كانون1/ديسمبر 05
   
احتياجات الذكاء الاصطناعي للطاقة
تأثيراته البيئية والحلول المستقبلية المقترحة
                                                                                               
  طرحت موضوعة الطاقة المطلوبة لتشغيل الروبوتات الذكية مثل جات جي بي تي (ChatGPT)، ومراكز بياناتها؛ التي تشكل اللبنات الأساسية لتدريب هذه الروبوتات للحصول على ذكائها الاصطناعي؛ تحديات كبيرة جدا نتيجة تأثيراتها البيئية. هذه التحديات ولدت الحاجة الى البحث في إيجاد بدائل كفوءة في استهلاك الطاقة لهذه المنظومات. إن مراكز البيانات هذه تجمع معطيات عن مستخدمين، يتجاوز عددهم بالمليارات ومنتشرين في كافة أنحاء العالم، هذه المعطيات هي التي تشكل الوقود الأساسي لتشغيل ماكينة الروبوتات الذكية؛ إذا أريد لها أن تستدام بعملها.
يُشاد بالذكاء الاصطناعي باعتباره التقنية التي غيرت من قواعد العمل بشكل عام، ولكن تحت إمكاناته التحويلية يكمن قلق مُلح: تأثيره البيئي. إن تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وصيانتها والتخلص منها كلها تأتي ببصمة كربونية كبيرة.
تتعمق المعضلة البيئية الخفية المحيطة بالذكاء الاصطناعي وهناك حاجة ملحة لاتخاذ تدابير استباقية. قد يتم تأمين مستقبل مستدام، ويمكن تقليل المخاطر التي يجلبها الذكاء الاصطناعي إلى عالمنا من خلال إدراك التأثيرات والتصرف بمسؤولية.
في خضم الإثارة المحيطة بـ جات جي بي تي والإمكانيات الهائلة للذكاء الاصطناعي، فقد تم تجاهل هذه التأثيرات على البيئة إلى حد ما.
مع ازدياد تعقيد مجموعات البيانات والنماذج، تصبح الطاقة اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتشغيلها هائلة. وتؤثر هذه الزيادة في استخدام الطاقة بشكل مباشر على انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ. وفقًا لباحثي شركة أوبن أي آي (OpenAI)(1)، منذ عام 2012، تضاعفت كمية الطاقة الحاسوبية المطلوبة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة كل 3.4 شهرًا. وفي عام 2016، كانت متطلبات تشغيل مراكز البيانات الموجودة في الولايات المتحدة ما يعادل إنتاج 34 محطة تعمل بالفحم، كل منها تولد 500 ميغاوات. أما استهلاك شركتي كوكل وميتا/فيسبوك للطاقة لمراكز بياناتها المنتشرة حول العالم؛ فشركة كوكل تستهلك ما مقداره ضعف استهلاك مدينة سان فرانسسكوا الامريكية، بحسب تقريرها البيئي لعام 2021(2) وإنها تستهلك ما مقداره 15.5 تارا واط (10 مرفوعة للقوة 12 واط أو مليون ميكا واط). أما شركة ميتا/فيسبوك فإنها استهلاكها قد تعدى 9 تارا واط، بحسب ما نشر في 9 آذار 2023 لـقسم أبحاث ستاتيستا (Statista Research Department)(3). كما إنه من المتوقع بحلول عام 2040 أن تصل الانبعاثات من صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ككل إلى 14% من الانبعاثات العالمية (4)، حيث تأتي غالبية تلك الانبعاثات من البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخاصة من مراكز البيانات وشبكات الاتصالات. تُظهر هذه البيانات الحاجة الملحة لمعالجة البصمة الكربونية للذكاء الاصطناعي ودوره في التدهور البيئي.
في الآونة الأخيرة، أجرى باحثون من جامعة ماساتشوستس دراسة لتحديد مقدار الطاقة المستخدمة لتدريب بعض نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة الشائعة (5). ووفقاً للنتائج، يمكن أن ينتج التدريب حوالي 626 ألف رطل من ثاني أكسيد الكربون، أو ما يعادل حوالي 300 رحلة طيران ذهاباً وإياباً بين نيويورك وسان فرانسيسكو - أي ما يقرب من 5 أضعاف الانبعاثات طوال عمر السيارة المتوسطة. (انظر الشكل 1)  
يتوقع المحللون الى أن البصمة الكربونية للذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون سيئة - إن لم تكن أسوأ - من تعاملات العملة الرقمية المشفرة (البيتكوين)، الذي تولد حاليًا غازات دفيئة أكثر من بلدان بأكملها.
