حزيران/يونيو 13
   
 
 
1
نـزهةٌ متأخرةٌ
 
ــ ولنا في الحروب فرصةُ التنزه بين جثتينِ
والخوضُ عميقا في دمائها الطازجة
تلاوةُ ادعيةٍ باتجاه قبْلةِ المدافع
في شقوقِ التراب ومتاريس الألم ما يجعل حياتنا شبهَ آمنة
لا عودُ ثقابٍ يمنحُ الظلامَ بهجتهُ
ولا دخانُ هناك يشيرُ لمطبخِ الآلهة...
ما نطاردهُ في هذه المفازاتِ بسعةِ الجرحِ
وما تلمسهُ أصابُعنا من برودةٍ شوهاء يقضُ مضجع " الزمزمية"
... سلاماً لأرواحِنا،
أصدقاءُ المقابرِ، سدنةُ البياضِ المهفهفِ للريحِ، شهداءُ التجلي
ساعةُ صعودهم لمراقي الربِ
ما يلمعُ من تركاتهم...
ــ قرصُ هوية لم يشأ مغادرة الرقبة
ــ و" بلا" مرقومةٌ ببطاقةِ عمرٍ أدمن اصفراره
ــ ونداءٌ أخير ليدٍ تلّوح بغيابٍ نهائي
ــ وشهقةُ روحٍ جرحت كبدَ السماءَ، تناثر دمها على مرمى ساترٍ أجرد
ــ وغصة أمهاتٍ تلاحق أحلامهنّ سرفاتُ معاركَ اندلعت عند حدودِ قلوبهنّ
 لم ينطفئ أوراهُا حتى النحيبِ على أبواب ليلِ القيامة...
 
2
غَـرقْ
 
ــ ها هي الساعةُ الواحدةُ فجـراً
سيكارك انطفأ وهجهُ
ودكنةُ القهوة رسمت عوالمها في حوض الفنجان
دقائقٌ تتقافز تجرُّ نعاسها على إطار ساعتك الجدارية المتربة
كتبتَ قصيدتكَ...
لم يسعفك الأبيضُ المصقولُ من الورق
كأنه هوةٌ سحيقة
أخترتَ على مضضٍ زرقةً خفيفة لونت جسد أوراقٍ مهملة مصفوفةٍ على درج منسي.
حسناً...دونتَ أوجاع البلادِ
واستحضرتَ ضحكاتِ الموتى
وقطفتَ من مرأى البعيدةِ ... ظلالها
وتلذذتَ بدفءِ مشاعرِ حروفكَ نازفةٍ كلُّ هذي السنين
كإطار لوحةٍ بهيجاً كان المقطع الأول
للتبغِ رائحتهُ على حروفكَ النافرة ...
ما يحركُ الستارةَ المنسدلة على نافذتكَ،
ريحٌ خفيفة لحبٍ قديم
لذعتك رعشة الشظايا المتراكمةِ على سطورِ المقطع الثاني
والمصباحُ على مكتبك ضجرٌ تماماً من صمتٍ حولك،
لا يفقهُ عنهُ شيئاً.
خيط الفجرِ أقربُ إلى ندائكَ،
والكلماتُ أصبحت أكثر دبقاً على الورقةِ الزرقاء
ستقولُ لكَ الليلةُ تلكَ:
 ــ يا شاعري...
     ما يدونهُ الصمتُ أكثرَ فتكاً
     من بهجةِ القصيدة ..!!