أيار 15
 في الاول من ايار/ مايو من كل عام، يحتفل عمال العالم بعيدهم الاممي، ولم يصبح هذا اليوم عيدا بشكل عفوي او مقترح سلمي او اجماع او رغبة عمالية هادئة؛ وانما جاء بعد مخاض نضالي عسير، سالت فيه الدماء وقست فيه القيود.
كان العمال في انحاء العالم يعملون ساعات طويلة وبأجور زهيدة وفي ظروف عمل غير صحية وغير آمنة.
وكان عمال امريكا (عمال شيكاغو تحديدا) وعمال استراليا وغيرهم من عمال العالم يخوضون سلسلة من الانتفاضات، احتجاجا على التعسف وظروف العمل الشاقة التي يعيشها العمال.
كان القرن التاسع عشر يقدم سلسلة من الانتفاضات التي تندد وتعترض وتناوئ ما كان يجري من قهر وتعسف وقسوة في التعامل مع العمال وممارسة شتى الضغوط عليهم من قبل الطبقة الحاكمة والطبقة المالية الضخمة التي تدير المصانع والمعامل وتستغل العمال أبشع استغلال في محاولة لتحقيق ارباح عالية على حساب صحة وارهاق وكفاءة العمال كذلك.
هذا الحال جعل العمال يقعون تحت طائلة اوضاع مزرية. لذلك جاءت سلسلة الانتفاضات والتظاهرات ضد قوى الانتاج التعسفية حتى تحقق في الاول من ايار/ مايو/ 1886 وتم الاعتراف بحقوق العمال، ما جعل هذا اليوم عيدا للطبقة العاملة في العالم كله.
وفي ظروف العراق الراهنة التي كانت مسبوقة في ظل السلطة السابقة بتحويل الطبقة العاملة الى مجرد موظفين يؤدون أدوارا وظيفية روتينية تحت أوامر مشددة الى جانب ضغوط على تنظيمات العمال والفلاحين، ما جعلهم فئة مأجورة تملى عليها ظروف وممارسات قاهرة وشاقة ولا انسانية.
وبعد العام 2003 ومرور ما يقارب عقدين من الزمن، نجد ان عمال العراق لا يعانون من اطالة امد ساعات العمل فحسب، انما بات البحث جاريا من اجل ايجاد ايدي عاملة رخيصة الى جانب ظروف عمل سيئة. بل أصبحت كثرة من العمال الماهرين بلا عمل، على الرغم من حصولهم على شهادات وتخصصات عالية.. وهو الامر الذي فاقم من البطالة ومن ثم الفاقة والجهل والمرض بسبب غلق المصانع والمعامل ما تسبب بانتشار البطالة على نطاق واسع، الى جانب ذلك ظهرت عمالة جديدة من الخريجين، ممن لا يجيدون غير تخصصاتهم، الامر الذي جعلهم يلجأون للقيام باعمال شتى ادنى بكثير من تخصصاتهم، بل لا علاقة لها بأي تخصص، ما جعل هؤلاء يعملون في سبيل الابقاء على الحياة.
من هنا كان الاول من أيّار عيدا يستعيد عن طريقه كل العمال والفقراء والعاطلين عن العمل، دأبهم في البحث عن عمل منتج شريف يؤدي مهامه بساعات محددة واجور افضل وحياة عمالية سليمة.
الاول من أيّار.. عيدُ الشغيلة التي تعي دورها وتُدرك مهامها وتتوجه للتغيير البنّاء.