تشير الحرارة المحطمة للأرقام القياسية عبر الأرض والسماء والبحار إلى أن هذا هو آخر شيء تحتاجه أنظمة دعم الحياة الحرجة لدينا.
بحلول عام 2050، يتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) أن يتجاوز إجمالي كمية النفايات الإلكترونية المتولدة 120 مليون طن متري.
لتجنب الأضرار البيئية وتقليل إطلاق المركبات الخطرة، تعد الإدارة السليمة للمخلفات الإلكترونية وإعادة تدويرها أمرًا ضروريًا. ولضمان المعالجة الآمنة وإعادة التدوير للنفايات الإلكترونية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والحد بشكل كبير من آثارها البيئية السلبية، يلزم وجود قوانين أكثر صرامة وممارسات التخلص الأخلاقية.
يثير استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة البيئية أيضًا أسئلة أخلاقية. يمكن أن تكون القرارات التي تتخذها أنظمة الذكاء الاصطناعي متحيزة إذا تم تقديمها ببيانات غير دقيقة أو غير كاملة. على سبيل المثال، إذا تلقى نظام الذكاء الاصطناعي تعليمات لتغليب النمو الاقتصادي على حماية البيئة، فقد يختار وضع المكاسب المالية قصيرة المدى قبل الاستدامة البيئية.
إن هذا الاستهلاك من الطاقة هو اعلى من استهلاك العديد من دول العالم؛ وانه لم يأخذ في نظر الاعتبار استهلاك الطاقة للخوادم والحواسيب والأجهزة الجوالة لمستخدمي هذه الخدمات المنتشرين حول العالم وهم بالمليارات.
تقول ساشا لوتشيوني Sasha Luccioni، باحثة الأخلاقيات في منصة التعلم الآلي مفتوحة المصدر في هاكينك فيس (Hugging Face)، لصحيفة الغارديان البريطانية (6): "بشكل أساسي، إذا كنت تريد إنقاذ الكوكب باستخدام الذكاء الاصطناعي، فعليك أيضًا التفكير في البصمة البيئية. ليس من المنطقي حرق غابة ثم استخدام الذكاء الاصطناعي لتتبع أثار اختفائها".
مثل التعامل بالعملات الرقمية المشفرة، يعتمد الذكاء الاصطناعي على وحدات معالجة الرسومات (GPUs) عالية القدرة لاختراق المعطيات وتحليلها واستنباط البيانات منها. إن التعامل بالعملات الرقمية المشفرة ينتج نفس الكمية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مثل بعض البلدان (انظر الشكل 2)(7) كذلك يتم تشغيل جات جي بي تي بواسطة مراكز بيانات عملاقة تستخدم عشرات الآلاف من رقائق الحاسوب المتعطشة للطاقة.
 
إذا كان نمو قطاع الذكاء الاصطناعي يشبه العملة الرقمية المشفرة، فسيصبح أكثر استهلاكًا للطاقة بمرور الوقت، حيث تستهلك العملة الرقمية المشفرة الآن طاقة هي 66 مرة أكثر مما كانت تستهلكه في عام 2015، هذا الاستهلاك الهائل دفع الصين ونيويورك الى حظر التعامل بها. إن منظومات العملات الرقمية المشفرة تستهلك ما يقرب من 150 مليون ميغاواط ساعة من الكهرباء سنويًا، مع بصمة كربونية تكاد تصل إلى حجم ماليزيا.
