حزيران/يونيو 13
   
المعالم الأساسية لاتجاهات تطور الأجور في السويد خلال الفترة 1913 – 2018
 
      تدور اشكالية الدراسة حول تبديد وهم ساد لمدة طويلة (ولا يزال قائما حتى اليوم وسيستمر أيضا!)، وهو أن النظام الرأسمالي، إن كان يتسم بعدم العدالة في توزيع الدخل والثروة (أو البعد عن المساواة)، منذ نشأته، وحتى العقود الأولى من القرن العشرين، فإنه منذ ذلك الوقت سائر نحو تخفيف حدّة اللامساواة. ولكن حقائق التاريخ صارمة تفقأ العين حيث تقول ان الاتجاه العام للرأسمالية، منذ نشأتها وحتى الآن، هو أنها سائرة نحو مزيد من اللامساواة والاستقطاب وأن فترة التخفيف من حدّة التفاوت ليس إلا استثناء عارضا في تاريخها. وقد حدث ذلك لأسباب تاريخية معينة لا يتسع المجال في الدخول بتفاصيلها، ولا ينتظر أن تتكرر إلا اذا تمت القناعة بضرورة بذل جهد واع لإيقاف الاتجاه الى المزيد من اللامساواة، وهذا لن يحدث ابداً في هذه التشكيلة، لأن احد القوانين الناظمة للتشكيلة الرأسمالية هو تفاقم الفقر من جهة والثروة من جهة اخرى !
    وتدعيما للملاحظات اعلاه يمكن الاتفاق مع ملاحظة الاقتصادي الفرنسي " توماس بيكيتي" التي تقول إن انعدام المساواة بين العمل ورأس المال وبين الطبقات داخل البلدان الرأسمالية نفسها، وفيما بين البلدان بعضها البعض قد تزايد في القرن الحادي والعشرين وفاق ما كان عليه الحال في القرون الثلاثة السابقة. ويرى أن الآمال التي علقها الناس على التقدم في اتجاه توزيع أقرب إلى المساواة في الثروة والدخل، قد تحطمت في القرن الحادي والعشرين، فما أن يتكون رأس المال إلا ويعيد إنتاج نفسه بوتيرة أسرع كثيرا من وتيرة زيادة الناتج القومي، وهكذا "يقوم الماضي بالتهام المستقبل"(1). ويفرد "بيكيتي" مساحة كبيرة لـ "مجتمع المديرين" و "الأجور السوبر" كأحد العوامل التي أدت إلى التركيز الهائل للثروة.
    وفي اطار المعركة الايديولوجية بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي خلال فترة "الحرب الباردة" جرى تقديم دولة الرفاه الاجتماعي باعتبارها "الجنة الموعودة" التي تسود فيها العدالة الاجتماعية وأنها تمثل "خيارا ثالثا" أي انها "لا شرقية ولا غربية"!!. والواقع انها ليست خيارا "ثالثا"، كما يتصور البعض، بل خيار من داخل النظام الرأسمالي نفسه لإعادة انتاج هذا النظام دون عوائق، ولمواجهة التحديات الجديدة التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية وما طرحته من رهانات استراتيجية وتنويعات تطبيقية ملموسة تمثلت بانتصار الاتحاد السوفيتي في تلك الحرب ونشوء المعسكر الاشتراكي، وتعاظم دور الطبقات العاملة محليا ودوليا، مما اصبحت تهدد أسس النظام الرأسمالي، فكان لا بد من "مناورة من داخل النظام" تسمح بموجبها عبور التحديات التي ظهرت بـ "اقل الخسائر" وعندها ظهرت دولة الرفاه الاجتماعي(2).
    وكما قلنا قبل قليل، ولد نموذج الرعاية الاجتماعية ودولة الرفاه في قلب الصراع بين نظامي الرأسمالية والاشتراكية و"الحرب الباردة" خلال المرحلة السابقة من العولمة الرأسمالية غير المطلقة وسوقها الدولية غير الشاملة. ولما كانت قوى النموذج الاقتصادية وأسسه الفكرية وتقاليده السياسية والاجتماعية قد ترسخت في الدول التي قامت بتطبيقه عقودا متعددة من الزمن، فإن هذا النموذج صمد بقدر كبير، بالرغم من معاناته من أزمات عدة. ومع أن هذا النموذج قد حقق توازناً، في المجتمعات بين المصالح والحاجات وبين النمو والعدالة وبين الربح الفردي والفئوي والأجور وسائر العناصر المحققة للازدهار الاجتماعي والازدهار الاجتماعي فإنه - أي هذا النموذج - قد أصابه التآكل لاحقا وواجه صعوبات عدة وأزمة بنيوية متعددة الصُعُد باتت تهدد وجوده.
