زنزانة
على بواخر الندم
في قطارات المحنة
في دفاتر النسيان التي بعثرها الخريف
وعلى الشواطئ المهجورة
أنتظر إيقاعَ نشيدك الآتي
قلت لي ..غيور جرحي
ونداؤكِ مجروح الصدى
يخفي في طياته حكايا القرى البعيدة
ويغزل أيامه بمغزل بنلوب
***
في غيوم حزني أرسم خرائط غدك
وسفن الليل التي ابتلعها الإعصار
لا تسلني ماذا فعل الليل بتلك السفن
وماذا روى الفجرُ عن مفاتنها
بين غيمتين بنيتَ لي بيتا من لجين
وأشرعتَ فوقه سماءً عاشرة
غوايةً كلما تعبتْ مسحتَ دمعتها
وأسدلتَ ضفائرها على كتفيك
***
أسألكَ: متى تنتهي الحكاية
تقول: نهاية هذا الطريق الموحش
حينها سنطفو على رغوة أحلامنا
نلك التي تلاحقنا كشجرة لبلاب عملاقة
وهي تتسلق أعمدة المطر المنساب وراء نافذتي
ينسدل على النوافذ المقفلة من زمن بعيد
يوم حاولتُ فتحها سجنوني
ومن يومها وأنا نزيلة زنزانة
وطن
هرب الأطفالُ من الأسرَّة
هرب الشجرُ من الغابة ..
هربت الأيامُ من تقاويمها ..
وحدكَ بقيتَ متشبثاً بجراحي ..
تبعثرُ فصولي ..
تربكُ مشاهدَ لعبتي
مؤكداً أن الحكمة خرافة ..
هي شريعةُ الضعفاءِ
وثمالةُ حلمٍ يتدلى ..
***
صوتكَ جسرُ المدن الغريبة
تشتبكُ تحته الزوارقُ
وتغمضُ المكيدة
قلتُ، أريدكْ
وطناً ومنفى وشجوناً وحرائق
أبحثُ عنكَ لأهجُرَك
قلتَ لي
لا فجرَ للبرابرة، لا مواعيد
لا ينابيعَ قبلكِ تحتفي بهفواتي.
قلتُ:
كانت الفتنة وحدها شريعةَ الرجوع
وقهقهةً تسري في جذور الماء
تمائم تحرسني
وتدعني معلقةً على أروقة المدن العتيقة.
ناديتها .. تعالي ..
أجاب الصدى .. تعالي .!
ناديتها .. وداعاً.
أجاب الصدى .. وداعاً.!
وداعاً لشمس الشتاءِ
لمطر الربيعِ
لنوافذ نشيدك
وداعاً للشُّرفِ العاليةِ،
لظلالِ الخريفِ المنكسرة على آخر مرفأ
للأماني الناعسة وراء ستائر الأصيل
وحدها الغافية في قيلولة حبك
هل كان حبك هو المأوى
سألتك .. لم تجب
وظل السؤال يعاود الفتنة
ابتكار أجوبة لأسئلتنا
لأن لوائح الأنبياء ضاعت
وأقفلت كوى الملكوت.
ــــــــــــــــــــ
الفتنة التي تنام تحت المظلات
وتنهض قبل بزوغ نجمة الصبح
قلتَ: علينا
*أكاديمية وشاعرة معروفة من الموصل، لها عدة دواوين ودراسات نقدية