إن مشاكل الطاقة هذه، سبق وأن طرحت في عام 2015 ؛ في بريطانيا مثلا، ومن وجهة النظر الى احتياجات المستخدمين فقط، صرح أندرو إليس Andrew Ellis، أستاذ اتصالات البصريات في جامعة أستون في اجتماع للجمعية الملكية بلندن، في أيار من نفس العام(8) "ما لم يتم اتخاذ إجراءات جوهرية في احتياجات الإنترنت من الطاقة، فيمكن أن تصل الألياف الضوئية إلى الحد الأقصى من قدراتها في غضون ثماني سنوات". وأضاف "منذ أن حصلنا على المودم الأول الذي استخدم في الاتصالات، زادت السعة التي تمكن الناس من تحقيقها بشكل كبير، حيث تضاعفت كل عامين. كما أن مشغلي الاتصالات الرئيسيين يستهلكون وحدهم من الطاقة المولدة بما يعادل إنتاج ثلاث محطات نووية، ويمكن أن يستهلك الطلب المتزايد على الإنترنت إمدادات الطاقة في البلاد بالكامل بحلول عام 2035 تقريبًا"(8).
 
البدائل المقترحة
 هذه المشاكل دفعت بالباحثين الى النظر الى تقنيات بديلة أكثر كفاءة في استهلاكها للطاقة، أو إنتاج طاقة بدون بصمة كربونية، مثل العمل الجاري على إنتاج طاقة من مفاعلات الاندماج النووي. لكن هذه الأخيرة ليست كفوءة في إنتاجها للطاقة إذا ما نظرنا الى ما تحتاجه من طاقة تشغيل تصل الى 15 مليون أمبير لتشغيل المغناطيسية التي تحتاجها للحفاظ على البلازما المطلوبة التي توفر درجة حرارة أضعاف درجة حرارة الشمس (مثال على ذلك المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي أتير ITER في فرنسا والذي تشارك في إنشائه 30 دولة).
إن أول ما تم النظر اليه هو ما تستهلكه الأدمغة البيولوجية من طاقة خصوصا بعد النجاحات التي حققتها الشبكات العصبية في تصميم أجهزة الذكاء الاصطناعي على اختلاف أنواعها؛ استنادا الى الحقائق الاتية:
إن الأدمغة البشرية أبطأ من الآلات في معالجة المعلومات البسيطة، مثل العمليات الرياضية، لكنها تفوق بكثير الآلات في معالجة المعلومات المعقدة حيث تتعامل العقول بشكل أفضل مع القليل من البيانات و/ أو غير المؤكدة.
يمكن للأدمغة أن تؤدي كلاً من المعالجات المتسلسلة والمتوازية (في حين أن أجهزة الحاسوب يمكنها فقط القيام بالمعالجات المتسلسلة).
أنها تتفوق على أجهزة الحاسوب في اتخاذ القرارات التي تخص مجموعات البيانات الكبيرة وغير المتجانسة وغير المكتملة وغيرها من أشكال المعالجة الصعبة.
تتضح قوة معالجة الدماغ البشري، على سبيل المثال، من خلال الملاحظة التي مفادها أنه في عام 2013، استغرق رابع أكبر حاسوب في العالم 40 دقيقة لنمذجة ثانية واحدة من 1٪ من نشاط دماغ الإنسان(9).
يمتلك كل دماغ بشري سعة تخزين تقدر بـ 2500 تيرا بايت، نتيجة وجود 86-100 مليار خلية عصبية بها أكثر من 10 مرفوعة للقوة 15 رابط (10).
كل هذا حث الباحثين الى وصف مجال ناشئ أطلق عليه اسم "الذكاء العضوي" (Organoid Intelligence OI)، والذي يهدف إلى الاستفادة من قوة المعالجة البيولوجية غير العادية للدماغ.