    ان هذه العملية التي يُطلَقُ عليها أحياناً اسم: "أزمة دولة الرفاه"، أثارت تساؤلاتٍ حادة حول مفهوم "دولة الرفاه"، وحول الفرضيات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية التي قامت عليها وحول تطوّرها في المستقبل.
    وثمة العديد من المقاربات التي يمكن استخدامها للكشف عن واقع العدالة الاجتماعية في دول الرفاه الاجتماعي إلا أننا اخترنا دراسة تطور الاجور في السويد خلال فترة زمنية تجاوزت القرن (1913 – 2018) لفحص مدى صدقية هذه الاطروحة ولتبديد وهم العدالة في توزيع الدخل والثروة في دولة الرفاه الاجتماعي.
 
المبحث الأول: تطور الأجور والمرتبات خلال الفترة 1913 – 2018
     في عام 1913، كان متوسط ​​أجر العاملين في التعدين و الصناعة التحويلية (42) أورة öre في الساعة (الاورة الواحدة تعادل 1/100 من الكرونة السويدية). اما في عام 2018 ، أي بعد 105 سنوات ، فقد ارتفع أجر الساعة الواحدة من المرتب إلى 180 كرونة سويدية (كمتوسط) في الساعة. ولمزيد من التوضيح، كان متوسط الراتب الشهري في عام 1913 يعادل 85 كرونة سويدية، في حين بلغ 30600 كرونة سويدية في عام 2018. اما في عام 2019 فقد بلغ 35 300 كرونة شهريا(3).
    وبالنسبة لصناعة التعدين، فقد ارتفع متوسط الراتب الشهري من 186 كرونة سويدية في عام 1913 إلى 44900 كرونة سويدية في 2018.
     ومع ذلك، كانت قيمة الكرونة الواحدة في عام 1913 أعلى بكثير من قيمتها الحالية. وبصورة أدق فإنها تعادل 48 مرة أكثر وفقًا لمؤشر أسعار المستهلك (CPI) الخاص بإحصائيات السويد. ويعني ذلك أن سلعة معينة كانت تكلف كرونة واحدة في عام 1913 اصبحت في عام 2018 تكلف 48 كرونة.
     في بداية سنة القياس (1913)، كانت السويد في منتصف مرحلة التوسع الصناعي وأدى نقص العمالة إلى ارتفاع حاد في الأجور. ومع ذلك، ارتفعت الأسعار وانخفضت الأجور الحقيقية أكثر بعد إدخال نظام العمل بمقدار 48 ساعة أسبوعيا وتطبيق السياسة النقدية المقيّدة أو الانكماشية. وقد تسبب هذا في ارتفاع الأجور خلال سنوات 1918- 1920، حيث ارتفعت الأجور الحقيقية بما يزيد قليلاً على 50%.
غير انه في أوائل العشرينات من القرن الماضي، أدت أزمة اقتصادية حادة إلى انخفاض الأجور من الناحية الاسمية والحقيقية. ومع ذلك ، استقرت الأجور بعد عدّة سنوات عند حوالي 220 كرونة سويدية شهريا للعمال وحوالي 360 كرونة سويدية للموظفين، والتي تتوافق مع ما يزيد قليلاً على 6100، و 9900 كرونة سويدية على التوالي، بأسعار 2018. ثم ظلت المرتبات عند هذا المستوى تقريبا لمدة 20 عاما، حتى أوائل الأربعينيات.
    أعقبت الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) فترة ما يقارب الثلاثة عقود من النمو الاقتصادي القوي. وتماشيا مع زيادة الأجور ارتفع متوسط الراتب الشهري للعامل الصناعي من 364 كرونة سويدية في عام 1945 إلى 2182 كرونة سويدية في عام 1970. وباسعار عام 2018 فإن هذا يتوافق مع زيادة في الأجور الحقيقية من 7500 كرونة سويدية إلى 17300 كرونة في الفترة (1945–1970). ويعني ذلك زيادة قدرها 130 بالمائة خلال هذه الفترة أو 3.4 بالمائة سنويًا لمدة 25 عاما (1945–1970).
