الغذاء، وتحويل 30% من عائدات النفط تعويضات الحرب. حيث قالت في مقابلة مع جيم ليهر في برنامج الساعة الإخبارية "انه ليوم عظيم للولايات المتحدة لاننا كنا من كتب القرار 986 لمجلس الأمن". والآن وهي مواطنة عادية، فهي العضو الرئيسي في " الاتحاد" الذي يستغل اتصالاته لتحقيق المكاسب من ذات التعويضات التي ساعدت في ضمانها. كذلك فهي كانت وراء تنفيذ الحصار الجائر ضد العراق، والذي كان وراء تدهور حالة مؤسسات القطاع العام. والآن هي جزء من خطة لاستخدام مدفوعات التعويضات لشراء تلك المنشآت التي أدى حصارها في إنهاك قدرتها واضعافها. 
لكن وظيفة بيكر كمبعوث رئاسي هي التي تثير العديد من الأسئلة للبيت الأبيض، لان المبعوث الرئاسي الخاص هو بمثابة ممثل شخصي للرئيس، يقابل رؤساء الدول مكان الرئيس ويقدم له التقارير مباشرة. فإن كان لدى مبعوث الرئيس تضارب مصالح، فان هذا ينعكس مباشرة على المكتب الأعلى. تقول كلارك " هناك وبشكل مطلق تضارب مصالح". ان بيكر يرتبط بكيانين، الحكومة الأمريكية ومجموعة كارليل – ولا ارتباط بينهما البعض. 
كمبعوث، وظيفة بيكر لأن يعمل ما بوسعه لشطب ديون العراق، وبذلك يخفف الأعباء عن دافعي الضرائب الأمريكان. لكن كرجل اعمال، فهو شريك مالي في شركة هي طرف في صفقة تحقق عكس النتيجة. فان نجح بيكر المبعوث، بيكر رجل الاعمال سيكون خاسرا وبالعكس.
 هل أثر تضارب المصالح هذا في أدائه كمبعوث؟ وهل دفع بقوة أكبر مما يستطيع لإعفاء ديون العراق؟ اننا نعلم ان التعويضات الثقيلة التي فرضت على العراق كانت قد نجت بشكل كبير من المساءلة والتدقيق العام – لو أن بيكر قد وجه إدارة بوش بعيدا عن مسالة التعويضات، لمن كان يعمل حينذاك؟ للبيت الأبيض؟ أو لكارليل؟ تقول كلارك إن مثل هذه الأسئلة هي التي بالتأكيد من كان وراء وجود التعليمات والضوابط عن تضارب المصالح. " لدينا السبب للشك في أن بيكر كان قد عمل كل ما بوسعه للعمل نيابة عن الولايات المتحدة لأنه كان له مصالح في الجانب الآخر من الصفقة.
 إن هذه المسألة هي الأكثر إلحاحا، في الملف الذي سلمه الرئيس بوش لبيكر، حيث يسودها الفوضى والتشويش. فبعد عشرة أشهر، نجد أن هناك حماسة واندفاع أقل إزاء إعفاء ديون العراق من قبل وصول بيكر. عندما عينه بوش، صعد من قيمته " بأنه من ذوي الخبرة الواسعة في الاقتصاد والسياسة والدبلوماسية".  وفي الأول، ظهر بيكر وكأنه يحقق تقدم كبير وسريع: بعد اجتماعات عالية المستوى، فرنسا، روسيا وألمانيا كانت الأجواء مفتوحة على إلغاء جزء كبير من ديونها وأن السعودية والكويت أبدت جاهزيتها لتقوم بالمثل. 
  لكن المفاوضات لم تنهار فحسب بل تراجعت للوراء. الكويت من جانبها قد تصلب موقفها " الديون تبقى ديون" كما قال مؤخرا محمد صباح السالم الصباح وزير الخارجية. كما أنها ضاعفت من طلباتها عن تعويضات حرب الخليج، الى جانب السعودية، ايران، الأردن وسوريا للمطالبة بزيادة قدرها 82 م د أ لتعويض عن الأضرار البيئية. 
وماذا عن الأوروبيين؟ في جلسة استماع بمجلس النواب الأمريكي يوم 15 أيلول/سبتمبر، السيناتور جوزيف بايدن سأل رونالد سشيلجر نائب وزير الخارجية المساعد لشؤون العراق، حول ما وصلت إليه المفاوضات العالمية. " هل هناك من دولة واحدة في جي 8، قالت رسميا أو طلبت من برلماناتها إعفاء ديون العراق"؟ فأجاب سشيلجر " لا سيدي ليس لحد الان".
 أليس ان بيكر فشل لإيصال التزام مؤكد لإعفاء الديون! في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، اتضح أن فرنسا قامت بتجاوز واشنطن وكانت تدفع باتجاه صفقة خاصة بها للتخفيف من الديون. نيكولاس ساركوزي وزير المالية أعلن أنه يقف الى جانب روسيا، المانيا وإيطاليا بخطة لإلغاء 50% من ديون العراق- بعيدا عن 90% – 95% ما طلبته واشنطن. لكن المثير في الأمر أن بيكر لم يكن موجودا في أي مكان للعثور عليه. 
هذا وفي انشغاله وقت التفاوض حول قواعد المناظرات الرئاسي فقد كان بيكر " كالمفقود في العمليات الحربية" عند التطرق لقضية الديون. فمنذ عودته من رحلته الى الشرق الأوسط في كانون الثاني / يناير، المبعوث الرئاسي أصدر بيانين عامين فقط حول ديون العراق، وقد كان في صمت تام حول الموضوع طيلة الأشهر الستة الماضية- على الرغم من إعلانه علانية الالتزام برتق قضية الديون عند نهاية العام. 
وبينما يكون ذلك أمرا غير جيد بالنسبة للعراقيين ودافعي الضرائب الأمريكان، فربما يكون ذلك أمرا جيدا لكارليل. اذ ان حلا سريعا لازمة الديون العراقية تأتي العكس على مصالحها المالية: فكلما طالت المفاوضات، كلما احتاج "الاتحاد" مزيدا من الوقت لإقناع حكومة الكويت المترددة للتوقيع على الخط المنقط!!! لكن ان تم بنجاح إزالة الديون العراقية، فإن أي صفقة مقترحة تكون خارج الطاولة. إن وظيفة بيكر كمبعوث كانت بالتأكيد مفيدة لزملائه في "الاتحاد". وفيما إذا كان بيكر قد ساعد في حل أزمة الديون العراقية فان ذلك يكاد غير واضحا الى اقصى الحدود.
 
*نشر المقال في (The Nation) بتاريخ 12 تشرين الثاني / أكتوبر 2024:
 www.thenation.com/article/archive/James-bakers-double-life/
 
** نعومي كلاين: هي صحفية سياسية وكاتبة ومؤلفة أفلام تسجيلية كندية. تتميز بكتابتها المناهضة للسياسات النيوليبرالية، والتحليلية لسياسات الشركات متعددة الجنسيات والعولمة الاقتصادية. عملت كمراسلة صحفية لفترة في العراق.
***الدكتور شاكر موسى عيسى رئيس الجمعية العراقية/ الكندية لشطب الديون الخارجية العراقية – اوتاوا – كندا منذ 1999، والمستشار الاقتصادي سابقا في الامم المتحدة، ومؤلف كتاب " الديون العراقية البغيضة" الصادر عن دار الرواد المزدهرة في بغداد 2025.