ظاهريًا، يقوم كل من التعلم البيولوجي والتعلم الآلي/ الذكاء الاصطناعي عبر عوامل ذكية ببناء تمثيلات داخلية للعالم لتحسين أدائها في تنفيذ المهام. لكن، الاختلافات الجوهرية بين التعلم البيولوجي والتعلم الآلي في آليات التنفيذ وأهدافها تؤدي إلى كفاءتين مختلفتين اختلافًا جذريًا:
أولاً، يستخدم التعلم البيولوجي طاقة أقل بكثير لحل المشكلات الحسابية. على سبيل المثال، يُعَد سمك الزرد نموذجًا مثاليًا للفقاريات في استخدامه للطاقة، وذلك بفضل قدرته، في مرحلة اليرقات، باستخدام خلية عصبية واحدة في جميع أنحاء الدماغ بأكمله. ويجري تطوير هذه التقنيات بشكل أكبر لتطبيقها للتحرك بحرية وانجاز سلوكيات أكثر تعقيدًا بما في ذلك التعلم وصنع القرار والتفاعلات الاجتماعية (11)، بينما يستهلك الشخص البالغ 100 واط، ويشكل استهلاك الدماغ منها 20٪(12). في المقابل، تعمل المجموعات المستخدمة لإتقان أحدث نماذج التعلم الآلي عادةً حوالي 10 مرفوعة للقوة 6 واط. منذ حزيران (يونيو) 2022، كان جهاز فرونتير (Frontier) الأمريكي وهو أقوى حاسوب عملاق في العالم، حيث وصل إلى إنجاز 1.102 X 10 مرفوعة للقوة 18عملية حسابية في الثانية على معايير لنباك (LINPACK). بلغ استهلاك الطاقة لهذا الحاسوب العملاق 21 ميغا واط، بينما يعمل الدماغ البشري بما يقارب 1 X 10  مرفوعة للقوة 18 عملية حسابية في الثانية ويستهلك 20 واط فقط (انظر الجدول 1)(13). هكذا، يعمل البشر بكفاءة طاقة أفضل بــ 10 مرفوعة للقوة 6 أضعاف مقارنة بالآلات الحديثة وإن كان ذلك أثناء أداء مهام مختلفة تمامًا.
 
ثانيًا، يستخدم التعلم البيولوجي عددًا أقل من الملاحظات لتعلم كيفية حل المشكلات. على سبيل المثال، يتعلم البشر مهمة بسيطة "التشابه مقابل الاختلاف" باستخدام حوالي 10 عينات تدريب(14)؛ والكائنات الحية الأبسط، مثل نحل العسل، تحتاج أيضًا إلى عينات أكثر بقليل بشكل ملحوظ (تقريبا 10 مرفوعة للقوة 2). في المقابل، في عام 2011، لم تتمكن الآلات من التعرف على هذه الفروق حتى مع وجود 10 مرفوعة للقوة 6 عينة ثم تم زيادتها الى 10 مرفوعة للقوة 7 عينة في عام 2018 دون أن تحدث فرق يذكر. وهكذا، بهذا المعنى، على الأقل، يعمل البشر بكفاءة بيانات أفضل بـ 10 مرفوعة للقوة 6 مرة بالمقارنة مع الآلات الحديثة.
مثال آخر؛ قدم نظام ألفا كو (AlphaGo)، الذي تغلب على بطل العالم في لعبة كو (Go) المعقدة، توضيحًا ملموسًا على كفاءة التعلم البيولوجي بالمقارنة مع التعلم الآلي. حيث تم تدريب هذا النظام على بيانات من 160000 لعبة. بالمقارنة لتدريب الإنسان على هذه اللعبة فهذا يعني إنه يجب عليه أن يلعب لمدة خمس ساعات في اليوم بشكل مستمر لأكثر من 175 عامًا لتجربة نفس العدد من الألعاب التدريبية - مما يشير إلى الكفاءة العالية للدماغ في هذا النشاط التعليمي المعقد.
المعنى الضمني هنا هو أن أساليب الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لها فائدة محدودة للمهام التي تتطلب التعلم في الوقت الحقيقي والإجراءات الديناميكية في بيئة متغيرة. تعد مزايا القوة والكفاءة لـ "الحوسبة البيولوجية" على التعلم الآلي مضاعفة بملايين المرات. إذا استغرق الأمر نفس القدر من الوقت لكل عينة لإنسان أو آلة، فإن إجمالي الطاقة التي يتم إنفاقها لتعلم مهمة جديدة تتطلب طاقة أكثر من 10 مرفوعة للقوة 10 مرة بالنسبة للآلة عما يحتاجه الإنسان. تم تدريب ألفا كو لمدة 4 أسابيع باستخدام 50 وحدة معالجة رسومات، والتي تطلبت ما يقرب من 4 X 10 مرفوعة للقوة 10 جول من الطاقة - تقريبًا نفس كمية الطاقة المطلوبة للحفاظ على التمثيل الغذائي للإنسان البالغ النشاط لمدة عقد. 