    في السبعينيات، توقف النمو الاقتصادي وتبعه حدوث تضخم اقتصادي استمر لمدة 20 عاما حيث ارتفعت الأجور والأسعار بشكل حاد. فقد جلبت هذه الاوضاع ركودا في الأجور الحقيقية، وبالأسعار الثابتة كان متوسط ​​أجر العمال حوالي 19000 كرونة سويدية شهريا في الفترة (1975-1995). هذا على الرغم من أن الأجور ارتفعت بنسبة تزيد قليلاً على 300%، من 3621 كرونة سويدية إلى 14800 كرونة في نفس الفترة.
     من جهة اخرى، فإنه في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، أدت ما يسمى بـ "أزمة التسعينيات" إلى ضرورة وضع حد للتضخم الاقتصادي، ولهذا تخلت السويد عن سعر الصرف الثابت للعملة السويدية (الكرونة) ووضع البنك المركزي Riksbanken هدفا للتضخم لا يتجاوز نسبة الـ 2٪ سنويًا وظل ساريا طيلة الفترة التالية. 
    وفي الوقت نفسه، ارتفعت الأجور بنحو 2.9% سنويا بالنسبة للعمال وحوالي 3.2% للموظفين في الفترة 1998-2018.
 
تطور الأجور خلال الفترة 2000 - 2018
    خلال الفترة 2000 - 2018 ، ارتفع متوسط ​​الراتب الشهري لجميع العاملين في السويد من 19900 كرونة سويدية إلى 33900 كرونة. وتعني هذه الارقام ان متوسط ​​الراتب قد ارتفع بـ 14000 كرونة ، أو يعادل 70 بالمائة.
     ومع ذلك، فقد زادت مرتبات الموظفين بنسبة أكبر من اجور العمال. فبالنسبة للعمال، ارتفع متوسط ​​الأجر الشهري خلال الفترة المذكورة من 16300 كرونة سويدية إلى 27000 كرونة سويدية، أي بزيادة قدرها 10800 كرونة سويدية، أو ما يعادل 66%، بينما زاد متوسط ​​الرواتب للموظفين من 22800 كرونة سويدية إلى 40500 كرونة سويدية، بزيادة قدرها 17800 كرونة سويدية أو ما يعادل 78%. وبذلك ارتفع متوسط ​​الراتب بمقدار 7000 كرونة سويدية ، أو ما يعادل 12 نقطة مئوية، بالنسبة للمشتغلين من ذوي الياقات البيضاء أكثر من العمال. ولمزيد من التفاصيل انظر الجدول (رقم 1) أدناه.
 
المعالم الأساسية للأجور في عام 2018
     وفقا لـ (Lönerapport 2019) (4) الصادر عن المركزية النقابية (LO) في عام 2018، فقد بلغ متوسط ​​الراتب للعاملين بأجر عموما 33900 كرونة سويدية شهريا. وعند تقسيم هؤلاء الى فئتين: العمال (ذوي الياقات الزرقاء) والموظفين tjänstemän (ذوي الياقات البيضاء) يتضح التالي: بالنسبة للعمال، بلغ متوسط ​​الاجر للعامل لنفس العام 27000 كرونة سويدية وللموظف 40500 كرونة سويدية. وهكذا فقد بلغ متوسط ​​فجوة الراتب 13500 كرونة سويدية، أو 50% ، أعلى بالنسبة لذوي الياقات البيضاء بالمقارنة مع العمال. وهو ما يعكسه الجدول رقم (2) ادناه:
  
    ولا بد من الاشارة هنا الى أن فجوة الأجور ليست فقط بين العمال من جهة وبين الموظفين من ذوي الياقات البيضاء من جهة أخرى، بل ان عوامل كالجندر والعمر والقطاع والمنطقة وكذلك العاملون الذين ينتمون الى بلدان مختلفة، تُظهِر أيضا وجود فروقات كبيرة في الأجور.