يمنع هذا الاستهلاك العالي للطاقة الذكاء الاصطناعي من تحقيق العديد من الأهداف الطموحة للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات التي عليها التزامات بأن تكون صديقة للبيئة في عام 2030.  هذه الشركات بدأت في الوصول إلى الحدود القصوى للتعلم الآلي، على سبيل المثال مطابقة أو تجاوز القدرات البشرية للمهام المعقدة مثل قيادة المركبات، بسبب عدم كفاءتها، والزيادة الهائلة المصاحبة في استهلاك الطاقة غير المستدامة، وتأثيراتها البيئية. 
نظرًا لكون العقول البيولوجية أكثر كفاءة في استخدام الطاقة من أجهزة الحاسوب الحالية، يمكن للتقنيات المستخدمة في العقول البشرية، إذا ما تم استخدامها، بإن تلبي نظريًا نفس سعة تخزين البيانات الحالية، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يمكن أن يتم ذلك باستخدام 1600 كيلووات فقط من الطاقة. الجدير بالذكر أن متطلبات الطاقة لأي تنفيذ حالي أو مستقبلي لـ "الذكاء العضوي" تختلف اختلافًا كبيرًا عن استهلاك الطاقة لجسم الإنسان، هذه المقارنات بين الأدمغة وأجهزة الحاسوب تخدم فقط كبيانات توضيحية للكفاءة العالية للدماغ البشري.
خلقت هذه الملاحظات مجتمعة توقعات عالية لـ “الحوسبة البيولوجية" الموجهة بالدماغ كبديل للحوسبة القائمة على السيليكون، على الرغم من إمكانية حدوث تطورات غير مسبوقة في سرعة الحوسبة وقوة المعالجة وكفاءة البيانات وقدرات التخزين - جميعها مع احتياجات أقل للطاقة. لكن، قد ثبت أن إدراك إمكانات "الحوسبة البيولوجية" يمثل تحديًا، ولا تزال معظم الأبحاث في مهدها. حتى الآن، فقد تم استخدام مصطلح "الحوسبة البيولوجية" بشكل أساسي لوصف استخدام الحمض النووي لتخزين البيانات الرقمية(15). لكن تم صناعة "حاسوب بايولوجي" يجمع بين أنسجة المخ المزروعة في المختبر والأجهزة الإلكترونية، حيث تمكن هذا الحاسوب، الذي دمج خلايا الدماغ في آلة هجينة، في التعرف على الأصوات(16). في 11 يونيو/حزيران 2024 قامت شركة سويسرية ناشئة بربط 16 عقلًا بشريًا صغيرًا لإنشاء "حوسبة بيولوجية" منخفضة الطاقة (17).
إن استخدام مصطلح "الذكاء العضوي" لهذا النهج للتأكيد على تكامله مع الذكاء الاصطناعي - حيث تهدف "الحوسبة البيولوجية" إلى أداء المهام التي تقوم بها العقول، في كثير من الأحيان من خلال نمذجة فهمنا للتعلم. لكن، بينما يهدف الذكاء الاصطناعي إلى جعل أجهزة الحاسوب أكثر شبهاً بالدماغ، فإن أبحاث "الحوسبة البيولوجية" ستكشف كيف يمكن جعل زراعة الخلايا الدماغية أكثر شبهاً بالحاسوب.
 
المصادر
11- Orger MB, de Polavieja GG. Zebrafish behavior: opportunities and challenges. Annu Rev Neurosci (2017) 40:125–47. doi: 10.1146/annurev-neuro-071714-033857.
12- Raichle ME, Gusnard DA. Appraising the brain’s energy budget. Proc Natl Acad Sci USA (2002) 99(16):10237–9. doi: 10.1073/pnas.172399499.
14- Giurfa M, Zhang S, Jenett A, Menzel R, Srinivasan MV. The concepts of “sameness” and “difference” in an insect. Nature (2001) 410:930–3. doi: 10.1038/35073582.
15- Lee HH, Kalhor R, Goela N. Terminator-free template-independent enzymatic DNA synthesis for digital information storage. Nat Commun (2019) 10:2383. doi: 10.1038/s41467-019-10258-1.
---------------------------------