     هذا مع العلم انه خلال عامي 2017-2018، كان متوسط ​​المرتب لجميع العاملين قد ازداد بنسبة 5.2 في المئة. ولكن لو دفعنا التحليل خطوة للأمام سنجد ان اجور العمال زادت بنسبة 4.4% (أي 1140 كرونة)، في حين أن هذه الزيادة بالنسبة للموظفين بلغت 5.8٪ (أي 2220 كرونة).
    والنتيجة المستخلصة من الملاحظات السابقة هي ان فجوة الأجور بين العمال (ذوي الياقات الزرقاء) وبين المشتغلين الآخرين من ذوي الياقات البيضاء قد ازدادت في العامين 2017 - 2018.
    ومن المعروف انه خلال العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، اتسعت فجوة الأجور بين العمال والموظفين، من 40 في المائة في عام 2000 إلى 50 في المائة في عام 2018.  ومع ذلك، فإنه وخلال معظم هذه الفترة كانت فجوة الأجور ثابتة نسبيا عند حوالي 48% .
 فجوة الاجور على مستوى الجندر خلال عام 2018
     تشير المعطيات الاحصائية الى انه في عام 2018 كان متوسط ​​الراتب الشهري للنساء 31900 كرونة سويدية وللرجال 35900 كرونة سويدية (انظر الجدول رقم 2). وبذلك بلغ متوسط ​​أجر النساء 42000 كرونة سويدية (أو ما يعادل 13%) أقل من الرجال. وكنسبة مئوية، فإن متوسط أجر النساء الشهري يشكل 88 في المائة من متوسط ​​أجر الرجال.
    كانت الفجوة في الأجور بين النساء مقسمة بين العمال والموظفين العاملين ذوي الياقات البيضاء. ففي اوساط العمال كان متوسط ​​الأجر بين النساء العاملات قد بلغ 25000 كرونة اما بالنسية للرجال من العمال فقد بلغ 28500 كرونة. وتعني هذه الارقام ان فجوة الدخل بين الذكور والاناث من العمال بلغت 3500 كرونة لصالح الرجال. ومن حيث النسبة المئوية، فإن أجر النساء شكل 88% من متوسط ​​أجر الرجال بين فئة العمال.
     اما بالنسبة لفئة الموظفين (ذوي الياقات البيضاء)، فقد كان متوسط ​​الراتب الشهري للنساء 37000 كرونة سويدية وللرجال 44700 كرونة، بفارق 7700 كرونة لصالح الرجال. وكنسبة مئوية، يعادل متوسط ​​أجر النساء 83% من متوسط ​​أجر الرجال بين هذه الفئة (انظر الجدول 2).
     ومن جهة اخرى، وعلى مستوى توزيع العاملين بين القطاع العام والقطاع الخاص فإنه يلاحظ ان فجوة الأجور بين النساء والرجال في القطاع العام اقل منها في القطاع الخاص. فمثلا بين العمال، بلغت فجوة الاجور 300 كرونة سويدية اقل للنساء منه عن الرجال في القطاع العام و 3600 كرونة سويدية أقل في القطاع الخاص. ويعني ذلك ان متوسط ​​أجر النساء شكل 99% من متوسط أجر الرجال في القطاع العام. اما في القطاع الخاص فكانت الفجوة اكبر، حيث بلغ متوسط أجر النساء 88% من متوسط أجر الرجال. والنتيجة المستخلصة بسيطة: تركيبة الاجور على مستوى الجندر في القطاع الحكومي أكثر عدالة مما هي عليه في القطاع الخاص.
     وحتى بين الموظفين، كانت فجوة الأجور بين النساء والرجال أصغر في القطاع العام منه في القطاع الخاص. ففي القطاع العام، كان متوسط ​​المرتب الشهري للنساء يقل بمقدار 4000 كرونة سويدية عن الرجال و 7800 كرونة في القطاع الخاص. وبالنسب المئوية، يعني ذلك ان متوسط ​​أجر النساء يعادل 90% فقط من متوسط ​​أجر الرجال في القطاع العام، و83% في القطاع الخاص ( ولمزيد من التفاصيل انظر الجدول 3 ادناه).

مُرتب المرأة كنسبة مئوية من راتب الرجل خلال الفترة 2000-2018
    عند متابعة تطور فجوة الأجور بين النساء والرجال الذي يتجلى في متوسط ​​راتب المرأة كنسبة مئوية من متوسط ​​راتب الرجل فإن فجوة الأجور قد تقلصت ببطء ولكن بثبات في القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، فإن هذا ينطبق بشكل رئيس على الموظفين. أما بين العمال، فيبدو أن المساواة قد أصيبت بالركود أو تجمدت خلال السنوات الأخيرة.
    ففي شريحة الموظفين، تحصل المرأة على متوسط ​​أجر يتراوح بين81 إلى 88% من متوسط ​​أجر الرجل وذلك خلال الفترة 2000-2018. وهذا يعني ان راتب المرأة - كنسبة مئوية من راتب الرجل- قد زاد بسبع نقاط مئوية.
    وحتى بين العمال، فقد تقلصت فجوة الأجور بين النساء والرجال. ففي العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين ارتفعت أجور النساء (كنسبة مئوية من أجور الرجال) من 85 إلى 88% خلال الفترة 2000 - 2018 ، إلا أن معظم هذا الفرق حدث خلال الفترة 2000-2009 وعلى مدى السنوات العشر التالية، يبدو أن المساواة قد توقفت بين العمال، ثم ان متوسط مرتب النساء، كنسبة مئوية من مرتب الرجال، قد بلغ 88% في كل من عامي 2008 و 2018 .
 
على المستوى القطاعي
     بالمقابل، يمكن تناول فجوة الاجور من زاوية اخرى، أي قطاعياً، حيث يقسم العاملون حسب الفئة إلى ستة قطاعات (الصناعة التحويلية، صناعية البناء، إنتاج الخدمة الخاصة، قطاع الدولة، البلديات، المقاطعات).
    تشير المعطيات الاحصائية (5) الى أن متوسط ​​المرتب بالنسبة للموظفين أعلى بشكل واضح من أجر العمال في جميع القطاعات الستة. ويحصل الموظفون العاملون في قطاع الصناعة التحويلية على المرتبة الاولى براتب شهري قدره 45700 كرونة سويدية. يليه في الترتيب العاملون في قطاع البناء وإنتاج الخدمات الخاصة، حيث يبلغ الراتب الشهري 45100 كرونة و 42000 كرونة على التوالي.
     اما بالنسبة للعمال، فقد بلغ متوسط الاجر الشهري للعامل في صناعة البناء 32100 كرونة سويدية. يأتي بعد ذلك العمال في الصناعة التحويلية حيث يبلغ متوسط الاجر الشهري للعامل في هذا القطاع 28800 كرونة سويدية.
     اما بالنسبة للموظفين العاملين في القطاع العام ، فبلغ متوسط الراتب الشهري في المقاطعة  Landsting  39100 كرونة سويدية. وهو اعلى من متوسط ​​الراتب الأعلى للعمال في صناعة البناء حيث يبلغ متوسط ​​أجر العامل 30700 كرونة سويدية.
     وفي القطاع الحكومي المركزي، بلغ متوسط الاجر الشهري 38900 كرونة، أما على المستوى البلدي فبلغ 34500 كرونة سويدية وذلك في عام 2018.
     يأتي بعد ذلك العمال في الصناعة التحويلية حيث بلغ متوسط الاجر الشهري للعامل  27500 كرونة سويدية.
     هذا مع العلم ان أدنى متوسط ​​للأجور شهريا هو ما يحصل عليه العمال في القطاع البلدي حيث يبلغ 24500 كرونة سويدية بينما تجاوز أجر العمال على مستوى المقاطعة مبلغا قدره 25200 كرونة سويدية، وقطاع إنتاج الخدمات الخاصة الذي بلغ متوسط الاجور فيه 26300 كرونة سويدية شهريا. ولمزيد من التفاصيل انظر الجدول رقم 4 ادناه.
 المبحث الثاني: التكامل بين العاملين حسب بلد الميلاد.. حقيقة أم وهم؟
معالم تطور الاجور بين العاملين من أصول سويدية والعاملين من اصول اجنبية:
    في عام 2017 كان متوسط ​​الراتب الشهري لجميع العاملين 33000 كرونة سويدية.
    وفي نفس العام، يظهر الراتب حسب بلد الميلاد أن متوسط ​​الراتب الشهري للموظفين من اصول سويدية بلغ 33600 كرونة سويدية اما بالنسبة للموظفين المولودين في الخارج (من اصول أجنبية) فقد بلغ 29900 كرونة سويدية شهريا. ويعني هذا ان فجوة الاجور بين الفئتين بلغت 3800 كرونة سويدية شهريا، أو ما يعادل 13٪ لصالح الموظفين من اصول سويدية مقارنة بالمولودين خارج البلاد.
    وعند اعتماد مدخل آخر، عبر تقسيم العاملين الى عمال من (ذوي الياقات الزرقاء) ومن المشتغلين (ذوي الياقات البيضاء)، فإنه يمكن تسجيل الملاحظات الاتية:
 - بلغ متوسط ​​الأجر الشهري للعمال المولودين في السويد 26200 كرونة سويدية، مقارنة بـ 24300 كرونة سويدية للعمال المولودين في الخارج. ويعني ذلك ان متوسط فجوة الاجور بين الفئتين من العمال بلغ 1900 كرونة سويدية شهريا لصالح العمال المولودين في السويد (من اصول سويدية) مقارنة بالعمال الذين ولدوا في الخارج. اما بالنسبة للشغيلة من ذوي الياقات البيضاء (الموظفين tjänstemän) فقد بلغت فجوة الأجور 1200 كرونة سويدية، أي ما يعادل 3%، لصالح المولودين في السويد.
    يوضح التوزيع حسب الفئة والجندر المشار إليه في (Lönerapport 2019) (6) أن فرق الأجور حسب بلد الميلاد كان أكثر بين الرجال مما هو بين النساء، سواء بين العمال او الموظفين من ذوي الياقات البيضاء (tjänstemän).
- اما بين الموظفين tjänstemän ، فقد كان متوسط ​​الراتب الشهري 39500 كرونة سويدية للموظفين المولودين في السويد (من أصول سويدية) و38400 كرونة سويدية للموظفين المولودين في الخارج (من أصول أجنبية)، أي ان الفرق في متوسط الراتب الشهري قد بلغ 1200 كرونة سويدية، ما يعادل 3% لصالح الموظفين من اصول سويدية.
     واضافة لذلك فقد كان فرق الأجر بين الموظفين المولودين في السويد والمولودين في الخارج أكبر بين العمال منه بين الموظفين. ومع ذلك، كانت الفجوة في الأجور بين العمال والموظفين أقل مما هو بين جميع الموظفين.
     هذا مع العلم ان من بين العاملين من اصول سويدية، كان هناك 44% منهم عمالا، و55% من الموظفين. اما بين العاملين من اصول اجنبية، فهناك 60% منهم عمال، و39% موظفون. وهكذا كانت نسبة العمال أعلى بشكل واضح بين العاملين من اصول اجنبية مقارنة بالموظفين من اصول سويدية (ولمزيد من التفاصيل انظر الجدول ادناه 5).
 
 
- اما على مستوى الجندر، فيلاحظ ان متوسط ​​الراتب للمشتغلين من اصول سويدية كان أعلى منه بالنسبة للموظفين من اصول اجنبية بين النساء والرجال، وهذا ينطبق على جميع المشتغلين عند التقسيم الى عمال وموظفين. وعند تقسيم المشتغلين حسب بلد المنشأ وحسب الجندر، يلاحظ ان فجوة الأجور بعد بلد الميلاد كانت أكبر بين الرجال منه بين النساء – لكليهما من العمال وبين الموظفين من ذوي الياقات البيضاء.
    من بين جميع المشتغلين، كان متوسط ​​الراتب الشهري 36000 كرونة سويدية للرجال من ذوي اصول سويدية، و33200 كرونة سويدية للرجال من ذوي اصول اجنبية. أي ان متوسط الفجوة الأجرية بين الاثنين بلغ 4800 كرونة شهريا، وهو ما يعادل 15%، أعلى لصالح الرجال من اصول سويدية. اما بين جميع العاملات من النساء فقد كان متوسط ​​الراتب 31300 كرونة سويدية للنساء من اصول سويدية و 28500 كرونة سويدية للنساء من اصول اجنبية، أي ان الفرق بين الشريحتين بلغ 2800 كرونة سويدية، أي ما يعادل 10%، لصالح النساء المولودات في السويد. ويعني هذا ان فجوة الأجور بين المولودين في السويد وبين ذوي الاصول الاجنبية كانت بحوالي خمس نقاط مئوية بين الرجال أكثر من النساء (انظر الجدول رقم 6).
    ومع ذلك، فإن تقسيم النساء والرجال حسب الفئة يظهر فروقًا أصغر في الأجور بين الموظفين من ذوي الاصول السويدية والاصول الاجنبية. على مستوى الرجال انخفضت فجوة الأجور بين العمال منهم إلى 2600 كرونة سويدية، أي ما يعادل الـ 10%، وبين الموظفين بـ 2300 كرونة سويدية، أي ما يعادل الـ 5%.
     أما بين النساء، فقد انخفضت فجوة الأجور حسب بلد المنشأ بوتيرة اكبر. فوصلت الفجوة بين العاملات من النساء الى 1100 كرونة سويدية لصالح النساء من اصول سويدية، اي ما يعادل 5%، اما بين الموظفات tjänstemän فبلغت 300 كرونة سويدية، او ما يعادل 1%، لصالح النساء المولودات في السويد بالمقارنة مع النساء من اصول أجنبية.
    إن فرق الأجر بين العاملين المولودين في السويد والخارج بهذه الصورة يعني ان التفاوتات كانت اكبر بين الرجال منها بين النساء حسب الفرع وبلد الميلاد. (لمزيد من التفاصيل انظر الجدول ادناه 6).
                                             
- بالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يهاجرون إلى السويد، من المحتمل أن يستغرق الأمر بضع سنوات للاستقرار etablera في سوق العمل. ومن المفروض، ان ينعكس هذا في راتب المهاجر، بمعنى أن يزيد الراتب مع عدد السنوات التي يقضيها في السويد. فعلى مستوى العمال، تكون العلاقة بين الراتب وسنة الهجرة واضحة. فمثلا بالنسبة الى أولئك الذين هاجروا منذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بلغ متوسط ​​الراتب ما يقرب من 27000 كرونة سويدية، بينما أولئك الذين هاجروا مؤخرا الى السويد، في عام 2010 ولاحقا، فقد بلغ متوسط ​​الراتب ما يقرب من 23000 كرونة سويدية في العام 2017.
 
- بالمقابل، تناقصت فجوة الأجور حسب بلد المنشأ تماشياً مع عدد السنوات التي يقضيها الموظف  (المولود في الخارج) في السويد كشخص بالغ. واستغرق الأمر – كمتوسط - 16 عاما من الاقامة ​​في السويد لكي يصل العمال المولودون في الخارج إلى نفس متوسط ​​الأجر للعمال من أصول سويدية، وذلك في عام 2017.
    وما يثير الانتباه هنا ان الأمر استغرق في عام 2005 حوالي ثماني سنوات بالنسبة للعامل المولود في الخارج ليبلغ نفس متوسط ​​الأجر للعمال المولودين في السويد، بينما في عام 2017 استغرق الأمر حوالي 16 عاما، كما اشرنا الى ذلك سابقا.
- وبالنسبة للعاملين (الموظفين والعمال) ايضا، لا يبدو أن هناك علاقة واضحة بين الراتب وعدد السنوات في السويد. ربما يلعب التعليم والخبرة المهنية أهمية أكبر من بلد المنشأ بالنسبة لرواتب المشتغلين من ذوي الياقات البيضاء.
 
الفروقات تزداد خلال الفترة  2005-2017
     حسب المعطيات الاحصائية الواردة في تقرير للمركزية النقابية (LO)(7) فان المشتغلين من ذوي اصول اجنبية يكسبون 2000 كرونة سويدية أقل من السويديين الأصليين شهريا.  
    أما خلال الفترة 2005 – 2017، فقد كانت فجوة الأجور بين الموظفين من ذوي الاصول السويدية وذوي الاصول الاجنبية قد ارتفعت. فقد ازداد متوسط ​​الراتب لجميع المشتغلين من اصول سويدية بنسبة 41% بينما ازداد متوسط ​​الراتب لجميع المشتغلين من ذوي اصول اجنبية بنسبة 37%. وهكذا زادت فجوة الأجور من 9 الى 13% لصالح المشتغلين من اصول سويدية مقارنة بذوي الاصول الاجنبية. 
وبنفس القدر ازدادت فجوة الأجور بين العمال والموظفين من ذوي الياقات البيضاء.
     فعلى مستوى العمال، ارتفع متوسط ​​الأجر للعمال من اصول سويدية بنسبة 37% ، أي من 19100 إلى 26200 كرونة. اما بالنسبة للعمال من اصول اجنبية فقد ارتفع متوسط ​​الأجر من 18100 إلى 24300 كرونة سويدية. وهكذا فإن الفرق في متوسط الأجور بين الشريحتين أعلاه قد ارتفع من 6 إلى 8% خلال الفترة 2005-2017.
     اما على مستوى الموظفين ، فقد ارتفع متوسط ​​الراتب بنسبة 40% للموظفين من اصول سويدية و 38% للموظفين من اصول اجنبية ، أي ان  فجوة الأجور زادت من 1 إلى 3٪ لصالح الموظفين بأجر من اصول سويدية خلال نفس الفترة.
    وأيضا ثمة عدد من السنوات في السويد يستغرقها الموظفون من اصول اجنبية كأشخاص بالغين للوصول إلى نفس متوسط ​​الراتب بالنسبة للمشتغلين من اصول سويدية ، وخاصة بين العمال.
     ففي عام 2005، استغرق الأمر بالنسبة للعمال من اصول سويدية 13 عاما للوصول الى متوسط ​​المرتب من نفس الفئة. في حين انه بالنسبة للعمال من اصول اجنبية ، استغرق الأمر قضاء 21 عاما في السويد للوصول إلى نفس متوسط ​​الراتب، أي ثماني سنوات أطول. اما في عام 2017، فقد ازداد متوسط ​​الأجر بعد 14 عاما للعمال من اصول سويدية وبعد 30 عاما للعمال من اصول اجنبية. وهكذا زاد الفارق من ثماني سنوات إلى 16 سنة من الوقت الذي يمضيه العمال من اصول اجنبية في السويد للوصول إلى نفس متوسط ​​الأجر بالنسبة للعمال من اصول سويدية.
     أما بالنسبة لفئة الموظفين في عام 2017 ، فقد وصل الموظفون من اصول سويدية إلى متوسط ​​الراتب بعد 21 عاما في حين بالنسبة للموظفين من اصول اجنبية فقد تطلب الامر 19 عاما من الاقامة في السويد للوصول الى متوسط الراتب السائد في هذه الشريحة.
في حين، كان الترتيب معكوسا عام 2005 حيث استغرق الأمر 19 عاما بالنسبة للموظفين من اصول سويدية و21 عاما للموظفين من اصول اجنبية.
     وإذا كانت هذه المعطيات تعني تحولا لصالح المشتغلين من اصول اجنبية ، إلا انه مع ذلك، من الصعب إثبات هذا على وجه اليقين لأن الاختلافات في كل من 2005 و 2017 كانت صغيرة نسبيا وليست ذات دلالة إحصائية. بل من المرجح أن المشتغلين من اصول سويدية وكذلك من اصول اجنبية، يصلون الى متوسط ​​الراتب في نفس الوقت تقريبا، بعد حوالي 20 عاما في السويد كشخص بالغ ، في عامي 2005 و 2017. ولمزيد من التفاصيل انظر الجدول رقم (7) ادناه.
 
الهوامش:
(1) توماس بيكيتي، رأس المال في القرن الحادي والعشرين، ترجمة وائل جمال وسلمى حسين، القاهرة، التنوير، د. ت، ص 587.
(2) لمزيد من التفاصيل قارن: صالح ياسر، الاقتصاد السياسي لنماذج دولة الرفاه، نسخة الكترونية، 2021.
(4) Larsson Mats, “Lönerapport 2019, Löner och löneutveckling år 1913–2018 efter klass och kön, Landsorganisationen i Sverige”. Rapporten har utarbetats av LOs Enhet för avtalsfrågor,s.2
(5) Larsson Mats, “Lönerapport (2019). Löner och löneutveckling år 1913–2018 efter klass och kön, Landsorganisationen i Sverige”. Rapporten har utarbetats av LOs Enhet för avtalsfrågor, s. 5
(6) Mats Larsson, Lönerapport 2019, Löner och löneutveckling år 1913–2018 efter klass och kön, Landsorganisationen i Sverige, op, cit , s. 3
(7) See: Nilsson, Mårten Martos, “Utlandsfödda tjänar mindre än svenskar”. Available on: https://arbetet.se/2006/04/20/utlandsfdda-tjnar-mindre-n-svenskar/